وليد صبري
* محللون: التسريبات انتحار سياسي للمالكي قد تنهي هيمنته في العراق
* التسريبات ترسم خطوطاً مختلفة للعداء بين الخصوم السياسيين
* الأوساط العراقية تضج بتفاصيل التسريبات.. ومواقع التواصل تشتعل
* أخطر التسريبات ما يعود للصدر والهجوم على السيستاني والحلبوسي
* فريق "التقنية من أجل السلام" يؤكد صحة "تسريبات المالكي"
* علي فاضل: مقاطع صوتية تدين المالكي وتسريبات لأغلب القادة السياسيين
فجرت التسريبات المنسوبة لرئيس الوزراء العراقي الأسبق، ورئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، غضباً عارماً بين الأوساط الشعبية والسياسية في العراق، خاصة وأنها بحسب محللين ومراقبين، ترسم ترسم خطوطاً جديدة مختلفة للعداء بين المالكي وخصومه السياسيين، في حين ينفي "ائتلاف دولة القانون"، صحة التسجيلات ويقول إنه "تم تزييف صوت المالكي" عبر ما يصفها بـ"التقنيات الحديثة". ولا تزال أزمة تسريبات التسجيلات الصوتية لرئيس الوزراء العراقي الأسبق تلقي بظلالها على الساحة الشعبية والسياسية في العراق، حيث يطلق عليها إعلامياً بـ"ويكيليكس المالكي".
وبلغت عدد التسريبات حتى الآن نحو 5، حيث يظهر فيها المالكي مهدداً، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقادة آخرين، في حين هدد بتسليح فصائل لحماية النجف من أي "هجوم" للصدر.
وقد ضجّت الأوساط العراقية بتفاصيل التسريبات، كما انشغلت بها الأوساط الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وصلت لاندلاع احتجاجات على خلفية المعلومات المسرّبة.
وتضمنت المقاطع المسربة تصريحات للمالكي، تعرض من خلالها لقيادات وعناوين سياسية بالإساءة والاتهام بالتخوين والجبن والقتل.
كما كشفت المحادثات عن مخططات تتضمن مواجهات مسلحة وإثارة الدماء والتهديد بالسلم الأهلي بذريعة الحفاظ على "المصالح الشيعية".
وكان ناشر التسريبات الصحفي علي فاضل، المقيم في أمريكا، أكد في وقت سابق، أن هنالك مقاطع صوتية أخرى تدين المالكي فضلاً عن تسريبات لأغلب القادة السياسيين في العراق.
من جهته، أعلن المجلس القضاء الأعلى في العراق تلقي طلباً لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس ائتلاف دولة القانون.
وفي تطور ملحوظ، أكد فريق دولي مختص بمتابعة وكشف الأخبار المزيفة، أن التسجيلات الصوتية المنسوبة للمالكي "غير مفبركة".
وقال فريق "التقنية من أجل السلام"، "حرصاً منا على أداء عملنا بشكل حيادي وموثوق في توضيح الحقائق وكشف الأخبار المزيفة للجمهور الكريم، عملنا ومنذ اللحظات الأولى من قيام المدون "علي فاضل" بنشر أول مقطع صوتي على التحقق من ذلك".
و"التقنية من أجل السلام"، مؤسسة تطوعية مقرها كندا، تهتم بالحد من انتشار العنف والإرهاب من خلال الإبلاغ عن مواقع الويب وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر أخباراً كاذبة أو دعاية تروج للعنف أو تحث على الإرهاب وخصوصاً في الدول غير المستقرة بينها العراق.
وأضاف الفريق أنه "مع نشره لتسجيلات أخرى بعد ذلك، استمرينا في العمل على تدوين الملاحظات حول تلك التسجيلات لمعرفة حقيقتها".
وأوضح أنه رغم "النفي المتكرر للمالكي لتلك التسجيلات وادعائه فبركتها عبر اقتباس مقاطع من صوته وتركيبها لتظهر بهذا الشكل، إلا أن الملاحظات التي توصلنا لها حول الفيديو تثبت عكس ذلك".
ومن ضمن جملة إجراءات اتخذها فريق "التقنية من أجل السلام"، للتأكد من صحة المقاطع المسربة، أوضح المنشور أنه وبعد متابعة التسجيلات الخمس المسربة، تبين أنه "لم يتم فبركتها عن طريق دمج مقاطع صوتية مختلفة للمالكي لإظهارها بهذا الشكل".
"كما أنه وفي جميع التسجيلات المتداولة، كان الانتقال بين الجُمل متناسقاً جداً وطبيعياً ولم يلاحظ وجود انتقالات مختلفة وغير متناسقة أو وجود قطع كدلالة على دمج مقاطع صوتية مختلفة"، بحسب المنشور.
ولفت إلى أنه "بمقارنة الصوت في التسجيلات الصوتية المتداولة مع صوت المالكي في عدة لقاءات معه آخرها اللقاء الذي بثته قناة "العهد" الفضائية يوم أمس الأربعاء، لوحظ تشابه كبير في لفظ مفردات تم ذكرها في التسجيلات المتداولة وفي اللقاءات مع المالكي، ولا سيما كلمات 'السُنة، مقتدى الصدر، الشيعة، التشيُع'".
وأشار إلى "وجود أصوات مختلفة لأشخاص يتحدثون بمستوى صوت مختلف مع وجود أصوات لحركة كرسي وصوت للاحتكاك، وهي دلائل إضافية على أن التسجيلات المتداولة لم يتم فبركتها بواسطة برامج لفبركة الصوت".
ففي أحد المقاطع، يتهم المالكي المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني، بالصمت، زاعماً أن هذا السكوت سيؤدي لعودة البعثيين للسلطة مجددا، في إشارة منه إلى حزب البعث الذي كان يحكم البلاد إبان حكم صدّام حسين.
كما انتقد المالكي بكلامه أيضاً رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، مشدداً على أن الأخير يخترق اجتماعات الإطار التنسيقي.
ويُسمع في التسريب المالكي، وهو يقول إن "الشيعة في خطر، لأن البعثيين الآن ارتقوا مراتب خطيرة، ودخلوا في صلب الدولة، وأنشأوا أحزاباً تحت عنوان "تقدم"، الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، وهو حزب قديم، أنشأه واحد من الشخصيات، لكنه توفي، وتسلّمه الحلبوسي بعده".
وذهب مراقبون ومحللون إلى أن تلك التسريبات الخطيرة ربما تضع نهاية سياسية حتمية لمشوار نوري المالكي مع الحكم في العراق، فيما اعتبرها آخرون أنها تمثل انتحار سياسي، لاسيما بعدما فسروها على أنها تزرع الفتنة بين الفصائل السياسية في العراق والتي فشلت حتى اللحظة في تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية.
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي طارق الحميدي، في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أن تسريبات المالكي تعد "فتنة طائفية كبرى"، محذراً من "مشروع تدمير حقيقي للعراق".
وأضاف، منتقداً رئيس الوزراء العراقي السابق، قائلاً: "ما صدر عن المالكي، لا يمكن أن يصدر عن رجل دولة، حيث النيل من أجهزة الدولة الأمنية، والحديث عن "إسقاط" للمكونات العراقية السنية والشيعية والكردية، إنَّ التسجيل المسرب للمالكي يعني نهايته السياسية، ولو استمر في المشهد محاولا البقاء، حيث اتضحت العقائدية، والتطرف، في خطابه وتوجهه، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يصل بالعراق إلى بر الأمان".
وقال الحميد إن "خطاب المالكي المسرب هو وصفة كارثية لإشعال الحريق الكبير في العراق، وبين كل المكونات، وليس المكون الشيعي-الشيعي وحسب، وهذا أمر يجب التصدي له بكل الطرق، لأنَّها حرب من شأنها أن تحرق الأخضر واليابس".
من جهته، كما حذر الكاتب رائد الحامد من أن المشهد السياسي العراقي يتجه الآن نحو "المزيد من التعقيد" على خلفية التسريبات "ما يهدد بدخول العراق في نفق الاقتتال الداخلي".
بدورها، قالت صحيفة البلاد السعودية: "تمتد يد الميليشيات الإيرانية ومن يواليها لتخريب العراق، وتحطيم آمال شعبه بالوصول إلى الديمقراطية المنشودة، بدليل تأكيد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، في تسريب صوتي جديد، أنّ العلاقات جيّدة مع قائد ميليشيا عصائب أهل الحقّ، قيس الخزعلي، وأنّ الفتح والفصائل وكتائب حزب الله والعصائب وسيد الشهداء كلها تابعة مباشرة لإيران، داعيا في التسجيل المسرب قيادات الفصائل المسلّحة إلى اتباع خطّ الحرس الثوري الإيراني".
وأشارت الصحيفة إلى أن التسريبات الصوتية أثارت "ضجة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية، وسط تحذيرات من ارتفاع منسوب الاستفزاز بين تلك الأطراف".
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل سمير عادل، في صحيفة "العرب" اللندنية، تسريبات المالكي "بالون اختبار أُطلق من قبل تحالف الميليشيات التي يقودها المالكي - العامري لرد فعل الصدر، والترتيب على أساس ذلك للمضي في رسم سيناريوهات تشكيل الحكومة".
ورأى أنه "لا توجد في الأفق حرب أهلية، على المدى المنظور على الأقل، فإن طرفي الصراع على السلطة غير مؤهلين وغير قادرين، سواء إقليميا أو دوليا أو حتى على الصعيد الذاتي والمحلي، بحسم الصراع وإلحاق هزيمة ساحقة بالطرف الآخر".
بدورها، حذرت الكاتبة والمحللة صافيناز أحمد، في صحيفة "الأهرام" المصرية، من تأجيج التوتر في العراق على خلفية تسريبات المالكي، مؤكدة أن التسجيلات الصوتية تضيف الكثير من التوتر على علاقة "العداء المستعرة " بطبعها بين المالكي والصدر، والتي تعود إلى فترتى ولاية المالكي لرئاسة الوزراء من عام 2006 وحتى عام 2014.
وذكرت أن "الجديد في التسريبات ليس فيما تحتويه من مضمون لا يضيف جديداً لحالة العداء بين الرجلين، لكن الجديد هو "التوقيت" في حد ذاته الذي اختير فيه طرح التسريبات عبر منصة من منصات التواصل الاجتماعي".
وقالت الكاتبة: "تتوالى محاولات الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة وفقاً لرؤية القوى السياسية المنضوية فيه على أساس من "المحاصصة الطائفية"... وائتلاف دولة القانون الذي يرأسه المالكي يعد هو الكتلة الأكثر حصداً لمقاعد برلمانية بالنسبة لباقى القوى السياسية المنضوية في الإطار، وهو وضع يوفر للمالكي أفضلية على أقرانه السياسيين في الإطار، ويوفر لائتلافه بالتبعية أفضلية في تولي الحكومة الجديدة والاستحواذ على حقائب وزارية وازنة".
وأشارت الكاتبة إلى أنه "وفقاً لهذه المقدمات، فإن فكرة عودة المالكي لتصدر المشهد السياسي في العراق، يرفضها عدد من زعماء القوى السياسية المنضوية في الإطار التنسيقي الذي يعد المالكي جزءاً منه".
من جهتها، قالت صحيفة "الجريدة" الكويتية: "جدلٌ واسع يلفّ الأوساط السياسية والحوزات الدينية في العراق منذ أيام؛ إثر تسريبات صوتية منسوبة لنوري المالكي رئيس الوزراء السابق، الذي لم يستطع لا هو ولا حزب الدعوة الذي يتزعمه، إثبات أنها مزورة أو مفبركة، وتقوم خطورتها على تضمُّنها أفكاراً واضحة حول الاحتراب الداخلي وتصفية مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري المناهض الأساسي لنفوذ إيران في العراق".
وأضافت الصحيفة: "لا تقتصر آثار الزلزال الناتج عن التسريبات، على مخاوف بشأن عنف واحتكاكات بين أنصار التيار الصدري، وأتباع المالكي الحالم بالعودة إلى السلطة، بل إن انشغاله بنتائج التسجيلات المسربة، أبعده إلى حد كبير عن أجواء المشاورات التي يجريها الإطار التنسيقي وحلفاء طهران في الفصائل، لمحاولة تشكيل حكومة جديدة".
في الوقت ذاته، أعلن الصحفي العراقي المقيم في الولايات المتحدة، علي فاضل، الذي نشر التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي، أنه غير مستعد للمثول أمام قضاء بلاده لغياب الحماية.
وفي أول ظهور إعلامي له منذ نشر التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي، لم يستغرب فاضل، خلال لقاء تلفزيوني، خبر دعوة القضاء العراقي لرئيس الحكومة السابق للتحقيق، معتبراً أن ذلك "ما يجب أن يحدث، تلبية لرغبة الشعب العراقي".
ودعا الناشط السياسي إلى تدويل قضية التسجيلات الصوتية باعتبار أن المالكي أقرّ، من خلال التسريبات المنسوبة له، بتعامله مع منظمات إرهابية مثل الحرس الثوري الإيراني، الذي يعمل ضد أبناء العراق، بحسب تعبيره.
وعن استعداده للمثول أمام القضاء برفقة المالكي وجميع الأطراف المعنية بالتسريبات، أكد علي فاضل أنه غير مستعد للمثول أمام القضاء في العراق لغياب الحماية، مستدركاً بالقول إنه يقبل أن يدون أقواله ويقدمها للسفارة العراقية في واشنطن، بشرط أن تتابع وسائل الإعلام الدولية الجلسة، لضمان سلامته. وأضاف: "بإمكاني أيضاً أن أوكل محامياً في العراق وهو يترافع عني أمام القضاء".
وعن استعداده للكشف عن مصدر التسريبات، قال فاضل إنه من غير الممكن أن يذكر الصحفي عن مصادر معلوماته، وهو ما يكفله القانون الصحفي والدولي.
وعن صحة التسجيلات الصوتية، كشف علي فاضل أنه عرضها قبل النشر على مختصين أكدوا له صحتها، مضيفاً أنه "زد على ذلك، أن وسائل الإعلام الكبيرة التي نشرت التسجيلات لا يمكن لها أن تلعب بسمعتها وتنشر أشياء مفبركة".
وتابع: "أضف إلى ذلك تغريدة مقتدى الصدر، هل من المعقول أن لا يكون للصدر خبراء يدققون في صحة التسجيلات؟ مستحيل".
وعلي فاضل، هو ناشط سياسي عراقي وُلد بالعراق عام 1982، وشارك في عدد من الحملات المتعلقة بالفن والإخراج والتمثيل، وبرز في عدد من المجالات الإدارية خاصة، لا سيما المتعلقة بمكافحة الفساد.
ويتولى فاضل حالياً رئاسة المنظمة العراقية الأمريكية لمكافحة الفساد، كما إنه تولى سابقاً الكثير من الأعمال التي تتعلق بالشأن السياسي وبتنظيم الدولة في العراق.
* محللون: التسريبات انتحار سياسي للمالكي قد تنهي هيمنته في العراق
* التسريبات ترسم خطوطاً مختلفة للعداء بين الخصوم السياسيين
* الأوساط العراقية تضج بتفاصيل التسريبات.. ومواقع التواصل تشتعل
* أخطر التسريبات ما يعود للصدر والهجوم على السيستاني والحلبوسي
* فريق "التقنية من أجل السلام" يؤكد صحة "تسريبات المالكي"
* علي فاضل: مقاطع صوتية تدين المالكي وتسريبات لأغلب القادة السياسيين
فجرت التسريبات المنسوبة لرئيس الوزراء العراقي الأسبق، ورئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، غضباً عارماً بين الأوساط الشعبية والسياسية في العراق، خاصة وأنها بحسب محللين ومراقبين، ترسم ترسم خطوطاً جديدة مختلفة للعداء بين المالكي وخصومه السياسيين، في حين ينفي "ائتلاف دولة القانون"، صحة التسجيلات ويقول إنه "تم تزييف صوت المالكي" عبر ما يصفها بـ"التقنيات الحديثة". ولا تزال أزمة تسريبات التسجيلات الصوتية لرئيس الوزراء العراقي الأسبق تلقي بظلالها على الساحة الشعبية والسياسية في العراق، حيث يطلق عليها إعلامياً بـ"ويكيليكس المالكي".
وبلغت عدد التسريبات حتى الآن نحو 5، حيث يظهر فيها المالكي مهدداً، زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقادة آخرين، في حين هدد بتسليح فصائل لحماية النجف من أي "هجوم" للصدر.
وقد ضجّت الأوساط العراقية بتفاصيل التسريبات، كما انشغلت بها الأوساط الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وصلت لاندلاع احتجاجات على خلفية المعلومات المسرّبة.
وتضمنت المقاطع المسربة تصريحات للمالكي، تعرض من خلالها لقيادات وعناوين سياسية بالإساءة والاتهام بالتخوين والجبن والقتل.
كما كشفت المحادثات عن مخططات تتضمن مواجهات مسلحة وإثارة الدماء والتهديد بالسلم الأهلي بذريعة الحفاظ على "المصالح الشيعية".
وكان ناشر التسريبات الصحفي علي فاضل، المقيم في أمريكا، أكد في وقت سابق، أن هنالك مقاطع صوتية أخرى تدين المالكي فضلاً عن تسريبات لأغلب القادة السياسيين في العراق.
من جهته، أعلن المجلس القضاء الأعلى في العراق تلقي طلباً لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة لرئيس ائتلاف دولة القانون.
وفي تطور ملحوظ، أكد فريق دولي مختص بمتابعة وكشف الأخبار المزيفة، أن التسجيلات الصوتية المنسوبة للمالكي "غير مفبركة".
وقال فريق "التقنية من أجل السلام"، "حرصاً منا على أداء عملنا بشكل حيادي وموثوق في توضيح الحقائق وكشف الأخبار المزيفة للجمهور الكريم، عملنا ومنذ اللحظات الأولى من قيام المدون "علي فاضل" بنشر أول مقطع صوتي على التحقق من ذلك".
و"التقنية من أجل السلام"، مؤسسة تطوعية مقرها كندا، تهتم بالحد من انتشار العنف والإرهاب من خلال الإبلاغ عن مواقع الويب وصفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر أخباراً كاذبة أو دعاية تروج للعنف أو تحث على الإرهاب وخصوصاً في الدول غير المستقرة بينها العراق.
وأضاف الفريق أنه "مع نشره لتسجيلات أخرى بعد ذلك، استمرينا في العمل على تدوين الملاحظات حول تلك التسجيلات لمعرفة حقيقتها".
وأوضح أنه رغم "النفي المتكرر للمالكي لتلك التسجيلات وادعائه فبركتها عبر اقتباس مقاطع من صوته وتركيبها لتظهر بهذا الشكل، إلا أن الملاحظات التي توصلنا لها حول الفيديو تثبت عكس ذلك".
ومن ضمن جملة إجراءات اتخذها فريق "التقنية من أجل السلام"، للتأكد من صحة المقاطع المسربة، أوضح المنشور أنه وبعد متابعة التسجيلات الخمس المسربة، تبين أنه "لم يتم فبركتها عن طريق دمج مقاطع صوتية مختلفة للمالكي لإظهارها بهذا الشكل".
"كما أنه وفي جميع التسجيلات المتداولة، كان الانتقال بين الجُمل متناسقاً جداً وطبيعياً ولم يلاحظ وجود انتقالات مختلفة وغير متناسقة أو وجود قطع كدلالة على دمج مقاطع صوتية مختلفة"، بحسب المنشور.
ولفت إلى أنه "بمقارنة الصوت في التسجيلات الصوتية المتداولة مع صوت المالكي في عدة لقاءات معه آخرها اللقاء الذي بثته قناة "العهد" الفضائية يوم أمس الأربعاء، لوحظ تشابه كبير في لفظ مفردات تم ذكرها في التسجيلات المتداولة وفي اللقاءات مع المالكي، ولا سيما كلمات 'السُنة، مقتدى الصدر، الشيعة، التشيُع'".
وأشار إلى "وجود أصوات مختلفة لأشخاص يتحدثون بمستوى صوت مختلف مع وجود أصوات لحركة كرسي وصوت للاحتكاك، وهي دلائل إضافية على أن التسجيلات المتداولة لم يتم فبركتها بواسطة برامج لفبركة الصوت".
ففي أحد المقاطع، يتهم المالكي المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني، بالصمت، زاعماً أن هذا السكوت سيؤدي لعودة البعثيين للسلطة مجددا، في إشارة منه إلى حزب البعث الذي كان يحكم البلاد إبان حكم صدّام حسين.
كما انتقد المالكي بكلامه أيضاً رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، مشدداً على أن الأخير يخترق اجتماعات الإطار التنسيقي.
ويُسمع في التسريب المالكي، وهو يقول إن "الشيعة في خطر، لأن البعثيين الآن ارتقوا مراتب خطيرة، ودخلوا في صلب الدولة، وأنشأوا أحزاباً تحت عنوان "تقدم"، الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، وهو حزب قديم، أنشأه واحد من الشخصيات، لكنه توفي، وتسلّمه الحلبوسي بعده".
وذهب مراقبون ومحللون إلى أن تلك التسريبات الخطيرة ربما تضع نهاية سياسية حتمية لمشوار نوري المالكي مع الحكم في العراق، فيما اعتبرها آخرون أنها تمثل انتحار سياسي، لاسيما بعدما فسروها على أنها تزرع الفتنة بين الفصائل السياسية في العراق والتي فشلت حتى اللحظة في تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية.
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي طارق الحميدي، في مقال له بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أن تسريبات المالكي تعد "فتنة طائفية كبرى"، محذراً من "مشروع تدمير حقيقي للعراق".
وأضاف، منتقداً رئيس الوزراء العراقي السابق، قائلاً: "ما صدر عن المالكي، لا يمكن أن يصدر عن رجل دولة، حيث النيل من أجهزة الدولة الأمنية، والحديث عن "إسقاط" للمكونات العراقية السنية والشيعية والكردية، إنَّ التسجيل المسرب للمالكي يعني نهايته السياسية، ولو استمر في المشهد محاولا البقاء، حيث اتضحت العقائدية، والتطرف، في خطابه وتوجهه، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يصل بالعراق إلى بر الأمان".
وقال الحميد إن "خطاب المالكي المسرب هو وصفة كارثية لإشعال الحريق الكبير في العراق، وبين كل المكونات، وليس المكون الشيعي-الشيعي وحسب، وهذا أمر يجب التصدي له بكل الطرق، لأنَّها حرب من شأنها أن تحرق الأخضر واليابس".
من جهته، كما حذر الكاتب رائد الحامد من أن المشهد السياسي العراقي يتجه الآن نحو "المزيد من التعقيد" على خلفية التسريبات "ما يهدد بدخول العراق في نفق الاقتتال الداخلي".
بدورها، قالت صحيفة البلاد السعودية: "تمتد يد الميليشيات الإيرانية ومن يواليها لتخريب العراق، وتحطيم آمال شعبه بالوصول إلى الديمقراطية المنشودة، بدليل تأكيد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، في تسريب صوتي جديد، أنّ العلاقات جيّدة مع قائد ميليشيا عصائب أهل الحقّ، قيس الخزعلي، وأنّ الفتح والفصائل وكتائب حزب الله والعصائب وسيد الشهداء كلها تابعة مباشرة لإيران، داعيا في التسجيل المسرب قيادات الفصائل المسلّحة إلى اتباع خطّ الحرس الثوري الإيراني".
وأشارت الصحيفة إلى أن التسريبات الصوتية أثارت "ضجة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية، وسط تحذيرات من ارتفاع منسوب الاستفزاز بين تلك الأطراف".
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل سمير عادل، في صحيفة "العرب" اللندنية، تسريبات المالكي "بالون اختبار أُطلق من قبل تحالف الميليشيات التي يقودها المالكي - العامري لرد فعل الصدر، والترتيب على أساس ذلك للمضي في رسم سيناريوهات تشكيل الحكومة".
ورأى أنه "لا توجد في الأفق حرب أهلية، على المدى المنظور على الأقل، فإن طرفي الصراع على السلطة غير مؤهلين وغير قادرين، سواء إقليميا أو دوليا أو حتى على الصعيد الذاتي والمحلي، بحسم الصراع وإلحاق هزيمة ساحقة بالطرف الآخر".
بدورها، حذرت الكاتبة والمحللة صافيناز أحمد، في صحيفة "الأهرام" المصرية، من تأجيج التوتر في العراق على خلفية تسريبات المالكي، مؤكدة أن التسجيلات الصوتية تضيف الكثير من التوتر على علاقة "العداء المستعرة " بطبعها بين المالكي والصدر، والتي تعود إلى فترتى ولاية المالكي لرئاسة الوزراء من عام 2006 وحتى عام 2014.
وذكرت أن "الجديد في التسريبات ليس فيما تحتويه من مضمون لا يضيف جديداً لحالة العداء بين الرجلين، لكن الجديد هو "التوقيت" في حد ذاته الذي اختير فيه طرح التسريبات عبر منصة من منصات التواصل الاجتماعي".
وقالت الكاتبة: "تتوالى محاولات الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة وفقاً لرؤية القوى السياسية المنضوية فيه على أساس من "المحاصصة الطائفية"... وائتلاف دولة القانون الذي يرأسه المالكي يعد هو الكتلة الأكثر حصداً لمقاعد برلمانية بالنسبة لباقى القوى السياسية المنضوية في الإطار، وهو وضع يوفر للمالكي أفضلية على أقرانه السياسيين في الإطار، ويوفر لائتلافه بالتبعية أفضلية في تولي الحكومة الجديدة والاستحواذ على حقائب وزارية وازنة".
وأشارت الكاتبة إلى أنه "وفقاً لهذه المقدمات، فإن فكرة عودة المالكي لتصدر المشهد السياسي في العراق، يرفضها عدد من زعماء القوى السياسية المنضوية في الإطار التنسيقي الذي يعد المالكي جزءاً منه".
من جهتها، قالت صحيفة "الجريدة" الكويتية: "جدلٌ واسع يلفّ الأوساط السياسية والحوزات الدينية في العراق منذ أيام؛ إثر تسريبات صوتية منسوبة لنوري المالكي رئيس الوزراء السابق، الذي لم يستطع لا هو ولا حزب الدعوة الذي يتزعمه، إثبات أنها مزورة أو مفبركة، وتقوم خطورتها على تضمُّنها أفكاراً واضحة حول الاحتراب الداخلي وتصفية مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري المناهض الأساسي لنفوذ إيران في العراق".
وأضافت الصحيفة: "لا تقتصر آثار الزلزال الناتج عن التسريبات، على مخاوف بشأن عنف واحتكاكات بين أنصار التيار الصدري، وأتباع المالكي الحالم بالعودة إلى السلطة، بل إن انشغاله بنتائج التسجيلات المسربة، أبعده إلى حد كبير عن أجواء المشاورات التي يجريها الإطار التنسيقي وحلفاء طهران في الفصائل، لمحاولة تشكيل حكومة جديدة".
في الوقت ذاته، أعلن الصحفي العراقي المقيم في الولايات المتحدة، علي فاضل، الذي نشر التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي، أنه غير مستعد للمثول أمام قضاء بلاده لغياب الحماية.
وفي أول ظهور إعلامي له منذ نشر التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي، لم يستغرب فاضل، خلال لقاء تلفزيوني، خبر دعوة القضاء العراقي لرئيس الحكومة السابق للتحقيق، معتبراً أن ذلك "ما يجب أن يحدث، تلبية لرغبة الشعب العراقي".
ودعا الناشط السياسي إلى تدويل قضية التسجيلات الصوتية باعتبار أن المالكي أقرّ، من خلال التسريبات المنسوبة له، بتعامله مع منظمات إرهابية مثل الحرس الثوري الإيراني، الذي يعمل ضد أبناء العراق، بحسب تعبيره.
وعن استعداده للمثول أمام القضاء برفقة المالكي وجميع الأطراف المعنية بالتسريبات، أكد علي فاضل أنه غير مستعد للمثول أمام القضاء في العراق لغياب الحماية، مستدركاً بالقول إنه يقبل أن يدون أقواله ويقدمها للسفارة العراقية في واشنطن، بشرط أن تتابع وسائل الإعلام الدولية الجلسة، لضمان سلامته. وأضاف: "بإمكاني أيضاً أن أوكل محامياً في العراق وهو يترافع عني أمام القضاء".
وعن استعداده للكشف عن مصدر التسريبات، قال فاضل إنه من غير الممكن أن يذكر الصحفي عن مصادر معلوماته، وهو ما يكفله القانون الصحفي والدولي.
وعن صحة التسجيلات الصوتية، كشف علي فاضل أنه عرضها قبل النشر على مختصين أكدوا له صحتها، مضيفاً أنه "زد على ذلك، أن وسائل الإعلام الكبيرة التي نشرت التسجيلات لا يمكن لها أن تلعب بسمعتها وتنشر أشياء مفبركة".
وتابع: "أضف إلى ذلك تغريدة مقتدى الصدر، هل من المعقول أن لا يكون للصدر خبراء يدققون في صحة التسجيلات؟ مستحيل".
وعلي فاضل، هو ناشط سياسي عراقي وُلد بالعراق عام 1982، وشارك في عدد من الحملات المتعلقة بالفن والإخراج والتمثيل، وبرز في عدد من المجالات الإدارية خاصة، لا سيما المتعلقة بمكافحة الفساد.
ويتولى فاضل حالياً رئاسة المنظمة العراقية الأمريكية لمكافحة الفساد، كما إنه تولى سابقاً الكثير من الأعمال التي تتعلق بالشأن السياسي وبتنظيم الدولة في العراق.