تنازل "الإطار التنسيقي" لـ"الصدريين" ضربة موجعة لإيران ومليشياتها
حشود الصدريين بالمنطقة الخضراء استعراض لقوة التيار
موافقة مشروطة من "الإطار التنسيقي" الموالي لإيران على انتخابات مبكرة
الصدر يقدم نفسه على أنه المعارض الأول للتدخل الإيراني والأمريكي في العراق
القوى المدنية والعلمانية تقف على الحياد وترفض الانضمام لاحتجاجات الصدريين
"الثلث المعطل" للإطار التنسيقي منع انتخاب مرشح "التحالف" لمنصب رئيس الجمهورية
وليد صبري
تطل الأحداث السياسية الأخيرة في العراق برأسها، لتنذر بأن القادم أسوأ، وخاصة بعدما أظهر الفرقاء في البلاد اتفاقهم على ألا يتفقوا، حيث لا تزال الأزمة السياسية في البلاد قائمةً بقوّة، إذ يعيش العراق شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021. ولم تفضِ مفاوضات غير مجدية بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة. هذا الأمر يثير حيرة المواطن العراقي الذي يشعر بالظلم جراء ما يعيشه، سواء خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، أو خلال مرحلة ما بعد صدام، ولا سيما خلال مرحلة الاحتلال الأمريكي للعراق وما بعدها، وصولاً إلى سيطرة الأحزاب الشيعية الموالية لإيران على الحكم في البلاد، لكن الذي يشعر به المواطن العراقي أنه ربما لم يتغير الوضع كثيراً بعد رحيل صدام، لكن بقي أنه قبل الغزو كان هناك صدام واحد، لكن بعد مرحلة الغزو وانتهائها بسيطرة الأحزاب الموالية لطهران على الحكم أصبح هناك 50 صداماً.
وكما يبدو العراق عاجز عن الخروج من الأزمة السياسية، إذ لم تفضِ إلى نتيجة المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء. وغالباً ما يكون المسار السياسي معقداً وطويلاً في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة.
ويحتدم الصراع السياسي على الحكم في العراق بين التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الموالي لإيران من جهة، حيث وصل إلى مفترق طرق، في حين يرى مراقبون ومحللون أن أي تنازل من الإطار التنسيقي لصالح التيار الصدري يعد ضربة لإيران ومليشياتها في العراق.
في الوقت ذاته، لم تبادر القوى المدنية والعلمانية في العراق لعقد أي اجتماع خاص بالأزمة الحالية، فيما غابت مواقف معظمها بشأن المشاركة مع الصدر أو رفض التظاهرات الصدرية، لكنها اتفقت على التحذير من خطر الوقوع في "الحرب الأهلية" أو "الحرب الشيعية الشيعية" بين "التيار الصدري" والفصائل المسلحة ضمن تحالف قوى "الإطار التنسيقي" القريب من إيران، بحسب ما ذكر مراقبون ومحللون لموقع "العربي الجديد".
ومنذ 10 أيام تمكن متظاهرون من أنصار التيار الصدري الأربعاء قبل الماضي من اقتحام مبنى البرلمان العراقي بالمنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد والتي تضم مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، احتجاجاً على ترشيح "الإطار التنسيقي" التكتل البرلماني الشيعي البارز، للنائب والوزير السابق محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، فيما تتخبط البلاد في أزمة سياسية معقدة يعيشها العراق منذ نحو 10 أشهر.
وسمى الإطار الذي يضم كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، النائب الحالي والوزير والمحافظ السابق محمد شياع السوداني، المنبثق من الطبقة السياسية التقليدية، مرشحاً له.
وتعليقاً على الأحداث أصدر الإطار بياناً قال فيه إن "هناك تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي". واعتبر أن "ما جرى من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب، وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير".
وكان السوداني "52 عاماً" سابقاً في حزب الدعوة تنظيم العراق، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أبرز الخصوم السياسيين للصدر، قبل أن يستقيل منهما حين طرح اسمه مرشحاً لرئاسة الوزراء في 2019. لكن المتظاهرين رفضوا ترشيحه حينها.
وعلى الأثر دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المتظاهرين إلى الانسحاب من مبنى البرلمان، مشدداً في بيان أن على المتظاهرين "الالتزام بسلميتهم.. وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم بحسب الضوابط والقوانين"، ودعاهم إلى "الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء". وأضاف البيان: "سوف تكون القوات الأمنية ملتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أي إخلال بالأمن والنظام".
وفي حين يمارس الضغط الشعبي على خصومه، ترك الصدر لهم مهمة تأليف الحكومة، بعدما استقال نواب التيار الصدري الـ73 في يونيو الماضي من البرلمان، رغم أنهم كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه.
وينصّ الدستور العراقي في المادة الـ64 منه على أن حلّ مجلس النواب يتمّ "بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء".
لكن الأزمة السياسية تزداد في العراق احتداماً كل يوم، مع تواصل اعتصام أنصار رجل الدين مقتدى الصدر في مقر البرلمان العراقي.
ورغم أنه يقدم نفسه على أنه معارض للوجود الإيراني والأمريكي للعراق، لم يستطع الصدر تحقيق حكومة الأغلبية التي يريدها الشارع، لذلك شرع الصدر في ممارسة ضغوط على منافسيه وترك لهم مهمة تشكيل الحكومة بعد استقالة نوابه من البرلمان العراقي.
وأبدى الخصوم السياسيون للصدر انفتاحهم على دعوته إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في العراق بشروط، في حين يواصل أنصاره اعتصامهم في مقر البرلمان منذ 6 أيام.
وطالب الصدر في وقت سابق في خطاب متلفز بحلّ البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبراً في الوقت نفسه أن "لا فائدة ترتجى من الحوار" مع خصومه في الإطار التنسيقي.
وبعدها أصدر الإطار التنسيقي بياناً أكد فيه "دعمه أي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها".
وشدد الإطار التنسيقي على وجوب أن "يسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها".
وجاء في بيانه: "يبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب".
وفي استعراض جديد للقوة دعا الصدر مناصريه أمس إلى إقامة صلاة الجمعة في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في بغداد والتي تضم مؤسسات حكومية وسفارات.
وسبق أن أقام مئات الآلاف من مناصري التيار الصدري صلاة الجمعة في هذه المنطقة في منتصف يوليو الماضي.
وأمس وسط إجراءات أمنية مشددة تجمع الآلاف من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من 4 محافظات في المنطقة الخضراء وسط ساحة الاحتفالات.
ويسعى التيار الصدري من خلال التجمع للتأكيد على مطالب الصدر، وكذلك إظهار القوة.
من جهته، عبر رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي عن تأييده المضي قدماً في إجراء انتخابات نيابية ومحلية خلال مدة زمنية متفق عليها بما ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا للبلاد.
وقال الحلبوسي عبر حسابه على "تويتر" إنه لا يمكن إغفال إرادة الجماهير "في انتخابات مبكرة.. دعا إليها مقتدى الصدر".
كما جدد وزير التيار الصدري صالح محمد العراقي دعوته إلى حل البرلمان العراقي وإجراء انتخابات مبكرة.
وفي وقت سابق طلب مقتدى الصدر في خطاب الأربعاء الماضي بحل البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبراً في الوقت نفسه أن "لا فائدة ترتجى من الحوار" من خصومه، فيما تعيش البلاد أزمة سياسية تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.
وقال في أول خطاب له منذ بدء اعتصام مناصريه في البرلمان السبت الماضي: "أنا على يقين أن أغلب الشعب قد سئم الطبقة الحاكمة برمتها، بمن فيها بعض المنتمين للتيار".
إلى ذلك، حدد الإطار التنسيقي الموالي لإيران في بيان الخميس الماضي موقفه من الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الصدر، وفق وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
وأكد الإطار التنسيقي "دعمه أي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب، بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها"، على حد تعبيره.
وأضاف أنه يجب "توفير الأجواء الآمنة لإجرائها، ويسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها"، مردفاً: "يبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب".
ويحمل الصدر خصومه السياسيين مسؤولية الأزمات الأخيرة في العراق، وخاصة بعدما رفضت القوى السياسية الشيعية الممثلة بـ"الإطار التنسيقي" نتائج الانتخابات بعد خسارتها في مقابل صعود التيار الصدري الذي حصل على المرتبة الأولى بـ73 مقعداً، حيث سعى بعد هذا الفوز اللافت لتشكيل حكومة أغلبية وطنية بالتحالف مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني و"تحالف السيادة" السني بزعامة خميس الخنجر، ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان، لكن قوى "الإطار التنسيقي" شكلت ما سُمي بـ"الثلث المعطل"، الذي حال دون قدرة الصدر على انتخاب مرشح "التحالف" لمنصب رئيس الجمهورية.
في الوقت ذاته يرى مراقبون ومحللون أن أطراف "الإطار التنسيقي" الذي يضمّ خصوصاً كتلة الفتح الممثّلة للحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل موالية لإيران باتت منضوية في القوات الرسمية، بشأن الإستراتيجية التي ينبغي عليهم اتباعها تجاه الصدر. ويتمثّل الجناح الأكثر تشدداً برئيس الوزراء الأسبق والخصم التاريخي للصدر نوري المالكي، وبزعيم عصائب أهل الحقّ، أحد فصائل الحشد الشعبي، قيس الخزعلي، ويدفع هؤلاء نحو المواجهة، في حين أن المعسكر الآخر يدفع باتجاه اعتماد "مقاربة بديلة"، بمعنى الإبطاء في عملية تشكيل حكومة ومحاولة تحقيق تقارب داخل البيت الشيعي عبر تقديم حوافز للصدر.
من جهة أخرى، تتابع القوى المدنية والمستقلة العراقية، الاحتجاجات والاعتصامات التي يقودها أنصار زعيم "التيار الصدري" في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، التي اتخذت من مبنى البرلمان ميداناً لها، ورغم اتفاقها مع المبادئ والمطالب التي يسعى لتحقيقها الصدر عبر أنصاره، إلا أن ناشطين وأعضاء في تلك القوى يعربون عن خشيتهم من مساندتها بسبب ما يعتبرونه "تقلبات" مواقف الصدر العديدة.
وتُعد الاعتداءات التي لحقت بالمتظاهرين العراقيين في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد من قبل التيار الصدري، في ساحات التحرير والحبوبي خاصة، خلال احتجاجات "انتفاضة تشرين" التي اندلعت في أكتوبر 2019، من أبرز الأسباب التي تدفع القوى المدنية والنواب المستقلين إلى عدم التفاعل مع احتجاجات الصدريين الحاليين، ناهيك عن الخوف من انقلاب الصدر ضد المدنيين في حال اشتراكهم معه.
ودعا الصدر في أكثر من تدوينة نشرتها حساباته الرسمية عبر "فيسبوك" و"تويتر"، الناشطين "التشرينيين" إلى مناصرته في التظاهرات، ولمح إلى أنه سيحميهم من أي اعتداء، إلا أن المحتجين رفضوا التعاطي مع الصدر، ورغم أن مشاركات شخصية وفردية ظهرت أخيراً، لكنها لا تمثل القوى المدنية وفقاً لمراقبين تحدثوا لـ"العربي الجديد".
ورغم الدعوات المطروحة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ومن البيت الكردي في البلاد، فإنها لا تجد آذاناً صاغية، ما ينذر بتفاقم الأوضاع في البلاد في ظل الصراع الشديد على السلطة من الفرقاء السياسيين، بينما الخاسر الأكبر من تلك الأوضاع هو المواطن العراقي، الذي لا يجد فرقاً بين عهد صدام ومرحلة ما بعد صدام.
حشود الصدريين بالمنطقة الخضراء استعراض لقوة التيار
موافقة مشروطة من "الإطار التنسيقي" الموالي لإيران على انتخابات مبكرة
الصدر يقدم نفسه على أنه المعارض الأول للتدخل الإيراني والأمريكي في العراق
القوى المدنية والعلمانية تقف على الحياد وترفض الانضمام لاحتجاجات الصدريين
"الثلث المعطل" للإطار التنسيقي منع انتخاب مرشح "التحالف" لمنصب رئيس الجمهورية
وليد صبري
تطل الأحداث السياسية الأخيرة في العراق برأسها، لتنذر بأن القادم أسوأ، وخاصة بعدما أظهر الفرقاء في البلاد اتفاقهم على ألا يتفقوا، حيث لا تزال الأزمة السياسية في البلاد قائمةً بقوّة، إذ يعيش العراق شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021. ولم تفضِ مفاوضات غير مجدية بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة. هذا الأمر يثير حيرة المواطن العراقي الذي يشعر بالظلم جراء ما يعيشه، سواء خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين، أو خلال مرحلة ما بعد صدام، ولا سيما خلال مرحلة الاحتلال الأمريكي للعراق وما بعدها، وصولاً إلى سيطرة الأحزاب الشيعية الموالية لإيران على الحكم في البلاد، لكن الذي يشعر به المواطن العراقي أنه ربما لم يتغير الوضع كثيراً بعد رحيل صدام، لكن بقي أنه قبل الغزو كان هناك صدام واحد، لكن بعد مرحلة الغزو وانتهائها بسيطرة الأحزاب الموالية لطهران على الحكم أصبح هناك 50 صداماً.
وكما يبدو العراق عاجز عن الخروج من الأزمة السياسية، إذ لم تفضِ إلى نتيجة المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء. وغالباً ما يكون المسار السياسي معقداً وطويلاً في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة.
ويحتدم الصراع السياسي على الحكم في العراق بين التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الموالي لإيران من جهة، حيث وصل إلى مفترق طرق، في حين يرى مراقبون ومحللون أن أي تنازل من الإطار التنسيقي لصالح التيار الصدري يعد ضربة لإيران ومليشياتها في العراق.
في الوقت ذاته، لم تبادر القوى المدنية والعلمانية في العراق لعقد أي اجتماع خاص بالأزمة الحالية، فيما غابت مواقف معظمها بشأن المشاركة مع الصدر أو رفض التظاهرات الصدرية، لكنها اتفقت على التحذير من خطر الوقوع في "الحرب الأهلية" أو "الحرب الشيعية الشيعية" بين "التيار الصدري" والفصائل المسلحة ضمن تحالف قوى "الإطار التنسيقي" القريب من إيران، بحسب ما ذكر مراقبون ومحللون لموقع "العربي الجديد".
ومنذ 10 أيام تمكن متظاهرون من أنصار التيار الصدري الأربعاء قبل الماضي من اقتحام مبنى البرلمان العراقي بالمنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد والتي تضم مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، احتجاجاً على ترشيح "الإطار التنسيقي" التكتل البرلماني الشيعي البارز، للنائب والوزير السابق محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، فيما تتخبط البلاد في أزمة سياسية معقدة يعيشها العراق منذ نحو 10 أشهر.
وسمى الإطار الذي يضم كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران، النائب الحالي والوزير والمحافظ السابق محمد شياع السوداني، المنبثق من الطبقة السياسية التقليدية، مرشحاً له.
وتعليقاً على الأحداث أصدر الإطار بياناً قال فيه إن "هناك تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي". واعتبر أن "ما جرى من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب، وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير".
وكان السوداني "52 عاماً" سابقاً في حزب الدعوة تنظيم العراق، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، أبرز الخصوم السياسيين للصدر، قبل أن يستقيل منهما حين طرح اسمه مرشحاً لرئاسة الوزراء في 2019. لكن المتظاهرين رفضوا ترشيحه حينها.
وعلى الأثر دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المتظاهرين إلى الانسحاب من مبنى البرلمان، مشدداً في بيان أن على المتظاهرين "الالتزام بسلميتهم.. وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم بحسب الضوابط والقوانين"، ودعاهم إلى "الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء". وأضاف البيان: "سوف تكون القوات الأمنية ملتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أي إخلال بالأمن والنظام".
وفي حين يمارس الضغط الشعبي على خصومه، ترك الصدر لهم مهمة تأليف الحكومة، بعدما استقال نواب التيار الصدري الـ73 في يونيو الماضي من البرلمان، رغم أنهم كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه.
وينصّ الدستور العراقي في المادة الـ64 منه على أن حلّ مجلس النواب يتمّ "بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء".
لكن الأزمة السياسية تزداد في العراق احتداماً كل يوم، مع تواصل اعتصام أنصار رجل الدين مقتدى الصدر في مقر البرلمان العراقي.
ورغم أنه يقدم نفسه على أنه معارض للوجود الإيراني والأمريكي للعراق، لم يستطع الصدر تحقيق حكومة الأغلبية التي يريدها الشارع، لذلك شرع الصدر في ممارسة ضغوط على منافسيه وترك لهم مهمة تشكيل الحكومة بعد استقالة نوابه من البرلمان العراقي.
وأبدى الخصوم السياسيون للصدر انفتاحهم على دعوته إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في العراق بشروط، في حين يواصل أنصاره اعتصامهم في مقر البرلمان منذ 6 أيام.
وطالب الصدر في وقت سابق في خطاب متلفز بحلّ البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبراً في الوقت نفسه أن "لا فائدة ترتجى من الحوار" مع خصومه في الإطار التنسيقي.
وبعدها أصدر الإطار التنسيقي بياناً أكد فيه "دعمه أي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها وتوفير الأجواء الآمنة لإجرائها".
وشدد الإطار التنسيقي على وجوب أن "يسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها".
وجاء في بيانه: "يبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب".
وفي استعراض جديد للقوة دعا الصدر مناصريه أمس إلى إقامة صلاة الجمعة في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين في بغداد والتي تضم مؤسسات حكومية وسفارات.
وسبق أن أقام مئات الآلاف من مناصري التيار الصدري صلاة الجمعة في هذه المنطقة في منتصف يوليو الماضي.
وأمس وسط إجراءات أمنية مشددة تجمع الآلاف من أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من 4 محافظات في المنطقة الخضراء وسط ساحة الاحتفالات.
ويسعى التيار الصدري من خلال التجمع للتأكيد على مطالب الصدر، وكذلك إظهار القوة.
من جهته، عبر رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي عن تأييده المضي قدماً في إجراء انتخابات نيابية ومحلية خلال مدة زمنية متفق عليها بما ينسجم مع المصلحة الوطنية العليا للبلاد.
وقال الحلبوسي عبر حسابه على "تويتر" إنه لا يمكن إغفال إرادة الجماهير "في انتخابات مبكرة.. دعا إليها مقتدى الصدر".
كما جدد وزير التيار الصدري صالح محمد العراقي دعوته إلى حل البرلمان العراقي وإجراء انتخابات مبكرة.
وفي وقت سابق طلب مقتدى الصدر في خطاب الأربعاء الماضي بحل البرلمان العراقي، وإجراء انتخابات مبكرة، معتبراً في الوقت نفسه أن "لا فائدة ترتجى من الحوار" من خصومه، فيما تعيش البلاد أزمة سياسية تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم.
وقال في أول خطاب له منذ بدء اعتصام مناصريه في البرلمان السبت الماضي: "أنا على يقين أن أغلب الشعب قد سئم الطبقة الحاكمة برمتها، بمن فيها بعض المنتمين للتيار".
إلى ذلك، حدد الإطار التنسيقي الموالي لإيران في بيان الخميس الماضي موقفه من الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الصدر، وفق وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".
وأكد الإطار التنسيقي "دعمه أي مسار دستوري لمعالجة الأزمات السياسية وتحقيق مصالح الشعب، بما في ذلك الانتخابات المبكرة بعد تحقيق الإجماع الوطني حولها"، على حد تعبيره.
وأضاف أنه يجب "توفير الأجواء الآمنة لإجرائها، ويسبق كل ذلك العمل على احترام المؤسسات الدستورية وعدم تعطيل عملها"، مردفاً: "يبقى سقفنا القانون والدستور ومصلحة الشعب".
ويحمل الصدر خصومه السياسيين مسؤولية الأزمات الأخيرة في العراق، وخاصة بعدما رفضت القوى السياسية الشيعية الممثلة بـ"الإطار التنسيقي" نتائج الانتخابات بعد خسارتها في مقابل صعود التيار الصدري الذي حصل على المرتبة الأولى بـ73 مقعداً، حيث سعى بعد هذا الفوز اللافت لتشكيل حكومة أغلبية وطنية بالتحالف مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني و"تحالف السيادة" السني بزعامة خميس الخنجر، ومحمد الحلبوسي رئيس البرلمان، لكن قوى "الإطار التنسيقي" شكلت ما سُمي بـ"الثلث المعطل"، الذي حال دون قدرة الصدر على انتخاب مرشح "التحالف" لمنصب رئيس الجمهورية.
في الوقت ذاته يرى مراقبون ومحللون أن أطراف "الإطار التنسيقي" الذي يضمّ خصوصاً كتلة الفتح الممثّلة للحشد الشعبي، وهو تحالف فصائل موالية لإيران باتت منضوية في القوات الرسمية، بشأن الإستراتيجية التي ينبغي عليهم اتباعها تجاه الصدر. ويتمثّل الجناح الأكثر تشدداً برئيس الوزراء الأسبق والخصم التاريخي للصدر نوري المالكي، وبزعيم عصائب أهل الحقّ، أحد فصائل الحشد الشعبي، قيس الخزعلي، ويدفع هؤلاء نحو المواجهة، في حين أن المعسكر الآخر يدفع باتجاه اعتماد "مقاربة بديلة"، بمعنى الإبطاء في عملية تشكيل حكومة ومحاولة تحقيق تقارب داخل البيت الشيعي عبر تقديم حوافز للصدر.
من جهة أخرى، تتابع القوى المدنية والمستقلة العراقية، الاحتجاجات والاعتصامات التي يقودها أنصار زعيم "التيار الصدري" في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، التي اتخذت من مبنى البرلمان ميداناً لها، ورغم اتفاقها مع المبادئ والمطالب التي يسعى لتحقيقها الصدر عبر أنصاره، إلا أن ناشطين وأعضاء في تلك القوى يعربون عن خشيتهم من مساندتها بسبب ما يعتبرونه "تقلبات" مواقف الصدر العديدة.
وتُعد الاعتداءات التي لحقت بالمتظاهرين العراقيين في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد من قبل التيار الصدري، في ساحات التحرير والحبوبي خاصة، خلال احتجاجات "انتفاضة تشرين" التي اندلعت في أكتوبر 2019، من أبرز الأسباب التي تدفع القوى المدنية والنواب المستقلين إلى عدم التفاعل مع احتجاجات الصدريين الحاليين، ناهيك عن الخوف من انقلاب الصدر ضد المدنيين في حال اشتراكهم معه.
ودعا الصدر في أكثر من تدوينة نشرتها حساباته الرسمية عبر "فيسبوك" و"تويتر"، الناشطين "التشرينيين" إلى مناصرته في التظاهرات، ولمح إلى أنه سيحميهم من أي اعتداء، إلا أن المحتجين رفضوا التعاطي مع الصدر، ورغم أن مشاركات شخصية وفردية ظهرت أخيراً، لكنها لا تمثل القوى المدنية وفقاً لمراقبين تحدثوا لـ"العربي الجديد".
ورغم الدعوات المطروحة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ومن البيت الكردي في البلاد، فإنها لا تجد آذاناً صاغية، ما ينذر بتفاقم الأوضاع في البلاد في ظل الصراع الشديد على السلطة من الفرقاء السياسيين، بينما الخاسر الأكبر من تلك الأوضاع هو المواطن العراقي، الذي لا يجد فرقاً بين عهد صدام ومرحلة ما بعد صدام.