العربية.نت أحدث الزلزال المميت الذي ضرب أجزاء واسعة من جنوب تركيا وشمال سوريا فجر الاثنين الماضي، مآسي مروعة لعل أبرزها حتى الآن تتعلق بالأطفال اليتامى الذين فقدوا ذويهم وأفرادا آخرين.فما مصير أولئك الصغار؟في الجانب التركي، المأساة رغم فظاعتها على الأطفال أقل تعقيداً من الطرف السوري، فلدى أولئك الأيتام الذين فقدوا ذويهم، أفرادٌ من عائلاتهم يقيمون في ولاياتٍ تركية أخرى لم يضربها الزلزال، يمكن نقلهم إليها بمساعدةٍ من وزارة الأسرة والشؤون الاجتماعية.فقد كشف مصدر من وزارة الأسرة والشؤون الاجتماعية التركية لـ "العربية.نت" أن "لدى عائلات الجنوب التركي رجالا يعملون في إسطنبول أو يدرسون في أنقرة مثلاً. ولدى العائلات الجنوبية ذاتها، نساء تزوّجوا من رجالٍ يعيشون في إزمير أو بورصة على سبيل المثال، وهذا يعني أن أغلب الأطفال اليتامى في المدن التي ضربها الزلزال في جنوب البلاد يمكنهم الالتحاق بأقربائهم".وعادةً ما يتوجّه أبناء الجنوب التركي بشقّيه الشرقي والغربي إلى المدن الداخلية للعمل والدراسة نتيجة قلّة فرص العمل والدراسة في مدنهم التي ينحّدرون منها، ما يعني أن لدى العديد من تلك العائلات أفرادا في إسطنبول وأنقرة وغيرهما من ولايات البلاد.كما شدد المصدر على أن "وزارة الأسرة ستتولى قضية التعرّف على هوية الأطفال اليتامى وإرسالهم لأفرادٍ من عائلاتهم عند وجودهم في مدنٍ تركية أخرى"، لافتاً إلى أنه "في حال عدم وجود أي أقرباء لهم ستتولى الوزارة مهمة نقلهم لدور الرعاية"، التي تُعرف أيضاً بدور الأيتام التي تنتشر في عموم الولايات التركية.وبالفعل نقلت السلطات التركية هذا الأسبوع 16 رضيعاً فقدوا ذويهم في مدينة مرعش التركية التي كانت مركزاً للزلزال، إلى دارٍ للأيتام في أنقرة بعدما تعرّفت على هوية 14 منهم في حين أن اثنين آخرين لم يعثر في مكان إنقاذهما على أي أوراق ثبوتية تكشف أسماء عائلاتهما.وسيبقى هؤلاء الرضع في دور الأيتام حتى يسأل عنهم أي من أقربائهم، وفق ما أشار المصدر السابق.كذلك شدد المصدر على أن "دار الرعاية لا يمكنها تسليمهم لأحد إلا لأفرادٍ أو أقرباء لعائلاتهم، أو لآخرين يطلبون تبنّيهم بشروطٍ صارمة منها الحفاظ على نسبهم".يشار إلى أنه يتمّ نقل الأطفال اليتامى إلى دور الرعاية بالتنسيق مع المستشفيات التي يتمّ نقلهم إليها بعد إخراجهم من تحت الأنقاض لاسيما أن إدارة تلك المستشفيات هي من تبحث فيما لو كان لدى الطفل الناجي عائلة أو أن ذويهم قُتِلوا جرّاء الزلزال، وفق ما أفاد لـ "العربية.نت" مصدر طبي ميداني من مدينة أنطاكيا.أما في سوريا التي تعاني من آثار 12 عاماً من الحرب أضيف إليها تداعيات الزلزال الذي خلّف آلاف القتلى والجرحى شمال البلاد وغربه ووسط، فالمأساة أكبر.إذ يوجد أصلا جرّاء الحرب 1.2 مليون طفلٍ يتيم في عموم محافظات البلاد، ما أدى لارتفاع عدد اليتامى في دور الرعاية التي تنتشر في مختلف المحافظات في السنوات الأخيرة.لكن "يتامى الزلزال" قضيتهم شائكة، فالحرب شتت شمل العائلات السورية خلال العقد الماضي، وهو ما يصعب في العثور على أقرباء للأطفال الناجين من الزلزال.انهيار نفسيوفي السياق، قالت الأكاديمية والمحللة السياسية الروسية من أصولٍ أرمنية سورية لانا بادفان إن "هذه الكارثة الطبيعية ستؤدي إلى انهيار نفسي وعقلي للعديد من الأطفال الذين فقدوا أحباءهم، فقد سمعنا صراخهم وهم يرقدون بين الركام في منازلهم المهدّمة، وهو أمر لا يمكنهم تجاوز آثاره بسهولة".كما أضافت لـ "العربية.نت" أن "أطفال سوريا بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى الرعاية النفسية المتطوّرة، وبالتالي يجب أن يكون هناك فرق طبية غربية متخصصة بتقديم الدعم النفسي لهم لمساعدتهم في تجاوز هذه المحنة".وتابعت: "عندما وقع زلزال مشابه في ثمانينيات القرن الماضي في أرمينيا، لم ينتهِ المطاف بأي طفل يتيم في دار الأيتام، فقد تمّ تبنّيهم جميعاً من قبل العائلات"، معتبرة أن "التبني هو الحل الأمثل ليتامى الزلزال".تشتت العائلاتإلى ذلك، كشف مصدران من دورٍ للأيتام في ريف إدلب لـ "العربية.نت" أن "حركة اللجوء والنزوح أدت لتشتت العائلات، وعلى سبيل المثال يمكن بسهولة إيجاد عائلة غادر كل أفرادها إلى الخارج باستثناء شخصٍ واحد، ولهذا يصعب اليوم العثور على أقرباء ليتامى الزلزال في البلاد، مما يعقد من التنبؤ بمصيرهم".في حين لا يمكن لدور الرعاية السورية، حلّ مشكلة يتامى الزلزال نظراً لانعدام المساعدات الحكومية لتلك الدور، فالحكومة قطعت العام الماضي الدعم عن مادّة الخبز المقدّمة إليها، ما أدى إلى أزمة جديدة تعاني منها دور الرعاية، وفق المصدر السابق.أمام هذا العجز طالبت جهات سورية بتبني اليتامى وعدم تركهم معلّقين دون حلول.لكن حتى الآن، لم تنشر أي جهة سورية أرقاماً دقيقة أو إحصائيات حول عدد الأطفال اليتامى جرّاء الزلزال.