مصادر طبية تؤكد: مرضى الفشل الكلوي اقتربوا من حافة الموت أكثر من مرة
يبدو أن معاناة مرضى الكلى بالسودان لم ولن تتوقف، فبعد أن تقطعت بهم سبل العلاج واضطرارهم لإرسال العديد من نداءات الاستغاثة بعد أن اقتربوا من حافة الموت أكثر من مرة، منذ اندلاع الحرب بالبلاد منتصف أبريل الماضي. ها هو شبح الانهيار يطارد مركز غسيل الكلى بمدينة كسلا بشرق السودان، بعد الزيادة الهائلة لأعداد المرضى، وسط شح شديد بمستهلكات الغسيل الكلوي، وتذبذب الخدمات الأساسية بالمركز، وانقطاع الإمداد الدوائي.

على وقع تلك التفاصيل المحزنة، كشفت مصادر طبية لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" أن المركز يواجه تحديات كبرى تتمثل بالكم الهائل من المرضى طالبي الخدمة مقابل شح معينات الغسيل، وعلى رأسها قلة ماكينات الغسيل الكلوي. كما يعاني المركز من نقص حاد في الأدوية والعقاقير الطبية.

وذكرت المصادر الطبية لـ"العربية.نت" و"الحدث.نت" أن المركز بات يواجه تحديا إضافيا بعد وصول ما لا يقل عن 100 مريض بالفشل الكلوي، قادمون من ولاية الجزيرة بوسط السودان، لتلقي العلاج بالمركز ليصل إجمالي المرضى لحوالي 300 مريض. وأكدت ذات المصادر لـ"العربية. نت" تعرض الأطقم الطبية والصحية بالمركز لضغط شديد، إذ يضطرون للعمل، لما لا يقل عن عشرين ساعة يوميا دون توقف بما فيها أيام الجمع والعطلات الرسمية. ولم تخف المصادر الطبية مخاوفها من انهيار المركز وخروجه عن الخدمة نتيجة الضغط الشديد.

ويضطر المركز أحيانا لتخفيض ساعات جلسات الغسيل إلى ساعتين فقط بدلا من المدة المقررة لإكمال عملية الغسيل والمحددة بأربع ساعات، الأمر الذي يشكل خطورة بالغة على المرضى.

وعلى الرغم من أن الخدمة مجانية بالمركز، إلا أن المرضى يواجهون ظروفا بالغة التعقيد. وقال أحد المرضى ل "العربية.نت" و"الحدث.نت"، إنهم يجدون معاناة حقيقية في الحصول على الأدوية والعقاقير الطبية بسبب انعدامها، ما يدفعهم للجوء إلى الصيدليات والسوق السوداء للحصول عليها بأسعار باهظة. كما يواجهون صعوبة شديدة في العودة إلى منازلهم بعد انتهاء عملية الغسيل في ساعات متأخرة من الليل لانعدام المركبات العامة والخاصة التي تتوقف عن الحركة بسبب حظر التجوال المفروض من قبل السلطات الرسمية داخل المدينة.

تدخل عاجل

وطالبت الكوادر الطبية والصحية بالمدينة، المنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة بالتدخل العاجل لإنقاذ الأوضاع من الانهيار، ونصحوا بالإسراع في إقامة مراكز إضافية لمرضى الكلى لتقليل الضغط الشديد ومقابلة الأعداد الإضافية من طالبي الخدمة. وكشفوا أن السلطات الرسمية هناك حاولت التدخل لإنقاذ الموقف، وتعهدت بتحمل التكلفة المالية لتوصيل الكهرباء إلى المركز من مولد كهربائي من إحدى المستشفيات القريبة، لضمان استمرار التيار الكهربائي، واتقاء للقطوعات الكهرباء العامة التي تمتد لساعات طويلة.

معاناة الآلاف

وازدادت معاناة الآلاف من مرضى الكلى بالبلاد بعد هجوم الدعم السريع على ولاية الجزيرة بوسط السودان، حيث تفرقت السبل بآلاف المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج هناك. يذكر أن ولاية الجزيرة بها تسعة مراكز لغسيل الكلى، كما تضم المخزون الرئيسي لمحاليل وأدوية غسيل الكلى بالبلاد، وتقدر أعداد المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج بالجزيرة بربع مرضى الكلى بالسودان.

وفي حين تقدر وزارة الصحة السودانية عدد مرضى الكلى بثمانية آلاف مريض تقريبا؛ تؤكد مصادر طبية أن الأعداد تفوق ذلك بكثير.