الحرةذكرت صحيفة "تلغراف" البريطانية أن جماعة الحوثي، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، لاتز ال مستمرة في تجنيد الأطفال وإجبارهم على القتال في صفوفها، مستغلة الظروف المادية السيئة لعائلاتهم.

وبين مارس 2015 وسبتمبر 2022، تحققت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من 3995 حالة تجنيد لأطفال في اليمن للقتال، على الرغم من أن الأرقام من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير.

وتقدر منظمات حقوقية أخرى، مثل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنه تم تجنيد أكثر من 10 آلاف طفل قسريًا للقتال، في حين تعتقد الأمم المتحدة أن بعض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السابعة، يضطرون إلى تنظيف الأسلحة.

وقال مدير منظمة "ميون" لحقوق الإنسان، عبده الحذيفي، إن الحوثيين "استغلوا الظروف المعيشية الرهيبة التي تعاني منها الأسر التي تعيش في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لإجبارها على إرسال أطفالها إلى المخيمات الصيفية ومن ثم إلى الجبهة".

وذكر أن "الأطفال المجندين يتلقون أولا دورات عقائدية في المعسكرات الصيفية.. ثم يتم نقلهم إلى معسكرات التدريب العسكري والقتال، لتلقي التدريب على أنواع مختلفة من الأسلحة".

ومن الصعب تقدير عدد الأطفال الذين كانوا في هذه المعسكرات، نظرا للطبيعة الغامضة للنشاط المسلح.

وفي تقرير لها بعنوان "الأطفال المحاربون"، وثقت منظمة "ميون" انتهاكات تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود في الصراع المسلح في اليمن، خلال الفترة من 1 يوليو 2021، حتى 31 ديسمبر 2022.

ووثق التقرير "2233 طفلاً مجنداً تم استخدامهم بشكل مباشر في النزاع المسلح لدى جميع الأطراف؛ موضحا أن عدد الأطفال الذين تم التحقق من قيام جماعة الحوثي بتجنيدهم في الجبهات بلغ 2,209 أطفال، أي ما نسبته 98.9 في المئة من نسب الأطفال الذين شاركوا مع كافة أطراف الصراع".

وأكد التقرير تحققه من مقتل 1,309 أطفال، أحدهم طفل صومالي الجنسية، وإصابة وتشويه 351 طفلاً، من إجمالي الحالات المجندة في صفوف جماعة الحوثي؛ مبينا أن "الفئة العمرية للأطفال ما بين سن الـ16 والـ17 هي الفئة الأكثر تعرضاً لانتهاكات التجنيد والاستخدام كجنود" لدى الجماعة الموالية لإيران.

كما وثق بلاغات بـ"تجنيد 25 طفلاً ينتمون إلى عائلات مهاجرين أفارقة، تم التحقق من وجود 4 منهم في صنعاء وحجة".

الإغرء بالطعام

وفي شهادته، قال الطفل أيمن، البالغ من العمر 14 عاما، إنه ذهب إلى معسكر صيفي خارج مدينة الحديدة الساحلية، بعد أن حصلت أسرته على "عرض مغر لا يقاوم" يتضمن حصصا غذائية تكفيها لنحو شهر أو أكثر، وفق "تلغراف".

كما حصلت العائلة على وعود بأن ابنها سيكمل دراسته، بيد أنه لم يمض وقت طويل حتى كان ذلك الطفل يتدرب مع رفاقه على استخدام بعض أنواع الأسلحة لمدة 40 يوما.

وقال أيمن الذي كان يسمع أصوات الانفجارات الناجمة عن استهداف مقاتلات أميركية وبريطانية لمواقع حوثية، ردا على استهداف تلك الجماعة لسفن تجارية في البحر الأحمر: "كانوا يدربوننا على كيفية إطلاق النار وكيفية حماية المعسكر وإدارة نقاط التفتيش".

وفي النهاية، قام أحد أصدقاء أيمن بـ"عمل جيد" لدرجة أنه حصل على سلاح رشاش، في حين قال الأخير: "رفضوا إعطائي بندقية من طراز AK-47 لأنني لم أكن أجيد إطلاق النار".

وتحاول جماعة الحوثي استهداف سفن تجارية في البحر الأحمر بحجة دعم حركة حماس، المصنفة إرهابية، في حربها ضد الجيش الإسرائيلي بقطاع غزة.

وأعلن الحوثيون أنهم سيوقفون تلك الهجمات بعد انتهاء الحرب في غزة، والسماح بدخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني.

في المقابل، شكلت الولايات المتحدة تحالفا دوليا لمواجهة التهديدات الحوثية التي أثرت على حركة التجارة الدولية، حيث جرى قصف العديد من الأهداف الحوثية، والتي يعتقد أنها تحتوي على صواريخ باليستية ومخازن أسلحة.

على خطى أيمن

ومثل أيمن، قرر والد وائل أن يرسل ابنه إلى إحدى المعسكرات الصيفية بعد أن وعدته جماعة الحوثي بالحصول على مساعدات غذائية لمدة شهر على الأقل.

وفي الصباح، كان الأطفال يتلقون تعليما أيديولوجيا بالاعتماد على تصريحات وأقوال حسين الحوثي، أحد زعماء الجماعة البارزين والذي لقي حتفه عام 2004 خلال الاشتباكات بين تلك المنظمة والجيش اليمني.

وتتضمن تلك الدروس أفكارا مناهضة للغرب، وفق وائل، الذي أوضح أنه في المساء كان يتلقى وأطفال آخرون تدريبًا على الأسلحة، وطُلب منهم استخدام مهاراتهم الجديدة على الفور، حيث تم تكليفهم بحراسة المعسكر طوال الليل.

وكجزء من عملية التلقين الأوسع، قال وائل إنه تم عزله وغيره من الأطفال، في المعسكرات، مضيفا: "لقد منعونا من الاتصال بالأشخاص خارج المخيمات، حتى مع عائلاتنا".

وبالعودة إلى الحديدة، حيث شارك أيمن في معسكر صيفي، فإن الخوف يخيم على الأجواء، حيث يشعر العديد من السكان اليمنيين بالقلق من تصعيد الحرب، باعتبار أن الحوثيين يستخدمون مواقع في مدينتهم لاستهداف السفن التجارية في البحر الأحمر.

واختار البعض منهم الفرار إلى المناطق الجنوبية من المدينة، والتي لا تزال تحت سيطرة الحكومة الشرعية في اليمن.