محمد الرشيدات
٪5 زيادة في عائدات عمليات الشحن على الممرات التجارية
زيادة نسبة ٪1 في الطلب العالمي على الشحن الجوي
«إياتا»: ارتفاع تكلفة الشحن الجوي 10٪ ديسمبر الماضي
كشف الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» عن أحدث بيانات الشحن الجوي في الأسواق العالمية خلال الربع الرابع من العام 2023، متضمناً ارتفاع تكلفة الشحن الجوي بنسبة 10.8% في ديسمبر الماضي، فيما أكد الرئيس التنفيذي لـ DHL البحرين نور سليمان لـ«الوطن»، أن أفعال الحوثي في البحر الأحمر ما زالت تُخلخِلُ قطاع اللوجستيات العالمي، في وقت من المتوقع أن تعطيل التجارة عبر البحر الأحمر لمدّة عام كامل سيُنتجُ تضخّماً في أسعار السلع بما يصل إلى 2%.
وأظهرت بيانات الشحن الجوي حدوث انتعاش في عمليات الشحن الجوي، رغم عدم اليقين الاقتصادي جرّاء تبعات الحرب الإسرائيلية على غزّة، وما ترتّب عليه من توسّع لدائرة الصراعات التي طالت عمليات الشحن البحري في البحر الأحمر باستهداف ميليشيا الحوثي للسفن التجارية المارّة فيه.
وكان الطلب العالمي للعام بأكمله في عام 2023 قد انخفض بنسبة 1.9%، مقارنة بعام 2022 الذي قُدِّر بـ 2.2% للعمليات الدولية، حيث بيّن التقرير حصول ارتفاع في سعة عملية الشحن الجوي أواخر العام الماضي بنسبة 11.3%.
وتظهر الأرقام كيف كان ديسمبر من العام الفائت استثنائياً، عبر أقوى أداء بما أظهره من حصولِ نموٍ سنويٍ لعمليات الشحن الجوي خلال السنتين الماضيتين، حيث جاءت السعة العالمية والتي تُقاس بـ طن الشحن المتاح لكل كيلومتر، أعلى بنسبة 13.6% من مستويات 2022.
بعض النتائج التي استند عليها الاتحاد الدولي للنقل الجوي في تقريره، أفضت إلى أن معظم شركات الطيران في الشرق الأوسط قد سجّلت زيادةً في الطلب خلال شهر ديسمبر 2023 على وجه الخصوص بنسبة 18.3%، وذلك على صعيد العمليات العالمية والدولية مقارنةً بعام 2022، وهذا ما أحدث زيادة في سعة الشحن الجوي للبضائع بنسبة 17.7%.
فعلى صعيد شركات الطيران في منطقة آسيا والمحيط الهادىء، أظهرت النتائج حصول زيادة في الطلب بنسبة 0.9% في عام 2023، ليسجّل ديسمبر من العام ذاته أفضل أداء على مستوى جميع المناطق، بزيادة وصلت إلى 18.5%، وأخرى في السعة بنسبة 31.1%.
الأمر مشابه تماماً داخل نطاق شركات الطيران في أمريكا اللاتينية التي جادت بأقوى أداء على أساس سنوي في جميع المناطق، مع زيادة بنسبة 2.0% في الطلب ضمن حدود السنة الماضية، ليتم تسجيل ارتفاع في السعة بنسبة 13.2%، ناهيك عن ارتفاع آخر في القدرة الاستيعابية لخدمات الشحن الجوي التي تقدّمها بنسبة 3.5%.
وباختلاف جزئي عمّا ورد في السابق، و داخل نطاق شركات الطيران في كلٍّ من أوروبا وأمريكا الشمالية وأفريقيا، التي سجّلت انخفاضاً في الطلب، وزيادةً في السعة، وإذا ما أردنا تقريب النظر على شركات الطيران العاملة في أمريكا الشمالية، فقد أظهرت الأرقام انخفاضاً في الطلب بنسبة 5.7%، وزيادة في السعة بـ 0.3% داخل سياج العام 2023، في حين زادت السعة بنسبة 2.4% في شهر ديسمبر بالذات، مقارنةً بالشهر نفسه من سنة 2022.
شركات الطيران الأوروبية هي الأُخرى، صاحَبَ عمليات الشحن الجوي فيها أيضاً انخفاضاً بسيطاً من شهر يناير من العام الماضي ولغاية نهاية نوفمبر، لتجود الأرقام بمكنون زيادة في القدرة الاستيعابية بنسبة 4.5% لجميع العمليات العالمية، ليفصح شهر ديسمبر عن زيادة في الطلب على عمليات الشحن بتلك المنطقة قدرها 8.6%، فضلاً عن ارتفاع في السعة بنسبة 7.4%، على رغم تضرر تلك الشركات من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.
في السياق ذاته، سجلت شركات الطيران الأفريقية انخفاضاً في الطلب بنسبة 1.8% في عام 2023، وزيادة في السعة بنسبة 5.6%، ليختلف الأمر فور الدخول بشهر ديسمبر، حيث ارتفعت القدرة الاستيعابية لعمليات الشحن الجوي في تلك الشركات بنسبة 7.4%.
وأوضح الرئيس التنفيذي لـ DHL البحرين نور سليمان أن «هجمات الحوثي التي يشنّها على السفن التجارية في البحر الأحمر قد خيّمت سلباً على قطاع اللوجستيات العالمي، وأحدثت تعقيدات كبيرة في مسارات الشحن»، مبيّناً أن «هذه الأحداث لم تؤثّر فقط على معدّلات التأمين ضدّ مخاطر الحرب، ولكنها حملت أيضاً تبعات غير محمودة على تكلفة الشحن بشكل عام بشقّيه الجوّي والبحري، الأمر الذي ما زال يُعرِّضُ كفاءة واستقرار سلاسل التوريد العالمية للخطر».
وأضاف، أن الاستهداف المستمر لسفن الشحن البحري قد جلب زيادة في أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب لعبور البحر الأحمر، لتقفز إلى نسبة 0.7% من قيمة السفينة في نهاية ديسمبر»، مشيرا إلى أن «سيناريوهات الوضع الحالي في البحر الأحمر وخليج عدن ستبقى تأتي بمعطيات وخيمة على قطاع الشحن كُلّما طال أمد الحرب في قطاع غزّة المحاصر.
الرئيس التنفيذي لـ DHL البحرين، لفت إلى أن استمرار تعطيل التجارة عبر البحر الأحمر لمدّة عام كامل سيُنتجُ تضخّماً في أسعار السلع،بما يصل إلى 2%، مستنداً على لغة الأرقام التي تظهر ارتفاعاً في تكلفة شحن حاوية قياسية بطول 40 قدم من آسيا إلى شمال أوروبا ليصل إلى 5500 دولار في منتصف ديسمبر، بعدما كانت لا تتجاوز 1500 دولار، إلى جانب زيادة في تكلفة الشحنات الآسيوية المتّجهة إلى البحر الأبيض المتوسط، لتبلغ تقريباً 6800 دولار، من بعد أن كانت 2400 دولار وفقاً لمنصّة حاجز الشحن.
ويبدو أن ما تمخض عن واقع الاضطرابات المستمرة في البحر الأحمر من ارتفاع في الطلب والعائدات،أحدث زيادة بنسبة 1% في الطلب العالمي على الشحن الجوي، مع زيادة بنسبة 5% في عائدات عمليات الشحن على الممرات التجارية ذات الصلة، ومن المتوقع استمرار الارتفاع مع زيادة الاضطرابات، خصوصاً وأن النقل الجوي بات خياراً حيوياً لبعض الشحنات الأكثر إلحاحاً في الظروف الاستثنائية، وهو أمر بالغ الأهمية لاستمرارية الاقتصاد العالمي، بشكل يضع قطاع الشحن الجوي على أرض صلبة لتحقيق النجاح في العام الحالي، ولكن مع استمرار عدم الاستقرار، بل وتفاقمه في بعض التحديات الجيوسياسية والقِوى الاقتصادية، لا ينبغي اعتبار هذا أمراً مؤكداً في الأشهر المقبلة، والأيامُ ستكون كفيلةً بالكشف عمّا هو متوقع، وإظهار النتائج الواقعية بنصابها الحقيقي.