حذّر المتحدث العالمي باسم منظمة (يونسيف) التابعة للأمم المتحدة، جيمس ألدر ، من كارثة إنسانية قد تتجاوز السودان، منوهًا أن الأطفال يموتون، والمجاعة بدأت، متهمًا المجتمع الدولي أنه "يغلق عينيه" أمام الوضع المأساوي في السودان وخصوصًا الأطفال.

وقال المتحدث العالمي باسم منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة، جيمس ألدر في حديث خاص مع "إرم نيوز": إنّ "العنف المتصاعد في السودان المستمر منذ 16 شهرًا، تسبّب بمقتل أو إصابة آلاف الأطفال، كما رأينا وعمليات التجنيد الإجباري، وذلك الوضع المروّع كان بعيدًا عن أعين العالم".

وأضاف: "نحن نتحدّث عن المناطق التي يمكننا كمنظمة أممية الوصول إليها، وعن المشاهد المروّعة التي نراها، لكنّنا نعلم أنّ الوضع أسوأ بكثير في المناطق التي لا يمكن الوصول إليها".

وأشار إلى أنّ "العالم بأسره يعلم عن تلك المعاناة، لكنّه يغلق عينيه، ويتجاهل العذاب الكبير الذي يعانيه ملايين الأطفال السودانيين".

وتابع: أن "تجاهل ما يحدث في السودان يمثل استمرارًا لمسار خطير من "اللامبالاة" العالمية تجاه حياة الأبرياء في السودان"، موضحًا أنّ "الكثير من المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس تضرّر أو دُمر، فيما نعلم أنّ العديد من العاملين في الخطوط الأمامية من ممرضات وأطباء وأخصائيين اجتماعيين لم يتقاضوا أجورهم".

وشدّد على أنّ "الكوليرا والملاريا والحصبة، تشكل تهديدًا متزايدًا خصوصًا بالنسبة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية"، قائلًا: لذا فإنّ اهتمامنا بالأطفال هنا في السودان ليس مجرّد التزام أخلاقي، بل هو أمر بالغ الأهمية لتفادي الوقوع في كارثة إنسانية قد يكون لها آثار تتجاوز السودان".

الطفولة في الخرطوم تُدمّر

وأضاف ألدر الذي يزور السودان، حيث يتمركز حاليًا في العاصمة الخرطوم، أنّ "عدد سكان العاصمة يبلغ 10 ملايين شخص، اضطر نصفهم على الأقل إلى الهرب، والعديد منهم هرب أكثر من مرّة من أماكن عدّة".

وقال: "نحن نرى هنا أن الطفولة تُدمر، بالأمس كنت في المستشفى، حيث يتواجد فيها أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و11 و13 عامًا، أصيبوا بجروح خطيرة بعد سقوط قذيفة بملعب لليونيسيف، بينما كانوا يلعبون كرة القدم، وقد قُتل طفلان في مساحة يُفترض أن تكون آمنة للأطفال".

"أطفال السودان يموتون"

وكشف المسؤول الأممي، عن "تأكيدات أنّ بعض أجزاء السودان ستصل إلى المجاعة، واليونيسف والأمم المتحدة تحذّران منذ وقت طويل من أنّ أطفال السودان لا يمكنهم الانتظار وهم الآن يموتون".

وشدّد على أن "ليس هناك أسوأ من إعلان حالة المجاعة، وقد وصلنا إليها بالفعل في بعض أنحاء السودان، لكن ثمّة حاليًا 700 ألف طفل يعانون من أخطر أشكال سوء التغذية، إنّه سوء تغذية حاد وشديد، وهذا أعلى رقم موجود على الكوكب، داعيًا إلى معالجته".

وأردف: "نحن الآن نعلم كيف يمكننا إنقاذ حياتهم لو كانت لدينا القدرة على الوصول والتمويل المطلوب، وعندها لا داعي لأن نخسر أحدًا، لكن عندما لا نستطيع الوصول إليهم، ولم نحصل على التمويل، فهناك مخاطرة أن نخسر عشرات الآلاف من الأطفال، والأمر لا يتعلق بنقص المعرفة، بل بنقص الإرادة".

5 ملايين طفل أجبروا على الفرار

ورغم وجود مساحات شاسعة في السودان، أسف "ألدر"، لعدم توفّر الأماكن الآمنة للأطفال، قائلًا: "لدينا الآن 14 مليون طفل، وأكثر من نصف أطفال البلاد يحتاجون إلى مساعدات إنسانية".

وتابع: "5 ملايين طفل أجبروا على الفرار من منازلهم، وتلك هي أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، تأتي مصحوبةً مع تفشي الأمراض والجوع، فيما الصراعات تخلق ظروفًا مثالية للمجاعة، وهنا ثمّة خوف كبير من حدوث خسائر كارثية في أرواح الأطفال، بينما يغمض العالم عينيه".

وأوضح أنّ منظمة اليونيسف تصل إلى الكثير من المحتاجين، لكن ليس جميعهم، "نحن نعلم أنّه يجب القيام بالمزيد، وذلك أمر يُحزن العاملين في الخطوط الأمامية، لكنّنا نفعل ما نقدر عليه".

وقال: إنّ "دعم المنظمة هو شريان حياة وأمر بالغ الأهمية، ونحن نؤمِّن المال للطاقم الصحي، ونوفّر اللوازم الصحية للأمهات واللقاحات والمعدّات اللازمة لحديثي الولادة ولوحدة العناية المركّزة والمياه العذبة".

وأضاف: "تمكّنت اليونيسف وشركاؤها العام الجاري من إيصال المياه الصالحة للشرب إلى 5 ملايين طفل وعائلة، وزوّدنا أكثر من 3 ملايين شخص بالإمدادات الصحية الضرورية، وساعدنا 3 ملايين آخرين يعانون من ، وعندما تتوفر لدينا الأموال وإمكانية الوصول، ننقذ المزيد من الأرواح".

ألدر: على أطراف النزاع وقف التصعيد فوراً

وعن رسالته إلى المجتمع الدولي، قال إلدر إنّ "اليونيسيف والأمم المتحدة تدعوان منذ أشهر إلى تأمين الوصول - من دون عوائق - إلى أولئك الأطفال الذين يحتاجون الدعم". وتابع: "حتّى الحروب لها قواعد، وعلى أطراف النزاع وقف التصعيد فوراً والسماح للمدنيين بالتحرك بشكل آمن".

وختم: "يجب أن يتوقف ذلك النزاع ويجب أن نضمن حماية الأطفال والنساء والبنية التحتية المدنية"، مشدّداً على أنّ "الأنظمة الحيوية التي يعتمد عليها الأطفال والعائلات على حافة الانهيار، فيما تأمين الخدمات الأساسية يتحقق من خلال تأمين التمويل، وكذلك من خلال مناقشة الأطراف الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق السلام".