ثمّن د. عبد العزيز نور عشر المدير العام المركز العالمي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالسودان التطور المستمر في توطيد العلاقات العربية الصينية في جميع المجالات وبشكل خاص الاقتصادية والثقافية والفكرية، لافتا إلى أن الصين بشكل ثابت أكبر شريك تجاري للدول العربية، وتطورت هذه العلاقة حتى وصلت إلى البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، والتي من خلالها نفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاون، استفاد منها ما يقرب من ملياري شخص، الأمر الذي يعكس الرغبة القوية في استمرار هذه العلاقات بل والتقدم بها كثيرا للأمام.
جاء ذلك في الورقة التي قدمها المدير العام للمركز العالمي للدراسات السياسية والاستراتيجية السوداني في الاجتماع الأول للرابطة الصينية العربية للمؤسسات الفكرية شنغهاي من 26 – 29 سبتمبر الجاري، مضيفا "الصين تستورد نصف وارداتها من النفط الخام من المنطقة العربية، وإن مواقف الصين المعتدلة تجاه القضايا الدولية تجعل الدول العربية تميل أكثر إلى التعاون الصيني، الأمر الذي أدي الى ارتقاء حجم التبادل التجاري بين الجانبين، وسط توقعات بأن يصل خلال الفترة المقبلة إلى 600 مليار دولار".
وتابع بقوله "امتداداً للصداقة الممتدة التي بدأت على طول طريق الحرير القديم، باتت الصين والدول العربية الآن شركاء شراكة تدعم المساعدة المتبادلة والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعلم المتبادل الشامل، وأسهم ذلك في اتساع وتنوع آفاق التعاون الذي يرتكز على مجالات رئيسة مثل الإبتكار التكنولوجي، مجال تكنولوجيا الفضاء ومجال تكنولوجيا الجيل الخامس والتحول الصناعي، والتنمية الخضراء والبنية التحتية. إلى جانب عديد من المجالات الأخرى".
وحل ما يجري من أحداث متسارعة في الوقاع الراهن ذكر د. عبد العزيز نور عشر المدير العام المركز العالمي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالسودان في ورقته " باتت الحاجة إلى مراكز التفكر أكثر إلحاحاً، وأصبحت الدول تهتم بإنشاء المراكز بل إن مؤسسات التفكير تعد الآن أحد اهم عناصر القوى الناعمة، وتأتي أهمية هذه الشراكة في وقت بدأت فيه مراكز الفكر في المنطقة العربية تشكل أحد أهم أدوات تجسير الهوة بين المعرفة وصانعى القرار وباتت هذه المراكز تمثل صورة من صور الدبلوماسية غير الرسمية Think Tank Diplomacy كما انها تشغل حيزاً في دعم إتخاذ القرار ووضع الاستراتيجيات وإقتراح السياسات ودراسة التطورات وإستشراف المستقبل من أجل المساهمة الفاعلة في إتخاذ القرارات الرشيدة، وعلى الرغم من محدودية تأثيرها وقلة عددها، إلا أن وجود هذه المراكز يعُد ضرورة حتمية للإضطلاع بدورها من المهام النهضوية والثقافية ووضع الخطط الآنية والمستقبلية".
وأضاف "إن هذه الشراكة والإلتزام بشمول العلاقة لهي فرصة رائعة لضمان التواصل المستمر بيننا في جوٍ تسوده الثقة والإحترام المتبادل لخدمة المصالح العامة لكل الأطراف، إننا في السودان أكثر حاجة لهذه الشراكة وذلك لما تمر به بلادنا من أوضاع متأزمة وصلت مرحلة الأزمة الوجودية وبقاء الدولة جاءت نتيجة لعدم القدرة على إدارة التنوع وغياب الرؤية الاستراتيجية وضعف الاسناد الفكري من مؤسسات ومراكز التفكير، وأن التفكير المتقدم والمرونة والإنفتاح على العالم الذي تتمتع به مراكز الفكر الصيني هي ما جعلتنا نثق تماما أن هذه الشراكة سيكون لها الأثر الكبير على المنطقة العربية"، موضحا "نحن في المركز العالمي للدراسات السياسية والاستراتيجية حددنا مجالات إهتمامنا واستقطبنا لذلك نخبة من الباحثين والكفاءات التي يمكن أن نستثمر في ثمرة عقولها لإجراء دراسات وبحوث من شأنها تعميق الشراكة بين بلدينا.".
وحول أهمية المنتدى أوضح د. عبدالعزيز عشر "أن منتدى التعاون الصيني العربي مثل قصة نجاح ملهمة إذ أنشأ 19 آلية مهمة، بما في ذلك المؤتمرات الوزارية والحوارات السياسية الاستراتيجية، وأصدر 85 وثيقة ختامية مهمة، و تحول التعاون الصيني العربي من التركيز في المقام الأول على الاقتصاد والتجارة إلى (ترويكا) الاقتصاد والأمن والثقافة، لتحقيق التنمية المستدامة، بالإشارة إلى أن المنتدى أضاف بُعدا جديدا للعلاقة وكتطور طبيعي يعكس تنامي العلاقات الشعبية والفكرية ويايمان بدور دبلوماسية المسار الثاني، وفي مطلع العام 2024 ولدت الرابطة العربية – الصينية للمؤسسات الفكرية، وذلك في إطار مواصلة الصداقة وتعميق الشراكة الاستراتيجية بين الصين والجامعة العربية ودولها، ومن أجل تحقيق الشمول الذي ننتظر تنفيذه من خلال الرابطة في كل النواحي الثقافية، والاقتصادية والفكرية".
وأضاف " أن فخامة الرئيس الصيني قدم عدة مبادرات (التنمية الدولية -الحزام والطريق – الأمن والسلم العالمي)، وهذه المبادرات التنموية الملهمة للجميع جعلتنا نتطلع للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الصين في نهضة العالم وبناء شراكات عامة ومع الدول العربية على وجه الخصوص في مختلف المجالات الحيوية، ولضمان إستمرارية هذه الشراكة فهي بحاجةٍ إلى مراكز التفكير والبحث في الجانبين من خلال تلخيص هذه القضايا وإجراء دراسات وبحوث حولها وتقديم المشورة والرأي للجانبين حتى تكون التوجهات الأساسية مبنية على أسس علمية متينة، هذه المبادرات تأتي مواصلة لدعم الصين للدول العربية في البحث بشكل مستقل عن مسارات التنمية المناسبة لظروفها الوطنية، تعتبر الصين داعماً قوياً للمواقف السياسية العربية، إذ تتبنى التوجهات العربية في كافة القضايا، خاصة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى الأوضاع في السودان وليبيا وسوريا والعراق واليمن وخلافه".
وفي ختام ورقته قال د. عبد العزيز نور عشر المدير العام المركز العالمي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالسودان " أننا نتطلع إلى أن يخرج هذا الملتقى بتوصيات ومخرجات تؤدي الي تقوية وتفعيل عمل مراكز الفكر والبحوث الصينية والعربية لتتحول إلى قوى ناعمة مؤثرة ولتحقيق ذلك نري أنه لابد من العمل على بلورة رؤية استراتيجية بعيدة المدى للمراكز الفكرية لزيادة إسهامها في خدمة المجتمع وصناعة القرار والسياسات الخارجية.، توسيع نطاق الدراسات الميدانية لفهم الواقع وطريقة تناول القضايا وتوجيه الرأي العام والإعلام ، عقد اتفاقيات وتفاهمات بين المراكز الصينية و العربية لنقل الخبرات والتدريب المستمر، التواصل المستمر بين مراكز الفكر العربية والمؤسسات الدولية لفرض جو من الاحترام والثقة المتبادلة خدمة للصالح العام، فتح المجال امام الكفاءات الشابة و ذوي الخبرة للإلتحاق بالمراكز الفكرية لخلق جيل جديد من المفكرين الشباب".