تشهد مدينة الموصل التي تدور على أرضها رحى حرب طاحنة بين القوات العراقية المدعومة من قوات التحالف، وتنظيم داعش المتطرف، مفارقة ميدانية، حيث تنصب الجهود حاليا على عبور نهر دجلة إلى الساحل الأيمن للمدينة لكن تدمير الجسور بفعل الغارات الأميركية في وقت سابق، جعل القوات العراقية أمام معضلة للتقدم على الأرض.

فخلال المعارك التي بدأت في الجانب الشرقي للمدينة كان التحالف الدولي بحاجة لقطع الإمدادات التي يرسلها داعش إلى مقاتلية في الجانب الشرقي من نهر دجلة عبر تدمير خمسة جسور تربط بين ضفتي النهر، وهو ما نجح بالفعل في حصار مقاتلي التنظيم في الجهة الشرقية وإضعافهم حتى استطاعت القوات العراقية السيطرة على شرقي النهر بالكامل، بحسب تحليل لمركز ستراتفور الأميركي للاستخبارات والأبحاث الأمنية والاستراتيجية.

لكن هذا التكتيك الميداني أصبح الآن يمثل عائقا أمام القوات العراقية التي تستعد لاقتحام الجانب الغربي من النهر، حيث يعمل التنظيم المتطرف على تدمير ما تبقى من هذه الجسور ليصعب على القوات العراقية العبور إلى الجهة الغربية.

ويقول المركز إن سلاح الجو الأميركي دمر جانبا من الجسور في بداية الأمر بشكل يتيح في وقت لاحق إصلاحها بسهولة من أجل استخدامها للعبور إلى الضفة الغربية من النهر، لكن صورا للأقمار الصناعية أظهرت أن داعش قام بتدمير كبير للجسور من الجهة الغربية والوسطى ليجعل من المستحيل عمليا الاعتماد عليها ميدانيا.

وبموازاة ذلك، يمطر التنظيم الجهة الشرقية من النهر يوميا بقذائف الهاون في محاولة منه لإعاقة عمليات الإصلاح في ذلك الجانب، بينما استعد على الجهة الغربية ببناء تحصينات مرتفعة وخنادق.

ويجعل هذا التكتيك من عبور النهر مغامرة خطيرة للقوات العراقية، خاصة وأن المبان في الجهة الغربية أعلى منها في الجهة الشرقية لتتيح لداعش ميزة كشف الأراضي الشرقية بسهولة.