تسحب الأرض من تحت أقدام داعش أكثر فأكثر في البادية السورية، فالمعارك التي تقودها ضده فصائل معارضة، أفقدته مناطق استراتيجية هناك.
بالتزامن، بدأت فصائل معارضة أخرى، المرحلة الثانية من المعركة التي أطلق عليها "طرد البغاة" في القلمون الشرقي.
في روايات المعارضة، الهدف من من فتح هاتين الجبهتين، هو وصل المنطقتين. أما التحالف الدولي الذي يمد المعارضة في هاتين المعركيين تحديدا بما يلزمها من دعم عسكري ولوجيستي، عبر غرفة "الموك" في الأردن، فيقول إنه يستبق عبر هذه العمليات ما هو أخطر.
ولعل أكثر المتأهبين للخطر القادم، الأردن. وما يصب مزيدا من الزيت على نار الخشية الأردنية، هو أن الرقة، الشطر الغربي لدولة داعش المزعومة، تبدو ملاذ التنظيم الأقرب، هروبا من ميدان الموصل المشتعل.
بيد أن كل تلك التهديدات لا ترعب النظام على ما يبدو، بقدر ما يرعبه تغير وقائع الميدان في حصنه الحصين دمشق ومشارفها. وتر تدق عليه الآن فصائل المعارضة، أو بالأحرى من خلفها من قوى دولية وإقليمية.
فالتمعن في أبعاد وتوقيت معارك دمشق الأخيرة، والتي يقودها فصيل فيلق الرحمن المعارض، يحول ربما النيران إلى رسائل أكثر منها أهدافا عسكرية.
بدت الهجمات المباغتة، شدة أذن للنظام السوري، بأنه ليس عليه أن يفرح كثيرا بانتصاراته الأخيرة على الأرض. ولا يجب عليه أن ينام مطمئن البال، معتقدا أنه زنر دمشق بحزام دفاعي عصي على أي تكتيك عسكري.
في حسبة عسكرية تبدو التهديدات منطقية، ففي حال تمكن فصائل المعارضة المسلحة من وصل مناطق سيطرتها بجوبر والقابون وبرزة وتشرين، فذلك يعني إعادة فتح تلك المناطق، على الغوطة الشرقية المحاصرة. ما يشكل تهديدا مباشرا لرأس النظام.
ولعل الرسالة الأهم للنظام من وراء تحريك معارك دمشق، هي أنه لا يجب عليه الجزم بأنه سيفاوض في قادم المباحثات من موقع قوة، بعد أن أطفأ بموجب الاتفاقات التي يطلق عليها تسويات، معظم البؤر الساخنة في محيط دمشق.