منذ أن قرر وزراء الخارجية العرب في نوفمبر 2011 تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية وبات التساؤل الأكثرإلحاحاً حول قدرة الجامعة العربية على التأثير على هذا الملف مطروحاً، حتى أن بعض المحللين بالغوا في الأمر مؤكدين أن مفاتيح حل الأزمة السورية أبعد ما تكون عن أبواب جامعة الدول العربية.
ورغم أنه للسنة الخامسة على التوالى يظل مقعد سوريا شاغراً في القمة التي تستضيفها دولة الأردن وتنطلق أعمالها فى 29 من مارس الجارى، بعدما صرح وزير الخارجية الأردنى أيمن الصفدى، مؤخراً بأنه لن تتم دعوة سوريا لحضور القمة عملاً بقرارات الجامعة العربية، وهو ما فسره د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في تصريح له بأن السبب وراء استمرار مقعد سوريا شاغراً في الجامعة العربية إلى الاختلافات العربية القائمة، لافتاً إلى أن الأجواء العربية لا تزال غير نقية.
وبعيداً عن التقارير والتحليلات الأكثر تشاؤماً، أشار مراقبون إلى أنه ومع بدء الاجتماعات التحضيرية لانعقاد قمة الأردن من المرجح أن تكون بوابة لتغيرات واسعة على صعيد الأزمة السورية رغم تغيب النظام والمعارضة السورية عنها، خاصة وأن القمة الحالية تنعقد وسط وصول تعقيدات الأزمة السورية إلى ذروتها.
حالة التفاؤل بغد أفضل لسوريا وشعبها من مقترحات قد تناقش أو قرارات قد تصدر من قمة الأردن أرجع أسبابها المراقبون إلى أن المبعوث الأممي للأزمة السورية، ستيفان ديمستورا، سيشارك في القمة العربية، وسيضع الزعماء العرب في صورة آخر التطورات على صعيد المفاوضات السورية، وما يجري في الأستانة، وجنيف 5، ومشاركة المبعوث الأممي مهمة جداً، لأنها ستقدم تلخيصاً، بخصوص هذه الأزمة، وهذه أول مرة يتم تقديم مثل هذه الخلاصات بهذا الشكل، قبل أن يضع ذات المبعوث وبعد فترة مجلس الأمن بصورة التطورات، ولم يفعل ديمستورا ذلك، لولا أن تعقيدات الملف السوري، وصلت نقطة حرجة جداً.
التقارير الأكثر تفاؤلاً حول دور فاعل لقمة الأردن في الملف السوري دعمتها ما شهدته الساحة الدولية مؤخراً من حراك في الحرب على داعش، أبرزها اجتماع أكثر من 60 دولة في واشنطن لبحث الحرب على داعش في سوريا والعراق، وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي حين دق طبول الحرب ضد داعش، علاوة على نية واشنطن إقامة مناطق آمنة في سوريا، لتجنيب المدنيين شرور الحرب، مع معلومات تتحدث عن زيادة في القوات الأمريكية القادمة إلى سورية، وسط تساؤلات عن الموقف الروسي من التصور الأمريكي للحرب على داعش، وعلاقة الوجود الروسي بذلك في سوريا، إلى جانب أن سيناريو المناطق الآمنة، بحد ذاته، له علاقة بالأردن وتركيا، لمجاورتهما سوريا، وهو السيناريو الذي يثير توترات كثيرة.
المتابعون للأزمة السورية منذ اندلاعها يدركون جيداً أنها تزامنت مع العديد من القمم العربية أولها إعلان بغداد ثم الدوحة فقمة الكويت وقمة شرم الشيخ في مصر ففي قمة بغداد "إعلان بغداد" 2012 أكد القادة العرب الدعم الكامل للتطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية وحقه في رسم مستقبله والتداول السلمي للسلطة، وجاءت بعدها قمة الدوحة 2013 "إعلان الدوحة" لتؤكد الدعم الكامل والمساندة للحقوق العادلة والمشروعة للشعب السوري في استعادة كامل الجولان العربي السوري المحتل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ورفض كل الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتغيير الوضع القانوني والطبيعي والديموغرافي للجولان العربي السوري.
قمة عمان تشهد أيضاً زخماً في الحضور الخليجي المصري والذي قد يلعب دوراً بارزاً في دفع التوجه نحو إجراء تغييرات واسعة في الأزمة السورية، على حد تقديرات مراقبين سياسيين، الذين ربطوا بين الحضور المصري إلى جانب دول الخليج لأعمال القمة العربية بوجود توجه نحو التغيير السياسي في سوريا، لافتين إلى أن وجود مصر ودول الخليج في القمة سيجعل الأخيرة تنتقل إلى معسكر دول الخليج بدلاً من سوريا وصولاً إلى أن يكون التضامن العربي.
المؤشرات والدلائل تؤكد أن القمة العربية الـ 28 بالأردن ستأخذ اتجاهاً حساساً جداً إن لم يكن مختلفاً عن بقية القمم العربية بخصوص الملف السوري، خاصة وأن توقيت القمة يتزامن مع وصول الأزمة السورية إلى ذروة كبيرة تجبر دول العالم على الفصل فيها وتحديد مآلاتها وهذا يعني أن هناك إجماعاً على أن تكون القمة العربية في الأردن بوابة تغيرات واسعة على صعيد الأزمة السورية.