أكد نبيل نعيم القيادي الجهادي السابق في تنظيم الجهاد المصري في حوار أجرته معه "العربية.نت" في مكتبه بالعاصمة المصرية القاهرة، أن من بنى تنظيم القاعدة هم "مصريون"، ومن وضع الفكر هذا، هم "المصريون سواءً كان الفكر القطبي أو الإخواني".
وقال إن "فكر عبد الله عزام وأسامة ابن لادن لم ينحرف هو تماماً كما نشأ".
وألقى نعيم باللائمة في صناعة التنظيمات الأصولية إلى كتب سيد قطب باعتبارها من خلقت المنهج والتفكير الداعشي وفي نفس الوقت أوجدت "الإخواني اللئيم الذي يحمل أخلاق المنافقين".
وسجن نبيل نعيم في المرة الأولى بعد عملية اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، ما بين سنة 1981 – 1987، فور عودته من أفغانستان برفقة أيمن الظواهري الذي خرج من السجن قبله في سنة 1984، بعد السجن انتقل مرة أخرى الى أفغانستان ثم اليمن وأخيرا السودان ما بين 1987 وحتى 1992، ثم العودة من جديد الى مصر فكان الاعتقال الأخير له من سنة 1992 وحتى الحكم العسكري في يناير 2011
بدأت علاقة نبيل نعيم بالظواهري إثر اعتداء أصيب به في سنة 1978، حيث تولى أيمن الظواهري معالجته لتبدأ الصداقة بين الشخصيتين.
وتحدث القيادي بمزيد من التفاصيل عن الأصوليات الجهادية وعن علاقته بأيمن الظواهري الذي تلقى آخر اتصال منه في 2011 عقب خروجه من السجن.
وهذا نص الحوار:
كثيرا ما نسمع عن مراجعات الجماعات الجهادية من القاعدة وتنظيم الجهاد وغيرها، إلا أنها وحتى اليوم لا تجد هوية محددة لها كيف تقيم الأمر اليوم؟
المراجعات إلى حد ما نجحت ولكن ليست بنسبة 100%، لأن المراجعات حصلت لـ18 ألف شخص بالسجن كانوا جماعة إسلامية وما يقارب 4000 من جماعة الجهاد أي ما يقارب 20 ألف شخص يحملون هذه الأفكار خرجوا من السجن قبل ثورة 25 يناير، ولم يتبق منهم سوى 2000 شخص من بينهم 1000 شخص محكوم عليهم والباقي معتقل، من خرج منهم 80 بالمائة لم يعودوا إلى الصدام وحمل السلاح، والجزء الذي انتكس كان سببه حكم الإخوان المسلمين، لأن حكمهم شجعهم إلى الانضمام إلى فصيل الإخوان من جديد وهذه كانت خطة الإخوان المسلمين تجميع كافة التيارات السلفية تحت عباءة الإخوان وقيادته وسيطرته، فعند القول إن جماعة الإخوان اصطدمت مع النظام في مصر أصبحت جماعة الإخوان قوة جذب.
من حيث الفكر والأدبيات الجهادية الأصولية المتطرفة، هناك من لا يرى أنها مراجعات حقيقية وإنما مسايرة ومجاملة؟
تخصصي شريعة وأثناء تحضير الدكتوراه دخلت السجن واعتقلت وكنت من يقود مراجعات الجهاد في السجن الفكر نفسه الخاص سواء بجماعة الجهاد أو الجماعة الإسلامية أو القاعدة أو الإخوان كان في منشأه أخطاء ترتب عليها أحداث، ولكن عندما بدأنا بطرح هذه الأمور كنا معتقلين، وعلى سبيل المثال أحداث سرقة محلات الذهب التابعة للمسيحيين. هذا محرم لكن كيف نستطيع إيصال هذا الصوت من داخل المعتقل حتى جاء حبيب العادلي وهو فعلا من بدأ بالمطالبة بالتعاون مع من لديه أفكار مختلفة من داخل الجماعات لمناقشتهم بسبب عدم استجابتهم لعلماء الدولة، وهذه كانت فكرة حبيب العادلي وهو من دفع الى إنجاحها.
حبيب العادلي
هل أنت مقتنع بالمواجهة الفكرية الشرعية خاصة أنكم اتهمتم بكونكم منتكسين وعملاء للدولة؟
نعم بالطبع يتهمونا بذلك، إلا أن المواجهة الفكرية تظل مهمة، فلابد من هزيمة الأفراد فكريا وإيصال الأفراد إلى مرحلة الشك، ونجحنا بذلك وأعدنا أعدادا كبيرة بتشكيكهم بما يظن بصحة المعتقد الذي يحمله.
قد تكونون نجحتم مع شباب صغار في السن إلا أنكم لم تنجحوا مع القيادات والمنظرين للتنظيمات المتطرفة؟
لم يحصل بيننا وبين المنظرين نقاشات. لكن وثائق أسامة ابن لادن أظهرت العديد من المناظرات مع قيادات في القاعدة حول الاختلاف بعدد من القضايا؟
كان هناك سيد إمام، وأنا من ناقشه في منزل أيمن الظواهري وسيد إمام يعد مؤسس فكر القاعدة وطلب مني أيمن الظواهري مناقشته في منزله حيث إن كلا من أيمن الظواهري وسيد إمام أطباء جراحة غير مختصين بالعلوم الشرعية فكان يرجع إلى أيمن الظواهري، حيث عشت معه 3 سنوات في منزله في بيشاور وكذلك عاش سيد إمام مع الظواهري في السجن 3 سنوات خلال اعتقالنا على خلفية قضية اغتيال السادات، فناقشت سيد امام ولم يرد علي وكان من بين القضايا، ما ذكره في كتابه بعنوان "من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، وجاء في الفصل الثاني واعتبره أخطر ما كتب في الفكر التكفيري "حكم أعوان الحاكم". ويقصد به أن الحاكم لا يمكن أن يحكم شعبا بمفرده ولكن لابد وأن يكون له أعوان يعينونه على تنفيذ الأحكام الكافرة على الشعب وهم: "الشرطة والجيش والقضاء"، فلما قرأت الكتاب قلت له أنتم تكفيريون مثل جماعة شكري "التكفير والهجرة"، قلت له لو نزل الشعب وقال نعم ما حكمه فقال سيد إمام نعم يعتبرون كفارا، واعترض أيمن الظواهري على سيد إمام ووقعت مشكلة بينهما، واعتبر سيد امام منظر الجماعات الجهادية التكفيرية كلها وله كتابان "العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله"، وكتاب "طلب العلم الشريف"، ومترجم إلى لغات العالم، وتنظيم داعش والقاعدة تأسست على ما تضمن فيهما والتي بلغت 4000 صفحة.
حدثنا عن المشكلة مع الظواهري؟
نعم حصلت المشكلة بينهما في أواخر 1998 وتوسع الخلاف حتى كفرهم سيد امام وجلس في اليمن وتبنى أسامة ابن لادن فكرنا نحن الاثنين ومنع عنهم المعونات بعد أن حصل النقاش.
ماذا عما يُقال حول تجديد الخطاب الديني؟
لن يعرفوا القيام بذلك، فلكي تجدد في الخطاب الديني تحتاج الى سنوات طويلة والى علماء متخصصين يعكفون على التنقيب في التراث، إلا أن الإجراء السريع أن تأتي بالتكفيري وتناقشه في مناظرة علنية، فعندما ناقشنا سيد إمام حصل انشقاق في تنظيم القاعدة نفسها.
في سوريا اليوم الكثير من المناظرات تحصل ما بين الجماعات الجهادية وتفرعاتها عادت من جديد الى نقطة الصفر ولا نتحدث عن أسماء مبتدئة وإنما قيادات وصقور في تنظيم القاعدة وغيرها؟
الجولاني أكبر جاهل. الجولاني لم يقرأ غير كتاب سيد قطب في الظلال.
لكن الجولاني هو مبعوث الظواهري نفسه إلى سوريا؟
الظواهري نفسه جاهل. الظواهري صاحبي سكنا. وأكلنا وشربنا معا في منزله في بيشاور 3 سنوات، وفي السجن كنت معه أيضا 3 سنوات وهو أستاذ في الجهل وكنت أنا من أعلمه الشريعة. الجولاني لم يقرأ غير كتاب سيد قطب وقام بإعادة كتابته بيده، وكل كتب قطب فيها ضلال للعموميات التي اعتمدها. وأيمن الظواهري كان يعود لي في كل حاجة، وسبب اعتقالي طوال السنوات الماضية يعود لصداقتي بأيمن.
طالما كما تقول إن أيمن الظواهري كان يعود إليك بالمشورة والسؤال وكنت أستاذا له لماذا إذن لم يتأثر بما تفتيه به؟
أثرت عليه الى حد ما وكان ذلك سبب الخلاف الذي وقع بينه وبين سيد إمام في نهجه التكفيري، وأصدر إمام بعدها منشورا له في الحج لتكفير الظواهري وقال في المنشور: "خونة وجهلة ومرتزقة وجهادهم أقرب الى جهاد الطواغيت". الظواهري لازال تكفيريا قطبيا ولكنه أقل حدة.
هل يمكن لك أن تعود بنا إلى سبب إنشاء أسامة ابن لادن معسكرات العرب والتي كانت تدشينا لما يسمى بالقاعدة اليوم؟
حصل خلاف بين عبد الله عزام ومجموعة من المقاتلين العرب من الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد واتهموه بالجاسوسية، وكنت حينها بمعسكر "الجهاد ولي"، ونتيجة للخلاف منع عبد الله عزام المال عن المعسكرات، نتيجة لذلك أرسلني أيمن الظواهري برفقة أبو عبيدة البندشيري والذي كان مسؤولا حينها عن 6 معسكرات تدريب الى السعودية للقاء أسامة ابن لادن للتدخل ومحاولة إتمام المصالحة، وقابلناه في مكة بالعزيزية وأقمنا حينها في جدة بمنطقة العزيزية فقال لنا اذهبوا وأنا آتي إليكم في جدة وجاء بعدها إلينا في جدة وأخبرناه بالخلاف الذي وقع وأن الإخوة يرغبون بقتله فسافرنا وبعدها لحقنا وحاول أن يقوم بالصلح ما بين عزام والعراقيين والسوريين والمصريين الا أن عبد الله عزام أصر على موقفه ورفض مصالحتهم وقال الجهاد انتهى وطلب منهم بالعودة.
حسنا وماذا حصل بعد ذلك؟
عندما عجز أسامة عن إنجاح المصالحة ومع رفض عزام تكفل ابن لادن بدفع مصاريف القاعدة ويعني ذلك 6 معسكرات، ودفع حينها أسامة ابن لادن مبلغا ماليا يغطي 6 أشهر سلمه لأيمن الظواهري، ومن سماها القاعدة العسكرية هو ضابط مصري اسمه سيد موسى كان ضابط صاعقة وهو من وضع آلية التدريب، اتفق عبد الله عزام مع أسامة على تأسيس القاعدة العسكرية ومن أنشأها على الأرض هم المصريون لوجود الضباط بيننا كان من بينهم، علاء ابو السعود عقيد صاعقة وكذلك سيد موسى، وعبد العزيز أبو سنة "ابو حفص المصري" ضابط، وكذلك عبد العزيز الجمل القيادي في جبهة النصرة في سوريا، بلغ عددهم 20 ضابطا حينها، وبعد ذلك اتفق المقاتلون العرب على مبايعة أبو عبد الله، أسامة ابن لادن "أميرا للعرب".
فكرة الخلافة ألم تصبح عبأ؟
نعم هي كذلك عبء على الفكر والفقه الإسلامي وذلك للمفهوم الخطأ لها وهي مشكلة تماما كإشكالية التكفير، فالخلافة هي نظام سياسي ولازال هناك قصور كبير في استيعاب هذا الفهم.
ما علاقة أسامة ابن لادن بالحمساوية (حركة حماس)؟
لم تكن له علاقة بهم سوى في السودان حيث كان لهم مشاريع اقتصادية فقد كان لحركة حماس مزرعة كبيرة هناك وكانت تتم اجتماعات ولقاءات بين أعضاء الجماعة والحمساوية، وأسامة ابن لادن دعم بنفسه الإخوان وقال لي بنفسه بأنه كان يجمع التبرعات للإخوان في سوريا خلال معارك حماة، فكان معنا في السودان شخصيات شاركت في معارك حماة أقامت في السودان من بينهم أبو مصعب السوري "عمر عبد الحكيم"، حيث أقام معنا بنفس المنزل.
وقال لي أسامة إن الإخوان أقنعوني بإقامتهم معسكرات في الأردن والبدء بإنشاء جيش إسلامي هناك، وكنت أجمع لهم المال والتبرعات ما يقارب 100 مليون ريال وسيارات (لاندر كروزر) وأخذوا الأموال ونصبوا عليه ومن يومها كره الإخوان المسلمين.
أنت قلت إن أسامة كان يكره الإخوان المسلمين؟
نعم، كرههم، وكان يرى أنهم محتالون.
أين تضع أيمن الظواهري اليوم من بين هذه الجماعات الأصولية؟
مشكلة أيمن أنه تربى على كتب سيد قطب ولا يعرف غيرها، وألف كتابا للطعن بالإخوان المسلمين اسمه "الحصاد المر" وطلب رأيي ولم يعجبني، وطلب مني طباعته ولم أوافق وقلت له إن من سيقرأه سيكفر الاخوان.
إذن أنت ترى أن كتب قطب هي من وضعت أرضية التكفير؟
كتب سيد قطب خلقت المنهج والتفكير الداعشي وفي نفس الوقت أوجدت الإخواني اللئيم ويحملون كذلك أخلاق المنافقين.
كيف كانت علاقة أيمن بعبد الله عزام؟
كان يحبه إلا أنه كان يقول إن كلامه "هجص" يعني "أونطجي" وكذاب وخاصة بعد كتابه "آيات الرحمن" الذي تحدث فيه عن ما أسماه كرامات المجاهدين، وكان يزوره بشكل متكرر.
إلا أن الظواهري حرص على أسامة أكثر؟
نعم لأن عبد الله عزام إخوان، والاخوان هم مثل اليهود أو الشيعة الباطنية، الكذب والسرقة وهتك العروض ولكن يتجملون ويلجأون للتقية ويضمرون الكره لكل من يخالفهم.
متى كان آخر اتصال بينك وبين الظواهري؟
اتصل بي الظواهري هاتفيا في 2011 بعد خروجي من السجن وكان هذا آخر اتصال، ليطلب مني الانضمام إليهم ورفضت دعوته.
هناك من يتهم الظواهري والمصريين بسرقة أسامة ابن لادن وتحويله الى تكفيري واختطفوا بعد ذلك القاعدة؟
من يقولون ذلك هم مرتزقة ويحاولون الاستئثار بالأموال التي تأتي الى القاعدة، والسؤال لماذا لم يقولوا هذا الكلام عندما كان أسامة على قيد الحياة وعاشوا معه سنوات طويلة أي نعم أن أسامة ابن لادن منحرف فكريا وتفكيره قطبي، ولكن من بنى القاعدة هم مصريون ومن وضع الفكر هذا هم المصريون سواء الفكر القطبي وكذلك الاخواني، ولكن الحديث في ذلك اليوم على هذا النسق هو فقط للاستئثار المالي لا أكثر وعوضا أن تقدموها لأيمن نحن أولى بها فهم لسنوات كانوا معهم هم غير صادقين في ادعاءاتهم، وعبد الله عزام نفسه كانت علاقته ممتازة مع المصريين و سيد قطب وأسرته، فكر عبد الله عزام و أسامة ابن لادن لم ينحرف هو تماما كما نشأ.
وقال إن "فكر عبد الله عزام وأسامة ابن لادن لم ينحرف هو تماماً كما نشأ".
وألقى نعيم باللائمة في صناعة التنظيمات الأصولية إلى كتب سيد قطب باعتبارها من خلقت المنهج والتفكير الداعشي وفي نفس الوقت أوجدت "الإخواني اللئيم الذي يحمل أخلاق المنافقين".
وسجن نبيل نعيم في المرة الأولى بعد عملية اغتيال الرئيس المصري أنور السادات، ما بين سنة 1981 – 1987، فور عودته من أفغانستان برفقة أيمن الظواهري الذي خرج من السجن قبله في سنة 1984، بعد السجن انتقل مرة أخرى الى أفغانستان ثم اليمن وأخيرا السودان ما بين 1987 وحتى 1992، ثم العودة من جديد الى مصر فكان الاعتقال الأخير له من سنة 1992 وحتى الحكم العسكري في يناير 2011
بدأت علاقة نبيل نعيم بالظواهري إثر اعتداء أصيب به في سنة 1978، حيث تولى أيمن الظواهري معالجته لتبدأ الصداقة بين الشخصيتين.
وتحدث القيادي بمزيد من التفاصيل عن الأصوليات الجهادية وعن علاقته بأيمن الظواهري الذي تلقى آخر اتصال منه في 2011 عقب خروجه من السجن.
وهذا نص الحوار:
كثيرا ما نسمع عن مراجعات الجماعات الجهادية من القاعدة وتنظيم الجهاد وغيرها، إلا أنها وحتى اليوم لا تجد هوية محددة لها كيف تقيم الأمر اليوم؟
المراجعات إلى حد ما نجحت ولكن ليست بنسبة 100%، لأن المراجعات حصلت لـ18 ألف شخص بالسجن كانوا جماعة إسلامية وما يقارب 4000 من جماعة الجهاد أي ما يقارب 20 ألف شخص يحملون هذه الأفكار خرجوا من السجن قبل ثورة 25 يناير، ولم يتبق منهم سوى 2000 شخص من بينهم 1000 شخص محكوم عليهم والباقي معتقل، من خرج منهم 80 بالمائة لم يعودوا إلى الصدام وحمل السلاح، والجزء الذي انتكس كان سببه حكم الإخوان المسلمين، لأن حكمهم شجعهم إلى الانضمام إلى فصيل الإخوان من جديد وهذه كانت خطة الإخوان المسلمين تجميع كافة التيارات السلفية تحت عباءة الإخوان وقيادته وسيطرته، فعند القول إن جماعة الإخوان اصطدمت مع النظام في مصر أصبحت جماعة الإخوان قوة جذب.
من حيث الفكر والأدبيات الجهادية الأصولية المتطرفة، هناك من لا يرى أنها مراجعات حقيقية وإنما مسايرة ومجاملة؟
تخصصي شريعة وأثناء تحضير الدكتوراه دخلت السجن واعتقلت وكنت من يقود مراجعات الجهاد في السجن الفكر نفسه الخاص سواء بجماعة الجهاد أو الجماعة الإسلامية أو القاعدة أو الإخوان كان في منشأه أخطاء ترتب عليها أحداث، ولكن عندما بدأنا بطرح هذه الأمور كنا معتقلين، وعلى سبيل المثال أحداث سرقة محلات الذهب التابعة للمسيحيين. هذا محرم لكن كيف نستطيع إيصال هذا الصوت من داخل المعتقل حتى جاء حبيب العادلي وهو فعلا من بدأ بالمطالبة بالتعاون مع من لديه أفكار مختلفة من داخل الجماعات لمناقشتهم بسبب عدم استجابتهم لعلماء الدولة، وهذه كانت فكرة حبيب العادلي وهو من دفع الى إنجاحها.
حبيب العادلي
هل أنت مقتنع بالمواجهة الفكرية الشرعية خاصة أنكم اتهمتم بكونكم منتكسين وعملاء للدولة؟
نعم بالطبع يتهمونا بذلك، إلا أن المواجهة الفكرية تظل مهمة، فلابد من هزيمة الأفراد فكريا وإيصال الأفراد إلى مرحلة الشك، ونجحنا بذلك وأعدنا أعدادا كبيرة بتشكيكهم بما يظن بصحة المعتقد الذي يحمله.
قد تكونون نجحتم مع شباب صغار في السن إلا أنكم لم تنجحوا مع القيادات والمنظرين للتنظيمات المتطرفة؟
لم يحصل بيننا وبين المنظرين نقاشات. لكن وثائق أسامة ابن لادن أظهرت العديد من المناظرات مع قيادات في القاعدة حول الاختلاف بعدد من القضايا؟
كان هناك سيد إمام، وأنا من ناقشه في منزل أيمن الظواهري وسيد إمام يعد مؤسس فكر القاعدة وطلب مني أيمن الظواهري مناقشته في منزله حيث إن كلا من أيمن الظواهري وسيد إمام أطباء جراحة غير مختصين بالعلوم الشرعية فكان يرجع إلى أيمن الظواهري، حيث عشت معه 3 سنوات في منزله في بيشاور وكذلك عاش سيد إمام مع الظواهري في السجن 3 سنوات خلال اعتقالنا على خلفية قضية اغتيال السادات، فناقشت سيد امام ولم يرد علي وكان من بين القضايا، ما ذكره في كتابه بعنوان "من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، وجاء في الفصل الثاني واعتبره أخطر ما كتب في الفكر التكفيري "حكم أعوان الحاكم". ويقصد به أن الحاكم لا يمكن أن يحكم شعبا بمفرده ولكن لابد وأن يكون له أعوان يعينونه على تنفيذ الأحكام الكافرة على الشعب وهم: "الشرطة والجيش والقضاء"، فلما قرأت الكتاب قلت له أنتم تكفيريون مثل جماعة شكري "التكفير والهجرة"، قلت له لو نزل الشعب وقال نعم ما حكمه فقال سيد إمام نعم يعتبرون كفارا، واعترض أيمن الظواهري على سيد إمام ووقعت مشكلة بينهما، واعتبر سيد امام منظر الجماعات الجهادية التكفيرية كلها وله كتابان "العمدة في إعداد العدة للجهاد في سبيل الله"، وكتاب "طلب العلم الشريف"، ومترجم إلى لغات العالم، وتنظيم داعش والقاعدة تأسست على ما تضمن فيهما والتي بلغت 4000 صفحة.
حدثنا عن المشكلة مع الظواهري؟
نعم حصلت المشكلة بينهما في أواخر 1998 وتوسع الخلاف حتى كفرهم سيد امام وجلس في اليمن وتبنى أسامة ابن لادن فكرنا نحن الاثنين ومنع عنهم المعونات بعد أن حصل النقاش.
ماذا عما يُقال حول تجديد الخطاب الديني؟
لن يعرفوا القيام بذلك، فلكي تجدد في الخطاب الديني تحتاج الى سنوات طويلة والى علماء متخصصين يعكفون على التنقيب في التراث، إلا أن الإجراء السريع أن تأتي بالتكفيري وتناقشه في مناظرة علنية، فعندما ناقشنا سيد إمام حصل انشقاق في تنظيم القاعدة نفسها.
في سوريا اليوم الكثير من المناظرات تحصل ما بين الجماعات الجهادية وتفرعاتها عادت من جديد الى نقطة الصفر ولا نتحدث عن أسماء مبتدئة وإنما قيادات وصقور في تنظيم القاعدة وغيرها؟
الجولاني أكبر جاهل. الجولاني لم يقرأ غير كتاب سيد قطب في الظلال.
لكن الجولاني هو مبعوث الظواهري نفسه إلى سوريا؟
الظواهري نفسه جاهل. الظواهري صاحبي سكنا. وأكلنا وشربنا معا في منزله في بيشاور 3 سنوات، وفي السجن كنت معه أيضا 3 سنوات وهو أستاذ في الجهل وكنت أنا من أعلمه الشريعة. الجولاني لم يقرأ غير كتاب سيد قطب وقام بإعادة كتابته بيده، وكل كتب قطب فيها ضلال للعموميات التي اعتمدها. وأيمن الظواهري كان يعود لي في كل حاجة، وسبب اعتقالي طوال السنوات الماضية يعود لصداقتي بأيمن.
طالما كما تقول إن أيمن الظواهري كان يعود إليك بالمشورة والسؤال وكنت أستاذا له لماذا إذن لم يتأثر بما تفتيه به؟
أثرت عليه الى حد ما وكان ذلك سبب الخلاف الذي وقع بينه وبين سيد إمام في نهجه التكفيري، وأصدر إمام بعدها منشورا له في الحج لتكفير الظواهري وقال في المنشور: "خونة وجهلة ومرتزقة وجهادهم أقرب الى جهاد الطواغيت". الظواهري لازال تكفيريا قطبيا ولكنه أقل حدة.
هل يمكن لك أن تعود بنا إلى سبب إنشاء أسامة ابن لادن معسكرات العرب والتي كانت تدشينا لما يسمى بالقاعدة اليوم؟
حصل خلاف بين عبد الله عزام ومجموعة من المقاتلين العرب من الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد واتهموه بالجاسوسية، وكنت حينها بمعسكر "الجهاد ولي"، ونتيجة للخلاف منع عبد الله عزام المال عن المعسكرات، نتيجة لذلك أرسلني أيمن الظواهري برفقة أبو عبيدة البندشيري والذي كان مسؤولا حينها عن 6 معسكرات تدريب الى السعودية للقاء أسامة ابن لادن للتدخل ومحاولة إتمام المصالحة، وقابلناه في مكة بالعزيزية وأقمنا حينها في جدة بمنطقة العزيزية فقال لنا اذهبوا وأنا آتي إليكم في جدة وجاء بعدها إلينا في جدة وأخبرناه بالخلاف الذي وقع وأن الإخوة يرغبون بقتله فسافرنا وبعدها لحقنا وحاول أن يقوم بالصلح ما بين عزام والعراقيين والسوريين والمصريين الا أن عبد الله عزام أصر على موقفه ورفض مصالحتهم وقال الجهاد انتهى وطلب منهم بالعودة.
حسنا وماذا حصل بعد ذلك؟
عندما عجز أسامة عن إنجاح المصالحة ومع رفض عزام تكفل ابن لادن بدفع مصاريف القاعدة ويعني ذلك 6 معسكرات، ودفع حينها أسامة ابن لادن مبلغا ماليا يغطي 6 أشهر سلمه لأيمن الظواهري، ومن سماها القاعدة العسكرية هو ضابط مصري اسمه سيد موسى كان ضابط صاعقة وهو من وضع آلية التدريب، اتفق عبد الله عزام مع أسامة على تأسيس القاعدة العسكرية ومن أنشأها على الأرض هم المصريون لوجود الضباط بيننا كان من بينهم، علاء ابو السعود عقيد صاعقة وكذلك سيد موسى، وعبد العزيز أبو سنة "ابو حفص المصري" ضابط، وكذلك عبد العزيز الجمل القيادي في جبهة النصرة في سوريا، بلغ عددهم 20 ضابطا حينها، وبعد ذلك اتفق المقاتلون العرب على مبايعة أبو عبد الله، أسامة ابن لادن "أميرا للعرب".
فكرة الخلافة ألم تصبح عبأ؟
نعم هي كذلك عبء على الفكر والفقه الإسلامي وذلك للمفهوم الخطأ لها وهي مشكلة تماما كإشكالية التكفير، فالخلافة هي نظام سياسي ولازال هناك قصور كبير في استيعاب هذا الفهم.
ما علاقة أسامة ابن لادن بالحمساوية (حركة حماس)؟
لم تكن له علاقة بهم سوى في السودان حيث كان لهم مشاريع اقتصادية فقد كان لحركة حماس مزرعة كبيرة هناك وكانت تتم اجتماعات ولقاءات بين أعضاء الجماعة والحمساوية، وأسامة ابن لادن دعم بنفسه الإخوان وقال لي بنفسه بأنه كان يجمع التبرعات للإخوان في سوريا خلال معارك حماة، فكان معنا في السودان شخصيات شاركت في معارك حماة أقامت في السودان من بينهم أبو مصعب السوري "عمر عبد الحكيم"، حيث أقام معنا بنفس المنزل.
وقال لي أسامة إن الإخوان أقنعوني بإقامتهم معسكرات في الأردن والبدء بإنشاء جيش إسلامي هناك، وكنت أجمع لهم المال والتبرعات ما يقارب 100 مليون ريال وسيارات (لاندر كروزر) وأخذوا الأموال ونصبوا عليه ومن يومها كره الإخوان المسلمين.
أنت قلت إن أسامة كان يكره الإخوان المسلمين؟
نعم، كرههم، وكان يرى أنهم محتالون.
أين تضع أيمن الظواهري اليوم من بين هذه الجماعات الأصولية؟
مشكلة أيمن أنه تربى على كتب سيد قطب ولا يعرف غيرها، وألف كتابا للطعن بالإخوان المسلمين اسمه "الحصاد المر" وطلب رأيي ولم يعجبني، وطلب مني طباعته ولم أوافق وقلت له إن من سيقرأه سيكفر الاخوان.
إذن أنت ترى أن كتب قطب هي من وضعت أرضية التكفير؟
كتب سيد قطب خلقت المنهج والتفكير الداعشي وفي نفس الوقت أوجدت الإخواني اللئيم ويحملون كذلك أخلاق المنافقين.
كيف كانت علاقة أيمن بعبد الله عزام؟
كان يحبه إلا أنه كان يقول إن كلامه "هجص" يعني "أونطجي" وكذاب وخاصة بعد كتابه "آيات الرحمن" الذي تحدث فيه عن ما أسماه كرامات المجاهدين، وكان يزوره بشكل متكرر.
إلا أن الظواهري حرص على أسامة أكثر؟
نعم لأن عبد الله عزام إخوان، والاخوان هم مثل اليهود أو الشيعة الباطنية، الكذب والسرقة وهتك العروض ولكن يتجملون ويلجأون للتقية ويضمرون الكره لكل من يخالفهم.
متى كان آخر اتصال بينك وبين الظواهري؟
اتصل بي الظواهري هاتفيا في 2011 بعد خروجي من السجن وكان هذا آخر اتصال، ليطلب مني الانضمام إليهم ورفضت دعوته.
هناك من يتهم الظواهري والمصريين بسرقة أسامة ابن لادن وتحويله الى تكفيري واختطفوا بعد ذلك القاعدة؟
من يقولون ذلك هم مرتزقة ويحاولون الاستئثار بالأموال التي تأتي الى القاعدة، والسؤال لماذا لم يقولوا هذا الكلام عندما كان أسامة على قيد الحياة وعاشوا معه سنوات طويلة أي نعم أن أسامة ابن لادن منحرف فكريا وتفكيره قطبي، ولكن من بنى القاعدة هم مصريون ومن وضع الفكر هذا هم المصريون سواء الفكر القطبي وكذلك الاخواني، ولكن الحديث في ذلك اليوم على هذا النسق هو فقط للاستئثار المالي لا أكثر وعوضا أن تقدموها لأيمن نحن أولى بها فهم لسنوات كانوا معهم هم غير صادقين في ادعاءاتهم، وعبد الله عزام نفسه كانت علاقته ممتازة مع المصريين و سيد قطب وأسرته، فكر عبد الله عزام و أسامة ابن لادن لم ينحرف هو تماما كما نشأ.