يسعى وزير اسرائيلي الى حشد تاييد لاقتراح غريب يقول انه يسهل حياة سكان قطاع غزة المحاصر، مع احتفاظ الدولة العبرية بسيطرتها الامنية، ويقضي ببناء جزيرة قبالة القطاع.
وحظي اقتراح الوزير ببعض الدعم داخل المؤسسة الامنية الاسرائيلية، لكنه لا يقنع الجميع. ويعتبر المدافعون عن حقوق الفلسطينيين ان هذا المقترح لا يعالج فعليا جذور المشكلة، بل من شانه حتى ان يفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية- ما يجعل قيام دولة فلسطينية متماسكة جغرافيا امرا غير قابل للتحقيق.
ويعتبر صاحب الاقتراح، وزير الاستخبارات والمواصلات الاسرائيلي اسرائيل كاتز، ان هذا افضل خيار حتى الان، مشيرا الى ان فكرة الجزيرة قابلة للتطبيق ويمكن التفاوض على وضعها الدائم. وكاتز من مؤيدي هذه الفكرة منذ سنوات، لكنه ضاعف جهوده مؤخرا لحشد الدعم لها.
وتنص خطة كاتز على بناء جزيرة اصطناعية في البحر المتوسط تبعد قرابة خمسة كيلومترات عن ساحل غزة الذي يخضع لحصار اسرائيلي مشدد منذ عشر سنوات. وتكون الجزيرة صغيرة الحجم، وتمتد على مساحة 534 هكتارا، وهي نسبة ضئيلة من مساحة جزيرة مالطا على سبيل المثال.
وتقام على الجزيرة البنى التحتية اللازمة لتزويد قطاع غزة الفقير بالخدمات الاساسية التي يفتقر لها حاليا، بما في ذلك محطة لتوليد الكهرباء ومحطات لتحلية مياه البحر. ويتم انشاء ميناء للشحن ومساحة لتخزين الحاويات على الجزيرة التي يرى كاتز انها ستساعد في تنمية اقتصاد غزة وربطه بالعالم الخارجي.
ويتم ربط الجزيرة بالقطاع عبر جسر سيكون جزء منه عبارة عن جسر متحرك.، على ان يتم النظر في بناء مطار في مرحلة لاحقة. ويدعو كاتز ايضا الى نشر قوة شرطة دولية على الجزيرة. وتقدر كلفة هذه الخطة بقرابة خمسة مليارات دولار اميركي يرى كاتز انه يمكن للشركات الخاصة التي ستنتقل الى الجزيرة تغطيتها.
وقال كاتز لوكالة فرانس برس مؤخرا في مقابلة اجريت في مكتبه في تل ابيب "علينا ان نعثر على طريقة لردع حماس من جهة، لكن في الوقت نفسه جعل السكان الفلسطينيين، يعيشون حياتهم".
في المكتب، علق كاتز على الحائط نموذجا لفكرته مؤكدا "اننا نقدم على مجازفة هنا ولكنني اعتقد انها مجازفة قابلة للتطبيق".
"الهدف الحقيقي"
شهد قطاع غزة المحاصر ثلاث حروب مدمرة بين العامين 2008 و2014 بين الجيش الاسرائيلي والفصائل الفلسطينية منذ سيطرة حماس على القطاع العام 2007. وتم تشديد الحصار البري والبحري والجوي الذي فرض في يونيو 2006 على القطاع اثر سيطرة حركة حماس على القطاع.
وتغلق مصر معبر رفح، المتنفس الوحيد للقطاع الذي يعاني من أزمة إنسانية وركود اقتصادي. ويعتمد اكثر من ثلثي سكان القطاع المحاصر والفقير والبالغ عددهم نحو مليوني شخص على المساعدات الانسانية.
ويعاني عدد كبير من سكان قطاع غزة من ظروف معيشية صعبة نتيجة هذا الحصار. كما يدعو كثيرون الى تخفيف الحصار عن القطاع المحاصر. وتقول وكالة الامم المتحدة للتنمية ان القطاع قد يصبح غير قابل للسكن بحلول 2020 بينما يحذر الاخرون من ان حالة الاحباط السائدة في القطاع ستؤدي الى اندلاع اعمال عنف جديدة.
ودعا مسؤولون امميون الى رفع الحصار عن القطاع، الا ان الدولة العبرية تصر على انه ضروري لمنع حركة حماس من الحصول على اسلحة او مواد لصنعها.
ويقول جلعاد شير الذي شغل منصب كبير مفاوضي الحكومة الاسرائيلية في السابق مع الفلسطينيين ان هناك حاجة الى ميناء من نوع ما في القطاع. ويرى شير ان نوع الميناء "لا يهم حقا اذا تم اخذ الاعتبارات وجميع مكونات اتخاذ القرارات اطار اكثر شمولية من سياسات اسرائيل".
لكنه اشار انه يتوجب على اسرائيل الحفاظ على السيطرة الامنية في الوقت الحالي، وان على حركة حماس الاقتناع بالفكرة.
في المقابل، يشكك اخرون في الاهداف وراء بناء الجزيرة. وترى تانيا هاري، مديرة منظمة جيشا (مسلك) الاسرائيلية غير الحكومية التي تنادي بحرية التنقل للفلسطينيين، ان خطوات اصغر مثل ازالة القيود المفروضة على البضائع التي يصدرها الغزيون الى اسرائيل والضفة الغربية قد تؤدي الى تحسين فوري في الحياة هناك.
وتقول "اعتقد ان مقترح كاتز يثير تساؤلات حول الهدف الحقيقي خلفه" متساءلة ان كان جزء منه يتضمن "عزل قطاع غزة".
انهاء الحصار
يقول راجي الصوارني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في قطاع غزة "لا نريد شيئا منهم" في اشارة الى اسرائيل. ويؤكد الصوراني ان "كل ما نرغب به هو ان يرحلوا عنا" متحدثا عن الحصار والاحتلال الاسرائيلي المستمر منذ خمسين عاما تقريبا.
واضاف "نريد ان نكون بشرا طبيعيين". بينما اعتبر الخبير الاقتصادي في غزة عمر شعبان في حديث لوكالة فرانس برس ان الفكرة قابلة للتحقيق، ولكن يجب ان تتضمن نوعا من الرقابة الخارجية.
واوضح شعبان ان "اسرائيل تسعى للحفاظ على امنها، لكن الامن يصب ايضا في مصلحة الفلسطينيين والمنطقة بأكملها".
ولم ترد حركة حماس التي تسيطر على القطاع على طلب وكالة فرانس برس التعليق.
ولا يبدو واضحا ان كان كاتز، العضو في حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، سيمضي قدما في خطته.
ولا يخفي الرجل رغبته في ان يصبح رئيسا للوزراء يوما ما، ويصر على ان اقتراحه يستحق النظر فيه.