تسبب قصف جوي بغازات سامة على شمال غرب سوريا الثلاثاء بمقتل 58 مدنياً على الأقل اختناقاً بينهم 11 طفلاً، فيما طالبت المعارضة مجلس الامن الدولي بفتح تحقيق فوري متهمة قوات النظام بشن هذه الغارات.
واحصى المرصد السوري لحقوق الانسان نقلا عن مصادر طبية مقتل "58 مدنياً على الاقل بينهم 11 طفلا صباح الثلاثاء جراء اصابتهم بحالات اختناق، اثر تنفيذ طائرات حربية قصفاً بغازات سامة على مدينة خان شيخون في محافظة ادلب".
وكانت حصيلة سابقة للمرصد افادت بأن 35 شخصاً قضوا اختناقاً. وتسبب القصف بعشرات حالات الاختناق الاخرى، ترافقت وفق المرصد مع "أعراض اغماء وتقيؤ وخروج زبد من الفم".
ولم يتمكن المرصد من تحديد نوع الغاز المستخدم في القصف واذا كانت الطائرات التي نفذته سورية ام روسية. وتداول ناشطون معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر مسعفين من الدفاع المدني، وهم يضعون كمامات ويعملون على رش المصابين الممددين على الارض بأنابيب المياه.
ويظهر في صورة اخرى رجل ممدد على متن شاحنة فيما الزبد الابيض يغطي فمه وجزءاً من وجهه. ويسيطر ائتلاف فصائل اسلامية ابرزها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) على كامل محافظة ادلب التي غالبا ما تتعرض لغارات وقصف جوي تنفذه طائرات سورية واخرى روسية. كما يستهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن دورياً قياديين جهاديين في المحافظة.
تحقيق فوري
واتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان الثلاثاء قوات النظام بتنفيذ الغارات مستخدمة "صواريخ محملة بغازات كيميائية سامة تتشابه أعراضها مع أعراض غاز السارين".
وطالب "مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة على خلفية الجريمة، وفتح تحقيق فوري واتخاذ ما يلزم من تدابير تضمن محاسبة المسؤولين والمنفذين والداعمين المتورطين فيها وفق الفصل السابع".
واعتبر أن قوات النظام ما كانت لتقوم بذلك "وتكراره لولا المواقف الدولية الهزيلة التي لا تعبأ بحياة المدنيين".
ويأتي القصف على خان شيخون الثلاثاء بعد أقل من اسبوع من اتهام الائتلاف قوات النظام باستخدام "غازات سامة" خلال قصف جوي استهدف الخميس مناطق في ريف حماة الشمالي.
وتسبب وفق المرصد باصابة حوالى 50 شخصا بحالات اختناق. وأفادت منظمة "اطباء بلا حدود" في بيان الجمعة عن القاء مروحية في 25 مارس قنبلة انفجرت عند مدخل مستشفى اللطامنة الذي تدعمه في شمال محافظة حماة، ما اسفر عن مقتل شخصين احدهما طبيب جراح.
ونقلت المنظمة عن الطاقم الطبي ان "اسلحة كيميائية" تم استخدامها بعد ملاحظة مشاكل في التنفس لدى مرضى ومعالجين.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، اتهمت الامم المتحدة ومنظمات حقوقية قوات النظام السوري باستخدام اسلحة سامة لمرات عدة، لكن لطالما نفت دمشق صحة هذه الاتهامات.
ووافقت الحكومة السورية في العام 2013 على تفكيك ترسانتها الكيميائية، بعد اتفاق روسي اميركي اعقب تعرض منطقة الغوطة الشرقية، ابرز معاقل المعارضة قرب دمشق، لهجوم بغاز السارين في 21 اغسطس 2013 وتسبب بمقتل المئات.
وتم التوصل الى الاتفاق بعد تهديد واشنطن بشن ضربات على دمشق.
مؤتمر بروكسل
ويشكل مستقبل سوريا محور اجتماع تستضيفه بروكسل دعي اليه اكثر من سبعين بلدا ومنظمة دولية، لاستعراض وعود المساعدات التي قطعتها الاسرة الدولية في فبراير 2016 خلال اجتماع مماثل في لندن.
ووعد المشاركون في ذلك المؤتمر بتقديم حوالى 11 مليار دولار من المساعدات و41 مليار دولار من القروض بنسب فوائد مريحة على عدة سنوات.
لكن الأمم المتحدة لم تحصل بنهاية العام 2016 الا على حوالى نصف التمويل الضروري لبرامجها المرتبطة بالنزاع السوري الذي دخل الشهر الماضي عامه السابع متسبباً بمقتل اكثر من 320 الف شخص.
ويعقد هذا المؤتمر بغياب اطراف رئيسية منخرطة في النزاع السوري، ابرزها انقرة الداعمة للمعارضة، وموسكو ابرز حلفاء دمشق.
وتقدر الأمم المتحدة التي تنظم والاتحاد الاوربي هذا المؤتمر، حاجاتها للعام 2017 بـ8,1 مليار دولار، بينها 4,7 مليار للاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة في دول الجوار.
وتنظم حلقات نقاش حول مواضيع عدة اعتبارا من الثلاثاء، على ان تلتقي الوفود صباح الاربعاء في جلسة موسعة برئاسة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وبمعزل عن موضوع المساعدات الإنسانية، يعتزم الاتحاد الأوروبي، الضغط لدعم مفاوضات السلام بين الحكومة والمعارضة برعاية الامم المتحدة والتي انتهت الجولة الخامسة منها الجمعة.
ولا يزال مصير الرئيس السوري بشار الاسد من ابرز العقبات التي تعترض مسار المفاوضات، وسيتم بحثها بشكل "نشط" على هامش الاجتماع، غداة تأكيد دول الاتحاد الأوروبي الـ28 الاثنين أنه "لن يكون هناك سلام دائم في سوريا في ظل النظام الحالي".
وقالت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هيلي الاثنين "لا نظن ان الشعب يريد الاسد بعد الآن. نحن لا نظن انه سيكون شخصا يريده الناس".
ويأتي تصريحها هذا بعد اقل من اسبوع على تأكيدها ان بلادها لا تعتبر رحيل الاسد عن السلطة اولوية لانهاء الحرب في سوريا.
ويمثل مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية توماس شانون الولايات المتحدة في المؤتمر، بعدما كانت واشنطن ارسلت العام الماضي وزير خارجيتها آنذاك جون كيري إلى مؤتمر لندن.