(أ ف ب)

يرى محللون إن التفجيرين الداميين اللذين نفذهما تنظيم داعش ضد كنيستين في مصر الأحد وأوقعا 44 قتيلا يدلان أن التنظيم يحاول توسيع نطاق هجماته بعد أن وجد نفسه تحت ضغط متزايد في سوريا والعراق.


ويتمركز "ولاية سيناء" الفرع المصري للتنظيم الجهادي الذي أعلن الأحد تبنيه اعتداءين ضد كنيسة مار جرجس في طنطا بدلتا النيل والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، في شبه جزيرة سيناء حيث قتل مئات الجنود والشرطيين في السنوات الثلاث الاخيرة.

وخلافا لما حدث في سوريا والعراق، أخفق التنظيم في السيطرة على أي مناطق سكنية في سيناء وخسر عددا من كبار قادته في هجمات جوية للجيش المصري في الاشهر الاخيرة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها التنظيم المتطرف الأقباط في مصر، لكن هجماته ضدهم بلغت ذروتها في ديسمبر الماضي بتفجير انتحاري استهدف كنيسة ملاصقة لكاتدرائية الاقباط الارثوذكس في وسط القاهرة أوقع 29 قتيلا.

وفي فبراير الماضي، اضطرت عشرات الاسر المسيحية الى مغادرة العريش في شمال سيناء اثر تزايد الاعتداءات على الاقباط في شمال سيناء ومقتل سبعة من ابناء هذه الطائفة في شبه الجزيرة الملاصقة لقطاع غزة وفلسطين المحتلة.

ويقول مختار عوض الباحث في برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن إن "تنظيم داعش ومناصريها على الانترنت دأبوا على تقديم مفاهيم طائفية أكثر جذرية بشكل منهجي للجهاديين المصريين منذ تفجير ديسمبر".

تغيير في التكتيك

وكشف استهداف الكنيسة البطرسية الملاصقة لكاتدرائية الاقباط الارثوذكس في وسط القاهرة في ديسمبر الماضي، تغييرا في تكتيك تنظيم داعش.

ويقول جانتزين غارنيت الخبير في شؤون الجهاديين في مركز نافانتي للتحليلات إن "تنظيم داعش لم يبدأ قبل ديسمبر 2016 حملة ممنهجة لاستهداف الاقباط في مصر".

وأضاف ان التنظيم الجهادي "المحاصر في سوريا والعراق يتبنى في اغلب الاحيان هجمات كبيرة في اي مكان في محاولة لاستعادة موقعه وتعزيز الروح المعنوية واكتساب مقاتلين جدد".

وفي العراق وسوريا الذين اعلن فيهما "خلافة" في 2014 بعدما سيطر على مساحات في شمال العراق، واجه التنظيم هزائم متلاحقة خلال العام الماضي وهو على وشك خسارته السيطرة على الموصل ثاني كبرى المدن العراقية.

وفي فيديو بث في فبراير الفائت، هاجم التنظيم الاقباط "الملحدين" متوعدا بمزيد من الهجمات ضدهم.

وبعد هجومي الأحد في طنطا والإسكندرية، قال التنظيم إن انتحاريين اثنين هاجما "جموع الصليبيين".

وقرر الرئيس المصري عبد الفتاح إعلان حالة الطواريء في البلاد لثلاثة أشهر بعد هذين التفجيرين.

وواجه الاقباط الذين يشكلون 10% من عدد سكان مصر البالغ 90 مليون نسمة، اعتداءات عدة خلال السنوات الاخيرة، لكنها تصاعدت خصوصا بعد خلع الجيش للرئيس الإسلامي محمد مرسي في 2013.

واتهم الإسلاميون الكنيسة القبطية بدعم عزل مرسي في 2013 الذي ادى الى حملة مطاردة واسعة ضدهم. وحتى قبل عزل مرسي، استدف جهاديون عشرات الكنائس خصوصا في صعيد مصر، بينها 37 كنيسة أضرمت فيها النيران او أتلفت محتوياتها.

وجود متنام

ويقول زاك غولد الباحث غير المقيم في مركز رفيق الحريري لدراسات الشرق الاوسط التابع للمجلس الاطلسي إن تنظيم داعش يشن هجمات طائفية لتغذية الذين يميلون عقائديا إلى دعم التنظيم ويظهر في الوقت نفسه أنه لا يزال "يتوسع على الرغم من النكسات في ساحة المعركة".

وتشير الهجمات الثلاث ضد الكنائس التي وقعت في ديسمبر وإبريل الحالي إلى وجود متنام وموسع للخلايا الجهادية غرب قناة السويس التي تفصل سيناء عن باقي مصر.

وعقب التفجير الذي استهدف الكنيسة البطرسية في ديسمبر الماضي، أعلن السيسي توقيف عدد من عناصر الخلية الجهادية التي نفذت العملية لكن ما زال آخرون فارين.

ويقول المحلل غارنيت ان "تنظيم داعش مع نكسات مستمرة، لترسيخ وجوده في البر المصري الرئيسي على مدى السنوات السابقة وهذه التفجيرات ضد الكنائس تشير إلى وجوده المتزايد في البر الرئيسي".

وكان سلفه في مصر أنصار بيت المقدس، نفذ عدة هجمات استهدفت الشرطة في البر الرئيسي قبل أن يعلن الولاء لتنظيم داعش في نوفمبر 2014.

واستهدفت تفجيرات عدة في القاهرة رجال الشرطة أيضا. واوقفت الشرطة عدة خلايا وأعلنت في نوفمبر 2015 مقتل جهادي كبير في تنظيم "داعش" أشرف الغربلي في تبادل لاطلاق النار في القاهرة.