أطلقت الولايات المتحدة 59 صاروخاً من طراز توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية في سوريا رداً على الاستخدام السوري للأسلحة الكيمياوية في إدلب، واستهدفت الضربة الأميركية حظائر الطائرات ومخازن الوقود والذخيرة وغيرها من الأهداف. ومن بين كل هذه الصواريخ، ذكرت التقارير أن 58 منها أصابت أهدافا في القاعدة الجوية، وفقا لما ذكروه من تقييم فوري عقب العملية. ولكن ما الذي يجعل بالضبط "توماهوك" السلاح المختار لهذا النوع من المهام؟ يجيب عن هذا السؤال المحلل ديفيد هامبلينغ في موضوع نشره هذا الأسبوع موقع "بوبيولار ميكانيكس". لماذا توماهوك؟ تم تصميم "توماهوك" بالأصل ليتم إطلاقه من على متن مركبة عسكرية تتحرك على عجلات حاملا رأسا نووية. دخل "توماهوك" في الخدمة منذ عام 1983، ومنذ ذلك الحين يتم استخدامه في مهام أكثر تقليدية ويمكن أن يُطلق من السفن والغواصات والطائرات. وأثبت الصاروخ فعالية عالية في العديد من العمليات العسكرية على مر السنين. استخدمت صواريخ "توماهوك" في المراحل الأولى لحرب الخليج عام 1991. كما لعب دورا بارزا في عام 1995 ضد الصرب البوسنيين، وفي الجولات الافتتاحية للعمليات العسكرية في الحروب الأفغانية والعراقية وكذلك ضد أهداف في ليبيا واليمن. إن توماهوك هو صاروخ "كروز"، أي أنه صاروخ مبرمج بكمبيوتر في نفس جسم الصاروخ يتولى توجيهه إلى الهدف بدقة بالغة، وذلك بدلا من اتخاذ مسارات عالية مثل الصواريخ الباليستية، فإنه ينطلق قريبا من سطح الأرض، ويتفادى أي عوائق من تضاريسها، مستخدما محركا مروحيا كفئا. من خلال التحليق على ارتفاعات منخفضة نسبيا بسرعة فائقة تبلغ نحو 600 ميل/ساعة (965 كم/ساعة)، مستعينا برادار صغير، فإن "توماهوك" يتجنب الدفاعات الموجهة بالرادار التي يمكن أن تهدد الطائرات المأهولة. يحمل الصاروخ "توماهوك"، الذي يبلغ طوله 20 قدما (6 أمتار)، رأسا حربيا تزن ألف رطل (حوالي نصف طن)، وهذا لا يعد وزنا ثقيلا وفقا لمعايير الطائرات، حيث إن طائرة، من طراز B-2، يمكن أن تحمل 40 ألف رطل (حوالي 18 طنا) من القنابل. أحدث إصدار يبلغ مدى أحدث نسخة من توماهوك، والمعروفة باسم "بلوك فورث" Block IV، ألف ميل (1600 كيلومتر)، مما يسلط الضوء على ميزة رئيسية أخرى، وهي إمكانية استخدامه لضرب أهداف بعيدة دون المخاطرة بإشراك الطيارين في العمليات. الجبهة المضادة في المقابل، تستخدم قوات النظام السوري في الأجواء السورية صواريخ أرض-جو روسية متطورة، بما في ذلك منظومات صواريخ S-300 و S-400 بعيدة المدى ونظام مدفعية بنتزيرPantsyr قصير المدى المضاد للصواريخ. أقل مرونة ولكن! ويدور جدل لا ينتهي حول مدى خطورة الأنظمة في الجبهة المضادة على طائرات التجسس الحديثة المعروفة باسم "الشبح". ففي حرب واسعة النطاق، قد تكون هذه الصواريخ نفسها أهدافا، غير أن ذلك لا يعد خيارا مطروحا - كما ينطبق الأمر نفسه على عدم القبول باحتمالية فقدان طيار أميركي. وبالتالي، فإن الاعتماد على صواريخ "توماهوك" يعتبر قرارا أفضل من استخدام طائرات قتالية لهذا النوع من المهام، على الرغم من أنها قد تكون أقل مرونة. إعادة توجيه بالقمر الصناعي لا تعد صواريخ "توماهوك"، بسيطة مثل بعض الصواريخ أو الأسلحة التي تطلق النيران أو المتفجرات فحسب، حيث يمكن إعادة توجيه النسخة "بلوك فورث" أثناء تحليقها بعد إطلاقها عبر وصلة بالأقمار الصناعية، للمفاضلة بين عدد من الأهداف المختارة والمبرمجة مسبقا قبل الإطلاق. ويمكن أيضا أن يستخدم الرابط نفسه بالقمر الصناعي لإرسال الصور مرة أخرى من كاميرا الصاروخ "توماهوك"، التي تلتقط آخر صور للهدف مباشرة قبل تفجيره. أنظمة تحليق ويستهدف "توماهوك" عادة أهدافا ثابتة مثل حظائر الطائرات ومخازن الذخيرة في الشعيرات بسوريا. يحلق "توماهوك" بواسطة نظامين يعودان إلى عصر السبعينيات من القرن الماضي، هما الرادار الذي يرصد التضاريس الأرضية (تيركوم) أثناء التوجه إلى الهدف، والثاني هو نظام بصري – لمطابقة اللقطات الرقمية بالمنطقة التي يجوب بها – لتحقيق دقة التصويب نحو الهدف. يتم دعم نظامي الملاحة بواسطة نظام لتحديد المواقع GPS ، ولكن النظم السابقة لا يمكن التشويش عليها، بل تستمر بالعمل حتى لو حدث عطل في الــGPS. إن النسخة "بلوك فورث" من "توماهوك"، التي أطلقتها السفينة الأميركية المرابطة في البحر المتوسط، بدأت رحلتها بالحصول على دفعة أولية باتجاه عامودي من صاروخ، يعمل بالوقود الصلب. وعلى الفور يتولى المحرك المروحي من طراز "ويليامز F107" الملاحة بتوفير قوة دفع بنحو 700 رطل (حوالي 320 كيلوغراما) من التوجه وإعطاء سرعة أكثر من 500 ميل/ساعة (حوالي 800 كيلومتر/ساعة). وعلى عكس الصواريخ الباليستية طويلة المدى التي تحلق أساسا على ارتفاعات عالية، فإن صواريخ "توماهوك" أو "كروز" يجب أن يدفع عبر الطبقات الجوية السميكة على مستوى سطح البحر. سرعات مختلفة ولعل بداية تزويد محرك تحليق "توماهوك" بالقدرة على تنويع السرعات، بدأت مع نسخته السابقة المعروفة باسم "بلوك ثيرد" Block III، وتسمح هذه الميزة بإطلاق عدة صواريخ في توقيتات مختلفة من أماكن مختلفة وتصل جميعها إلى الهدف في نفس الوقت. وبطبيعة الحال، فإن كل الغرض من هذه التكنولوجيا المتقدمة هو توصيل رأس حربية إلى الهدف المراد تدميره بقدرة دقة فائقة، وهذه القدرة تأتي بسعر باهظ.، حيث نقلت دورية "توماهوك البحرية" الرسمية أن الولايات المتحدة دفعت 202 مليون دولار مقابل 149 صاروخ "توماهوك" في عام 2016، وهذا يعني أن كل صاروخ "توماهوك" يكلف حوالي 1.3 مليون دولار. مزيد من التدابير وعلى الرغم من أن صواريخ "توماهوك" لا تزال هي وسيلة جيدة لالتقاط أهداف محددة مثل قاعدة الشعيرات الجوية، إلا أنها لم تكن سلاحا حاسما بشكل نهائي، لتحقيق العلامة الكاملة كما سبق وسجلت نتائجها في جميع العمليات السابقة تقريبا. في الماضي، كانت هناك حاجة دائمة إلى اتخاذ مزيد من التدابير. من الصعب القول ما سيحدث، لكن صواريخ "توماهوك" عادة ما تشير إلى بداية الصراع - وليس النهاية.