لم يمضِ يوم واحد على قرار كل من السعودية والإمارات والبحرين وعدد آخر من الدول العربية والإسلامية، قطع علاقاتهم مع دولة قطر، حتى بادر مفتي "القاعدة" ومؤيد لتنظيم "داعش" باستنكار قرار المقاطعة ووصفه بـ"الحصار الجائر"، حسب وصفهم.
فقد أصدر المفتي الشرعي لجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، عبد الله المحيسني، الذي استضيف في مرات متكررة عبر قناة "الجزيرة" القطرية، فتواه أسفل أحد "الهاشتاغات" في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قائلاً: "بل أقول الشعوب المسلمة ترفض محاصرة شعب مسلم".
وأضاف: "ولإخواننا في قطر يكفيكم أننا هنا في سوريا نسمع عجائز الشام يدعون لكم، فهي رسالة لكل من وقف مع المظلومين أعان على نوائب الدهر أن الله لن يضيعك ولو كاد لك الناس".
ولا تتوقف علاقة المحيسني المفتي الشرعي للنصرة عند مشاركاته الإعلامية عبر قناة الجزيرة، وإنما بدأت من إمامته للجامع القطري في مكة المكرمة، ومن ثم انتقاله للإقامة بقطر، ومشاركته عام 2012 في الدوحة بالمؤتمر الثاني لرابطة علماء المسلمين والذي كان بعنوان "أحكام النوازل السياسية".
وبحسب ما ذكره موقع "الجزيرة.نت" حينها نقلا عن أحد المسؤولين كما ذكر: "أن الذي سرع بإقامة مؤتمر رابطة علماء المسلمين (السلفية) هو "إنشاء سلفيي دول الثورات أحزاباً تمثلهم في الخريطة الداخلية".
وافتتح مؤتمر رابطة علماء المسلمين (السلفية) بكلمة افتتاحية لناصر العمر قائلاً: "إن المؤتمر يهدف إلى تقريب وجهات النظر بين العلماء الشرعيين بعد ظهور الاختلافات التي حدثت عند الربيع العربي، لأن الأمر خاضع للاجتهادات".
المحسيني ضيف قناة "الجزيرة"
وفي 25 مايو 2012 في العاصمة القطرية الدوحة، ظهر عبد الله المحيسني وناصر العمر يتوسطهما مذيع قناة الجزيرة تيسير علوني في صورة التقطت لثلاثتهم على هامش المناسبة.
وفي أغسطس 2013 بعد عام فقط على مؤتمر النوازل القطري، التحق المحيسني بصفوف مقاتلي جبهة النصرة، بعد نشاطه في جمع الأموال و التبرعات للتنظيم عبر عدد من الحملات التي سبق أن أعلن عنها عبر حسابه الشخصي في "تويتر".
وفي 29 أكتوبر 2014 نظم مركز بروكنجز التابع للنادي الدبلوماسي القطري جلسة نقاش تناولت مستقبل الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، ضمت الجلسة كلا من ريتشارد باريت نائب رئيس أول في مجموعة صوفان، وتشارلز ليستر زميل زائر في مركز بروكنجز دوحة، إلى جانب أحد مقاتلي جبهة النصرة وأحد أذرعتها الإعلامية الأميركي "بلال عبد الكريم" 48 عاماً، والذي ظهر لاحقاً في صورة جمعته بعبد الله المحيسني للاطمئنان عليه بعد إصابته في إحدى المواجهات.
وكما جاء في كلمته خلال الجلسة النقاشية المنعقدة بالدوحة قال: "تأسيس دولة إسلامية هي رغبة الجهاديين".
لا تقتصر المفاجأة على ظهور عبد الكريم إلى جانب المحيسني وإنما بحضوره جلسة النقاش في الدوحة قادماً من مدينة حلب السورية، حيث كان قد انضم إلى صفوف جبهة النصرة عام 20122.
مسؤول دعاية المتشددين
يشار إلى أن عبد الكريم الذي لقب بـ"مسؤول دعاية المتشددين" بعد أن تخصص في إجراء لقاءات صحافية، كانت تبث بشكل مستمر عبر قناة "الجزيرة" مع مقاتلين أجانب من بريطانيا ودول عربية، وأعضاء فرع تنظيم القاعدة من بينهم القيادي في جبهة فتح الشام (جبهة النصرة) أبو فراس السوري قبل أن يقتل بعدها بعدة أيام.
وبحسب ما جاء في إحدى مقابلاته شرح عبد الكريم كيف أن الانضمام إلى القتال في سوريا يعد واجباً دينياً، وأن المقاتلين في سوريا هم "خط الدفاع الأول" في مواجهة الشيعة.
وكانت قناة الجزيرة قد منحت عبدالكريم لقب الشخصية الأكثر تأثيراً في 17 ديسمبر 2016 من خلال برنامج "سباق الأخبار" الذي تقدمه القناة، محتفلة بما ناله من نسبة تصويت بلغت 53%.
مؤيد للزرقاوي
الفتوى الثانية جاءت أيضاً من قبل الداعية الكويتي الراديكالي حامد عبد الله العلي الذي عرف بتأييده لأبي مصعب الزرقاوي (مؤسس تنظيم داعش)، التي جاءت بعنوان "حكم الشريعة في الحصار الجائر على قطر".
ولم يجد العلي الأمين العام السابق للحركة السلفية في الكويت، بأساً في التهوين من علاقة قطر بإيران.
ويدافع العلي عن قناة الجزيرة وهو الضيف الدائم على شاشاتها قائلاً: "قناة الجزيرة التي تبث من قطر تدافع عن أهل السنة في العراق وسوريا ولبنان وغيرها، وتتبنى قضايا الأمة الإسلامية، وشعوبها المضطهدة في كل مكان، ولم نشهد منها قط أنها تبنت قضايا إيرانية، ومعلوم أن وراء هذه الفضائية المتميزة إرادة سياسية من الدولة الحاضنة لقناة الجزيرة".
وكان حامد العلي قد وصف الزرقاوي بـ"أمير الاستشهاديين"، قائلاً في نعيه له: "استشهد القائد أبو مصعب فمضى راشداً منصوراً شهيداً وحمل رايته أبو حمزة وإن استشهد سيحمل رايته غيره ولن تسقط هذه الراية".
وحين استضافته قناة الجزيرة للتعليق على خبر مقتل أسامة بن لادن ورثائه قال: "فكرة المقاومة نجح أسامة بن لادن في بثها.. وقصة نجاح كاملة".
ومن مؤلفات العلي "إرشاد الأنام إلى فضائل الجهاد ذروة سنام الإسلام".
اللافت تجاهل المحيسني شرعي النصرة تماماً للعلاقات المشتركة ما بين قطر وإيران والحرس الثوري دون التطرق لها في فتواه، مقابل نفيها من قبل العلي، والذي يأتي رغم إعلان الدوحة عن تعميق العلاقات البينية بين قطر وإيران، وبث أنباء توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة، بما في ذلك تهنئة الرئيس الإيراني بتوليه الرئاسة.
يشار إلى أن العلي الذي اعتاد تقديم دروسه الشرعية في قطر منذ سنة 1412هـ، سجن وأوقف في الكويت مرات متعددة، كان منها تأييده للزرقاوي واتهامات بصلته بأحد منفذي تفجيرات الكويت.