غزة - عز الدين أبو عيشة
داخل فدانه المكسوّ بالأشجار والذي يشبه الجنة بخضاره اللامع، ومع سقوط أشعة الشمس عليه، يبدو لوحة فنية جاهزة لا خدش فيها ولا خطأ، يرتكز سامر القدوة على شجرة متأملاً حبّات الزيتون الوفيرة، يجول بنظره على شجرة أخرى يتفحص إنتاجها.
ومن الأغصان تتدلى حبات الزيتون متلألئة منقرشه بالسواد، تُعد بمكانة صديقٍ عزيز أو ولدٍ مدلل لسامر، المكنّى بأبي بكر، لتحظى بعناية فائقة، بل ويسامرها أحيانًا ويغازلها تارة أخرى.
تمشينا قليلًا في الفدان على نغمات أحد مقاطع الأغاني الوطنية التي ذُكِرَ فيها شجر الزيتون وصموده في وجه الاحتلال، ليُطلعنا أبو بكر على أنواع الثمار المختلفة، فبدأ يذكر أن هذه الشجرة من نوع الشملاني "البلدي" تتميّز بزيت نقي. وهذه الأغصان الكثيفة من النّبَالي، والتي تُؤكل ثمرته سريعًا لأنّه لا يتحمل البقاء طويلًا، وعلى الناحية الأخرى أشار إلى شجرةٍ بدأت الثمرة الواحدة منها وكأنها حبة من التمر لكبر حجمها، وقال "يطلق على هذا النوع الزيتون الصري، وغالبًا ما يستخدم للتخليل والتخزين".
توقف أبو بكر وحدّقت عيناه البنيتان في شجرةٍ قال إنّها "من نوع k18، واتّجه مسرعًا وأمسك بأحد الثمار وقطفها"، مضيفاً "في رأس الحبّة يبرز قوس محدب، يَطلِق عليه المزارعون اسم عين الطاووس، وهو مرض يضرِب الشجر وقد يفتُك بالمحصول إذا لم يعالج بسرعة".
واستفاض أبو بكر في حديثه عن أنواع الزيتون وذكر منها "الزيتون الشامي، والكلماسة، والمصري والسوري".
وعدّد أبو بكر الذي كان يحمل بعض حبّات الزيتون بيده استخداماته: "كعلاج لأمراضٍ جلدية عديدة، ومكونًا أساسيًا في صناعة الصابون البلدي، ويدخل في الصناعات الخشبية اليدوية، كما تستخدم مخلفاته لأغراض التدفئة، فضلاً عن درسه ليصبح زيتًا".
من جهته، توقع مدير دائرة الزيتون بوزارة الزراعة الفلسطينية رامز عبيد أن يصل الإنتاج من محصول الزيتون هذا العام نحو 130 ألف طنًا، 23 ألف طنً في غزّة والباقي في أراضي الضفة الغربية وهو ما يقرب من الاكتفاء الذاتي.
وبيّن عبيد أنّ "الظروف الجويّة هذا العام لها أثر كبير على تقليل إنتاج المحصول، فالأمطار جاءت أقل من معدلاتها السنوية بنسبة 30 %، كما أنّه سُجّل درجات حرارة أعلى من معدلاتها، ما يؤثر سلبًا على الإنتاج".
ويبلّغ عدد أشجار الزيتون في فلسطين نحو 11 مليون شجرة مزروعة على نحو 779 ألف دونمًا، منها 9 مليون مثمرة موزّعة على نحو 651 ألف دونم، ونحو 2 مليون غير مثمر مزروعة على 128 ألف دونمًا.
وأرجع عبيد سبب ارتفاع معدل الشجر غير لبمثمر هذا العام بزراعة عدد كبير كأشتال جديدة، مضيفًا "الأعوام المقبلة ستشهد ارتفاعا في نسبة المحصول لأنّ 11 ألفا ستبدأ بإنتاج الحمل خلال سنتين".
وما أن يبدأ موسم قطف الزيتون حتى تذوب الفوراق الاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع، فالكل مدعو إلى هذا العُرس في ظاهرة تُعرف بـ"العونة"، وتعكس مدى التكافل بين السكان. وفي بلدة قصرة الواقعة بمحافظة نابلس شمال الضفة الغربية، هناك متطوعون فلسطينيون من شرائح مختلفة يقطفون ثمار الزيتون على وقع الأهازيج والأغاني الفلكلورية، وعيونهم تجاه بؤر استيطانية على تلال قريبة.
وتعد محافظة نابلس شمال الضفة الغربية من أكثر المدن زراعة وإنتاجًا للزيتون، تليها رام الله وسط الضفة، وفي المرتبة الأخيرة الخليل جنوبًا، كما تعتبر خان يونس جنوب قطاع غزّة الأكثر زراعة وإنتاجًا للزيتون، ويليها رفح جنوبًا أيضًا.
وقدّر عبيد نحو 30 الف طن من الإجمالي ستذهب للتخليل منها 5 آلاف في غزّة، و100 ألف طن إلى المعاصر لإنتاج الزيت، بنحو 30 ألف طنًا من الزيت للقطاع والباقي للضفة الغربية، مؤكّدًا أنّ الكمية المنتجة من الزيت تصل لدرجة سد حاجة القطاع، مع فتح باب التصدير في الضفة الغربية لنحو 5 أطنان من الزيت.
في حين بلغ عدد معاصر الزيتون في فلسطين نحو 270، منها 29 في قطاع غزّة، والباقي في الضفة الغربية، بينما وصل عدد المعاصر المعطلة في الضفة 21، وواحدة في القطاع.
ولم يسلم شجر الزيتون من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، فكشف مسؤول وحدة الزراعة والبيئة في مركز بحوث الأرض والإنسان محمد حسين لـ "الوطن"، أنّ الاحتلال في عدوانه على القطاع عام 2008 دمّر 230 ألف شجرة مثمرة، وقرابة 230 ألف شتلة في عدوان 2012، ونحو 120 ألف شتلة في عدوان 2014.
وللمفارقة مع أراضي الضفة الغربية التي لا تزال الانتهاكات فيها قائمة بسبب أفعال المستوطنين المسعورة التي تنهش الأشجار على اعتبارها عدوًا، فضلاً عن إطلاق النار على المزارعين، سجّلت وزارة الزراعة منذ بداية العام حتى أغسطس الماضي، 220 حالة حرق لقرابة 10 ألف دونمًا في مختلف المحافظات.
وزير شؤون الاستيطان وليد عساف قال لـ "الوطن" إن "المستوطنات وجدار الفصل العنصري يشكّلان خطرًا كبيرًا على مساحة زراعة أشجار الزيتون، ما يؤدي لانخفاض المحصول الأعوام المقبلة".
وأوضح عساف أنّ " الاحتلال جرّف نحو 75 ألف دونم لبناء جدار الفصل، واقتُلع نحو 400 ألف شجرة زيتون خلال عملية إقامة الجدار، كما عزل خلفه ما يزيد عن 30 ألف دونم في مختلف محافظات الضفة الغربية".
واقتُلع خلال العام الجاري نحو 300 ألف شجرة زيتون في الطرق الالتفافية التي ينشأها جيش الاحتلال كممرات للمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، وقَطعَ وحرق المستوطنون بشكل متعمد ما يزيد عن 8 الاف شجرة.
وبيّن عساف أنّ "جيش الاحتلال اقتلع العام الحالي 400 شجرة، وسرق من الثمار ما يصل إلى 300 ألف طنًا من الأراضي التي تقع خلف الجدار وتعود ملكيتها للفلسطينيين وتقدر مساحتها بنحو 100 ألف دونم".
وتُعدّ أراضي منطقة سلفيت شمال القدس أكثر المناطق تضررًا فسُجّل فيها سرقة نحو 12 ألف طنًا من الزيتون، ويليها نابلس شمال الضفة الغربية، ثمّ رام الله.
داخل فدانه المكسوّ بالأشجار والذي يشبه الجنة بخضاره اللامع، ومع سقوط أشعة الشمس عليه، يبدو لوحة فنية جاهزة لا خدش فيها ولا خطأ، يرتكز سامر القدوة على شجرة متأملاً حبّات الزيتون الوفيرة، يجول بنظره على شجرة أخرى يتفحص إنتاجها.
ومن الأغصان تتدلى حبات الزيتون متلألئة منقرشه بالسواد، تُعد بمكانة صديقٍ عزيز أو ولدٍ مدلل لسامر، المكنّى بأبي بكر، لتحظى بعناية فائقة، بل ويسامرها أحيانًا ويغازلها تارة أخرى.
تمشينا قليلًا في الفدان على نغمات أحد مقاطع الأغاني الوطنية التي ذُكِرَ فيها شجر الزيتون وصموده في وجه الاحتلال، ليُطلعنا أبو بكر على أنواع الثمار المختلفة، فبدأ يذكر أن هذه الشجرة من نوع الشملاني "البلدي" تتميّز بزيت نقي. وهذه الأغصان الكثيفة من النّبَالي، والتي تُؤكل ثمرته سريعًا لأنّه لا يتحمل البقاء طويلًا، وعلى الناحية الأخرى أشار إلى شجرةٍ بدأت الثمرة الواحدة منها وكأنها حبة من التمر لكبر حجمها، وقال "يطلق على هذا النوع الزيتون الصري، وغالبًا ما يستخدم للتخليل والتخزين".
توقف أبو بكر وحدّقت عيناه البنيتان في شجرةٍ قال إنّها "من نوع k18، واتّجه مسرعًا وأمسك بأحد الثمار وقطفها"، مضيفاً "في رأس الحبّة يبرز قوس محدب، يَطلِق عليه المزارعون اسم عين الطاووس، وهو مرض يضرِب الشجر وقد يفتُك بالمحصول إذا لم يعالج بسرعة".
واستفاض أبو بكر في حديثه عن أنواع الزيتون وذكر منها "الزيتون الشامي، والكلماسة، والمصري والسوري".
وعدّد أبو بكر الذي كان يحمل بعض حبّات الزيتون بيده استخداماته: "كعلاج لأمراضٍ جلدية عديدة، ومكونًا أساسيًا في صناعة الصابون البلدي، ويدخل في الصناعات الخشبية اليدوية، كما تستخدم مخلفاته لأغراض التدفئة، فضلاً عن درسه ليصبح زيتًا".
من جهته، توقع مدير دائرة الزيتون بوزارة الزراعة الفلسطينية رامز عبيد أن يصل الإنتاج من محصول الزيتون هذا العام نحو 130 ألف طنًا، 23 ألف طنً في غزّة والباقي في أراضي الضفة الغربية وهو ما يقرب من الاكتفاء الذاتي.
وبيّن عبيد أنّ "الظروف الجويّة هذا العام لها أثر كبير على تقليل إنتاج المحصول، فالأمطار جاءت أقل من معدلاتها السنوية بنسبة 30 %، كما أنّه سُجّل درجات حرارة أعلى من معدلاتها، ما يؤثر سلبًا على الإنتاج".
ويبلّغ عدد أشجار الزيتون في فلسطين نحو 11 مليون شجرة مزروعة على نحو 779 ألف دونمًا، منها 9 مليون مثمرة موزّعة على نحو 651 ألف دونم، ونحو 2 مليون غير مثمر مزروعة على 128 ألف دونمًا.
وأرجع عبيد سبب ارتفاع معدل الشجر غير لبمثمر هذا العام بزراعة عدد كبير كأشتال جديدة، مضيفًا "الأعوام المقبلة ستشهد ارتفاعا في نسبة المحصول لأنّ 11 ألفا ستبدأ بإنتاج الحمل خلال سنتين".
وما أن يبدأ موسم قطف الزيتون حتى تذوب الفوراق الاجتماعية بين مختلف شرائح المجتمع، فالكل مدعو إلى هذا العُرس في ظاهرة تُعرف بـ"العونة"، وتعكس مدى التكافل بين السكان. وفي بلدة قصرة الواقعة بمحافظة نابلس شمال الضفة الغربية، هناك متطوعون فلسطينيون من شرائح مختلفة يقطفون ثمار الزيتون على وقع الأهازيج والأغاني الفلكلورية، وعيونهم تجاه بؤر استيطانية على تلال قريبة.
وتعد محافظة نابلس شمال الضفة الغربية من أكثر المدن زراعة وإنتاجًا للزيتون، تليها رام الله وسط الضفة، وفي المرتبة الأخيرة الخليل جنوبًا، كما تعتبر خان يونس جنوب قطاع غزّة الأكثر زراعة وإنتاجًا للزيتون، ويليها رفح جنوبًا أيضًا.
وقدّر عبيد نحو 30 الف طن من الإجمالي ستذهب للتخليل منها 5 آلاف في غزّة، و100 ألف طن إلى المعاصر لإنتاج الزيت، بنحو 30 ألف طنًا من الزيت للقطاع والباقي للضفة الغربية، مؤكّدًا أنّ الكمية المنتجة من الزيت تصل لدرجة سد حاجة القطاع، مع فتح باب التصدير في الضفة الغربية لنحو 5 أطنان من الزيت.
في حين بلغ عدد معاصر الزيتون في فلسطين نحو 270، منها 29 في قطاع غزّة، والباقي في الضفة الغربية، بينما وصل عدد المعاصر المعطلة في الضفة 21، وواحدة في القطاع.
ولم يسلم شجر الزيتون من انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، فكشف مسؤول وحدة الزراعة والبيئة في مركز بحوث الأرض والإنسان محمد حسين لـ "الوطن"، أنّ الاحتلال في عدوانه على القطاع عام 2008 دمّر 230 ألف شجرة مثمرة، وقرابة 230 ألف شتلة في عدوان 2012، ونحو 120 ألف شتلة في عدوان 2014.
وللمفارقة مع أراضي الضفة الغربية التي لا تزال الانتهاكات فيها قائمة بسبب أفعال المستوطنين المسعورة التي تنهش الأشجار على اعتبارها عدوًا، فضلاً عن إطلاق النار على المزارعين، سجّلت وزارة الزراعة منذ بداية العام حتى أغسطس الماضي، 220 حالة حرق لقرابة 10 ألف دونمًا في مختلف المحافظات.
وزير شؤون الاستيطان وليد عساف قال لـ "الوطن" إن "المستوطنات وجدار الفصل العنصري يشكّلان خطرًا كبيرًا على مساحة زراعة أشجار الزيتون، ما يؤدي لانخفاض المحصول الأعوام المقبلة".
وأوضح عساف أنّ " الاحتلال جرّف نحو 75 ألف دونم لبناء جدار الفصل، واقتُلع نحو 400 ألف شجرة زيتون خلال عملية إقامة الجدار، كما عزل خلفه ما يزيد عن 30 ألف دونم في مختلف محافظات الضفة الغربية".
واقتُلع خلال العام الجاري نحو 300 ألف شجرة زيتون في الطرق الالتفافية التي ينشأها جيش الاحتلال كممرات للمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، وقَطعَ وحرق المستوطنون بشكل متعمد ما يزيد عن 8 الاف شجرة.
وبيّن عساف أنّ "جيش الاحتلال اقتلع العام الحالي 400 شجرة، وسرق من الثمار ما يصل إلى 300 ألف طنًا من الأراضي التي تقع خلف الجدار وتعود ملكيتها للفلسطينيين وتقدر مساحتها بنحو 100 ألف دونم".
وتُعدّ أراضي منطقة سلفيت شمال القدس أكثر المناطق تضررًا فسُجّل فيها سرقة نحو 12 ألف طنًا من الزيتون، ويليها نابلس شمال الضفة الغربية، ثمّ رام الله.