* الجيش يرفض مزايدات السياسيين ويواصل اقتناص الإرهابيين
الجزائر - عبدالسلام سكية
شكل تآكل احتياطي الصرف في الجزائر، والذي بلغ لنهاية السنة 98 مليار دولار فقط، نتيجة للتراجع الحاد لأسعار النفط، الاهتمام المشترك الأكبر للمواطن والحكومة، خاصة بعد اتخاذ هذه الأخيرة إجراءات صارمة للتعامل مع هذا الظرف الحساس، أسمته الأوساط الشعبية والسياسية بـ"سياسة التقشف" فيما أكدت الحكومة أنه "ترشيد للنفقات لا غير"، بالمقابل شهدت السنة ما يمكن اعتباره "أكبر انتكاسة" للتيار الإخواني في محطتين انتخابيتين، وواصل الجيش "اقتناص" الإرهابيين.
واصلت الحكومة اعتماد سياسة اقتصادية، صارمة، شملت تجميد التوظيف في القطاع العام، إلا في حالة الضرورة القصوى، وتجميد المشاريع الكبرى، واستثنت من ذلك ما يعرف بالمشاريع ذات الصبغة الاجتماعية كالمدارس والمستشفيات والسكنات، وعمدت إلى رفع أسعار الوقود بنحو 20%، وآخر فصول الإجراءات المتخذة، للحد من "نزيف" العملة الصعبة، وقف استيراد أزيد من 1000 منتج.
ومقابل ذلك، عمدت السلطات العمومية، إلى تشجيع الإنتاج المحلي، وكان من ثماره إقامة عدد من مشاريع تركيب السيارات مع متعاملين خواص وأجانب، ومن ذلك مصنع هيونداي الذي ستصل نسبة الإنتاج به 100 ألف وحدة سنوياً، وآخر للمُصنع الألماني فولسفاغن بـ100 ألف وحدة كذلك، وثالث لعلامة سوزوكي اليابانية، ورابع للعلامة الكورية "كيا"، ولأول مرة كذلك يتم افتتاح مصنع لتركيب الهواتف النقالة سامسونغ في الجزائر، والحال نفسه مع هواتف "ال جي"، وأثمرت السياسة الصناعية المتبعة في تصدير أول شحنة من الإسمنت.
سياسياً، شهدت الجزائر، محطتين رئيسيتين، الأولى الانتخابات التشريعية لاختيار أعضاء البرلمان في 4 مايو الماضي، والثانية انتخابات المجالس البلدية الولائية في 23 نوفمبر الماضي، حينها كانت القراءات تؤكد تصدر حزبي السلطة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي المشهد، حيث حصد الأول 164 مقعداً من أصل 462، والثاني على 97 مقعداً، فيما كانت غلة تيار الإخوان الذي دخل بخمسة أحزاب وتحالفين اثنين هما "تحالف حركة مجتمع السلم"، والثاني " الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء" على 48 مقعداً فقط، واستمرت "خيبة الإسلاميين في المحليات، ولم تتعدى المجالس البلدية المُتحصل عليها من الإخوان سوى 57 بلدية من أصل 1541 على المستوى الوطني، وبرر "الإخوان" النكسة التي اعترتهم بالتزوير، فيما يتولى الإخواني عبدالوهاب دربال، رئاسة اللجنة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات!
نتائج التشريعيات عجلت الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بإجراء تعديل حكومي، مس رأس الجهاز التنفيذي، وتم إنهاء مهام رئيس الوزراء عبد المالك سلال، وتعويضه بوزير السكن، عبد المجيد تبون، الذي لم يُعمر أزيد من 3 أشهر، لينهي الرئيس بوتفليقة مهامه ويستخلفه بمدير ديوانه أحمد أويحيى، وتباينت القراءات حول الأسباب التي عجلت بإبعاد تبون، لكن الأكثر تداولاً كانت أن الرئيس بوتفليقة قد انزعج من النهج الذي اعتمده تبون تجاه رجال الأعمال، وحمل التعديلين الحكوميين شيئاً من الطرافة، ففي الأول تم تعيين احد الإطارات الشابة من حزب الحركة الشعبية الجزائرية المدعو مسعود بن عقون وزيرا للسياحة، وأنهيت مهامه بعد 48 ساعة فقط، وأرجع السبب لكونه متابع قضائيا ومدان بالسجن، والمفارقة أن المعني أعيد تعيينه في التعديل الحكومي الثاني، حسب بيان رئاسة الجمهورية، ونشرته وكالة الأنباء الجزائرية، كوزير للسياحة، وبعد دقائق، صدر بيان آخر دون الوزير بن عقون، وقيل حينها إن خطأ وقعت فيه وكالة الأنباء الجزائرية.
وعرفت الساحة السياسية، مطالب لشخصيات معروفة، كحال المرشح السابق لرئاسيات 1995 نور الدين بوكروح، والثلاثي الأمين العام السابق لوزارة الدفاع الجنرال رشيد بن يلس، وعميد الحقوقيين علي يحيى عبدالنور ووزير الخارجية الأسبق احمد طالب الإبراهيمي، الذين دعوا الجيش للتدخل وعزل الرئيس بوتفليقة، من منطلق عدم قدرته على أداء مهامه بسبب وضعه الصحي، لترد المؤسسة العسكرية بحزم "الجيش ملتزم بمهامه الدستورية بالدفاع عن الحدود الوطنية، وغير معني بالمزايدات السياسية".
واستمر نجاح المؤسسة العسكرية والأمنية، في مجال محاربة الإرهاب، وبلغ عد الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم اكثر من 92 عنصراً، فيما تم توقيف 34 آخرين، ومازال الجزائريون يذكرون الترحيب الشعبي الذي لقيه عسكريون بعد نجاهم في القضاء على 9 إرهابيين بمحافظة تيبازة قرب العاصمة حيث حظوا بعد انتهاء مهمتهم في الجبال، بالتصفيق والتكبير والتهليل، كما لم ينس الجزائريون تجند الجيش لفك العزلة عن العالقين في الجبال والمشاتي، بعدما تقطعت بهم السبل جراء الثلوج.
وصار اعتيادياً، أن تبادر وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لقطع خدمة الانترنت، فترة امتحانات شهادة الباكالوريا، لمنع الغش، لكن المفاجأة الصادمة الأخرى أن المتقدمين للتوظيف في سلك الأساتذة الصيف الماضي، قد استعانوا بالفيس بوك للغش، وفي الحقل التربوي ذلك صُدم الرأي العام، من حالات الانتحار التي حصدت أرواح اكثر من 10 متمدرسين، بسبب تطبيق لعبة الحوت الأزرق.
ورغم سياسية التقشف التي مست الكثير من مناحي الحياة العامة في البلاد، إلا أنها استثنت إلى حد كبير مجال الفن والثقافة، فقد تم الإبقاء على غالبية المهرجانات، وابرزها مهرجان الفيلم العربي في وهران ومهرجان الفيلم الملتزم، ومهرجان الموسيقى السينفونية، وعدة مهرجانات غنائية طيلة موسم الاصطياف بمشاركة المع نجوم الطرب الجزائري والعربي والغربي.
الجزائر - عبدالسلام سكية
شكل تآكل احتياطي الصرف في الجزائر، والذي بلغ لنهاية السنة 98 مليار دولار فقط، نتيجة للتراجع الحاد لأسعار النفط، الاهتمام المشترك الأكبر للمواطن والحكومة، خاصة بعد اتخاذ هذه الأخيرة إجراءات صارمة للتعامل مع هذا الظرف الحساس، أسمته الأوساط الشعبية والسياسية بـ"سياسة التقشف" فيما أكدت الحكومة أنه "ترشيد للنفقات لا غير"، بالمقابل شهدت السنة ما يمكن اعتباره "أكبر انتكاسة" للتيار الإخواني في محطتين انتخابيتين، وواصل الجيش "اقتناص" الإرهابيين.
واصلت الحكومة اعتماد سياسة اقتصادية، صارمة، شملت تجميد التوظيف في القطاع العام، إلا في حالة الضرورة القصوى، وتجميد المشاريع الكبرى، واستثنت من ذلك ما يعرف بالمشاريع ذات الصبغة الاجتماعية كالمدارس والمستشفيات والسكنات، وعمدت إلى رفع أسعار الوقود بنحو 20%، وآخر فصول الإجراءات المتخذة، للحد من "نزيف" العملة الصعبة، وقف استيراد أزيد من 1000 منتج.
ومقابل ذلك، عمدت السلطات العمومية، إلى تشجيع الإنتاج المحلي، وكان من ثماره إقامة عدد من مشاريع تركيب السيارات مع متعاملين خواص وأجانب، ومن ذلك مصنع هيونداي الذي ستصل نسبة الإنتاج به 100 ألف وحدة سنوياً، وآخر للمُصنع الألماني فولسفاغن بـ100 ألف وحدة كذلك، وثالث لعلامة سوزوكي اليابانية، ورابع للعلامة الكورية "كيا"، ولأول مرة كذلك يتم افتتاح مصنع لتركيب الهواتف النقالة سامسونغ في الجزائر، والحال نفسه مع هواتف "ال جي"، وأثمرت السياسة الصناعية المتبعة في تصدير أول شحنة من الإسمنت.
سياسياً، شهدت الجزائر، محطتين رئيسيتين، الأولى الانتخابات التشريعية لاختيار أعضاء البرلمان في 4 مايو الماضي، والثانية انتخابات المجالس البلدية الولائية في 23 نوفمبر الماضي، حينها كانت القراءات تؤكد تصدر حزبي السلطة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي المشهد، حيث حصد الأول 164 مقعداً من أصل 462، والثاني على 97 مقعداً، فيما كانت غلة تيار الإخوان الذي دخل بخمسة أحزاب وتحالفين اثنين هما "تحالف حركة مجتمع السلم"، والثاني " الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء" على 48 مقعداً فقط، واستمرت "خيبة الإسلاميين في المحليات، ولم تتعدى المجالس البلدية المُتحصل عليها من الإخوان سوى 57 بلدية من أصل 1541 على المستوى الوطني، وبرر "الإخوان" النكسة التي اعترتهم بالتزوير، فيما يتولى الإخواني عبدالوهاب دربال، رئاسة اللجنة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات!
نتائج التشريعيات عجلت الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بإجراء تعديل حكومي، مس رأس الجهاز التنفيذي، وتم إنهاء مهام رئيس الوزراء عبد المالك سلال، وتعويضه بوزير السكن، عبد المجيد تبون، الذي لم يُعمر أزيد من 3 أشهر، لينهي الرئيس بوتفليقة مهامه ويستخلفه بمدير ديوانه أحمد أويحيى، وتباينت القراءات حول الأسباب التي عجلت بإبعاد تبون، لكن الأكثر تداولاً كانت أن الرئيس بوتفليقة قد انزعج من النهج الذي اعتمده تبون تجاه رجال الأعمال، وحمل التعديلين الحكوميين شيئاً من الطرافة، ففي الأول تم تعيين احد الإطارات الشابة من حزب الحركة الشعبية الجزائرية المدعو مسعود بن عقون وزيرا للسياحة، وأنهيت مهامه بعد 48 ساعة فقط، وأرجع السبب لكونه متابع قضائيا ومدان بالسجن، والمفارقة أن المعني أعيد تعيينه في التعديل الحكومي الثاني، حسب بيان رئاسة الجمهورية، ونشرته وكالة الأنباء الجزائرية، كوزير للسياحة، وبعد دقائق، صدر بيان آخر دون الوزير بن عقون، وقيل حينها إن خطأ وقعت فيه وكالة الأنباء الجزائرية.
وعرفت الساحة السياسية، مطالب لشخصيات معروفة، كحال المرشح السابق لرئاسيات 1995 نور الدين بوكروح، والثلاثي الأمين العام السابق لوزارة الدفاع الجنرال رشيد بن يلس، وعميد الحقوقيين علي يحيى عبدالنور ووزير الخارجية الأسبق احمد طالب الإبراهيمي، الذين دعوا الجيش للتدخل وعزل الرئيس بوتفليقة، من منطلق عدم قدرته على أداء مهامه بسبب وضعه الصحي، لترد المؤسسة العسكرية بحزم "الجيش ملتزم بمهامه الدستورية بالدفاع عن الحدود الوطنية، وغير معني بالمزايدات السياسية".
واستمر نجاح المؤسسة العسكرية والأمنية، في مجال محاربة الإرهاب، وبلغ عد الإرهابيين الذين تم القضاء عليهم اكثر من 92 عنصراً، فيما تم توقيف 34 آخرين، ومازال الجزائريون يذكرون الترحيب الشعبي الذي لقيه عسكريون بعد نجاهم في القضاء على 9 إرهابيين بمحافظة تيبازة قرب العاصمة حيث حظوا بعد انتهاء مهمتهم في الجبال، بالتصفيق والتكبير والتهليل، كما لم ينس الجزائريون تجند الجيش لفك العزلة عن العالقين في الجبال والمشاتي، بعدما تقطعت بهم السبل جراء الثلوج.
وصار اعتيادياً، أن تبادر وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لقطع خدمة الانترنت، فترة امتحانات شهادة الباكالوريا، لمنع الغش، لكن المفاجأة الصادمة الأخرى أن المتقدمين للتوظيف في سلك الأساتذة الصيف الماضي، قد استعانوا بالفيس بوك للغش، وفي الحقل التربوي ذلك صُدم الرأي العام، من حالات الانتحار التي حصدت أرواح اكثر من 10 متمدرسين، بسبب تطبيق لعبة الحوت الأزرق.
ورغم سياسية التقشف التي مست الكثير من مناحي الحياة العامة في البلاد، إلا أنها استثنت إلى حد كبير مجال الفن والثقافة، فقد تم الإبقاء على غالبية المهرجانات، وابرزها مهرجان الفيلم العربي في وهران ومهرجان الفيلم الملتزم، ومهرجان الموسيقى السينفونية، وعدة مهرجانات غنائية طيلة موسم الاصطياف بمشاركة المع نجوم الطرب الجزائري والعربي والغربي.