بدأ الهدوء يعود إلى تونس بعد موجة احتجاجات عنيفة اجتاحت عدة مدن بالبلاد منذ 5 أيام على خلفية الزيادات في الأسعار وفرض ضرائب جديدة، رغم الدعوات التي أطلقتها المعارضة لمزيد من التحركات الشعبية، في وقت تقود الحكومة حملة اعتقالات واسعة ضد كل المتورطين في أعمال التخريب والنهب التي تخللت الاحتجاجات الأخيرة.
وأعلنت وزارة الداخلية اليوم الجمعة على لسان الناطق الرسمي باسمها خليفة الشيباني، عودة الهدوء نسبيا بأغلب مناطق البلاد، واختفاء عمليات العنف والتخريب منذ الليلة الماضية، باستثناء بعض الجهات التي شهدت تحركات شارك فيها عدد محدود من المنحرفين.
واندلعت الاحتجاجات في تونس، منذ مطلع الأسبوع الحالي وسرعان ما توسعت في عدة مدن من أنحاء البلاد، وشهدت صدامات بين المتظاهرين وقوات الأمن، فتوفي محتج وأصيب العشرات من رجال الشرطة، وهو الوضع الذي دفع الحكومة إلى نشر قوات من الجيش لحماية المنشآت العمومية والمحلات التجارية التي أصبحت هدفا للمحتجين.
وفي هذا السياق، أوضح الشيباني، أن عدد الأشخاص المتورطين في أعمال العنف والنهب التي عرفتها بعض المناطق التونسية والذين تم التحفظ عليهم منذ بداية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد الشهـر الحالي بلغ 773 شخصا، من بينهم 16 تكفيريا كان بعضهم يقوم بتأجيج الوضع وقيادة التحركات الاحتجاجية.
وبعد 5 أيام من اندلاع التحركات الاجتماعية الغاضبة على قانون الميزانية 2018 الذي تضمن زيادات في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية وفرض ضرائب جديدة بدأ تطبيقها مطلع هذه السنة الجديدة، انخفضت وتيرة الاحتجاجات في كل المدن التي شهدت حالة احتقان، حيث بدا الوضع هادئا في مدينة سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية قبل سبع سنوات منذ مساء أمس الخميس، حسب ما أفاد به معز حمدي للعربية.نت، مضيفا أن "الناس هنا تعبت من التظاهر والاحتجاج والخروج إلى الشارع في كل مرة من أجل نفس المطالب الاجتماعية دون تغيير يذكر".
وأضاف حمدي الذي يقطن في بلدة منزل بوزيان وشهد على كل الأحداث التي عاشتها المدينة، أن "أهالي المدينة تحركوا مطلع هذا الأسبوع للتنديد بغلاء الأسعار في مسيرات سلمية ولإسماع أصواتهم، لكن خروج المظاهرات عن إطارها السلمي في بعض الأحياء، جعل الناس تتراجع".
لكن هذا الهدوء لا يعني أن هناك حالة من الرضا عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمدينة وعن التعاطي الحكومي مع مطالب الجهة، حسب معز حمدي، لكنها "تعكس رفضا شعبيا لكل من يريد تعطيل الصالح العام واستغلال المظاهرات السلمية من أجل تحقيق مصالح خاصة"، موضحا أنه "ربما يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة".
وتقود المعارضة هذا الأسبوع، حملة من أجل توسيع دائرة الاحتجاجات وتمديد التحركات الاجتماعية في البلاد، تقابلها نداءات تدعو إلى تهدئة الأوضاع وتجنب سيناريو يدخل البلاد في أزمة لا تنتهي.
وتبعا لذلك، قرر عدد من الأحزاب والمنظمات والجمعيات التي تنضوي تحت ائتلاف المعارضة، النزول إلى الشارع في مسيرة وطنية مشتركة تحت شعار "تونس تستعيد ثورتها"، وذلك بعد غد الأحد بالتزامن مع الذكرى السابعة لسقوط نظام زين العابدين بن علي من أجل الضغط على الحكومة للتراجع عن قانون الميزانية الحالي، بينما حثّ حزب النهضة الشريك في الحكم في بيان الأربعاء الماضي، التونسيين إلى التهدئة والتعقل وتغليب المصلحة الوطنية وعدم الانجرار إلى أجندة الفوضى وتهديد الاستقرار، ودعت إلى "إجراء حوار اجتماعي واقتصادي بين جميع الأطراف في البلاد" من أجل التفاعل مع المطالب الاجتماعية للتونسيين.