الجزائر - عبدالسلام سكية
بعد انتهاء الأزمة الأمنية في الجزائر التي شهدتها البلاد منذ عام 1992، وخلفت 200 ألف ضحية بحسب تقديرات شبه رسمية، أطلقت الحكومة الجزائرية برنامجاً لتأهيل المجتمع وتحصينه من التشدد والفكر المتطرف، تتولى تجسيده على أرض الواقع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، لتحقيق ما تسميه "المرجعية الدينية الوطنية" وقطع الطريق على التطرف والأفكار الهدامة.
من جانبه، أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، أنّ "الجزائر مستهدفة بالتمزيق الطائفي"، مشدداً على أنّ "المرجعية الدينية تجمع كافة الطوائف"، معتبراً أن "المرجعية الدينية تستمد وجودها من الانتماء الحضاري".
ولفت الوزير الجزائري إلى أن "مؤسسة المسجد تلعب دوراً هاماً في نشر الفكر الوسطي المعتدل والتصدي للأفكار الهدامة التي تحاول زرع الفتنة ونشر الفرقة بين الشعب الجزائري".
وبحسب وزير الشؤون الدينية، فإن "المرجعية الدينية الوطنية الموروثة عن الأجداد والعلماء والمأخوذة من مدرسة المدينة المنورة والتي صنعت حضارة الأندلس وآمن بها اللاجئون من الأندلس بعد محاكم التفتيش التي فرضت على المسلمين في الأندلس جعلت من المجتمع المغاربي مجتمعاً متفتحاً وسطياً في تدينه".
ويأتي تحرك الوزارة "الوصية" في هذا الإطار، لاجتثاث الفكر المتطرف بين الشباب الجزائري، وتحييده من إمكانية التأثر ببعض الأفكار الهدامة، وتحصينه من الانجرار إلى بعض الطوائف التي ظهرت في البلاد مؤخراً، ومن ذلك الأحمدية والكركرية.
ويذكر المستشار الإعلامي السابق لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، عدة فلاحي، تعليقاً على موضوع المرجعية الدينية أن "الحديث حول المرجعية الدينية في البلاد شرع فيه منذ عهد الوزير السابق للقطاع أبوعبد الله غلام الله "1997 - 2014"، والانطلاقة كانت جيدة وممتازة وتحمل من الزخم والأمل ما جعل السادة الأئمة وإطارات المؤسسة الدينية يتفاءلون خيراً وعقد خلال ذلك ندوات وملتقيات ومحاضرات في مناسبات وطنية ودولية مثل المسابقة الدولية لحفظ وتفسير القرآن الكريم، والمسابقة الدولية لخدمة التراث الوطني، وهذه كلها اعتبرت جزءاً من خدمة المرجعية الوطنية في بعدها الديني والثقافي، ولكن للأسف بقي مفهوم المرجعية فضفاضاً ومختصراً في المعاني الكبرى، التي تم تحديدها من أنها تقوم على ثلاث ركائز أساسية وهي على فقه الإمام مالك وعلى عقيدة الأشعري وعلى طريقة الجنيد السالك أي في بعدها الصوفي".
ويعتقد فلاحي في تصريحه لـ "الوطن"، أن الزخم الذي كان عليه مسعى الحكومة في التأسيس لمرجعية دينية وطنية قد تقلص، ويقول "لقد تحول الحديث عن المرجعية الدينية مجرد شعار الأمر الذي مهد الطريق لكثير من المراجع والملل لتتحرك في فراغنا الذي تسببت فيه المؤسسة الدينية التي لم تعمل على التأسيس للمرجعية بشكل أكاديمي وعلمي يشتغل عليها الخبراء حتى تكون في متناول كل المواطنين من النخبة إلى المواطن العادي وما لم نتحرك في هذا الاتجاه فستبقى المرجعية الدينية الوطنية مهددة وبالخصوص خلال ثورة الاتصالات التي كسرت كل الحواجز".
وفي الأشهر القليلة الماضية، ظهر أتباع للطائفة الأحمدية التي أسسها ميرزا غلام أحمد في الهند عام 1889، في عدد من المحافظات الجزائرية، وجرى توقيف عدد منهم وإحالتهم إلى القضاء، وبحسب تقارير منظمات حقوقية، فان المصالح الأمنية قد أوقفت منذ يونيو 2016 وحتى يوليو الماضي، 266 شخصاً من الطائفة الأحمدية، ومنهم من أدين بالسجن لستة أشهر، لكن الحكومة تؤكد أن توقيف "الأحمديين" ومتابعتهم، لا يتم بسبب معتقداتهم الدينية، ولكن لمخالفتهم النظام العام ومن ذلك إقامة الصلوات وجمع التبرعات المالية دون ترخيص، مع العلم أن وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى قد أكد أن الحكومة واستناداً إلى فتوى صادرة من المجلس الإسلامي الأعلى بداية التسعينيات تعتبر الأحمدية "فرقة خارج دائرة الإسلام".
وقبل أيام فقط، قال الوزير إن "زعيم الطائفة الأحمدية في الجزائر محمد فالي الذي جرى توقيفه في محافظة البيض جنوب غرب البلاد، قد أدلى باعترافات خطيرة، في التحقيقات التي تقوم بها السلطات الأمنية، من بينها الخطط التي كان يحظر لها من تفجير للملاعب واغتيال اللاعبين بحجة أن الطائفة تحرم لعبة كرة القدم".
وكشفت منظمة "العفو" الدولية أن أتباع الطائفة الأحمدية بالجزائر يبلغ عددهم نحو 2000 شخص.
وشهر أغسطس الماضي، انتشرت في الجزائر أخبار عن رصد أشخاص بملابس مزركشة بين محافظتي مستغانم ووهران غرب البلاد، وتبين أن المعنيين منتمون للطائفة الكركرية الصوفية، التي تعود جذورها لإحدى دول المغرب العربي، وأثارت الطائفة حالة من الجدل والسخط لدى الجزائريين، وطالبت جمعية العلماء المسلمين –غير حكومية – من وزارة الشؤون الدينية التصدي لهذه الطائفة، بتقوية عملية تكوين رجال الدين والأئمة.
وإن كان ظهور هذه الطوائف في الجزائر، مثار تخوف حقيقي للأمن الفكري والعقائدي للجزائريين، يهون مؤسس منتدى الوسطية والاعتدال في شمال غرب أفريقيا الأستاذ عبدالرحمان سعيدي من ذلك، ويؤكد لـ "الوطن" أن "هذا التخوف فيه شيء من المبالغة ولا يعكس حقيقة الحالة الدينية في الجزائر وكل ما نلحظه ونراه هو محاولات اختراق طائفي أو مذهبي لا يقوى على أن يتشكل في سياق تيار طائفي أو مذهبي قائم بأركانه وعوامل استمراره داخل المجتمع الجزائري".
ويضيف سعيدي في إفادته لـ "الوطن"، "الفرق والطوائف والمفاهيم الخاطئة عن الإسلام لا منفذ لها في الجزائريين لأن المرجعية الدينية لدى الجزائريين تتشكل من وحدة المذهب المالكي وعمومه، والأبعاد الصوفية المسلكية كمنهجية تربوية وتعليمية في المرجعية والزاوية الدينية والروحية معلم ونمط تعليمي في تمكين الدين ونشره في ربوع الوطن، كما كانت الزوايا قلعة مقاومة للاستعمار الفرنسي والمدارس الإصلاحية الجزائرية كمدرسة الأمير عبد القادر والأمير خالد وجمعية العلماء الجزائريين ومدرسة الإرشاد للحركة الوطنية عبر التاريخ التي شكلت الفهم السليم للعقيدة الإسلامية والإصلاح الديني بمحاربة البدع والشركيات والجهل والتخلف الذي بثه الاستعمار الفرنسي في الجزائريين طيلة 130 عاماً".
بعد انتهاء الأزمة الأمنية في الجزائر التي شهدتها البلاد منذ عام 1992، وخلفت 200 ألف ضحية بحسب تقديرات شبه رسمية، أطلقت الحكومة الجزائرية برنامجاً لتأهيل المجتمع وتحصينه من التشدد والفكر المتطرف، تتولى تجسيده على أرض الواقع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، لتحقيق ما تسميه "المرجعية الدينية الوطنية" وقطع الطريق على التطرف والأفكار الهدامة.
من جانبه، أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري، محمد عيسى، أنّ "الجزائر مستهدفة بالتمزيق الطائفي"، مشدداً على أنّ "المرجعية الدينية تجمع كافة الطوائف"، معتبراً أن "المرجعية الدينية تستمد وجودها من الانتماء الحضاري".
ولفت الوزير الجزائري إلى أن "مؤسسة المسجد تلعب دوراً هاماً في نشر الفكر الوسطي المعتدل والتصدي للأفكار الهدامة التي تحاول زرع الفتنة ونشر الفرقة بين الشعب الجزائري".
وبحسب وزير الشؤون الدينية، فإن "المرجعية الدينية الوطنية الموروثة عن الأجداد والعلماء والمأخوذة من مدرسة المدينة المنورة والتي صنعت حضارة الأندلس وآمن بها اللاجئون من الأندلس بعد محاكم التفتيش التي فرضت على المسلمين في الأندلس جعلت من المجتمع المغاربي مجتمعاً متفتحاً وسطياً في تدينه".
ويأتي تحرك الوزارة "الوصية" في هذا الإطار، لاجتثاث الفكر المتطرف بين الشباب الجزائري، وتحييده من إمكانية التأثر ببعض الأفكار الهدامة، وتحصينه من الانجرار إلى بعض الطوائف التي ظهرت في البلاد مؤخراً، ومن ذلك الأحمدية والكركرية.
ويذكر المستشار الإعلامي السابق لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، عدة فلاحي، تعليقاً على موضوع المرجعية الدينية أن "الحديث حول المرجعية الدينية في البلاد شرع فيه منذ عهد الوزير السابق للقطاع أبوعبد الله غلام الله "1997 - 2014"، والانطلاقة كانت جيدة وممتازة وتحمل من الزخم والأمل ما جعل السادة الأئمة وإطارات المؤسسة الدينية يتفاءلون خيراً وعقد خلال ذلك ندوات وملتقيات ومحاضرات في مناسبات وطنية ودولية مثل المسابقة الدولية لحفظ وتفسير القرآن الكريم، والمسابقة الدولية لخدمة التراث الوطني، وهذه كلها اعتبرت جزءاً من خدمة المرجعية الوطنية في بعدها الديني والثقافي، ولكن للأسف بقي مفهوم المرجعية فضفاضاً ومختصراً في المعاني الكبرى، التي تم تحديدها من أنها تقوم على ثلاث ركائز أساسية وهي على فقه الإمام مالك وعلى عقيدة الأشعري وعلى طريقة الجنيد السالك أي في بعدها الصوفي".
ويعتقد فلاحي في تصريحه لـ "الوطن"، أن الزخم الذي كان عليه مسعى الحكومة في التأسيس لمرجعية دينية وطنية قد تقلص، ويقول "لقد تحول الحديث عن المرجعية الدينية مجرد شعار الأمر الذي مهد الطريق لكثير من المراجع والملل لتتحرك في فراغنا الذي تسببت فيه المؤسسة الدينية التي لم تعمل على التأسيس للمرجعية بشكل أكاديمي وعلمي يشتغل عليها الخبراء حتى تكون في متناول كل المواطنين من النخبة إلى المواطن العادي وما لم نتحرك في هذا الاتجاه فستبقى المرجعية الدينية الوطنية مهددة وبالخصوص خلال ثورة الاتصالات التي كسرت كل الحواجز".
وفي الأشهر القليلة الماضية، ظهر أتباع للطائفة الأحمدية التي أسسها ميرزا غلام أحمد في الهند عام 1889، في عدد من المحافظات الجزائرية، وجرى توقيف عدد منهم وإحالتهم إلى القضاء، وبحسب تقارير منظمات حقوقية، فان المصالح الأمنية قد أوقفت منذ يونيو 2016 وحتى يوليو الماضي، 266 شخصاً من الطائفة الأحمدية، ومنهم من أدين بالسجن لستة أشهر، لكن الحكومة تؤكد أن توقيف "الأحمديين" ومتابعتهم، لا يتم بسبب معتقداتهم الدينية، ولكن لمخالفتهم النظام العام ومن ذلك إقامة الصلوات وجمع التبرعات المالية دون ترخيص، مع العلم أن وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى قد أكد أن الحكومة واستناداً إلى فتوى صادرة من المجلس الإسلامي الأعلى بداية التسعينيات تعتبر الأحمدية "فرقة خارج دائرة الإسلام".
وقبل أيام فقط، قال الوزير إن "زعيم الطائفة الأحمدية في الجزائر محمد فالي الذي جرى توقيفه في محافظة البيض جنوب غرب البلاد، قد أدلى باعترافات خطيرة، في التحقيقات التي تقوم بها السلطات الأمنية، من بينها الخطط التي كان يحظر لها من تفجير للملاعب واغتيال اللاعبين بحجة أن الطائفة تحرم لعبة كرة القدم".
وكشفت منظمة "العفو" الدولية أن أتباع الطائفة الأحمدية بالجزائر يبلغ عددهم نحو 2000 شخص.
وشهر أغسطس الماضي، انتشرت في الجزائر أخبار عن رصد أشخاص بملابس مزركشة بين محافظتي مستغانم ووهران غرب البلاد، وتبين أن المعنيين منتمون للطائفة الكركرية الصوفية، التي تعود جذورها لإحدى دول المغرب العربي، وأثارت الطائفة حالة من الجدل والسخط لدى الجزائريين، وطالبت جمعية العلماء المسلمين –غير حكومية – من وزارة الشؤون الدينية التصدي لهذه الطائفة، بتقوية عملية تكوين رجال الدين والأئمة.
وإن كان ظهور هذه الطوائف في الجزائر، مثار تخوف حقيقي للأمن الفكري والعقائدي للجزائريين، يهون مؤسس منتدى الوسطية والاعتدال في شمال غرب أفريقيا الأستاذ عبدالرحمان سعيدي من ذلك، ويؤكد لـ "الوطن" أن "هذا التخوف فيه شيء من المبالغة ولا يعكس حقيقة الحالة الدينية في الجزائر وكل ما نلحظه ونراه هو محاولات اختراق طائفي أو مذهبي لا يقوى على أن يتشكل في سياق تيار طائفي أو مذهبي قائم بأركانه وعوامل استمراره داخل المجتمع الجزائري".
ويضيف سعيدي في إفادته لـ "الوطن"، "الفرق والطوائف والمفاهيم الخاطئة عن الإسلام لا منفذ لها في الجزائريين لأن المرجعية الدينية لدى الجزائريين تتشكل من وحدة المذهب المالكي وعمومه، والأبعاد الصوفية المسلكية كمنهجية تربوية وتعليمية في المرجعية والزاوية الدينية والروحية معلم ونمط تعليمي في تمكين الدين ونشره في ربوع الوطن، كما كانت الزوايا قلعة مقاومة للاستعمار الفرنسي والمدارس الإصلاحية الجزائرية كمدرسة الأمير عبد القادر والأمير خالد وجمعية العلماء الجزائريين ومدرسة الإرشاد للحركة الوطنية عبر التاريخ التي شكلت الفهم السليم للعقيدة الإسلامية والإصلاح الديني بمحاربة البدع والشركيات والجهل والتخلف الذي بثه الاستعمار الفرنسي في الجزائريين طيلة 130 عاماً".