عواصم - (وكالات): تتضاعف الضغوط الأربعاء في مدينة دوما المعزولة في الغوطة الشرقية للتوصل إلى اتفاق يحميها من القتال بالتزامن مع تعزيزات عسكرية في محيطها فيما يستمر إجلاء مئات المقاتلين والمدنيين من جيب آخر في المنطقة المحاصرة.

وخلال أسبوع، خرج آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين من الغوطة الشرقية بموجب اتفاقي إجلاء مع روسيا تحت وطأة الضغط العسكري لقوات النظام التي باتت تسيطر على أكثر من 90 % من المنطقة.

وتؤذن عملية الإجلاء المستمرة بنهاية فصل دام ومرير في منطقة شكلت لسنوات معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، وعانت من الحصار والقصف. وهددت في الوقت ذاته أمن دمشق التي تساقطت القذائف لسنوات على أحيائها.

وتحت وطأة عملية عسكرية للجيش السوري استمرت أكثر من شهر، دخلت الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية في مفاوضات مباشرة مع روسيا، حليفة دمشق، تم بموجبها التوصل تباعاً إلى اتفاقي إجلاء مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوب الغوطة الشرقية.

ولا يزال مصير مدينة دوما المعزولة في شمال الغوطة الشرقية مجهولاً مع استمرار المفاوضات بين جيش الإسلام وروسيا.

ويبدو أن المفاوضات حول دوما تواجه عراقيل.

ويأمل فصيل جيش الإسلام فيها بالتوصل إلى اتفاق يحول دون إجلاء مقاتليه منها، إلا أن موسكو ودمشق هددتا بعمل عسكري ضدها ما لم يوافق الفصيل المعارض على الانسحاب.

ونقلت صحيفة الوطن، المقربة من الحكومة السورية، عن مصدر عسكري قوله "توجه جميع القوات العاملة في الغوطة الشرقية استعداداً لبدء عملية عسكرية ضخمة في دوما، ما لم يوافق إرهابيو جيش الإسلام على تسليم المدينة ومغادرتها".

وبالإضافة إلى الضغط العسكري، يشعر سكان دوما بالقلق بانتظار نتائج المفاوضات.

وتظاهر المئات الأربعاء، وفق ما أفاد سكان في بيروت، مطالبين بالاطلاع على نتائج المفاوضات وبإفراج جيش الإسلام عن المعتقلين لديه.

وأفاد مصدر معارض بأن مبادرة جيش الإسلام في المفاوضات تتمثل ببقاء مقاتليه في دوما على أن تتمتع المدينة بحماية روسية مع عودة مؤسسات الدولة إليها.

واعترضت روسيا على نقاط عدة في المبادرة بينها "اصدار عفو عام" والسماح بحرية الحركة من وإلى المنطقة.

وكانت مصادر معارضة أفادت بأن موسكو خيّرت جيش الإسلام بين الهجوم العسكري أو اللحاق بركب المناطق الأخرى والموافقة على الإجلاء. ويفترض أن يعقد اجتماع الأربعاء بين اللجنة المعنية بملف المفاوضات والجانب الروسي.

وفي جنوب الغوطة الشرقية، وعلى خطى آلاف سبقوهم وآخرين سيلحقون بهم، يتجمع الأربعاء مقاتلون معارضون ومدنيون في حافلات تقلّهم من مدينة عربين إلى نقطة تجمع قريبة.

وكما حصل في الأيام السابقة، تقف تلك الحافلات لساعات طويلة بانتظار اكتمال القافلة قبل منحها الضوء الأخضر للانطلاق باتجاه محافظة إدلب في شمال غرب البلاد. وهو أمر يحتاج ساعات طويلة، ولا تنطلق القافلة عادة قبل منتصف الليل.

وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن 55 حافلة على متنها "3213 شخصاً بينهم 794 إرهابياً" باتت جاهزة للانطلاق.

وكان جرى بعد منتصف الليل إجلاء دفعة جديدة من جنوب الغوطة الشرقية مؤلفة من "6432 شخصاً بينهم 1152" مقاتلاً على متن 101 حافلة.

وبعد رحلة استمرت ساعات طويلة، وصلت الدفعة الجديدة الأربعاء إلى قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، التي تشكل نقطة الانتقال من مناطق سيطرة قوات النظام إلى تلك التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة.

وفي ساحة واسعة في قلعة المضيق، شاهد عمال إغاثة يوزعون الطعام والمياه والحليب على الركاب قبل نقلهم إلى مخيمات مؤقتة في محافظة إدلب المحاذية شمال غرب البلاد.

ونقل مراسل فرانس برس مشاهدته لحافلة تكسر زجاج أحد نوافذها، ونقل عن بعض الركاب قولهم إن أشخاص رموا عليهم الحجارة أثناء مرورهم من مناطق سيطرة الحكومة.

وخرج بذلك حتى الآن أكثر من 19 ألف شخص من البلدات الجنوبية فقط، بعدما كان تم إجلاء أكثر من 4500 من حرستا.

وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي تستهدفها قوات النظام بهجوم عنيف منذ 18 فبراير، ضربة موجعة للفصائل المعارضة.

وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنياً منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وإلى جانب عمليات الإجلاء، يستمر نزوح المدنيين من الغوطة الشرقية عبر معابر حددتها قوات النظام توصل إلى مناطق سيطرتها.

وأشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" إلى خروج مئات المدنيين الأربعاء من منطقة دوما عبر معبر الوافدين إلى الشمال منها.

وخرج، وفق سانا، حتى الآن 128 ألف شخص من الغوطة الشرقية عبر المعابر "الآمنة". ويتم نقل هؤلاء إلى مراكز إيواء أنشأتها الحكومة السورية.

وقال الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا علي الزعتري في مؤتمر صحافي في دمشق أن "26 ألفاً غادروا "مراكز الإيواء"" منهم من انتقل إلى دمشق وآخرون عادوا إلى منازلهم في الغوطة.

وأكد الزعتري "صعوبة" العيش في تلك المراكز التي قال إنها "في الحقيقة ليست فنادق".

ونقل رؤيته "أطفالا يتهافتون طلبا للغذاء (...) وعددا من حالات سوء التغذية بين الاطفال الخارجين"، مشيرا إلى أن هناك أشخاصا نموهم لا يتناسب مع عمرهم. وأضاف "هناك حالات سوء التغذية كذلك لدى النساء من الحوامل والمرضعات".