غزة - عز الدين أبو عيشة

أعلنت وزارة الداخلية التي تديرها حركة حماس في قطاع غزة مساء السبت أن جماعات "تكفيرية" وراء تفجير موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله الشهر الماضي، واتهمت ضباطا في المخابرات العامة في السلطة الفلسطينية بتوجيه هذه الجماعات، الأمر الذي عده مراقبون ومحللون مسمارا في نعش المصالحة الفلسطينية.

وكشفت وزارة الداخلية والأمن الوطني التابعة لحكومة حماس في غزة، نتائج التحقيقات وتفاصيل جديدة في حادثة استهداف موكب رئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد الله.

وعرضت الداخلية فيديو يشمل اعترافات المتورطين، وبعض اللقطات أثناء التحقيق معهم، وكشف الناطق باسم الوزارة إياد البزم في مؤتمر صحفي تفاصيل محاولة الاغتيال، وأسماء الأشخاص المتورطين ومشغليهم في جهاز المخابرات العامة في رام الله، بحسب قوله.

وبحسب البزم فإن المتورطين في اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني، هم ذاتهم من حاولوا اغتيال مدير قوى الأمن الداخلي في القطاع اللواء توفيق أبو نعيم قبل عام تقريبا، وأنّ الداخلية أثبتت ذلك.

وأوضح البزم أن "الجهة التي تقف خلف العمليتين لها يد في أعمالٍ تخريبيةٍ في غزة وسيناء، تحت غطاء جماعاتٍ تكفيريةٍ متشددةٍ تعمل من خلال ما يعرف "بالمنبر الإعلامي الجهادي" وهو منتدى خاصٌّ "مقيدُ الدخول" على الإنترنت تم تأسيسُه عام 2011 بتوجيهٍ من جهاتٍ أمنيةٍ لاستقطاب بعض الشباب واستغلالِهم لتنفيذ أعمالٍ إجراميةٍ بغطاءٍ تكفيريٍّ في ساحاتٍ مختلفة".

وبين البزم أن "الخلية كانت تخطط لاستهداف شخصيات دولية تزور قطاع غزة، إلى جانب استهداف الوفد المصريِّ وقياداتٍ بارزةٍ في حركة حماس".

بدورها، اعتبرت حكومة الوفاق الوطني ما قامت به حركة حماس من تصريحات تعدم المصالحة الفلسطينية، ووصفت ما قدمته حماس "صناعة التبرير" و"غسل النفس الاصطناعي والمسرحي" من المسؤولية عن جريمة محاولة الاغتيال.

وقال المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود إن ما قدمته حماس خروج سافر عن الخطوط، وتلفيق للشرعية الفلسطينية، ومحاولة ضرب العلاقات بين السلطة الفلسطينية ونظيرتها المصرية.

وبيّن المحمود أن المتهمين في عملية الاغتيال هم أشخاص عاديين، ولا علاقة لهم بالأعمال السياسية ولا السلطة الفلسطينية، على العكس أحدهم أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وشدد المحمود على أنّ ما قدمته حماس يعتبر عبث سافر بالحالة الوطنية، ويقبر المصالحة الفلسطينية، ويعمق الانقسام الفلسطيني أكثر، ويؤثر على أوضاع الناس في القطاع.

الناطق الرسمي لقوات الأمن الفلسطيني اللواء عدنان ضميري اعتبر محاولة زج المخابرات الفلسطينية في قضية الإرهاب في سيناء وغزة هي أكذوبة مكشوفة لاستعطاف مصر.

وأشار الضميري إلى أن مسرحية المتهمين الذين قدمتهم حماس في شريط فيديو يظهر أناقتهم وعدم الارتباك، لا يتلعثمون أو يخافون من العواقب، ويظهر مدى تلفيق القضية.

أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت والمحلل السياسي نشأت الأقطش قال إن المصالحة الوطنية الفلسطينية غير موجودة أصلا، ولا يمكن تطبيقها منذ بداية الانقسام المستمر منذ 11 عاما.

وأضاف في تصريح لـ "الوطن" "كل طرف من الانقسام يريد مصالحة على حساب الطرف الآخر، فحماس تريد من السلطة تسلم القطاع بكل أعبائه ودون شروط مسبقة مع تحفظها على السلاح الخاص بجهازها العسكري".

وتابع الاقطش "فتح تريد أيضا أن ترجع الأمور لسابقها قبل أحداث الانقسام، وتسليم حماس سلاحها العسكري، وهذا أمر مستحيل تطبيقه، لذلك المصالحة لم ولن تكون على الميدان".

وأوضح أنّ عرض معلومات التفجير، هو مجرد برهان أو حجة لإنهاء سيرة المصالحة الوطنية، وهذا بقرار سياسي كبير، أصدر الأوامر لإنهاء المصالحة، حتى ظهور معالم صفقة القرن.

ووقع التفجير فيما لا يزال الخلاف قائما بين السلطة الفلسطينية وحماس بشأن إدارة قطاع غزة وتسلم الحكومة الفلسطينية إدارة غالبية الوزارات رغم اتفاق المصالحة الموقع بينهما في 12 أكتوبر الماضي.

واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشهر الماضي حماس "بالوقوف وراء الاعتداء" الذي استهدف موكب الحمد الله وقرر اتخاذ سلسلة إجراءات في القطاع.

وكان اللواء أبو نعيم أصيب بجروح طفيفة في أكتوبر 2017 عندما استهدفت السيارة التي كانت تقله بتفجير عبوة ناسفة.

وحتى السبت لم تكن السلطة الفلسطينية قد دفعت بعد رواتب نحو 60 ألفا من موظفيها في قطاع غزة عن شهر مارس، فيما تلقى نظراؤهم في الضفة الغربية رواتبهم عن نفس الفترة.