* نجاة 10 مرشحين من محاولات اغتيال في أقل من شهر

* "داعش" يغتال مرشحاً للانتخابات التشريعية جنوب الموصل

* الربيعي لـ "الوطن": دخول المرشحين في صفقات مشبوهة وراء تعرضهم لعمليات الاغتيال

* عبد اللطيف لـ "الوطن": كتل سياسية وراء عمليات اغتيال المرشحين من أجل التسقيط السياسي

* الباوي لـ "الوطن": أجندات خارجية تعمل على الحد من مشاركة الناخب في الاقتراع

بغداد – وسام سعد، وكالات

ارتفعت وتيرة عمليات اغتيال المرشحين للانتخابات في العراق قبل 4 أيام من موعدها بشكل لافت للنظر خلال الفترة الأخيرة، وسط تكتم الأجهزة الأمنية كما يرى مراقبون، حيث وصفت الأحزاب والكتل السياسية هذه العمليات بأنها تصفيات سياسية لا تستطيع الأجهزة الأمنية الكشف عنها، خاصة أن أغلب الذين طالتهم عمليات التصفية هم شخصيات تروم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وفي إحصاء سريع أجرته "الوطن" لمحاولات اغتيال مرشحين، خلال فترة انطلاق الحملة الانتخابية ولحد الآن تبيَّن أن أكثر من 10 مرشحين تعرضوا لمحاولات اغتيال.

ففي محافظة الأنبار غرب البلاد أصيبت المرشحة للانتخابات عن حزب الحلّ زينب عبد الحميد بعد تعرض مقر الحزب لهجوم انتحاري، ونجا المرشح عن ائتلاف جبهة تركمان كركوك، أنور فخري كريم بعد تعرض سيارته لهجوم من قبل مسلحين، على طريق محافظتي كركوك - ديالى. وفي محافظة كركوك أيضاً نجا المرشح عن جبهة تركمان كركوك، عمار كهية من عملية اغتيال بقنبلة محلية الصنع، وهذه ثاني محاولة اغتيال يتعرض لها كهية خلال أقل من 10 أيام، إذ انفجرت سيارة مفخخة في أثناء مرور موكبه بأحد شوارع المدينة، في وقت سابق من نفس الشهر.

وفي العاصمة العراقية بغداد نجا النائب عبد الكريم عبطان من محاولة اغتيال بمسدسات مزودة بكواتم للصوت، بتعرض مسلحين لموكبه الشخصي ، وشرق العاصمة، نجا المرشح عن تحالف سائرون أنور علي الكعبي من محاولة اغتيال بعد أن أطلق مسلحون مجهولون النار على سيارته أثناء مروره بأحد الأحياء.

أما في محافظة ديالى فقد نجا المرشح عن قائمة ديالى "التحدي" طه المجمعي هو الآخر من محاولة اغتيال تعرض لها في المحافظة، وفي محافظة بابل تعرض المرشح عن تحالف "سائرون"، حسين الزرفي وهو طبيب يعمل في أحد مستشفيات بابل لمحاولة اغتيال وسط المحافظة من قبل مسحلين مجهولين وأسفر الهجوم عن إصابة المرشح وزوجته وابنته بجروح، وجرى نقلهم على إثرها إلى المستشفى. فيما نجا جاسم الساعدي المرشح عن تحالف "الفتح" من محاولة اغتيال أثناء مرور سيارته بإحدى مناطق بغداد، ولقي نجم الحسناوي المرشح عن ائتلاف دولة القانون مصرعه في نزاع عشائري مسلح شمال بغداد، فيما توفيت عضو مجلس محافظة بابل والمرشحة للانتخابات النيابية عن ائتلاف دولة القانون فوزية الجشعمي إثر حادث سير على طريق المحاويل شمال المحافظة، وكان آخر حوداث اغتيال المرشحين هي اغتيال المرشح عن ائتلاف "الوطنية"، فاروق الجبوري قرب منزله في قرية اللازاكة جنوب الموصل صباح الاثنين 7 مايو الجاري.

ائتلاف "الوطنية" بزعامة د. اياد علاوي قال في بيان صحافي حصلت "الوطن" على نسخة منه ندد بـ "تواصل عصابات الإرهاب والتطرف تصعيدها لتضيف جريمة شنيعة أخرى لسجل جرائمها الملطخ بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا الأبي، وبعد أن أقدمت وبطريقة بشعة على اغتيال الأخ الفاضل الدكتور فاروق الزرزور المرشح عن ائتلاف "الوطنية" في محافظة نينوى".

وأضاف البيان أن "هذه الجريمة النكراء تأتي ضمن مسلسل ممنهج، وأن العملية الانتخابية والسياسية بوجود هذه الفوضى وصلت إلى مستوى متدنٍ من الابتذال والحملات المشبوهة التي تقوم على الرياء والكذب وصولاً إلى عمليات الاستهداف المتكررة".

وأوضح البيان أن "استشهاد الأخ فاروق والاعتداءات ومحاولات الاغتيال الأخرى لن يزيدنا إلا عزماً واصراراً على مواصلة مسيرة الإصلاح، وفي الوقت الذي نشدد على ضرورة إجراء تحقيق عاجل لمعرفة ملابسات الجريمة ومن يقف خلفها، وكذلك المحاولات التي استهدفت مرشحين آخرين وناشطين والتي قدمنا معلومات عنها إلى الأجهزة الأمنية، نهيب بكافة قواتنا الأمنية وبكافة صنوفها وتشكيلاتها إلى تحمل مسؤولياتها في حماية أبناء شعبنا والتصدي بحزم لمحاولات عصابات الإرهاب والتطرف وإفشال مخططاتها الإجرامية".

من جانبه، أكد نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد محمد الربيعي لـ "الوطن"، أن "تصاعد عمليات اغتيال المرشحين للانتخابات البرلمانية تنقسم إلى عدة أقسام منها الثارات العشائرية بالإضافة إلى العدوات الشخصية والحوادث بالإضافة إلى دخول هؤلاء المرشحين في صفقات فساد مشبوهة دفعت العديد من الجهات إلى أن تستهدفهم في عمليات التصفية الجسدية وهناك قسم آخر استهدف ظلماً".

وأضاف الربيعي إننا "اليوم نطالب السلطة الأمنية التنفيذية في البلد من قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية أن تقوم بتشديد إجراءات الحماية على المرشحين في البلد، بالإضافة إلى محاسبة والقبض على المجرمين والقتلة الذين يقومون بمثل هكذا جرائم".

فيما حذر رئيس كتلة حزب "الدعوة" تنظيم الداخل النائب علي البديري من تصاعد عمليات الاغتيال للمرشحين مع قرب موعد الانتخابات النيابية المقرر اجرؤاها في 12 الشهر الحالي، متهماً جهات معادية بالوقوف وراء ذلك.

وقال البديري في تصريح صحافي إن عمليات الاغتيال التي طالت بعض المرشحين للانتخابات النيابية خلال الايام الماضية تندرج ضمن سيناريو الترهيب الذي تمارسه بعض الجهات وأن تلك الاغتيالات تتعلق بتهديدات بكشف ملفات.

وأضاف البديري أن جهات اقليمية ودولية معادية للعراق، فضلا عن تنظيم "داعش" الإجرامي يقفون وراء عمليات الاغتيال تلك، محذرا من تصاعد عمليات الاستهداف والاغتيال للمرشحين كلما اقترب موعد إجراء الانتخابات.

وقال المرشح عن ائتلاف دولة القانون القاضي وائل عبد اللطيف لـ "الوطن" ان "وصول عملية التسقيط السياسي الى التصفية الجسدية في الانتخابات العراقية يعد امر خطير جدا وهذا دليل على ان الكتل السياسية ليس لديها القدرة على تقبل الاخر".

واضاف عبد اللطيف ان "عمليات تمزيق صور المرشحين وتهديدهم وعمليات التصفية الجسدية التي رافقت الحملة الانتخابية ما هي الا دليل على لغة القوة والسلاح هي السائدة في البلد، وان من المفترض ان تسير العملية الانتخابية في جو ديمقراطي هادئ بعيد عن كل ما يحصل من هذه العمليات المدانة والمفروضة".

واشار الى ان "من يقف وراء عمليات التصفية الجسدية للمرشحين هي جزء من الكتل السياسية التي لا تؤمن بالمنافسة الحرة الشريفة بالاضافة الى انها ترفض تقبل الاخر كشريك في العملية السياسية".

اما الخبير الامني والاستراتيجي حازم الباوي، فقد قال لـ "الوطن"، "مع قرب اجراء الانتخابات في 12 من الشهر الجاري نلاحظ تكرار العديد من العمليات التي تهدف الى ارباك العملية الانتخابية، فهناك بعض الاجندات الخارجية تعمل على اغتيال المرشحين من اجل ارباك الشارع العراقي والحد من مشاركته في الانتخابات".

واضاف الباوي ان "التنافس الانتخابي لا يبيح قتل الانسان لان التنافس في الانتخابات يجب ان يجري بطريقة ديمقراطية تعتمد على ارادة الناخب لوصول المرشح الى البرلمان المقبل".

وأقدم تنظيم الدولة "داعش"، فجر الاثنين على اغتيال مرشح للانتخابات التشريعية بالرصاص جنوب الموصل شمال العراق، وهي المرة الأولى التي يعلن فيها التنظيم عن عملية اغتيال مماثلة.

وقال مدير ناحية القيارة صالح الجبوري إن مسلحين "اغتالوا فجر الاثنين المرشح عن قائمة ائتلاف الوطنية فاروق زرزور الجبوري بالرصاص بعدما داهموا منزله" في ناحية اللزاكة بمنطقة القيارة الواقعة على بعد 70 كيلومترا جنوب الموصل.

وأكد مصدر طبي في مدينة الموصل، استلام جثة الجبوري "45 عاما" الذي يترشح للمرة الأولى إلى الانتخابات على اللائحة التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي.

وفي وقت لاحق، أعلن تنظيم الدولة "داعش" عبر حساباته على تطبيق "تلغرام" عن "تصفية" الجبوري داخل منزله.

وهذه هي المرة الأولى التي يعلن فيها التنظيم عن اغتيال أحد المرشحين للانتخابات العراقية، منذ بدء الحملة.

والجبوري ليس أول مرشح يقتل في العراق. ففي نهاية أبريل الماضي، قتل المرشح عن قائمة "دولة القانون" التي يرأسها نوري المالكي، نجم الحسناوي، جراء إطلاق خلال تواجده لتسوية نزاع عشائري في بغداد.

وكان الجبوري دعا في فيديو نشره عشية اغتياله على صفحته على فيسبوك، وهو يحمل ابنه بين ذراعيه، الناخبين إلى أن "المجرب لا يجرب (...) ومن يشتريك يبيعك".

وأضاف الجبوري، وهو يجلس على العشب في حديقة منزله "أيام قليلة إن شاء الله ونحتفل بالفوز"، واعدا بتشكيل "حكومة عادلة تخدم الفقراء وتطيح بالفاسدين (...) حكومة قوية عادلة تنصف الفقير وتنصف عوائل الشهداء، وتفكر بالإعمار والمواطنين".

صفحة الجبوري امتلأت بالتعليقات من قبل ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي الذين استنكروا اغتياله، مرفقين إياها بصور له بوجه بشوش مبتسم دائما.

وتوعد تنظيم الدولة في تسجيل صوتي في أبريل الماضي باستهداف مراكز الاقتراع والناخبين خلال الانتخابات البرلمانية المقررة في العراق في 12 مايو الحالي.

وفي رسالة صوتية على تطبيق تلغرام، توجه المتحدث باسم التنظيم المتطرف أبو حسن المهاجر إلى السنة لثنيهم عن المشاركة.

وهذه الانتخابات هي الأولى التي سيشهدها العراق بعد إعلان السلطات العراقية في ديسمبر الماضي، دحر تنظيم الدولة الذي سيطر لنحو ثلاث سنوات على ما يقارب ثلث مساحة البلاد.

ولطالما هاجمت التنظيمات المتطرفة الانتخابات وعارضتها منذ عام 2003، وسعت إلى مضاعفة الاعتداءات خلال عمليات التصويت السابقة.