غزة - عز الدين أبو عيشة، وكالات

تبدو الأراضي الفلسطينية المحتلة، إضافة إلى قطاع غزة، فوق صعيد ساخن، عشية استعدادات إسرائيل لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة. وشهد قطاع غزة والضفة الغربية أحداثا ميدانية للاستعداد لمواجهة قرار نقل السفارة الأمريكية.

وعلّق قطاع السير والمواصلات لمدة 20 دقيقة متواصلة شملت كافة مفترقات الطرق الرئيسة والفرعية، وبعدها خرجت مسيرة شاحنات حملت أسماء المدن والقرى الفلسطينية التي هجر منها الفلسطينيون عام 1948.

وضربت الكنيسة أجراسها احتجاجا على قرار نقل السفارة الأمريكية، وصدحت المساجد بالتكبير والتهليل، وشارك المواطنون كلّ من منزله بالتكبيرات، التي استمرت لنحو نصف ساعة تقريبا.

وبحسب لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية، فإن الإثنين سيشهد إضرابا شاملا في كل أنحاء قطاع غزة في المؤسسات الرسمية والشعبية والتجارية في سائر مناحي الحياة اليومية.

وستخرج مسيرات جماهيرية مليونية حاشدة ردًا على قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارة واشنطن إلى القدس، ودعت اللجنة إلى الحفاظ على سلمية المسيرات وإيصال الرسالة إلى العالم عبر مليونية العودة وكسر الحصار.

وشددت اللجنة على أن مسيرات العودة وكسر الحصار متواصلة ومستمرة لحماية حق شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة ورفع الظلم التاريخي الذي وقع على شعبنا على مدار سبعين عام من الاحتلال.

وأدانت اللجنة استمرار اعتداءات المستوطنين واقتحام المسجد الأقصى المبارك في محاولة لفرض واقع جديد للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى.

وعبرت اللجنة عن رفضها لكل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وخاصة تلك الدول التي ترسل الفرق الرياضية لدولة الاحتلال الصهيوني.

وطالبت اللجنة سفراء دول العالم إلى مقاطعة مراسيم نقل السفارة للقدس لعزل الإدارة الأمريكية وعدم معاداة حقوق الشعب الفلسطيني.

من ناحية أخرى، قررت الحكومة الإسرائيلية البدء بالسيطرة على جميع أنحاء شرق القدس المحتلة، تزامناً مع نقل السفارة الأمريكية، وخصصت 50 مليون شيكل لفرض المزيد من سيادتها على شرق القدس.

وانتشرت قوات الاحتلال، في البلدة القديمة والشوارع المحيطة بها، لمواجهة أي مظاهرات متوقعة في المدينة، وشرعت قوات الاحتلال بنصب السواتر الحديدية في الطرقات والشوارع المؤدية إلى البلدة القديمة.

واقتحم أكثر من ألف مستوطن متطرف باحات المسجد الأقصى المبارك منذ صباح الأحد من جهة باب المغاربة، وسط إجراءات أمنية مشددة، وشارك في الاقتحام عدد من حاخامات الجماعات المتطرفة.

في الأثناء، هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة حراس المسجد الأقصى المبارك، ودارت بينهما اشتباكات بالأيدي.

ميدانيًا، غادر وفد من حركة حماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية ونائبه خليل الحية، والقيادي روحي مشتهى، قطاع غزة عبر معبر رفح البري، للقاء المسؤولين المصريين لبحث ملفات عدة أهمها التطورات المتعلقة بالشأن الفلسطيني والإقليمي، وتأتي الزيارة بدعوة مصرية.

من جهته، قال سفير فلسطين لدى القاهرة، ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية السفير دياب اللوح، إنه بناء على تعليمات الرئيس محمود عباس، طلب عقد اجتماع عاجل لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورة غير عادية الأربعاء المقبل، لمواجهة قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها إلى القدس.

وأضاف اللوح "لا بد أن ينتج عن الاجتماع قرارات وإجراءات عملية ترتقي إلى مستوى هذا الحدث الكارثي غير المسبوق في المنظومة الدولية، وذلك لتوصيل رسالة عربية موحدة من جامعة الدول العربية تؤكد سعيها الجاد لإبطال قرار الولايات المتحدة وأية قرارات مماثلة لدول أخرى تحذو حذوها بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إليها".

وغرد نشطاء التواصل الاجتماعي على هاشتاغ "#عالقدس_راجعين"، استنكاراً لخطوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس، ويأتي التغريد للفت الانتباه الإقليمي والدولي لقضية القدس وعمليات التهويد الواسعة التي تجري والتي كان آخرها القرار الأمريكي الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية إليها.

بدوره، أكّد النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا يوسف سلامة أن "شعبنا الفلسطيني يعيش مرحلة دقيقة خاصة أننا على موعد الاثنين مع نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس".

وشدّد على أنّه "إذا كان وعد بلفور قد نجح في فرض نفسه على الشعب الفلسطيني، فإن وعد ترامب لن يمر"، لافتاً إلى أن "الفعاليات في الدول العربية والإسلامية سيكون لها موقف موحد للإعلان عن رفضهم القطعي لقرار ترامب المشؤوم".

من ناحية أخرى، خرج آلاف الإسرائيليين في مسيرة بمناسبة ذكرى "توحيد القدس" عشية أسبوع لا يخلو من مخاطر التصعيد، في ظل تدشين السفارة الأمريكية في المدينة المقدسة وسط احتجاجات فلسطينية.

ويشهد اليوم الذي يطلق عليه في إسرائيل "يوم القدس" سلسلة من المراسم و"مسيرة الأعلام" السنوية التي ستمر عبر البلدة القديمة وصولا إلى حائط البراق ويشارك فيها قوميون متشددون.

وسيتم تدشين السفارة الأمريكية في احتفال الاثنين 14 مايو ، يتزامن مع الذكرى السبعين "لقيام إسرائيل"، وفق التقويم الغريغوري.

ويتزامن افتتاح السفارة مع الذكرى السبعين للنكبة، عندما هجر أكثر من 760 ألف فلسطيني في حرب 1948.

وأكد رئيس بلدية القدس الإسرائيلي نير بركات للصحافيين أن نقل السفارة يؤشر إلى بداية "نظام عالمي جديد ونظام جديد في الشرق الأوسط".

ودعا بركات دولا أخرى للانضمام إلى غواتيمالا وباراغوي عبر "الاحتذاء بالقيادة الأمريكية" ونقل سفارتها إلى القدس.

ولكن تزداد مخاوف اندلاع أعمال عنف، خصوصا مع إمكان تظاهر أعداد كبيرة من الفلسطينيين على الحدود في قطاع غزة.

وظهر الأحد، أكد عدد من أصحاب المحلات التجارية من الفلسطينيين داخل البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، انهم يرغبون بإغلاق محلاتهم تجنبا للتوتر.

واندلعت مواجهات محدودة الأحد بين إسرائيليين متشددين كانوا يرغبون في زيارة المسجد الأقصى وحراس المسجد المسلمين.

ودانت الحكومة الأردنية "اقتحام" باحة المسجد الأقصى.

وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني "ندين بأشد العبارات الانتهاكات (...) خصوصاً الاقتحامات الاستفزازية للمتطرفين اليوم بأعداد كبيرة لباحات المسجد الأقصى المبارك بحماية الشرطة الإسرائيلية".

وأشار إلى أن "سفارتنا في تل أبيب قدمت مذكرة احتجاج دبلوماسية لوزارة الخارجية الإسرائيلية تُعبّر عن إدانة المملكة الشديدة لمثل هذه التصرفات غير المسؤولة، وطالبت بوقفها فوراً".

واعلن الجيش الإسرائيلي وضع قواته في حالة تأهب قصوى. وقال السبت انه سيضاعف عدد وحدات جيشه المقاتلة حول قطاع غزة وفي الضفة الغربية المحتلة، لمواجهة أي تظاهرات محتملة للفلسطينيين احتجاجا على نقل السفارة الأمريكية.

ومنذ بدء مسيرات العودة في قطاع غزة، في 30 مارس الماضي، استشهد اكثر من 50 فلسطينيا برصاص الجنود الإسرائيليين اثر احتجاجات عند الحدود.

وتهدف "مسيرة العودة" أيضا إلى التنديد بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ اكثر من 10 سنوات.

ومن المرجح أن يتسبب إحياء ذكرى النكبة في 15 مايو 2018 بيوم دام جديد في غزة.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد في بدء الاجتماع الأسبوعي لحكومته أن "اسم القدس مذكور نحو 650 مرة في التوراة. السبب لذلك بسيط : القدس هي عاصمة شعبنا وشعبنا فقط".

وقال نتنياهو أيضا خلال حفل استقبال أمام إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر وسائر أعضاء الوفد الأمريكي الذين وصلوا صباح الأحد لحضور تدشين السفارة الأمريكية "ستبقى القدس عاصمة لإسرائيل مهما كان اتفاق السلام الذي تتصورونه".

وكان إعلان ترامب في 6 ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، اثأر غبطة الإسرائيليين وغضب الفلسطينيين.

وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف الأحد أن "هناك تهويلا في ما يتعلق في الاحتفال الذي سيجري من قبل الولايات المتحدة لنقل السفارة".

واعلن أن القيادة الفلسطينية ستعقد اجتماعا الاثنين برئاسة الرئيس محمود عباس لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات.

من جهته، اعتبر سفير واشنطن لدى إسرائيل أنه لا يزال هناك أمل في تحقيق السلام في المنطقة رغم غضب الفلسطينيين من افتتاح السفارة الأمريكية في القدس الاثنين.

وقال السفير ديفيد فريدمان إن رد فعل الفلسطينيين الذين يرون في القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية "ليس جيدا".

لكنه صرح لقناة "فوكس نيوز" إن الجو العام لدى الفلسطينيين "سيتغير مع مرور الوقت بحيث سيفهمون أن الولايات المتحدة مستمرة في مد يدها للسلام فيما يحتاج الناس للتركيز على الأمور الأهم على غرار مستوى المعيشة وتحسين البنى التحتية والأمن والمستشفيات".

وأكد أن الولايات المتحدة "جاهزة لمساعدة الفلسطينيين" و"لا أساس" للاعتقاد بأن نقل السفارة سيقوض فرص السلام.

من جهته، قال مساعد وزير الخارجية الأمريكي جون سوليفان الموجود في القدس أن "افتتاح السفارة الأمريكية الاثنين يقر بالحقيقة بعد انتظار طويل جدا، أنه أيضا أمر أساسي لإيجاد خارطة طريق من أجل السلام في المنطقة".