بيروت - بديع قرحاني، وكالات

أصدر رئيس الوزراء اللبناني المنتهية ولايته سعد الحريري سلسلة إجراءات وقرارات بينها مجموعة من الإقالات طالت مسؤولين في "تيار المستقبل" الذي يرأسه عقب خسارة الحريري الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في لبنان في 6 مايو الجاري، الأمر الذي اعتبره مراقبون عملية تطهير داخل "تيار الحريري" عقب نكسة الانتخابات الأخيرة.

واستقال مدير مكتب رئيس الحكومة اللبناني من منصبه وتمت إقالة مسؤولين آخرين في تياره بعد خسارته ثلث المقاعد التي كان يشغلها في البرلمان في الانتخابات التشريعية نهاية الأسبوع الماضي. وأورد المكتب الإعلامي للحريري أن مدير مكتبه نادر الحريري استقال من مهامه، وقد جرى تعيين محمد منيمنة مدير مكتب رئيس الحكومة بالوكالة.

ومدير المكتب المستقيل هو ابن عمة رئيس الحكومة بهية الحريري، والتي تعد من بين الدائرة الصغيرة المقربة منه.

كما أعلن تيار المستقبل الذي يتزعمه سعد الحريري، إعفاء المنسق العام للانتخابات وسام الحريري من مسؤولياته بعد الاطلاع على "مجريات الحراك الانتخابي في كافة الدوائر"، كما تم إعفاء مدير دائرة المتابعة في مكتب الرئيس ماهر أبو الخدود من مهامه.

وبعد انقطاع طويل، جرت في 6 مايو الانتخابات التشريعية الأولى في لبنان منذ 9 سنوات، لتظهر نتائجها فوز 4 مجموعات كبيرة أبرزها "الثنائي الشيعي" وعلى رأسه "حزب الله" المدعوم من ايران وحليف دمشق، وحركة أمل"، مقابل تراجع ملحوظ لتيار سعد الحريري.

وحاز الحريري على 21 مقعداً مقابل 33 في آخر انتخابات تشريعية في عام 2009، ولا يزال برغم ذلك بين المجموعات الأربع الأكبر في البرلمان المقبل.

وقال الحريري غداة الانتخابات "هناك ثغرات كانت في تيار المستقبل وكل واحد مسؤول عنها، ستتم محاسبته لا شك في ذلك"، لكنه أعاد تراجع عدد المقاعد بدرجة أولى إلى قانون الانتخاب الجديد القائم على النسبية بعد سنوات اعتمد فيها لبنان على النظام الأكثري.

تغييرات جديدة تطرق على تيار "المستقبل" ويبدو ان رئيس حكومة تصريف الأعمال وزعيم تيار المستقبل قد اتخذ قرارا بمحاسبة كل المسؤولين عن إخفاق التيار في الانتخابات النيابية الأخيرة وخرق لائحته في عقر داره ببيروت من قبل "حزب الله" وحلفاءه، والتي تعود أسبابها إلى مقاطعة القسم الأكبر من سنة بيروت للانتخابات والتي يتحمل جزءا كبيرا منها أسلوب عمل تيار المستقبل حيث يتحفظ غالبية السنة على عمل التيار وابتعاده عن هموم الناس إضافة إلى رفضهم فكرة التنسيق مع "حزب الله"، معتبرين أن "تيار المستقبل تنازل كثيرا أمام هذا الحزب الموالي لإيران".

وتمكن الحريري نهاية عام 2016 من تشكيل حكومته بعد تسوية سياسية أتت بميشال عون، حليف حزب الله، رئيساً للبلاد في أكتوبر 2016، بعد نحو سنتين من الفراغ الدستوري وشلل المؤسسات الرسمية.

ويعزو البعض تراجع شعبية الحريري الى التنازلات التي قام بها خلال السنوات الماضية لصالح "حزب الله".

وبرغم ذلك، من المرجح أن يجري تكليف الحريري تشكيل الحكومة المقبلة.

وتثير ترسانة حزب الله من الأسلحة الخلاف في لبنان منذ سنوات.

وفاز حزب القوات اللبنانية المناهض بشدة لحزب الله بعدد 15 مقعدا أي أنه ضاعف عدد نوابه تقريبا.

وتنتهي فترة ولاية البرلمان الحالي في 20 مايو ومن المتوقع أن تكون مفاوضات تقسيم المناصب في الحكومة الجديدة صعبة.

وفي لبنان البلد الصغير ذي الموارد المحدودة، لا يمكن تشكيل الحكومة من دون توافق القوى السياسية الكبرى في مهمة صعبة تحتاج في بعض الأحيان إلى أشهر عدة.

من ناحية أخرى، رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش أن "نتائج الانتخابات النيابية أسقطت كل محاولات الطرف الآخر الداخلية والخارجية لإضعاف تمثيل "حزب الله" في البرلمان". وقال "لقد حققنا في الانتخابات انتصارا سياسيا كبيرا وحصلنا نحن وحلفاؤنا على كتلة نيابية وازنة". واعتبر ان ""حزب الله" حقق العديد من الإنجازات في الانتخابات، فبالإضافة إلى إسقاط مشروع أضعاف المقاومة ورفع نسبة الاقتراع والحضور الشعبي القوي في هذا الاستحقاق، تمكن من دعم بعض حلفائه ممن يملك حيثية شعبية في منطقته وساهم في فوزهم ووصولهم إلى قبة البرلمان". وشدد على أن "نتائج الانتخابات هذه ستعزز سيادة لبنان واستقلاله وقوته وستشكل حصانة للمقاومة وستساهم في إرساء معادلة الجيش والشعب والمقاومة، كمعادلة وطنية متجذرة في لبنان".