تونس - منال المبروك

كشف تقرير التنمية البشرية للعالم العربي الصادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن تونس تأتي في المركز الثاني عربيا بعد سوريا من حيث هجرة الأدمغة إلى الخارج. وقدرت المنظمة عدد الكفاءات العلمية التونسية التي هاجرت إلى الخارج منذ اندلاع الثورة التونسية في 2011 إلى نهاية 2017 بنحو 94 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 25 و45 سنة.

وأشار التقرير إلى أنّه منذ 2011 ارتفع عدد التونسيين من ذوي الاختصاصات المهمة كالطبّ والصيدلة والهندسة الذين غادروا البلاد للعمل بالخارج، يضاف إليهم الطلبة التونسيون البالغ عددهم نحو 60 ألفا من المحتمل ألا يعود عدد منهم إلى تونس بعد إتمام دراستهم الجامعية في أوروبا.

يشار إلى أنّ هجرة الأساتذة الجامعيين شهدت تطوّرا كبيرا في السنوات الأخيرة وبلغت 8 آلاف إطار من التعليم الجامعي من بينهم 1464 أستاذا جامعيا.

وبالنسبة للكفاءات التونسية من العلماء ذكرت إحصائية سابقة أنّ عددهم يقارب 4200 عالم وأن فرنسا استقطبت 31% منهم تليها كندا بـ 30% ثم الولايات المتحدة بـ 11% ثمّ ألمانيا بـ10%، وحسب موقع "مهاجر نيوز" هناك من العلماء التونسيين من يعمل بوكالة الفضاء الأمريكية وبمخابر الفيزياء النووية بالولايات المتحدة وبمخابر علمية أوروبية وكندية.

وتشهد المستشفيات التونسية في السنوات الأخيرة موجة هجرة في صفوف الأطباء الشبان ورؤساء الأقسام الاستشفائية ما تسبب في تراجع الخدمات الصحية بكبرى المؤسسات الحكومية.

ويقول الأطباء الشبان أنهم يختارون الهجرة لا فقط بحثا عن أجور مجزية بل أيضا هربا من الوضع المتردي في المستشفيات الحكومية وغياب الإمكانيات وضغوط العمل فضلا عن تعرض عدد منهم في مناسبات متعددة للعنف من قبل المرضى وذويهم المحتجين على رداءة الخدمات.

في المقابل أرجع التقرير هجرة الكفاءات لأسباب مادية بحتة أمام تدني الرواتب في تونس مقارنة بالإغراءات المادية المعروضة في المؤسسات الأجنبية.

يذكر أنّ تقريرا لعمادة المهندسين التونسيين كان قد أشار إلى أن معدّل أجور المهندسين في المغرب يُساوي 4 أضعاف متوسط أجور المهندسين في تونس وأنه يساوي الضعف في الأردن أما في بلدان الاستقطاب مثل فرنسا وبلجيكا وكندا قيساوي الأجر 6 أضعاف ونصف الأجر في تونس.

السبب الثاني يتعلّق بالمناخ العلمي المريح والمتطوّر الذي تتيحه بلدان الإقامة للباحثين وما يتوفّر فيه من وسائل البحث العلمي وفق نفس التقرير الذي أشار أيضا إلى البطالة التي تمسّ أصحاب الشهادات العليا من بينهم 4740 مهندسا و1500 طبيب "إحصائيات 2016"، وكذلك البيئة العلمية والثقافية والاجتماعية التي لا تولي في تونس قيمة للمتميزين من الخرّيجين ولا تثمن تألقهم في العمل.

ويبرز التقرير أنه لا وجود لمخابر بحث تستقطب الباحثين برواتب مغرية وتوفر لهم مستوى عيش مناسب وحتى إن وُجدت هذه المخابر فهي تفتقر إلى الإمكانيات المادية والأكاديمية التي تضمن بيئة علمية ملائمة تساهم في نجاح البحوث التي يقوم بها هؤلاء.