غزة - عزالدين أبوعيشة

شيّعت جماهير غفيرة من الفلسطينيين في قطاع غزة، ومدن الضفة، قبل فترة، جنازة المسعفة المتطوعة رزان النجار، والمعروفة إعلامياً باسم "ملاك الرحمة"، والتي قتلها الجيش الإسرائيلي أثناء الاحتجاجات على حدود القطاع، في الجمعة العاشرة لمسيرات العودة والتي حملت اسم "من غزّة لحيفا".

وكانت النجار "21 عاماً"، تعمل متطوعة في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، وتعد أوّل مسعفة تسقط شهيدة منذ بدء مسيرات العودة.

واستشهدت المسعفة النجار أثناء محاولتها إنقاذ أحد مصابي المسيرة بالقرب من الحدود الشرقية لمدينة خان يونس جنوب القطاع، فأطلقت عليها قناصة الاحتلال رصاصة خرقت صدرها وظهرها، وأردتها شهيدة على الفور.

وأثناء التشييع حمل المواطنون جثمان رزان ملفوفاً بالعلم الفلسطيني، بينما حمل والدها سترتها الطبية الملطخة بالدماء، وجالوا به شوارع قطاع غزة، بالإضافة إلى سير الجنازة بالقرب من الحدود قبل مواراتها الثرى.

وفي تفاصيل الجريمة، بيّنت وزارة الصحة أنّ الاحتلال استهدف مجموعة من المواطنين في خان يونس، وعلى الفور حاول فريق المسعفين الذين يلبسون المعاطف الطبية التقدم لإخلاء المصابين، رافعين كلتا أيديهم تأكيداً على عدم تشكيله أي خطر على الجنود، وعلى الفور أطلقت القوات الرصاص الحي بشكل مباشر على صدر المسعفة رزان، مما أدى إلى استشهادها.

من جهته، أدان وزير الصحة جواد عواد قتل المسعفة رزان النجار أثناء عملها في إنقاذ ورعاية الجرحى، معتبرًا ذلك خرق كل المعاهدات الدولية والاتفاقيات التي تدعو إلى حماية المسعفين أوقات النزاعات.

واعتبر وزير الصحة أنّ اغتيال رزان جريمة متكاملة، وفصل جديد من العنصرية والدموية التي يستخدمها الاحتلال في حق مواطني غزة، وخرق واضح لقواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة.

ودعا عواد المؤسسات الدولية إلى العمل الجاد لتوفير الحماية للطواقم الطبية، والتنديد بجرائم المحتل والعمل الفوري لوقف عنصريته وفقاً للقرارات والمواثيق الدولية، وأطلقت صحة غزة اسم الشهيدة رزان النجار على النقطة الطبية شرق خان يونس.

بدوره، قال وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبوالريش إنّ "المحتل يمنع الطواقم الطبية من تأدية عملها من خلال إطلاق النار المباشر أو قنابل الغاز عليها، الأمر الذي يحول دون وصول الطواقم الطبية إلى المصابين لانتشالهم".

وأضاف في حديثه لـ"الوطن"، "يضع المسعفون الإشارات الخاصة بالطواقم الطبية ويرتدون الزي الخاص ويرفعون الأيدي إلى الأعلى حتى تكون واضحة، ويكونوا في سيارة الإسعاف الخاصة كل هذه الضوابط يقوم بها المسعفون ليعطوا ضمانات بأنهم لا يشكلون خطرًا على هذا الجندي المدجج بالسلاح وعلى الرغم من ذلك يتعرضون للاستهداف".

وبيّن أبوالريش أنّ "الطواقم الطبية محمية بحكم القانون الدولي، فجميع الطواقم الانسانية في أماكن النزاع يجب أن تعمل بحرية ويُمنع استهدافها، بحكم القانون والأعراف الدولية واتفاقية جنيف الرابعة".

بينما، قال وزير العدل علي أبودياك إنّ "اغتيال رزان يعد جريمة متكاملة، وبذلك أضافها الاحتلال إلى سجله الإجرامي بحق شعبنا، وهذه الجريمة تقع ضمن سياسة الإرهاب المنظم وإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل بحق المدنيين العزل".

ودعا أبودياك في تصريحه لـ"الوطن"، المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة القادة والمسؤولين والضباط والجنود وكافة مرتكبي الجرائم الإسرائيليين، مضيفاً أن "جريمة قنص وقتل المسعفة المبتدئة رزان النجار، يضيف صفعة أخرى للقانون الدولي ويضيف وصمة عار جديدة لكل الساكتين عن الحق".

وزارة الإعلام أكّدت أنّ "قتل المسعفة النجار، وما سبقه من استهداف لسيارات الإسعاف، واعتراض عمل الطواقم الصحية، وقتل الصحافيين الشهيدين خلال مسيرات العودة السلمية، يكرر مرة أخرى حاجة شعبنا لتوفير الحماية الدولية له".

وأقيمت للمسعفة رزان جنازات أخرى في مدن الضفة، كما شارك المواطنين هناك في سلسلة وقفات استنكارية ضدّ جريمة الاغتيال التي أدت إلى استشهاد رزان أثناء أداء واجبها الإنساني، واستنكاراً لجرائم الاحتلال ضد الطواقم الطبية والمدنيين الفلسطينيين.

الجدير بالذكر أنّ الاحتلال استهدف منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس الماضي، نحو 223 عاملاً في القطاع الصحي، منهم 29 مسعفاً بالرصاص الحي والقنابل الغازية السامة، وتضرر 37 سيارة إسعاف، إضافة إلى استهداف عدة نقاط طبية.