بغداد – وسام سعد:

ولدت التظاهرات في محافظة البصرة جنوب العراق أزمة أمنية جديدة على خلفية مقتل متظاهر وإصابة آخرين عندما أطلقت الشرطة العراقية أعيرة نارية لتفريق عشرات المحتجين على قلة الوظائف وعدم انتظام الكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات الأساسية في مركز المحافظة.

وطالب المتظاهرون بإجراء اصلاحات عاجلة. وأغلق المحتجون معبراً حدودياً مع إيران وطريقاً رئيساً يؤدي إلى شركتي النفط لوكاويل الروسية وإكسونموبيل الأمريكية، لكن قوات الأمن اقتحمت صفوف المتظاهرين وأطلقت النار عندما كانوا يسعون لنصب خيام على الطريق لتعطيل عمل الشركتين.

ووجه رئيس الجمهورية د.فؤاد معصوم السلطات الأمنية والقضائية بـ"التحقيق العاجل والعادل" في حادث مصرع مواطن وإصابة آخرين خلال تظاهرة في منطقة باهلة التابعة لقضاء المدينة بمحافظة البصرة، مشدداً على "وجوب اتخاذ كل الإجراءات القانونية الكفيلة بإحقاق الحق ومحاسبة المسؤولين عن الحادث".

وقال معصوم، في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه، إن "التظاهر والتعبير عن الرأي بكل الوسائل السلمية حق يكفله الدستور فضلاً عن كونه ممارسة ديمقراطية سليمة شرط عدم استعمال العنف والإخلال بالنظام العام".

فيما حذر المجلس العشائري في محافظة البصرة، في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه، الحكومة المركزية في بغداد والمحلية في البصرة من غضب الأهالي والمتظاهرين "الذين خرجوا إلى الشارع احتجاجاً على إهمال السياسيين وتصارعهم على المناصب".

وأوضح المجلس أن "العراق غدا ممزقاً متفرقاً لأن تركيا تقطع عليه الماء وإيران تتفضل عليه بماء لا يصلح حتى للحيوانات وأناس تتظاهر للقمة العيش وآخرون يلقون حتفهم لأنهم يصرخون بوجه الظالم وآخرون يقبعون في المستشفيات لأنهم أصيبوا بالمظاهرات".

وأشار المجلس إلى أن أكثر من 50 بالمئة من سكان البصرة باتوا يشكون البطالة.

ورفض المجلس العشائري تصريح قائد عمليات البصرة حول اتهام المتظاهرين بأنهم مسلحون، واعتبره "محض افتراء"، متسائلاً "إذا كان هناك مسلحون يحملون السلاح غير المرخص فهل عجزت الدولة عن اعتقالهم؟".

وشدد المجلس على أن الدستور تكفل بحرية الرأي والتعبير وأن المتظاهرين ما خرجوا إلا بسبب معاناتهم الفقر الذي هيمن عليهم وليكونوا أحراراً يرفضون العبودية والخنوع.

من جانبها، طالبت عضو مجلس محافظة البصرة بسمة السلمي رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل السريع والفوري لاحتواء الأزمة باتخاذ سلسلة إجراءات.

وقالت السلمي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن "تلك الإجراءات تتضمن تسريح العاملين في الحقول النفطية من العمالة الأجنبية والوافدين من المحافظات الأخرى ما زاد منهم على نسبة 20% المنصوص عليها في بنود عقود جولات التراخيص".

وطالبت السلمي بـالإيفاء بالوعود السابقة بإنشاء محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه التي كان آخرها مشروع القرض البريطاني الذي أحيل على شركة بلاكووتر وعلى اللجنة الاقتصادية لمجلس الوزراء.

وأكدت السلمي ضرورة إعفاء قائد العمليات وآمر لواء القوة الضاربة وتكليف آخرين على أن يكونوا من اهالي البصرة حصراً فضلاً عن محاكمة المتسبب الرئيس في إطلاق النار على المتظاهرين العزل ما تسبب بمقتل وإصابة عدد منهم.

ودعت إلى "صرف مستحقات البصرة قبل أن يُصرف دينار واحد لإعمار المناطق المحررة أو غيرها إضافة إلى تكليف وزراء الكهرباء والإسكان والموارد المائية والنفط والبلديات ورئيس هيئة الاستثمار الوطنية والمعنيين لتحريك المشاريع الخدمية والسكنية التي سبق الإعلان عنها وتخصيص المبالغ اللازمة لإنجازها.

واعتبرت السلمي أن "مطالبة جماهير البصرة بحقوقهم المسلوبة جاء بعد أن أنهكهم سوء الخدمات وقلة فرص التعيين وكذب الوعود وسوء الإدارة وعلى الجميع تصحيح المسار لضمان حقوقهم ونيل استحقاقاتهم من خيرات مواردهم".

فيما أعربت المفوضية العليا لحقوق الإنسان عن قلقها من مستقبل الأحداث في البصرة والتطورات التي قد تنعكس سلباً على الواقع الأمني والإنساني لثاني أكبر محافظة عراقية.



وقالت المفوضية في بيان إنها تراقب بقلق تصاعد وتيرة الأحداث في البصرة منذ أيام بسبب خروج عدد من أبناءها في سلسلة تظاهرات سلمية.

وأضاف البيان أن ما حصل في منطقة باهلة شمال مدينة البصرة من صدام بين القوات الأمنية الموجودة في منطقة التظاهر والمتظاهرين والذي أدى الى حالة وفاة وإصابة عدد من المتظاهرين يدعونا للقلق على مستقبل الأحداث في المحافظة.

وطالبت المفوضية الحكومة الاتحادية في بغداد والحكومة المحلية في البصرة بـ"التدخل العاجل لاحتواء الأزمة ومنع حصول أي احتكاك جديد بين المتظاهرين الغاضبين والقوات الأمنية وضرورة الاحتكام إلى القانون بين الأطراف كافة ومعالجة الموضوع بالطرق السلمية بعيداً عن كل أشكال التعصب والنظر في طلبات المتظاهرين".

ودعت المفوضية العشائر العراقية في البصرة ورجال الدين بتحمل مسؤوليتهم الكبرى في تهدئة الأوضاع والحفاظ على السلم الأهلي، مطالبة حكومة البصرة بالتنسيق مع الشركات العاملة في المحافظة لتخصيص فرص عمل مناسبة لأبنائها.

من جهته، أعلن المجلس السياسي في البصرة رفضه إطلاق القوات الأمنية الرصاص الحي على المتظاهرين المطالبين بتوفير فرص العمل والكهرباء.

واستنكر المجلس، في بيان صحافي، رد فعل القوات الأمنية في التعامل مع المتظاهرين، محملاً إياها كامل المسؤولية عن "هذه التصرفات غير المسؤولة".