ودخلت قطر في مفاوضات مع جماعة إرهابية بالعراق، وكان أحد أطرافها قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، من أجل تأمين إطلاق سراح 28 عضواً بالأسرة القطرية الحاكمة، كانوا قد اختطفوا أثناء رحلة صيد على الحدود العراقية.
وتبين الاتصالات والرسائل النصية بين عبد الرحمن آل ثاني والسفير القطري كيف وافقت قطر بكل سهولة على دفع فدية غير مسبوقة والتدخل في مسار النزاع السوري، لصالح إيران وحلفائها من أجل استرجاع الرهائن.
وقال آل ثاني في رسالة إلى السفير في السادس عشر من شهر ديسمبر 2015 : "إن جاسم ابن عمي (أحد المختطفين) وخالد (مختطف آخر) زوج خالتي. حفظك الله: عند تلقيك أي خبرٍ عن ذلك؛ أخبرني على الفور".
وطبقًا لإحدى روايات تسلسل الأحداث، فقد دفعت قطر أكثر من مليار دولار لتحرير أولئك الرجال، حيث ذهبت الأموال لجماعات وأفراد صنفتهم الولايات المتحدة على أنهم "إرهابيون" بما في ذلك كتائب حزب الله في العراق والجنرال قاسم سليماني، قائد قوات الحرس الثوري والخاضع شخصياً لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا.
وقال التقرير إن الرهائن تلقوا "تحذيرات ومناشدات بعدم الذهاب إلى تلك البلاد"، لكنهم أصروا على الذهاب إلى صحراء جنوب العراق لملاحقة الصقور هناك.
وتم اجتياح معسكر الصيادين بواسطة شاحنات صغيرة محمَّلة ببنادق رشاشة ثقيلة في الصباح الباكر، بواشطة كتائب حزب الله العراقية المدعومة من إيران.
وفي 13 مارس 2016؛ أرسل السفير زايد الخيارين إلى الوزير رسالة مفادها: "لقد أخبرتهم بأن يعيدوا لنا أربعة عشر شخصاً.. وسنعطيكم نصف القيمة".
وبعدها بخمسة أيام قال في رسالة أخرى: "إنهم يريدون بادرة حسنة من جانبنا أيضاً. هذه علامة جيدة بالنسبة لنا.. تدل على أنهم في عجلة من أمرهم ويريدون إنهاء كل شيءٌ في أقرب وقت".
وحصل السفير على مقطع فيديو يظهر أحد الرهائن لدى الخاطفين وعرضه على الوزير الذي طلب منه أن يمحوه من على هاتفه حتى لا يتسرب إلى أحد.
وأظهرت الرسائل أيضاً أن قادة الميليشيات الإيرانية طلبوا مبالغ جانبية لهم، فوافق السفير ووعد أحدهم ويدعى أبو محمد بأن يشتري له شقة في لبنان إضافة إلى مبلغ 10 ملايين دولار.
وفي أبريل 2016، ظهر سليماني، وهنا كان الحديث واضحاً عن مبلغ المليار دولار.
وأرسل السفير رسالة إلى وزير الخارجية قال فيها: "لقد التقى سليماني بالخاطفين وضغط عليهم من أجل قبول المليار دولار، لم يستجيبوا بسبب وضعهم المالي.. سليماني سيعود".
ويبدو من الرسائل أن سليماني أراد شيئاً أكبر من المال، فقد طلب من قطر المساعدة في تنفيذ ما يسمى "اتفاق المدن الأربع" في سوريا.
وبموجب اتفاق "البلدات الأربع" فكت جبهة النصرة الممولة من قطر حصارها لبلدتي كفريا والفوعة في شمال سوريا، وكذلك تم تهجير سكان بلدتي مضايا والزبداني في ريف دمشق، بهدف تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة لصالح النفوذ الإيراني.
وكسب النظام الإيراني بفضل الاتفاق، نفوذاً في مناطق قريبة من دمشق، بعد جعلها خالية من سكانها، الذين هجروا إلى الشمال السوري، وتوفير امتداد تسيطر عليه إيران في سوريا يصل إلى مناطق سيطرة حزب الله في لبنان.
وأظهرت الرسائل أن المال دفع بالفعل للإرهابيين في أبريل 2017، بالإضافة إلى رشاوى جانبية بعشرات الملايين من الدولارات لمسؤولين عراقيين وإيرانيين وقادة ميليشيات، لتنتهي أزمة الرهائن.
وتكشف المراسلات تأكيدات مسؤولين قطريين أنه تم دفع "مبلغ نقدي كبير".
وفي تقرير سابق لصحيفة واشنطن بوست، فقد حصل شخص يدعى قاسم، يعتقد أنه قاسم سليماني على 50 مليون دولار.
وبعد نقل الأموال على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية إلى بغداد، قال السفير القطري لأحد قادة كتائب حزب الله في تسجيل صوتي: "يجب أن تثقوا بقطر، وأنتم تعلمون ما فعلته قطر وما فعله صاحب السمو، والد الأمير .. لقد فعل أشياء كثيرة، ودفع 50 مليون، ووفر البنية التحتية للجنوب، وكان أول من زارها"، في إشارة إلى تعامل قطر مع حزب الله اللبناني ودعمها المادي له.