درعا - رامي الخطيب

بعد أن سيطرت قوات المعارضة في سوريا على مساحات من البلاد واجهت تحدي الفراغ المؤسسي الذي كان القضاء أحد فروعه الرئيسة، فلجأت إلى تشكيل محاكم ثورية أو محاكم فصائل فكان لكل فصيل محكمة مستقلة إلى أن اتفقت الفصائل على تشكيل محاكم اتحادية تجمع عدة فصائل بعد أن تفاقمت المشكلات.لكن هذه المحاكم بقيت تعاني ضعف الإمكانيات وخاصة القوة التنفيذية التي يوكل لها مهمة إحضار المطلوبين وقلة الموارد المالية التي لم تتمكن من تغطية رواتب الشرطة والقضاة والمحققين وإطعام السجناء و غيرها.

وعانت محاكم المعارضة من مشاكل كثيرة خاصة مع الفصائل المتشددة، وصلت أحيانا لحد اغتيال قضاتها كما حدث مع الشيخ أسامة اليتيم رئيس "محكمة دار العدل" في حوران الذي اغتيل على يد "حركة المثنى" المتطرفة رغم أن الحركة كانت من المؤسسين للمحكمة ثم انشقت عنها بعد أن اعتمدت المحكمة "القانون العربي الموحد"، الأمر الذي أثار اعتراض الفصائل المتشددة إذ اعتبرته "مخالفاً لشرع الله" حسب تعريفها. وأصبحت هذه الفصائل عدواً للمحكمة ووصل الأمر إلى حد المواجهة العسكرية.

كما انشقت "هيئة تحرير الشام" عن "دار العدل" و فضلت العمل بشكل مستقل عبر "مكتبها الأمني".

و تعتبر كوادر محاكم المعارضة قليلة الخبرة بسبب دخول كفاءات غير متخصصة في عملها خاصة في موضوع التحقيق الجنائي وتحليل الخطوط. وأدى إقحام رجال الدين، معظمهم لا يحمل شهادة جامعية، في صفوفها كقضاة إلى حدوث مشكلة مع غياب المرجع القانوني الواضح.

وقال رئيس محكمة "دار العدل" في حوران الشيخ عصمت العبسي لـ"الوطن" "حالياً لا يوجد اي مصدر تمويل لـ"دار العدل" سوى الرسوم القضائية وبعض الرسوم التي يتم تقاضيها على حاجز أمام المحكمة للبضائع القادمة من مناطق النظام لكنها لا تغطي أكثر من 10% من حاجة المؤسسة القضائية"وأضاف "بالنسبة لعدد الفصائل التي وقعت على الميثاق فهي 92 فصيلاً انسحب منها فصيلان، لكن لا يوجد حالياً أي فصيل ملتزم بتعهداته المالية. أما من ناحية القوة تنفيذية وإحضار المطلوبين فالأمر متفاوت بين فصيل وآخر. وعدد السجناء حالياً 237 وتكلفة المحكمة الشهرية 55 ألف دولار. و لدينا فريق عمل جنائي لكن لا يوجد لدينا أدوات أو قاعدة بيانات و يعتبر "القانون العربي الموحد" المرجع القضائي للمحكمة. ونحن على مسافة واحدة من جميع الفصائل".

وعن الالتباس الحاصل بين مفهوم الداعية و القاضي قال الشيخ فيصل أبازيد، و هو داعية مستقل و عضو "مجلس شورى مدينة درعا"، لـ"الوطن" "يقوم بعض طلاب العلم الشرعي بدور القاضي في بعض الأحيان وهو أمر يحتاج إلى تفرغ للعلم وتفرغ تام للنظر في دعاوى المتخاصمين والفصل في الحقوق والأمر غاية في الصعوبة بسبب فوضى السلاح إذ إن القضاة يتحملون عبئاً كبيراً ويتعرضون لمخاطر كبيرة قد تصل إلى درجة التهديد بالقتل. ولذلك فإن عمل القضاة أخطر بكثير من عمل الدعاة الذي يغلب عليه التعليم والنصح والإصلاح والترغيب بالخير والترهيب من الشر".