عقد وفدان من حركتي فتح وحماس الفلسطينيتين اجتماعات منفصلة في القاهرة مع مسؤولين بالمخابرات المصرية ركزت على مقترحات لتنفيذ اتفاق المصالحة المبرم بين الحركتين في القاهرة في أكتوبر الماضي.

وتصر فتح على انتقال كامل للسلطة والسيطرة على قطاع غزة من حماس للسلطة الوطنية الفلسطينية، كشرط لتنفيذ اتفاق المصالحة مع حماس التي ترى أن لغة التهديد لن تفلح وتطالب بضرورة وضع ضمانات وأرضية صلبة للمصالحة.

وقال المتحدث الإعلامي باسم حماس حازم قاسم، إن الحركة "لن تتخلى عن سلاح المقاومة، مشيرًا إلى أن المفاوضات (التي جرت أخيراً في القاهرة)، جاءت بناءً على دعوة من مصر في محاولة لكسر الجمود والتوصل إلى نقاط مشتركة، بشأن الورقة المصرية المقدمة مؤخرًا".

وصرح أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، بأن وفد الحركة سلم ردها على أفكار مصرية بشأن كيفية تنفيذ اتفاق المصالحة مع حركة حماس في قطاع غزة مضيفاً في تصريحات إعلامية "أن هناك دعوة لعقد لقاء ثلاثي بين ممثلي فتح وحماس والمخابرات المصرية السبت المقبل، بناءً على ما يتم التوصل إليه، مضيفا "ونحن جاهزون لهذا".

وفي مصر، قال أستاذ العلاقات السياسية المطلع على سير المحادثات طارق فهمي، بحسب بي بي سي إن الجولة الحالية جاءت استكمالاً للتحركات المصرية في الملف الفلسطيني بناءً على مسودة أفكار طرحتها القاهرة مكونة من أربع مراحل.

وأضاف أن الخطوة الأولى هي بدايات مراحل التمكين المباشر لحكومة التوافق الوطني ثم الحديث عن بعض الأمور المتعلقة بالضرائب وجبايتها وغيرها من التفاصيل.

وقال "هناك تطورات إيجابية في هذا التوقيت مرتبطة ببدايات الاتصالات المباشرة ما بين الفصائل ومصر من خلال وفدي فتح وحماس."

وقد تباينت الآراء بشأن الجهد المصري في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الفلسطينيين.

يرى الكاتب والمحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الأمة بقطاع غزة حسام الدجني، أن الدور المصري يقف بشكل متساو مع القضية الفلسطينية ومع اعتبارات الأمن القومي المصري.

ويدلل على ذلك بالتقارب الأمني المصري الملحوظ مع حماس في الشهور الأخيرة سيما في ضبط الحدود بين مصر وقطاع غزة.

وأضاف الدجني أن مصر تولى اهتماماً بقطاع غزة ومعاناة سكانه أكثر من ميلها لفصيل بعينه.

وقررت مصر وتزامناً مع شهر رمضان الماضي، فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة حتى عيد الأضحى بعد إغلاقه بشكل شبه دائم منذ سنوات.

وخلال الشهور الماضية وفرت مصر الوقود لقطاع غزة لتشغيل محطة الكهرباء الرئيسية بها، بعد قطع إسرائيل الإمدادات للمحطة عدة مرات خلال الفترات الأخيرة.

واستقبلت مصر قيادات من مستويات مختلفة من حركة حماس وسمحت لها بالعبور إلى الخارج عبر المواني المصرية ومن بينهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية.

كما يسرت مصر دخول البضائع والسلع إلى القطاع عبر معبري رفح والعوجة، وخفت وطأة الهجوم على حماس في وسائل إعلام مصرية مقارنة بالحال قبل اتفاق المصالحة.

لكن المحلل السياسي الفلسطيني والباحث بمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي عبد المهدي مطاوع، يرى أن القول بأن مصر تتماهى مع رؤية حماس في المصالحة "أمر مبالغ فيه".

وأردف مطاوع "أعتقد أن مصر ربما تتوازن أكثر أو تتعامل بطريقة أفضل من الفترة الماضية مع حماس بسبب أن هناك مصالح مشتركة وخصوصاً الوضع في سيناء والتزام حماس مع الأمن المصري في الفترة الماضية، وهذا انعكس بالتأكيد على طريقة التعامل. لكن في الخطوط العامة الكبيرة، وفيما يتعلق بالمصالحة والتي هي في النهاية سوف ترسخ الوضع القانوني أو الوضع السياسي على الجانب الآخر من الحدود الشرقية ، هناك محددات وخطوط حمراء".

ويرى مطاوع أن الموقف المصري عبر عنه الرئيس المصري عدة مرات في أكثر من مناسبة وهو أن "مصر تتعامل مع الشرعية الفلسطينية".

ونجحت مصر في شهر أكتوبر أول العام الماضي، في جمع ممثلي فتح وحماس على مائدة واحدة في القاهرة حيث اُعلن عن اتفاق مصالحة تتبعه خطوات على الأرض سيما في قطاع غزة الذي تنفرد حماس بإدارته منذ 2007.

لكن الاتفاق تعثر منذ ذلك الحين سيما بعد تبادل اتهامات بين حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية بالمسؤولية عن محاولة اغتيال تعرض لها رئيس حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني رامي الحمدلله خلال زيارة لغزة في مارس الماضي.

وتتعاون حماس مع مصر في تأمين المنطقة الحدودية المشتركة لمنع المسلحين من التسلل إلى سيناء أو منها إلى القطاع سيما بعد سلسلة من الهجمات الدامية التي أودت بحياة عشرات من أفراد الجيش والشرطة في سيناء خلال السنوات الست الماضية .

وأنشأت حماس منطقة عازلة على الجانب الشرقي من حدودها مع مصر بغرض تعزيز إجراءاتها الأمنية وتجاوباً مع المتطلبات الأمنية المصرية.

ولعبت حماس دوراً في تهدئة النبرة الإعلامية المعادية لمصر في وسائل إعلام بالقطاع وتعاونت مع الجهود المصرية في ملفات مهمة كتبادل الأسرى والتهدئة مع إسرائيل، وكان أخرها هدنة معلنة بوساطة مصرية في يوليو المنصرم.

أما الصحفي المصري بجريدة الأهرام والمتخصص في الشأن الفلسطيني أشرف أبو الهول، فيرى أن الدور المصري لا يميل لهذا الطرف أو ذلك وإنما يبحث عن حلول عملية لمشاكل على الأرض.

وأضاف أبو الهول بحسب بي بي سي " نحن نعلم أن حماس هي التي تسيطر على الأرض في غزة وبالتالي لديها هواجس ومشكلات كي تتخلى عن هذه السيطرة وهناك قدر كبير من عدم الثقة . وعندما يقال إن مصر تميل لحماس أو استمعت لحماس أو استجابت لحماس لا يعني أن مصر تميل لحماس وإنما تحاول حل المشكلات العملية التي تظهر على الأرض ولكن الشكل العام للاختصاص واحد، والأساس في القضية هو أن تتسلم السلطة السيطرة على غزة ، وبالطبع هذا لا يعني بدوره أن مصر تميل للسلطة.