عمان – غدير محمود



عاد موضوع افتتاح معبر "جابر - نصيب" أمام الحركة التجارية بين الأردن وسوريا إلى واجهة الاهتمام بين البلدين، بعد نجاح قوات الأسد وحلفائه في استعادة المنطقة الحدودية من الفصائل المقاتلة في الجنوب السوري.

المعبر مع سوريا كان مفتوحاً أمام الحركة التجارية والنقل في الاتجاهين حتى منتصف العام 2015، تاريخ سيطرة فصائل الجبهة الجنوبية على المعبر، ما دفع الجانب السوري إلى إغلاقه بعد أن انسحبت قوات الأسد من الموقع. الأمر الذي دفع الأردن لاعتبارات أمنية إلى إغلاق المعبر.

التصريحات الأردنية والسورية واللبنانية الجادة والمتحمسة صبت في مجملها نحو ضرورة الإسراع في فرض الأمن وتجهيز المعبر استعداداً لإعادة افتتاحه أمام الحركة التجارية التي ستعود بالفائدة على الجميع، لما يمثله معبر "جابر -نصيب" من شريان اقتصادي هام لهذه الدول في جميع الاتجاهات. حيث يرى مختصون أن المتضرر الأكبر من إغلاق الحدود، هوالأردن وكلما طالت فترة الإغلاق كانت التأثيرات والضغوطات أكبر على الاقتصاد المحلي الذي يعاني ارتفاع التضخم والمديونية.

تريث النظام السوري والأردن في إعادة افتتاح المعبر أثار عدداً من التساؤلات، خصوصاً أن روسيا أعلنت أن طريق دمشق عمان بات آمناً بالكامل، الاأمر الذي يفسر رغبة دمشق في ربط الملف الاقتصادي بالملف السياسي في علاقاتها مع الأردن ولبنان. إذ نقلت وسائل إعلام لبنانية عن مصادر حكومية سورية، أن إعادة فتح معبر نصيب أمام القوافل التجارية الأردنية واللبنانية، لن يكون قبل أن يرسل البلدان وفوداً رسمية، وأن يتقدموا بطلب رسمي إلى الحكومة السورية لإعادة فتح المعبر، وأن تتم مناقشة جميع القضايا العالقة بين البلدان الثلاثة، سوريا ولبنان والأردن.

بالمقابل يرى الاردن بحسب ما نشرت صحف رسمية تعبر عن وجهة نظر الحكومة أن "المسؤولية في التقدم بطلب لفتح المعبر تقع على الجانب السوري لأنه أغلق بفعل أحداث وتطورات وقعت على الجانب السوري وليس الأردني. لا أحد يسأل اليوم عن الوضع الأمني للطريق الواصل من المعبر إلى عمان مثلاً، ولا مدى جاهزية الجهاز الجمركي والخدمي على الجانب الأردني من الحدود. الأسئلة بهذا الخصوص مناطة بالجانب السوري الذي لا تزال قواته تعمل لتطهير المناطق الجنوبية من بقايا الجماعات الإرهابية، وتنظم وجودها الأمني والسياسي في محافظة درعا التي خرجت لسبع سنوات عن السيطرة الحكومية".

مصدر رسمي أردني أكد قبل أيام أن الأردن لديه مصلحة باستئناف العمل في المعبر، لكونه سيعود بفوائد كبيرة على الاقتصاد الوطني، حيث يعد المعبر شريان التجارة الرئيسي بين الأردن وسوريا ولبنان وتركيا وعدد من الدول الأوروبية.

وأكد المصدر، أن الترتيبات الأمنية بين الجانب الأردني والسوري باتت عقبة، لأن الجانب السوري حتى الآن لم يتصل مع الجانب الأردني ولم يطلب منه فتح المعبر، وأن الاتصالات التي جرت كانت بين الأردن وروسيا فقط.

وأشار المصدر إلى وجود تخوفات وهواجس أمنية لدى الأردن من دخول إرهابيين ببطاقات مزورة إلى الأردن، كذلك بحاجة إلى ضمانات من الجانب السوري لتأمين مواطنيه على الطرق المؤدية إلى المعبر والطريق الرئيسي بين عمان ودمشق، كما أن أي عودة للاجئين السوريين بحاجة إلى ترتيبات مع الجانب السوري للدخول بشكل رسمي عبر الحدود الرسمية وليس عبر المعابر غير الشرعية.

بالتزامن مع هذه التطورات، بدأت فعاليات اقتصادية وشركات نقل وتجارة وفعاليات شعبية تطالب بفتح المعبر الحدودي، لما له من أهمية اقتصادية. ولما يمثله المعبر من شريان حياة لاقتصاد البلدين، وبوابة لعلاقات تاريخية ممتدة لعقود طويلة، معتبرة أن من مصلحة البلدين فتح المعبر واستعادة حركة التجارة، الأمر الذي سيمهد الطريق أمام الأردن لمشاركة فاعلة في مشاريع إعادة إعمار سوريا التي نالها الدمار نتيجة الحرب ضد الجماعات الإرهابية والمسلحة المستمرة منذ عام 2011 حتى الآن.

ورغم الإشكالات الأمنية والسياسية العالقة بين البلدين، فإن كليهما يحثان الخطى في اتجاه إعادة تجهيز المعبر وتزويده بما يلزم من مبان وخدمات وقوى عاملة، بانتظار اتفاق مسؤولي البلدين على التفاصيل كافة وخصوصا الأمنية منها، والتي يعتقد بأنها لن تأخذ من الوقت الكثير.

فهل تشكل الحاجة الاقتصادية المدخل المناسب لتجاوز الخلافات السياسية بين الأدرن وسوريا؟