تونس - منال المبروك، وكالات
أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الاثنين دعمه لمشروع قانون يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي يثير جدلاً كبيراً في البلاد.
والقانون المطبق حالياً المستمد من الشريعة الإسلامية، يقضي بأن يرث الرجل ضعف ميراث المرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.
وقال الرئيس التونسي في خطاب متلفز ألقاه بمناسبة يوم المرأة التونسية "أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانوناً".
إلا أن الرئيس التونسي أوضح أن مشروع القانون الجديد سيترك المجال مفتوحاً أمام الاختيار في تطبيقه أو عدم تطبيقه. وقال في هذا الإطار "بما أن رئيس الدولة هو رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة، فإذا كان المورث يريد تطبيق القوانين الشرعية فله ذلك، وإذا أراد تطبيق القانون فله ذلك أيضاً".
وتعتبر مسألة المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث أحد أكثر الإجراءات إثارة للجدل بين سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية التي قدمتها لجنة شكلها الرئيس قبل عام لترجمة مبدأ المساواة بين التونسيين الوارد في دستور العام 2014 في القوانين.
وكان دستور البلاد الجديد أقر عام 2014 في خضم موجة الربيع العربي وبعد سقوط الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وهذه اللجنة الخاصة بالحريات الفردية والمساواة، اقترحت أن يكون الإرث العائلي موزعاً بشكل متساو بين الرجل والمرأة. إلا أنه يحق للمورث مع ذلك الذهاب إلى الكاتب العدل لتوزيع ميراثه بحسب قاعدة الإرث المضاعف للذكر.
ومن الصعب منذ الآن التكهن باحتمالات الموافقة على مشروع القانون هذا خلال فترة قصيرة. ذلك أن نواباً قلائل أعربوا علناً عن مواقفهم من هذه المسألة الحساسة التي تتسبب بانقسامات حتى داخل الحزب الواحد.
ويتزامن الإعلان عن مشروع القانون هذا مع مشاكل داخلية تضرب الحزب الحاكم "نداء تونس" الذي أسسه السبسي عام 2012 ، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2019.
ويسعى حزب نداء تونس إلى تعزيز وضعه بمواجهة حزب النهضة الإسلامي الذي يملك حالياً أكبر عدد من النواب في البرلمان.
ودعا رئيس البلاد نواب حزب النهضة الى التصويت على مشروع القانون الذي يفترض أن يعرض على النواب لمناقشته بعد العطلة البرلمانية الصيفية. وأعرب عن الأمل بأن ينظر حزب النهضة "كعنصر بارز في مجلس الشعب (...) بعناية التفتح" في مشروع القانون "لأنه مشروع مستقبل تونس".
ومع أن حزب النهضة عبر عن "احترازات" حيال مشروع القانون، بحسب السبسي نفسه فأنه لم يتخذ بعد موقفا واضحا منه.
وقال القيادي في حزب النهضة علي العريض في خطاب ألقاه الإثنين "النضال والعمل من أجل حقوق المرأة ودعم موقعها وتطويرها (...) المستمر المرير والطويل، ليس ضد الرجل بل معه وبشراكة معه، ليس ضد الأسرة بل بها ومعها، ليس ضد الدين والهوية بل من داخله ومن مقاصده وقيمه السمحة".
أما حزب "نداء تونس" الذي ينقسم نوابه إزاء مشروع القانون هذا فأكد في بيان الأحد أن "تحقيق المساواة الكاملة يبقى هدفاً نبيلاً والشروط لتحقيقه اليوم مجتمعة".
ويعتبر الذين يدعمون إعطاء الذكر ضعف حصة الأنثى من الميراث أن على الرجل أن يؤمن حاجات منزله وأسرته.
وشدد الرئيس التونسي على ان تونس هي "دولة مدنية" بموجب الدستور.
ودعا السبسي إلى "ضرورة مراجعة مجلة الأحوال الشخصية لمواكبة تطور المجتمع وملاءمة التشريعات الجاري بها العمل مع ما نص عليه دستور الجمهورية الثانية الذي يؤكد على إنهاء التمييز بين الجنسين في كل مجالات الحياة"، معتبراً "الدستور السلطة العليا التي يحتكم إليها الجميع في تونس".
وقال السبسي "إذا كان صاحب التركة يريد بحياته تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية في توزيع الإرث بين بناته وأبنائه فله ذلك ومن يريد تطبيق الدستور بحذافيره فله ذلك أيضاً"، مشيراً إلى أن "هذا التوجه يندرج في إطار دوره كرئيس دولة في تجميع التونسيين لا تفرقتهم".
وشدد رئيس الجمهورية على "ضرورة مراجعة مجلة الأحوال الشخصية وإدخال تغيير عل بعض أحكامها لمواكبة تطور المجتمع وملاءمة التشريعات الجاري بها العمل مع ما نص عليه دستور الجمهورية الثانية"، قائلاً إن "مجلة الأحوال الشخصية كانت أبرز إنجاز حدث في القرن العشرين في تونس وفي المنطقة على إعتبار أنه إصلاح وضع المرأة التونسية في صلب التغيير الاجتماعي حيث تم حفظ حرياتها وكرامتها مما مكنها من السير خطوات عملاقة نحو التقدم والرقي ودفعت كل الشعب التونسي الى المراتب العليا".
ولفت السبسي إلى أن "مجلة الأحوال الشخصية كانت الثورة الأولى للمجتمع التونسي تلتها ثورة 14 يناير 2011 وجاء دستور يناير 2014 الحدث الجديد، مشددا على "وجوب احترام الجميع لهذا الدستور الذي كانت صياغته محل إجماع وتوافق بين كل نواب المجلس الوطني التأسيسي".
وأكد السبسي أن "كل إصلاح يقتضي احترام مشاعر الشعب التونسي وعدم استفزازه"، مشدداً على أن "التقرير الذي أعدته لجنة الحريات بشأن الحريات والمساواة بين الأفراد أليس قانوناً بل هو مجرد مجهود فكري أخلاقي سيقع الرجوع إليه عند الاقتضاء".
وفي 13 أغسطس الماضي بادر السبسي بتشكيل لجنة للحريات الفردية ترأسها الحقوقية بشرى بالحاج حميدة لإعداد مقترح حول مسألة المساواة في الميراث وعدد من قضايا المجتمع المتعلقة بتقاسم الأعباء الأسرية بين الرجل والمرأة ودعم الحريات الشخصية.
وأثارت خلاصة أعمال لجنة الحريات جدلاً واسعاً في المجتمع التونسي بين رافض ومؤيد لما ورد فيها من مقترحات حيث اعتبرت الأحزاب والقوى التقدمية أن توصياتها انتصار لحقوق المرأة وتطوير للمجتمع فيما اعتبرت الأطراف الرافضة له أن توصيات اللجنة تعد على الشريعة والنص القرآني وتهديد للنموذج المجتمعي في البلاد.
وبقرار الرئيس السبسي إحالة مشروع قانون في المساواة في الميراث على البرلمان يكون هذا الأخير قد وضع القوى السياسية في البلاد أمام اختبار اختيار النموذج المجتمعي لتونس الجديدة حاشراً بذلك خصمه السياسي حركة النهضة ذات الأغلبية البرلمانية في الزاوية.
وقال السبسي في هذا الصدد إن "النهضة حزب إسلامي ذو مرجعية يخطو نحو التحول إلى حركة مدنية"، ملمحاً إلى أن "التصويت على مشروع قانون المساواة في الميراث سيحسم أمر حركة النهضة ويحدد هويتها الحقيقة فإما أن تكون حزباً مدنياً أو أن تعود إلى مرجعيتها الدينية".
{{ article.visit_count }}
أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الاثنين دعمه لمشروع قانون يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي يثير جدلاً كبيراً في البلاد.
والقانون المطبق حالياً المستمد من الشريعة الإسلامية، يقضي بأن يرث الرجل ضعف ميراث المرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.
وقال الرئيس التونسي في خطاب متلفز ألقاه بمناسبة يوم المرأة التونسية "أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانوناً".
إلا أن الرئيس التونسي أوضح أن مشروع القانون الجديد سيترك المجال مفتوحاً أمام الاختيار في تطبيقه أو عدم تطبيقه. وقال في هذا الإطار "بما أن رئيس الدولة هو رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أكثر من التفرقة، فإذا كان المورث يريد تطبيق القوانين الشرعية فله ذلك، وإذا أراد تطبيق القانون فله ذلك أيضاً".
وتعتبر مسألة المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث أحد أكثر الإجراءات إثارة للجدل بين سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية التي قدمتها لجنة شكلها الرئيس قبل عام لترجمة مبدأ المساواة بين التونسيين الوارد في دستور العام 2014 في القوانين.
وكان دستور البلاد الجديد أقر عام 2014 في خضم موجة الربيع العربي وبعد سقوط الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وهذه اللجنة الخاصة بالحريات الفردية والمساواة، اقترحت أن يكون الإرث العائلي موزعاً بشكل متساو بين الرجل والمرأة. إلا أنه يحق للمورث مع ذلك الذهاب إلى الكاتب العدل لتوزيع ميراثه بحسب قاعدة الإرث المضاعف للذكر.
ومن الصعب منذ الآن التكهن باحتمالات الموافقة على مشروع القانون هذا خلال فترة قصيرة. ذلك أن نواباً قلائل أعربوا علناً عن مواقفهم من هذه المسألة الحساسة التي تتسبب بانقسامات حتى داخل الحزب الواحد.
ويتزامن الإعلان عن مشروع القانون هذا مع مشاكل داخلية تضرب الحزب الحاكم "نداء تونس" الذي أسسه السبسي عام 2012 ، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2019.
ويسعى حزب نداء تونس إلى تعزيز وضعه بمواجهة حزب النهضة الإسلامي الذي يملك حالياً أكبر عدد من النواب في البرلمان.
ودعا رئيس البلاد نواب حزب النهضة الى التصويت على مشروع القانون الذي يفترض أن يعرض على النواب لمناقشته بعد العطلة البرلمانية الصيفية. وأعرب عن الأمل بأن ينظر حزب النهضة "كعنصر بارز في مجلس الشعب (...) بعناية التفتح" في مشروع القانون "لأنه مشروع مستقبل تونس".
ومع أن حزب النهضة عبر عن "احترازات" حيال مشروع القانون، بحسب السبسي نفسه فأنه لم يتخذ بعد موقفا واضحا منه.
وقال القيادي في حزب النهضة علي العريض في خطاب ألقاه الإثنين "النضال والعمل من أجل حقوق المرأة ودعم موقعها وتطويرها (...) المستمر المرير والطويل، ليس ضد الرجل بل معه وبشراكة معه، ليس ضد الأسرة بل بها ومعها، ليس ضد الدين والهوية بل من داخله ومن مقاصده وقيمه السمحة".
أما حزب "نداء تونس" الذي ينقسم نوابه إزاء مشروع القانون هذا فأكد في بيان الأحد أن "تحقيق المساواة الكاملة يبقى هدفاً نبيلاً والشروط لتحقيقه اليوم مجتمعة".
ويعتبر الذين يدعمون إعطاء الذكر ضعف حصة الأنثى من الميراث أن على الرجل أن يؤمن حاجات منزله وأسرته.
وشدد الرئيس التونسي على ان تونس هي "دولة مدنية" بموجب الدستور.
ودعا السبسي إلى "ضرورة مراجعة مجلة الأحوال الشخصية لمواكبة تطور المجتمع وملاءمة التشريعات الجاري بها العمل مع ما نص عليه دستور الجمهورية الثانية الذي يؤكد على إنهاء التمييز بين الجنسين في كل مجالات الحياة"، معتبراً "الدستور السلطة العليا التي يحتكم إليها الجميع في تونس".
وقال السبسي "إذا كان صاحب التركة يريد بحياته تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية في توزيع الإرث بين بناته وأبنائه فله ذلك ومن يريد تطبيق الدستور بحذافيره فله ذلك أيضاً"، مشيراً إلى أن "هذا التوجه يندرج في إطار دوره كرئيس دولة في تجميع التونسيين لا تفرقتهم".
وشدد رئيس الجمهورية على "ضرورة مراجعة مجلة الأحوال الشخصية وإدخال تغيير عل بعض أحكامها لمواكبة تطور المجتمع وملاءمة التشريعات الجاري بها العمل مع ما نص عليه دستور الجمهورية الثانية"، قائلاً إن "مجلة الأحوال الشخصية كانت أبرز إنجاز حدث في القرن العشرين في تونس وفي المنطقة على إعتبار أنه إصلاح وضع المرأة التونسية في صلب التغيير الاجتماعي حيث تم حفظ حرياتها وكرامتها مما مكنها من السير خطوات عملاقة نحو التقدم والرقي ودفعت كل الشعب التونسي الى المراتب العليا".
ولفت السبسي إلى أن "مجلة الأحوال الشخصية كانت الثورة الأولى للمجتمع التونسي تلتها ثورة 14 يناير 2011 وجاء دستور يناير 2014 الحدث الجديد، مشددا على "وجوب احترام الجميع لهذا الدستور الذي كانت صياغته محل إجماع وتوافق بين كل نواب المجلس الوطني التأسيسي".
وأكد السبسي أن "كل إصلاح يقتضي احترام مشاعر الشعب التونسي وعدم استفزازه"، مشدداً على أن "التقرير الذي أعدته لجنة الحريات بشأن الحريات والمساواة بين الأفراد أليس قانوناً بل هو مجرد مجهود فكري أخلاقي سيقع الرجوع إليه عند الاقتضاء".
وفي 13 أغسطس الماضي بادر السبسي بتشكيل لجنة للحريات الفردية ترأسها الحقوقية بشرى بالحاج حميدة لإعداد مقترح حول مسألة المساواة في الميراث وعدد من قضايا المجتمع المتعلقة بتقاسم الأعباء الأسرية بين الرجل والمرأة ودعم الحريات الشخصية.
وأثارت خلاصة أعمال لجنة الحريات جدلاً واسعاً في المجتمع التونسي بين رافض ومؤيد لما ورد فيها من مقترحات حيث اعتبرت الأحزاب والقوى التقدمية أن توصياتها انتصار لحقوق المرأة وتطوير للمجتمع فيما اعتبرت الأطراف الرافضة له أن توصيات اللجنة تعد على الشريعة والنص القرآني وتهديد للنموذج المجتمعي في البلاد.
وبقرار الرئيس السبسي إحالة مشروع قانون في المساواة في الميراث على البرلمان يكون هذا الأخير قد وضع القوى السياسية في البلاد أمام اختبار اختيار النموذج المجتمعي لتونس الجديدة حاشراً بذلك خصمه السياسي حركة النهضة ذات الأغلبية البرلمانية في الزاوية.
وقال السبسي في هذا الصدد إن "النهضة حزب إسلامي ذو مرجعية يخطو نحو التحول إلى حركة مدنية"، ملمحاً إلى أن "التصويت على مشروع قانون المساواة في الميراث سيحسم أمر حركة النهضة ويحدد هويتها الحقيقة فإما أن تكون حزباً مدنياً أو أن تعود إلى مرجعيتها الدينية".