* نجيب ميقاتي: نجدد دعمنا لمقام رئاسة الحكومة

* مراقبون: اجتماع "بيت الوسط" رسالة لمن يريد المس بمقام رئاسة الحكومة المركز السني الأعلى في لبنان

بيروت - بديع قرحاني، وكالات

خرج رئيس الوزراء اللبناني المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري عن صمته، مؤكداً أنه "الرئيس المكلف وسأبقى مكلفاً ولا أحد يعطيني مهلة سوى الدستور ولا تعنيني أي مطالعات دستورية يقدمها هذا الوزير أو ذاك وأنا رئيس حكومة مكلف وأعرف صلاحياتي".

وكان الحريري يرد على ما نقل على لسان الرئيس اللبناني ميشال عون ونشرته صحيفة "الشرق الأوسط اللندنية"، حيث قال إن "رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري "مربك" في موضوع التأليف"، مشيراً إلى أنه "لا يتدخل فيما يقوم به الحريري، غير أنه طلب منه أمرين فقط، لا ثالث لهما، وهما، أولاً اعتماد معيار واحد في عملية التأليف، وثانياً، ألا يتم إبعاد أي طرف"، وفقاً لما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط".

ونفت أوساط مقربة من الرئيس اللبناني "نيته تسمية شخص آخر لتشكيل الحكومة"، مشيرة إلى أن "الأمر يخالف الدستور واتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية"، مؤكدة أن "الحريري هو من سيشكل الحكومة مع رئيس الجمهورية ونقطة على السطر".

من جانبه، أكد الحريري أنه "سيلتقى عدداً من الفرقاء السياسيين أملاً في أن يتبلور شيء خلال يومين أو ثلاثة" موضحا انه "سيأتي الوقت الذي سيسمي فيه من يعرقل تشكيل الحكومة".

من جهته، توقع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي عدم تشكيل الحكومة قريباً وتفعيل دور حكومة تصريف الأعمال مجدداً دعمه لمقام رئاسة الحكومة بعض النظر عن الأشخاص الذين يتولون سدة المسؤولية فيه في موقف داعم مباشرة للرئيس الحريري في مواجهة الأصوات السنية الموالية للمحور السوري الإيراني والتي تطالب بحصة وزارية في الحكومة.

وعقد اجتماع في بيت الوسط ضم الى جانب الرئيس الحريري رؤوساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتغيب تمام سلام بسبب دواعي السفر، فيما أكد مراقبون ومتابعون للشأن اللبناني أن "الاجتماع بحد ذاته رسالة لكل من يريد المس بمقام رئاسة الحكومة اللبنانية المركز السني الأعلى في لبنان".

أما وزير الخارجية جبران باسيل، فقد أكد من جهته أن "حصة الرئيس الوزارية لا ترتبط بمرحلة معينة ولا يجب العودة إلى أخطاء استراتيجية ارتكبت بهدف تحقيق مكسب سياسي".

وأكد باسيل، في كلمة بعد اجتماع تكتل "لبنان القوي" أنه "لا يمكننا ربط تأليف الحكومة بالقرارات الخارجية"، مشيراً إلى أن "في الفترة الأخيرة أكثر من سفير سألني عن تشكيل الحكومة وكنت أجيب بكل دبلوماسية وتهذيب أن هذا شأن داخلي ونأمل اعتماد هذا النفس الوطني في التأليف".

وقبل يومين، حذر الرئيس عون بشدة من التأخر في عملية تأليف الحكومة الجديدة، التي ما زال مصراً على اعتبارها "حكومة العهد الأولى"، على الرغم من الإنجازات التي قامت بها الحكومة التي تألفت بعد انتخابه رئيساً للبلاد في خريف العام 2016، وفقاً لما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.

واستغرب الرئيس عون، كما نقل عنه زواره لـ"الشرق الأوسط"، مطالب السياسيين اللبنانيين فيما يتعلق بتأليف الحكومة، لجهة محاولة البعض "تكبير حجمه" أكثر من الواقع، مشيراً إلى أن الانتخابات النيابية أظهرت حجم كل طرف، معتبراً أن "المشكلة الأساسية هي في أن البعض يريد أن يقفز فوق حصته على حساب الآخرين". ويصف عون الحسابات التي ينطلق من خلالها البعض في موضوع الحكومة، بأنها "حسابات خطرة"، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي يحتاج إلى حكومة فاعلة في أسرع وقت ممكن، و"كل تباطؤ ندفع ثمنه من جيوب اللبنانيين".

واعتبر عون أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري "مربك" في موضوع التأليف، مشيراً إلى أنه لا يتدخل فيما يقوم به الحريري، غير أنه طلب منه أمرين فقط، لا ثالث لهما، وهما، أولاً اعتماد معيار واحد في عملية التأليف، وثانياً، ألا يتم إبعاد أي طرف. ونفى عون بشدة وجود مشكل مع الحريري، قائلاً: "أنا أعزه كثيراً"، وأضاف "حتى عندما كنا مختلفين في الماضي، لم أكن أتعرض له شخصياً، وكنا على تواصل دائم". وتابع "أنا لا أعادي أحداً في السياسة، ومن يعادي في هذا المجال مخطئ". وشدد عون على أن "الحريري قادر على الخروج بتشكيلة حكومية ترضي الجميع عندما يستعمل معايير واحدة، "ففي النهاية بإمكاننا أن نعمل لمصلحة لبنان من دون أن نتعرض لمصلحة أي بلد أو طرف"".

وعما إذا كان من الوارد البحث في سحب التكليف من الحريري، جزم الرئيس عون بأنه لا يريد حالياً الدخول في هذا البحث، ففترة 5 إلى 6 أشهر لتأليف الحكومة قد تكون مقبولة، لكن لا يمكن إبقاء البلاد في هذه الحال وقتاً أطول، مشيراً إلى أن ثمة اجتهادات قانونية في هذا المجال، رغم أن الدستور لا ينص صراحة على مهلة للتأليف أو الاعتذار، ومن هذه الاجتهادات واحد لوزير العدل السابق من حصة تيار "المستقبل" الدكتور خالد قباني.

واعترف الرئيس عون، بأنه يعتبر هذه الحكومة أول حكومات عهده، كونها نتجت عن الانتخابات البرلمانية الأولى بعد نحو 9 سنوات، وأفرزت وقائع تظهر أحجام القوى ورغبات الناس. وأشار في المقابل إلى أن عهده واجه عراقيل كثيرة من قبل المتضررين من سياسة مكافحة الفساد بالدرجة الأولى. وقال "عندما بدأنا بمحاربة الفساد قاموا علينا من جميع الاتجاهات". ولخص الرئيس عون ما قام به عهده حتى اليوم، بثلاثة جوانب، الأول يتمثل بإنجاز خطة اقتصادية كلف بإعدادها واحدة من كبريات الشركات العالمية في هذا المجال "ماكينزي"، وقد باتت جاهزة للمناقشة في الحكومة المقبلة، أما الجانب الثاني فهو الأمن حيث تم تحصين الوضع الأمني بشكل كبير، فبات لبنان واحداً من الدول الأكثر أمناً في محيطه، مشيراً في هذا المجال إلى ضبط عمليات التهريب التي كانت تضر بالاقتصاد اللبناني، فقد تم ضبط 312 كيلوغراماً من الذهب المهرب، وعشرات الشاحنات من المواد المهربة، بالإضافة إلى ضبط 700 مليون حبة "كبتاغون". أما الجانب الثالث، فهو تحصين القضاء ومنع التدخلات فيه، مشيراً إلى أن "بطء العمل القضائي وصل إلى درجة غير مسبوقة، وغير مفهومة. فجريمة حصلت في وضح النهار، وشاهدها اللبنانيون آلاف المرات بأم العين استغرق إصدار الأحكام فيها أكثر من سنتين".

أما أبرز تحديات المرحلة المقبلة، فأوجزها الرئيس عون بثلاث قضايا يتصدرها الاقتصاد، يليها الفساد وقضية النازحين. في الجانب الاقتصادي يرى الرئيس عون ضرورة اعتماد برنامج إنقاذ اقتصادي انطلاقاً من الخطة المقترحة، أما موضوع الفساد فهناك قرار بمحاربته بلا هوادة، فيما تتم معالجة ملف النازحين السوريين بكل الإمكانات المتوفرة، مشيراً إلى أن الكثير من حالات النزوح السوري إلى لبنان هي عبارة عن نزوح اقتصادي، فيما القلة هي بسبب المخاوف الأمنية. وتابع عون "روسيا بدأت مساعدتنا في عملية إعادة النازحين، وفرنسا قد تفعل ذلك أيضاً، لكن لا بد من اجتراح حلول لهذا الملف الذي يرهق كاهل لبنان ويزيد من أعبائه"، مشيراً إلى أن الخطة تقضي بأن يعود النازحون إلى قراهم التي تشهد استقراراً أمنياً في البداية، ومن ثم يتم النظر بأوضاع الآخرين.

وعن أسباب الأزمة الاقتصادية، قال عون إن "الموضوع هو عبارة عن أزمات متراكمة، إضافة إلى الحروب في المنطقة، والفساد الذي يعتبر بحد ذاته "أزمة متراكمة ورثناها ونحاول التعامل معها"".