* متظاهرون يحرقون العلم الإيراني وصور الخميني وخامنئي بعد تدمير قنصلية طهران بالبصرة

* مشادة كلامية داخل البرلمان بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ونواب البصرة

* قذائف تستهدف مطار البصرة وإقالة قائد الشرطة وفرض حظر التجول

* تحالف الصدر وقائمة العامري يطالبان باستقالة العبادي على خلفية أزمة البصرة

بغداد - وسام سعد، (وكالات)

شهدت جلسة مجلس النواب العراقي التي عقدت السبت لمناقشة تردي الأوضاع في محافظة البصرة جنوب العراق مشادة كلامية بين رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ونواب محافظة البصرة، إضافة إلى مشادة أخرى جرت بين العبادي ومحافظ البصرة أسعد العيداني حول موضوع التخصيصات المالية لمشاريع البنى التحية في المحافظة.

وطالبت القائمتان الرئيسيتان اللتان فازتا في الانتخابات التشريعية التي جرت في أمايو الماضي، باستقالة حكومة العبادي، في أعقاب جلسة استثنائية للبرلمان لمناقشة الأزمة القائمة في البصرة.

وقال المتحدث باسم تحالف "سائرون" الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، النائب حسن العاقولي "نطالب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية بتقديم استقالتهم والاعتذار للشعب العراقي". من جهته، أعلن المتحدث باسم تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري، النائب أحمد الأسدي أن "التقصير والفشل الواضح في أزمة البصرة كان بإجماع النواب (...) ونطالب باستقالة رئيس الوزراء والوزراء فوراً".

وأحرق متظاهرون العلم الإيراني وصوراً لقائد الثورة في إيران آية الله روح الله الخميني والمرشد الإيراني آية الله علي خامنئي، بعد أن أحرقوا مقر القنصلية الإيرانية في البصرة، وفقاً لما بثته مواقع إخبارية ووكالات أنباء عالمية.

وافتتح البرلمان العراقي السبت جلسة استثنائية بحضور وزراء من الحكومة ورئيسها لبحث الوضع القائم في محافظة البصرة، بعد أسبوع احتجاجات دموية أسفرت عن مقتل 12 متظاهرا، وإحراق القنصلية الإيرانية ومبانٍ حكومية عدة.

وفي الإجمال، قُتل 27 شخصاً منذ مطلع يوليو في جميع أنحاء البلاد.

وأمام نحو 172 نائباً حاضراً من أصل 329، قال رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي إن "البصرة عامرة وتبقى عامرة بأهلها (...) والخراب فيها هو خراب سياسي".

وأضاف "مطالب أهل البصرة هي توفير الخدمات، يجب أن نعزل الجانب السياسي عن الجانب الخدمي، هناك تظاهرات هم أنفسهم أدانوا أعمال التخريب والحرق".

وأبرز النواب الحاضرين في الجلسة هم من تحالفي "سائرون" "مقتدى الصدر" و"النصر"، "حيدر العبادي"، وأبرز الغائبين هم من ائتلافي "الفتح" "هادي العامري" و"دولة القانون" "نوري المالكي".

وأكد محافظ البصرة من داخل البرلمان بانه ومنذ بدء الاحتجاجات لم يحول إلى البصرة سوى 6 مليارات فقط وأن العشرة آلاف درجة وظيفية التي وعد بها رئيس الوزراء لم تنفذ حتى الآن وجاءت هذه التصريحات في إطار جدل ومشادات كلامية مستمرة بين العبادي ومحافظ البصرة داخل البرلمان.

وذكرت مصادر أنه تم إطلاق 4 قذائف نحو مطار البصرة، لكنها لم تتسبب بوقوع ضحايا، فيما تم تعيين رشيد فليح قائداً جديداً لعمليات البصرة واللواء الركن جعفر البطاط مديراً لشرطة المحافظة.

وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات في محافظة البصرة بجنوب العراق إلى 12 شخصاً خلال أقل من أسبوع، بعدما أكدت وزارة الصحة العراقية، في بيان، السبت مقتل 3 أشخاص ليلاً.

وخلّفت الاحتجاجات 9 قتلى في صفوف المتظاهرين بين الثلاثاء والخميس، بحسب مدير المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة مهدي التميمي.

وشهد العراق الجمعة تصعيداً جديداً مع إحراق متظاهرين لمقر القنصلية الإيرانية في محافظة البصرة، بعد إضرام النار في مبان حكومية ومقار أحزاب سياسية بعضها موالٍ لإيران.

على الصعيد الأمني في المحافظة، أعلن رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة جبار الساعدي فرض حظر شامل للتجوال في المحافظة بدءاً من الساعة الرابعة عصراً ولغاية الساعة السابعة من صباح يوم غد بعد أيام من أعمال عنف تشهدها المحافظة الجنوبية الغنية بالنفط.

وقال الساعدي في تصريح صحافي إن حظر التجوال فرض لضبط الأمن في البصرة بعد الأحداث التي شهدتها المحافظة الجمعة.

ونشرت وسائل إعلام محلية أنه تم تكليف الفريق رشيد فليح قائداً لشرطة البصرة، وأن قائد عمليات البصرة الفريق جميل الشمري باقٍ في منصبه بعد تضارب الأنباء حول إقالة قائد العمليات على خلفية تدهور الوضع الأمني في المحافظة.

يأتي هذا التغيير على خلفية قرار رئيس الوزراء العراقي بإحالة الوحدات الأمنية المسؤولة عن حماية المؤسسات العراقية والقنصلية الإيرانية في البصرة إلى التحقيق لعدم القيام بواجباتهم في توفير الحماية اللازمة، بحسب المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء.

في السياق ذاته، تعرض مطار البصرة إلى القصف بنحو 4 قذائف لكنها لم تتسبب بوقوع ضحايا إلا أن الهجوم هذا لم يعطل الرحلات الجوية القادمة والمغادرة من المدينة.

وهذه المرة، ومع انحصار الحركة الاحتجاجية في محافظة البصرة وحدها، وصل الغضب الاجتماعي إلى ذروة العنف، إذ أقدم متظاهرون على إحراق كل ما يعتبرونه رمزا للسلطة، التي يرونها فاسدة وفوق القانون.

وبدأ هؤلاء بإحراق مبنى المحافظة في وسط المدينة، قبل أن ينتقل الغضب إلى الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة المسيطرة في المحافظة.

ومساء الجمعة، اقتحم مئات المتظاهرين مبنى القنصلية الإيرانية المحصنة في المدينة، وأضرموا النار فيها.

وقال أحد المتظاهرين الملثمين قرب القنصلية المشتعلة "لم يعد هناك قنصلية إيرانية، لم نعد نريدها".

بعيد ذلك، استنكر العراق العمل، ونددت إيران بما اعتبرته "اعتداء وحشياً" يهدف إلى "تدمير علاقات الصداقة" بين البلدين.

وفي هذا الصدد، أصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي أوامر بـ"تخويل القوات الأمنية بالتعامل بحزم مع أعمال الشغب التي رافقت التظاهرات وحماية المؤسسات العامة والخاصة (...) واتخاذ الإجراءات القانونية الشديدة"، بعدما حملت طهران الحكومة العراقية "مسؤولية حماية الأماكن الدبلوماسية".

في المقابل، أمر العبادي "بإحالة الوحدات الأمنية المسؤولة عن حماية المؤسسات العراقية والقنصلية الإيرانية في البصرة إلى التحقيق لعدم قيامهم بواجباتهم في توفير الحماية اللازمة".

وشهدت محافظة البصرة مساء الجمعة دخول قوة خاصة كبيرة لفرض الأمن في المدينة كما نشر جهاز مكافحة الإرهاب قواته حول المقرات الحكومية والمصارف ومؤسسات الدولة في المحافظة.

إلى ذلك ترأس رئيس الوزراء العراقي اجتماعاً في قيادة العمليات المشتركة ووجه القوات الأمنية في البصرة بالتعامل بحزم مع أعمال الشغب وحماية الممتلكات العامة والخاصة وفرض القانون ودعا المواطنين إلى الابتعاد عن أي تجمع أمام المؤسسات أو التنقل بمجموعات بين منطقة وأخرى.

ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي يدعم تحالف "سائرون"، الفائز بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلى وقف المظاهرات خلال الشهر الجاري كما حدد سقفاً زمنياً يمتد لـ45 يوماً من أجل تحقيق المطالب الآنية لأهالي المحافظة محذراً في حال تلكؤ العمل أو انتشار الفساد كالمعتاد فلا تلوموني ولوموا أنفسكم.

وقال الصدر في بيان من 7 نقاط إذا ما أفضت جلسة مجلس النواب إلى حلول جدية وفاعلة وحقيقية من أجل رفع معاناة أهل البصرة بحلول آنية ومستقبلية فيجب العمل على إتمام المرحلة الثانية.

وأضاف أن المرحلة الثانية تتضمن تشكيل لجان نزيهة للعمل على البدء بالمشاريع الخدمية في المحافظة فورا وإبعاد كل الفاسدين ممن كانوا سبباً في ما آلت إليه البصرة من أوضاع متردية، وكذلك يحدد سقف زمني وهو 45 يوما لإنهاء كل الحاجات الآنية وأما ما يحتاج إلى أمد طويل فيحدد لاحقاً.

وأشار إلى تشكيل خلية أمنية لحماية البصرة وفرض الأمن فيها بأسرع وقت ممكن حتى يكون الأهالي بمأمن من كل التدخلات الداخلية والخارجية، وهنا أبدي استعدادي لحماية الأهالي والمتظاهرين وبالتنسيق مع الجهات الأمنية.

ودعا الصدر إلى العمل على إرسال جهات قضائية نزيهة للعمل على محاسبة المقصرين والمعتدين من الطرفين سواء القوات الأمنية التي اعتدت على المتظاهرين من جهة أو المندسين الذين اعتدوا على الممتلكات العامة والخاصة والدبلوماسية وغيرها.

وأوضح أنه على المتظاهرين ومن خلال تنسيقياتهم تأجيل تظاهراتهم خلال هذا الشهر فإن بانت بوادر ونتائج المشاريع الآنية ولا سيما إذا ما حوسب الفاسدون في المحافظة فلا داعي للتظاهر وإلا فلهم الخروج بمظاهرات سلمية لحين إتمام المدة أعلاه وإلا فالشعب مخول بإبداء رأيه وإعلاء صوته بما يرضي الشرع والعقل ووفق تطلعات المرجعية.

وعزا المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون عباس الموسوي أسباب ردة الفعل الكبيرة لمتظاهري البصرة للتقاعس والبطء في تلبية مطالبهم الخدمية، فيما أشار إلى وجود ملفات فساد كبيرة بالمحافظة بينها مشروع ماء البصرة الكبير.

وقال الموسوي في تصريح صحافي إن الشكوك بدأت تزداد لدينا يوماً بعد يوم وكأن هناك جهات تعمل على زيادة تأزيم أوضاع البصرة وهناك حالة تباطؤ حكومي في تلبية مطالب الجماهير الغاضبة رغم كونها ليست مطالب سياسية بل مطالب خدمية وهي حق من حقوق الشعب لاسيما ما يخص توفير الكهرباء والماء الصالح للشرب والصحة والبيئة الجيدة للمعيشة وفرص العمل وغيرها من المطالب المشروعة، موضحاً أن ما يحصل الآن هو حالة من التقاعس والبطء في تلبية تلك الطلبات ما خلق ردة فعل كبيرة نتيجة تلك المماطلات.

وأضاف الموسوي، أن حماية ممتلكات الدولة واجب المتظاهرين والجهات الأمنية ويجب ضمان عدم تشويه تلك التظاهرات أو استغلالها من قبل المندسين والفاسدين كونها تمثل فرصة للفاسدين لحرق الملفات التي تثبت تورطهم بصفقات فساد، لافتاً إلى أن الجميع يعلم بوجود ملفات فساد كبيرة بالبصرة ومن بينها مشروع ماء البصرة الكبير والجهات معروفة بتورطها في هذا المشروع الذي رصد له ملياري دولار.

وأكد الموسوي أن هناك ضرورة لتشكيل حكومة قوية وبرلمان قوي لفتح جميع ملفات الفساد ومحاسبة الفاسدين واسترداد الأموال التي نهبت من البصرة وباقي محافظات العراق.

وطالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان الادعاء العام بتحريك شكاوى الانتهاكات التي وثقتها في محافظة البصرة، فيما دعت القائد العام للقوات المسلحة بإحالة القيادات الأمنية المسؤولة عن هذه الانتهاكات إلى المحاكم العسكرية.

وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي، في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن حرق الممتلكات العامة والخاصة في البصرة هدفه ابعاد التظاهرات عن مطالبها المشروعة المتمثلة بالخدمات وإدخال البصرة في دوامة العنف بما يهدد السلم المجتمعي فيها.

وأضاف الغراوي أنها وثقت العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في هذه التظاهرات وخصوصاً العنف المفرط وعدم تطبيق معايير حقوق الإنسان من قبل القوات الأمنية باستخدام السلاح الحي والغازات المسيلة للدموع مما أوقع العديد من الضحايا بين المدنيين.

ولفت إلى توثيق قيام عدد من المتظاهرين بأعمال شغب بحرق الممتلكات والأبنية العامة والخاصة والاعتداء على القوات الأمنية والذي أوقع العديد من الضحايا بينهم كما وثقت المفوضية وجود اعتقالات عشوائية لعدد من المتظاهرين السلميين مطالباً الادعاء العام العراقي بتحريك شكاوى الانتهاكات التي وثقتها المفوضية إلى محكمة حقوق الإنسان.

ودعت المفوضية القائد العام للقوات المسلحة إلى إحالة القيادات الأمنية المسؤولة عن هذه الانتهاكات إلى المحاكم العسكرية وحماية التظاهرات السلمية ومتابعة محدثي الشغب الذين قاموا بحرق الممتلكات والاعتداء على القوات الأمنية، مطالباً الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية بـالاستجابة السريعة لمطالب المتظاهرين المشروعة وخصوصاً الماء والصحة والبيئة والكهرباء، بعد أن وصلت حالات التسمم إلى أكثر من 30 ألف حالة.

وناشدت كافة القوات الأمنية والمتظاهرين بضبط النفس والتعامل مع التظاهرات وفق معايير حقوق الإنسان.

وتشهد محافظة البصرة احتجاجات شعبية عارمة نتج عنها إحراق مقار حكومية وحزبية فضلا عن مقتل 5 متظاهرين وإصابة 50 شخصاً من المتظاهرين والقوات الأمنية.