* "المركزية": نصيحة سعودية باستثمار الوحدة السنّية لترتيب البيت الداخلي؟

* زيارة البخاري لريفي واتّصال الحريري للاطمئنان إشارتان مشجّعتان

* "قتلة الحريري" يواجهون الأدلة رغم غيابهم الثلاثاء

بيروت - بديع قرحاني، وكالات

نشرت وكالة "المركزية" تقريراً حول وضع السنة في لينان وترتيب بيتهم الداخلي من خلال نصيحة سعودية وجاء في التقرير أن ما فرّقته السياسة جمعته الصلاحيات. قد تكون هذه العبارة خير دليل على ما يحصل على الساحة السنّية منذ أن بدأت ترتفع أصوات من جهات "محسوبة" على قصر بعبدا تُنادي بما بات يُعرف بوضع مهلة محددة للرئيس المكلّف كي يُقدّم صيغة حكومية لرئيس الجمهورية والا فإن سحب التكليف سيكون الخيار البديل.

صحيح أن الانتخابات النيابية أفرزت تنوّعاً داخل الطائفة السنّية، بحيث توزّع النواّب السنّة الـ27 في البرلمان بين "تيار المستقبل" "17 نائباً"، و10 آخرين لا يدورون في فلكه، وطالب 6 منهم "النواب: عبدالرحيم مراد، فيصل كرامي، عدنان طرابلسي، قاسم هاشم، جهاد الصمد والوليد سكّرية" محسوبون على فريق 8 آذار بأن يتمثّلوا في الحكومة بوزيرين من خارج حصّة "التيار الأزرق"، باعتبار أن معادلة كل 4 نواب يقابلهم وزير تنطبق عليهم، إلا أن ما اعتُبر "حرب الصلاحيات" بين الرئاستين الاولى والثالثة والتي نشبت على خط التأليف أخيراً استنفرت الساحة السنّية بموالاتها ومعارضتها ووقفت صفّاً واحداً خلف الرئيس المكلّف سعد الحريري في مهمته مستندةً الى النص الدستوري الذي يُشير إلى أن الرئيس المكلّف هو من يُشكّل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

هذه الوحدة السنّية إذا جاز التعبير والتي تجلّت في شكل واضح وصريح إلى جانب بيانات النواب السنّة الستة، بموقف رؤساء الحكومات السابقين "نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام"، يُمكن أن يتم الاستثمار فيها للمّ الشمل وتوحيد الموقف. وفي السياق، أفادت معلومات لـ"المركزية" "أن دار الفتوى تسعى إلى ترتيب البيت السنّي الداخلي مستفيدةً من وحدة الموقف دعماً ومساندةً للرئيس الحريري في تشكيل الحكومة والتمسّك باتّفاق الطائف".

وفي خطوة تنطوي على معانٍ وأبعاد، زار القائم بأعمال السفارة السعودية في لبنان الوزير المفوّض وليد البخاري طرابلس مطلع الأسبوع الماضي، حيث عاد ابنتي الوزير السابق اللواء اشرف ريفي في دارته بعد تعرّضهما لحادث سير دخلتا على إثره إلى المستشفى، مع العلم أن البخاري زار قبل ذلك مستشفى مار جاورجيوس للروم الأرثوذكس في بيروت للاطمئنان الى صحّة كريمتي ريفي.

وكان سبق زيارة القائم بالأعمال السعودي سلسلة اتّصالات لريفي للاطمئنان إلى صحة كريمتيه كان أبرزها من الرئيس الحريري بعد طول انقطاع سياسي فرضه التباعد في المواقف، خصوصاً خلال فترة الانتخابات بعناوين خطابها وتحالفاتها، وعلى الأثر غرّد ريفي عبر حسابه على موقع "تويتر" قائلاً "نؤكد وقوفنا إلى جانب الرئيس الحريري في التمسك بصلاحيات رئاسة الحكومة، في سياق رفض المس بالدستور ومواجهة الانقلاب عليه، المدعوم من دويلة السلاح، ونعتبر أن الحفاظ على سلامة عمل المؤسسات جميعها، والمواقع جميعها، واجب جميع اللبنانيين ومسؤوليتهم بقياداتهم الوطنية والروحية"، منتقداً "مخططات "حزب الله" ومشاريعه الإقليمية".

وبناءً على هاتين الخطوتين "زيارة البخاري واتّصال الحريري بريفي"، أشارت المعلومات إلى "أن يُمكن البناء عليهما لترتيب "جَمعة سنّية" موحّدة برعاية دار الفتوى من اجل الخروج بموقف واحد يدعو إلى احترام دور الرئيس المكلّف في تشكيل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية والالتزام باتّفاق الطائف قولاً وفعلاً".

في شأن متصل، سيكون اللبنانيون بدءاً من الغد على موعد مع المرحلة الثالثة من مراحل محاكمة المتهمين باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

وتشهد المحكمة الدولية في لاهاي دفوع ممثلي الادعاء والدفاع عن المتهمين، إضافة إلى وكلاء المتضررين من جريمة 14 فبراير 2005.

وتدخل محاكمة المتهمين في قضية الحريري في 2005، من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت لهذا الهدف، الثلاثاء مراحلها النهائية في غياب المتهمين.

وتدخل محاكمة المشتبه بهم وجميعهم من عناصر حزب الله، في قضية الاغتيال الذي أوقع 21 قتيلاً آخرين وسط بيروت، في مرحلتها الأخيرة مع بدء المرافعات الختامية.

وقتل الحريري الذي كان رئيس وزراء لبنان حتى استقالته في أكتوبر 2004، في فبراير 2005 عندما فجر انتحاري شاحنة صغيرة مليئة بالمتفجرات لدى مرور موكبه في جادة بيروت البحرية.

وسيتوجه سعد الحريري نجله ورئيس الوزراء اللبناني الحالي، إلى لاهاي حيث مقر المحكمة، وفقا لمعلومات من مكتبه.

وأصيب نحو 226 شخصًا بجروح في عملية الاغتيال التي نسبت في بادئ الأمر إلى ضباط لبنانيين مقربين من سوريا. وما لبثت أن أثارت ردود فعل قوية أدت إلى انسحاب القوات السورية بعد زهاء 30 عاماً من الوجود على الأراضي اللبنانية.

ورغم مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الخاصة بلبنان، فإن حزب الله الذي يرفض أي مسؤولية عن الاغتيال، استبعد تسليم المتهمين. وبالتالي سيتم الحكم عليهم غيابيا، حتى من دون الاتصال بمحاميهم.

وهذه المحاكمة لا مثيل لها في القانون الدولي منذ عام 1945 ومحاكمة نورمبرغ التي كانت أول تطبيق لتشريع جنائي دولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وبدأت المحكمة الخاصة بلبنان مداولاتها عام 2009 في ضواحي لاهاي، وباتت أول محكمة جنائية دولية تسمح بتنظيم محاكمة في غياب المتهمين الممثلين بمحامين.

ويقول تيس بوكنيغ، وهو محامٍ متخصص في القانون الجنائي الدولي إن "هذا أمر مثير للإشكالية لأنه عندما يكون العنف مجهول الهوية، فإنه يخلق شعوراً بالمرارة بالنسبة لعامة الناس".

وأضاف أن "محكمة بدون متهمين أمر مثير للضحك".

كما يعتبر دوف جاكوبس، أستاذ القانون الجنائي الدولي، من جهته أن الأسوأ من ذلك هو أن غياب المتهمين "يثير شكوكاً في أهمية المحاكمة لأنه لن يتم فرض أي عقوبة حقيقية". وأضاف أن تأثير الأحكام "سيكون رمزياً حصراً".

فالمتهم الرئيسي مصطفى بدر الدين، الذي يصفه المحققون بأنه "العقل المدبر" للاغتيال قد قتل قبل فترة وبالتالي لن تتم محاكمته.وهناك ايضا سليم عياش "50 عاماً"، المتهم بقيادة الفريق الذي تولى قيادة العملية.

ويحاكم رجلان آخران هما حسين العنيسي "44 عاماً"، وأسعد صبرا "41 عاماً" بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف بثته قناة "الجزيرة" يدعي المسؤولية نيابة عن جماعة وهمية.

كما يواجه حسن حبيب مرعي "52 عاماً" عدة تهم بما في ذلك التواطؤ في ارتكاب عمل إرهابي والتآمر لارتكاب الجريمة.

وتابع بوكنيغ أن "هذه المحكمة هي الوحيدة التي تحاكم جريمة إرهابية دولية، وهذا امر فريد من نوعه ومثير للاهتمام ورائع".

وقال جاكوبس أنه حتى لو طبقت المحكمة الخاصة بلبنان القانون اللبناني، فإن الحكم القادم سيترك بلا شك تأثيراً على النقاش الدائر حالياً حول جعل الإرهاب جريمة جنائية دولية.

وتوقع أن تستغرق عملية الاستئناف فترة طويلة.

وفي حين يتوق المراقبون إلى معرفة ما سيعلنه الحكم عن دور حزب الله في الاغتيال، اعلن الحزب اللبناني في أغسطس بكل بساطة أنه لا يعترف بالمحكمة الخاصة بلبنان التي "لا تعني شيئاً على الإطلاق" في نظرها.

وكان الأمين العام للحزب حسن نصر الله اعلن الشهر الماضي عدم اعتراف الحركة بهذه المحكمة محذرا "المراهنين" عليها من "اللعب بالنار".

ووفق صحيفة "الحياة" اللندنية التي عرضت بالتفصيل ما سيجري خلال هذه المرحلة وصولاً إلى تحديد المدانين، فإن المرافعات في المرحلة الثالثة ستستغرق بين عشرة أيام وأسبوعين.

وتعلن في نهايتها غرفة الدرجة الأولى اختتام جلسات المحاكمة لينعزل قضاتها من أجل المذاكرة التي قد تمتد إلى ما بعد نهاية العام الحالي فلا يصدر الحكم إلا عام 2019.

وسيراجع خلال ذلك القضاة الخمسة آلاف الصفحات والوثائق التي تضم 3128 قرينة، من بينها شبكات الاتصالات التي استخدمها المتهمون، إضافة إلى نصوص إفادات 307 شهود.

بعد كل ذلك تنتقل القضية إلى المرحلة الرابعة التي هي النطق بالحكم في جلسة علنية، تليها جلسة ثانية علنية أيضاً، تتحدد فيها العقوبة لكل من المتهمين إذا وجدوا مذنبين.

هذه المرحلة تشمل مهلة الـ30 يوماً أمام الدفاع لاستئناف الحكم أمام غرفة الدرجة الثانية مباشرة من دون المرور بقاضي الإجراءات التمهيدية.

أما المرحلة الخامسة فهي الطلب من السلطات اللبنانية جلب المدانين بالتورط بالجريمة.