صنعاء - سرمد عبدالسلام

كعادتها قبل كل مفاوضات سياسية، تحاول ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانياً استباق الموعد بتصعيد عسكري في جبهات القتال بهدف تحقيق اختراقات على أكثر من صعيد، ما يعتبره مراقبون بأنه يكشف نوايا الحوثيين المبيتة لاستهداف العملية السياسية وعرقلتها قبل أن تبدأ.

وعلى الرغم من أن المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث قد حدد بداية الشهر المقبل، موعداً لمفاوضات سياسية جديدة في ستوكهولم بالسويد، بين الحكومة الشرعية اليمنية والانقلابيين الحوثيين، هي الخامسة منذ بدء الحرب، والثانية منذ تعيينه في فبراير الماضي، إلا أن الميليشيات لا تبدو جادة، في التوجه نحو التسوية ووقف الحرب الذي دعت إليه الأمم المتحدة ورحبت به الحكومة الشرعية اليمنية والتحالف العربي، قياساً بالتصعيد العسكري وتحركاتها الميدانية بما في ذلك مواصلة تحشيد المقاتلين وزراعة الألغام بكثافة، ما يوحي بانها تستعد لجولة جديدة من الحرب كما يؤكد المراقبون.

وقال الناشط السياسي والحقوقي وضاح عبدالجليل لـ "الوطن" إن "الحوثيين ميليشيا لا تؤمن بالسلام ولا تفهم سوى بمناطق السلاح، وهذا أمر أصبح معروفاً لدى الجميع نتيجة التجارب السابقة مع هذه الميليشيا الإرهابية التي تنظر لكل هدنة أو تهدئة باعتبارها مجرد فرصة سانحة لالتقاط الأنفاس فقط استعداداً لجولات جديدة من الحرب وليس كبداية لتحقيق السلام الدائم".

واستغلت ميليشيا الحوثي الانقلابية تراجع حدة المعارك العسكرية، وتحديداً في جبهة الحديدة، لتنفيذ عمليات عدائية ضد الجيش والمدنيين في عدة مناطق، بالإضافة لمواصلة إطلاق الصواريخ الباليستية والمدفعية العشوائية صوب المدن اليمنية.

وشهدت الأيام الثلاثة الماضية إطلاق أكثر من 5 صواريخ باليستية من قبل الحوثيين على مدينة مأرب لوحدها، إضافة لقصف عشوائي بالأسلحة الثقيلة على مناطق سكنية في الحديدة وتعز والضالع والبيضاء والجوف وغيرها.

وكان الجيش اليمني قد أعلن تهدئة لعملياته العسكرية في الحديدة، غرب اليمن، بعد نحو اسبوعين من المعارك العنيفة، حققت خلالها القوات المشتركة انتصارات كبيرة على المليشيا التي باتت محاصرة في بعض الأحياء، بينما تتمركز القوات الشرعية على بعد 3 كيلومترات فقط من الميناء الاستراتيجي غرب البلاد.

الإعلان عن إيقاف المعارك من قبل القوات اليمنية والتحالف العربي لأسباب وصفت بـ "الإنسانية" وبهدف السماح للمنظمات الدولية والإنسانية القيام بدورها، والذي جاء بعد دعوات أطلقتها الأمم المتحدة، لم يلق تجاوبا من ميليشيا الحوثي .

وكثفت المليشيا عمليات حفر الخنادق وقطع شوارع في الحديدة، بالإضافة للتمترس بالمدنيين وتحويل المباني السكنية والمستشفيات إلى ثكنات عسكرية ومخازن للسلاح، بحسب بيان رسمي لمنظمة العفو الدولية، هذا الأسبوع.

ولم تكتفي الميليشيا الحوثية بتصعيدها العسكري منذ الإعلان عن موعد المفاوضات، بل ذهبت أبعد من ذلك وقامت باقتحام ونهب وتدمير منازل في مناطق سيطرتها، تعود ملكيتها لمسئولين وأعضاء في وفد الشرعية المفاوض بالمشاورات، في خطوة استفزازية تعكس نيتها المبيتة.

وأشارت تقارير إعلامية متطابقة إلى قيام الحوثيين باقتحام منزل وزير الدولة اليمني وعضو وفد الحكومة الشرعية في محادثات السلام عثمان مجلي في العاصمة صنعاء، ونهب محتوياته، قبل إخراج الحراسة المتواجدين فيه والاستيلاء عليه بقوة السلاح، في خطوة استفزازية تعطي مؤشر واضح عن النية المبيتة من قبل الميليشيا لعرقلة المفاوضات ووضع العصا في دواليب العربة قبل انطلاقها.

يأتي ذلك قبيل أسابيع فقط من بدء جولة مفاوضات السلام الجديدة التي دعا إليها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، والمقرر إجراؤها بداية ديسمبر المقبل في العاصمة السويدية ستوكهولم.

مفاوضات لا يتوقع اليمنيون نجاحها، قياسا بالإجراءات التصعيدية العسكرية والترتيبات التي تقوم بها ميليشيا الحوثي الانقلابية، بما في ذلك الاستمرار في حشد المقاتلين نحو جبهات القتال، في سيناريو شبيه لما قامت به خلال 4 جولات سابقة من المشاورات والتي فشلت جميعها بسبب تعنت الحوثيين.

وسبق لميليشيا الحوثي أن أفشلت 4 جولات من المفاوضات السياسية، كان أخرها مطلع سبتمبر الماضي بمدينة جنيف السويسرية والتي رفض الوفد الحوثي الحضور إليها تحت ذرائع ومبررات واهية.