تونس - منال المبروكارتفعت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وحركة "النهضة" بشأن قضية الجهاز السري للنهضة الذي بدأ الخميس مجلس الأمن القومي في فحص المعطيات الواردة بشأن هذا الجهاز.وأكد الرئيس التونسي أن القضاء سيكون الفيصل في ملف الجهاز السري لحركة النهضة، في إشارة إلى القضية التي أثارتها هيئة الدفاع عن الراحلين محمد البراهمي وشكري بلعيد.وشرع مجلس الأمن القومي الخميس في فحص المعطيات الواردة في التقرير الذي قدمته هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي مؤخّرا إلى رئيس الجمهورية بشأن امتلاك حركة النهضة لجهاز سري تورط في اغتيال السياسي اليساري شكري بلعيد في فبراير 2013.وقال الرئيس الباجي قائد السبسي الذي يرأس مجلس الأمن القومي إن "موضوع الجهاز السري لحركة النهضة مسألة مفضوحة والجميع يتحدث عنه".وأكد السبسي في كلمته في اجتماع مجلس الأمن القومي، إن "لقاءه بوفد عن هيئة الدفاع عن الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد أثار حفيظة حركة النهضة وأصدرت بيانا فيه تهديد لشخصه".وأكد في مستهل كلمته أنه "لن يسمح بهذا التهديد"، مشيرا إلى أن "ضميره مرتاح ويريد أن تكون تونس بخير".وتابع أن "الوفد والذي تكون من 3 محامين قدموا له مجلدا ووثائق"، مبينا أن "كلامهم كان معقولا"، وشدّد رئيس الدولة على أن "المحاكم ستنظر في هذا الموضوع".وفي بيان أصدرته النهضة، عبرت الحركة عن "استغرابها من نشر الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية لاتهامات صادرة عن بعض الأطراف السياسية بنية الإساءة لطرف سياسيّ آخر عبر توجيه اتهامات قالت إنها كاذبة ومختلقة معتبرة تصريحات فريق الدفاع عن شكري بلعيد الذي قدم للباجي قائد السبسي ملف الجهاز السري تهجما عليها".وقالت حركة "النهضة" في بيانها إن "نشر هذه التصريحات على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية سابقة خطيرة تتعارض مع حيادية المرفق الرسمي ودور الرئاسة الدستوري الذي يمثل رمز الوحدة الوطنية وهيبة الدولة".ونبهت إلى "خطورة إقحام مؤسسة الرئاسة بأساليب وصفتها بالملتوية بنية ضرب استقلالية القضاء وإقحامه في التجاذبات السياسية من طرف من اعتبرتهم المتاجرين بدم الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي".وكلف الرئيس التونسي مجلس الأمن القومي بمتابعة مختلف جوانب ملف الجهاز السرّي مع الجهات الرسمية العدلية والأمنية بهدف التسريع في نسق التعاطي مع هذا الملفّ وذلك استنادا للصلاحيات التي أوكلها له المشرّع وبحكم مشمولاته طبق الفصل الخامس من الأمر الحكومي عدد 70 لسنة 2017 الذي يفرض "على جميع الوزارات موافاة رئيس الجمهورية رئيس مجلس الأمن القومي بكل المعلومات والمعطيات المتعلقة بمجال نشاطها والضرورية لاضطلاع المجلس بمهامه وبكل ما من شأنه أن يشكل تهديدا للأمن القومي وذلك بمبادرة منها أو بطلب من رئيس المجلس".وقال السبسي "حين تطلب منها جهات النظر في ملف ما لا يمكننا التعتيم، مؤخرا هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي قامت بزيارتي وأنا أقبل الجميع والموضوع أثار حساسية لدى النهضة".وشدد رئيس الدولة قائلا "المسألة باتت مفضوحة والعالم الكل تحدث عن الجهاز السري الذي لم يعد سريا"، وأضاف "المحاكم سوف تنظر في المسألة".ويعتبر مهتمون بالشأن السياسي أن القطيعة بين الباجي قائد السبسي و"النهضة" وصلت مرحلة اللاعودة مؤكدين أن الأول أراد من خلال اجتماع مجلس الأمن القومي التأكيد على أن "خيوط اللعبة" السياسية ما زالت بيده، وحتى وإن "خيل للبعض" أنه افتقدها فإنه يريد أن يبرز أنه بصدد استعادتها، في علاقة بالخلاف مع كل من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وحركة النهضة بوصفها الداعم الرئيسي للاستقرار الحكومي.وكانت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي كشفت، قبل أيام، عن معطيات جديدة عن الجهاز السري للنهضة، إذ قالت إنه كان يخطط، عام 2013، لاغتيال السبسي والرئيس الفرنسي وقتها فرانسوا هولاند.والثلاثاء، أكد وزير الداخلية التونسية، هشام الفوراتي، أن القضاء استدعى 6 مسؤولين أمنيين للاستماع إلى أقوالهم بشأن قضية الجهاز السري لحركة النهضة، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء التونسية.ونقلت الوكالة عن الفوراتي قوله إن "القضاء شرع في دعوة عدد من الإطارات الأمنية الذين اشتغلوا في فترة 2013، وذلك بخصوص الوثائق التي رفعها مؤخرا قاضي التحقيق المتعهد بقضية" البراهمي وبلعيد من وزارة الداخلية.وكانت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي قد أعلنت في أكتوبر الماضي، عن وجود ما أسمته بـ"الغرفة السوداء" بوزارة الداخلية، كانت تضم "وثائق مسروقة من ملف قضائي عثر عليها بحوزة المتهم مصطفى خضر"، مؤكدة "وجود جهاز سري لحركة النهضة يقف وراء عمليتي اغتيال بلعيد والبراهمي".وأشار الفوراتي، في تصريح إعلامي بالبرلمان، أن "6 من الإطارات الأمنية سيمثلون كشهود بخصوص الوثائق المذكورة"، مؤكدا أن "الوزارة ستبقى على ذمة القضاء بخصوص هذا الموضوع".يذكر أنه في 26 يوليو 2013، اغتال مسلحون مجهولون السياسي التونسي المعارض محمد البراهمي بالرصاص أمام منزله في تونس العاصمة.وقبله بشهور، اغتيل القيادي في الجبهة الشعبية الذي عرف بمعارضته الشرسة للحكومة التي تقودها حركة النهضة، شكري بلعيد، بإطلاق أربع رصاصات في رأسه وصدره.