* تطويب الرهبان المسيحيين رسالة للعالم أننا بلد التسامح
* دفعنا أكثر من 114 إماماً وعالماً قتلوا وذبحوا على يد الإرهابيين
* إرهابيون ذبحوا تلاميذ مدرسة قرآنية لرفضهم استغلال الدين لأغراض سياسية
* المسيحيون يمارسون طقوسهم بحماية من الدولة الجزائرية
الجزائر - جمال كريمي
كشف مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، والباحث في الإسلاميات، يوسف مشرية، أن "جماعات الإسلام السياسي والشحن الطائفي في الجزائر تحاول الاستحواذ على المساجد"، مضيفاً أن "بلاده دفعت أكثر من 114 إماماً وعالماً قتلوا وذبحوا على يد إرهابيين متطرفين"، مشيراً إلى أن "المسيحيين يمارسون طقوسهم بحماية من الدولة الجزائرية".
وأشار مشرية في حوار خاص لـ "الوطن" إلى أن "تطويب الرهبان المسيحيين في بلاده يعد رسالة للعالم أننا بلد التسامح"، مضيفاً أن "الجزائر والحمد الله هو بلد التعايش بين جميع الديانات الإسلام والمسيحية واليهودية منذ زمن بعيد، بل إن الجزائر فتحت أبوابها للمسلمين واليهود الذين اضطهدوا من محاكم التفتيش التابعة للكنيسة الكاثوليكية بعد سقوط غرناطة في الأندلس".
وإلى نص الحوار:
* شهدت الجزائر حدثاً غير مسبوق في العالم الإسلامي، تمثل في تطويب رهبان وقساوسة بكنيسة وهران غرب البلاد، ما الرسالة التي أرادت الحكومة تمريرها؟
- يسرني أن أكون ضيفاً خفيفاً على جريدة "الوطن" من مملكة البحرين الشقيقة والتي تجمعنا مع شعب البحرين أواصر الأخوة والصداقة والمصير المشترك في القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
نعم شهدت الجزائر نهاية الأسبوع الأول من شهر ديسمبر حدثاً دولياً كبيراً والمتمثل في عملية تطويب الرهبان المسيحيين من بابا الفاتيكان للرهبان والآباء البيض التسعة عشر 19 الذين قضوا حتفهم أيام العشرية السوداء التي مرت بالجزائر من طرف الجماعات الإرهابية المسلح.
والتطويب هي شهادة الكنيسة الكاثوليكية بالفاتيكان للأشخاص المسيحيين الذين قدموا تضحيات وأعمال خارقة للعادة في سبيل خدمة الإنسانية، ويعتبر التطويب الذي جرت فعالياته بكنيسة السيدة العذراء بولاية وهران بالغرب الجزائري الرهبان المسيحيين هو الأول من نوعه في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية إذ هو أول تطويب يجري خارج الفاتيكان وفي بلد عربي مسلم.
وتم هذا القداس المسيحي بموافقة ومتابعة رئيس الجمهورية السيد عبدالعزيز بوتفليقة الذي حرص شخصياً على متابعة مراسيم التطويب حتى يجرى في الجزائر بموافقة بابا الفاتيكان شخصياً، وتعتبر رسالة قوية جداً بأن ملف رهبان الدير لمنطقة تبحرين بولاية المدية الذين تمت تصفيتهم في تسعينات القرن الماضي من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة "GIA"، قد طوي للأبد وليس لأحد بعد اليوم أن يصطاد في المياه غير الصافية ويشكك في الرواية الرسمية للجزائر.
ثم هي رسالة ثانية قوية تعبر على تعزيز ثقافة التعايش والحوار مع الآخر في سلام، وأن الجزائر بلد يحترم جميع الديانات والمعتقدات والحريات الشخصية كيف لا وسنة 2018 هي سنة التعايش معاً بسلام من طرف الأمم المتحدة وباقتراح جزائري.
* ممارسة الشعائر الدينية، مضبوط بمرسوم صدر عام 2006، هنالك بعض التقارير التي تنتقد الحريات الدينية لغير المسلمين، ماهي الوضعية الحقيقية لغير المسلمين في الجزائر؟
- إن المادة الثانية من الدستور الجزائري تنص على أن الإسلام هو دين الدولة وكذلك الإصلاحات الدستورية الأخيرة والتي جاء بها رئيس الجمهورية تنص على احترام الحريات الشخصية والدينية للأفراد وكذلك حرية المعتقد وحرية الممارسة الشعائر التعبدية لغير المسلمين وجاء قانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين في أمر رقم 03|06 سنة 2006 يوضح عملية تنظيم هذه الشعائر.
والجزائر والحمد الله هو بلد التعايش بين جميع الديانات الإسلام والمسيحية واليهودية منذ زمن بعيد، بل إن الجزائر فتحت أبوابها للمسلمين واليهود الذين اضطهدوا من محاكم التفتيش التابعة للكنيسة الكاثوليكية بعد سقوط غرناطة في الأندلس.
واليوم والحمد الله الكثير من الجالية الأجنبية المسيحية تمارس نشاطها وطقوسها بصفة قانونية في دور العبادة الخاصة بهم.بل وبحماية من الدولة الجزائرية، إلا أن الكثير من التقارير السلبية التي تصدر عن منظمات حقوقية دولية وإقليمية حول وضع حقوق الإنسان والحريات الدينية لغير المسلمين وبعض الجماعات الأخرى هي ضد الجزائر وتسيء لصورتها.
وفي الحقيقة إن الحكومة الجزائرية ملزمة بتطبيق قوانين الجمهورية التي لا تسمح بالفوضى والعبث، فالكثير من الأماكن والشقق التي أطلق عليها أصحابها بالكنائس، إنما هي في الحقيقة أماكن غير قانونية وأصحابها يمارسون نشاطات وطقوس مشبوهة تخالف قوانين الجمهورية، وبالتالي هذه التقارير في جملتها عارية من صحة الواقع المعاش.
* المسجد فضاء لجميع المواطنين على اختلاف توجهاتهم، هل ظهر لكم وجود محاولة لدى البعض، للسيطرة على بيوت الله، خاصة من جماعة الإسلام السياسي، وكيف تتعاملون مع هذا الملف؟
- المسجد هو بيت الله تعالى ورواده هم ضيوف الرحمن وأن الأصل في بناء المسجد هو لعبادة الله تعالى من ذكره وإقامة الصلاة مصداقا لقول الباري جل وعلا في محكم التنزيل: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ"، فهذه هي رسالة المساجد الروحية والإنسانية، فلا ينبغي تحريفها عن قبلتها التي وضعت لها كما قال تعالى: "الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدا".
إذن هذه رسالة المسجد في الجزائر والذي تتعدى خارطة الفضاءات الدينية في الجزائر أكثر من أربعين ألفا ما بين مسجد ومدرسة قرآنية كلها تحت توجيه ومرافقة وتأطير وصاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، والتي لا تسمح إلا بخطاب المرجعية الدينية الروحية الوطنية للجزائريين.
وقد حاولت وتحاول مرات متكررة الكثير من دوائر إسلام الشحن الطائفي والسياسي الدخيل أن تشوش على النسق العام أو تستحوذ على بعض المنابر لكي تستغل المنبر والمحراب والدروس العلمية وكذا المدارس القرآنية للدعاية الحزبية أو المذهبية أو الطائفية، وكل هذا يعتبر خطا أحمر لا يمكن بأي حال اختراقه ولا التعدي عليه، لأن المؤمن لا يلدغ من الجمر مرتين بتجربة العشرية السوداء والمسألة الوطنية والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين بسبب التطرف الديني واستغلال الإسلام لأغراض سياسية وحزبية للوصول إلى الحكم والقضاء على قيم الجمهورية الجزائرية المنبثقة من مبادئ ثورة نوفمبر الخالدة.
* شهدت الجزائر موجهة عنف وإرهاب، ساهم الأئمة في محاربته، ما هي الفاتورة التي دفعوها في هذه المعركة؟
- إن ما مرت به الجزائر أيام العشرية السوداء والتي أطلقنا عليها المأساة الوطنية هي تجربة مريرة حصد فيها الإرهاب الهمجي الأعمى أرواح الجزائريين ولم يفرق يومها بين عالم إمام في مسجده أو طبيب في عيادته أو أستاذ في مدرسته أو صحافي يمارس مهنته، فالجماعات الإسلامية الإرهابية في الجزائر على اختلاف إيديولوجيتها الفكرية التكفيرية اجتمعت كلها على تكفير الحاكم والمحكوم وسارت على سياسة.. "إذا لم تكن معي فأنت ضدي.....؟؟؟".
ولقد دفعت الجزائر أكثر من 114 إماماً وعالماً في الدين قتلوا وذبحوا من طرف الجماعات الإسلامية الإرهابية، وأذكر يومها أن الجماعة الإسلامية المسلحة في سنة 1997 قامت بذبح طلاب المدرسة القرآنية بولاية الشلف بالغرب الجزائري لا لشيء إلا أنهم رفضوا أن ينقادوا خلف دعاة الفتنة والتكفير واستغلال الدين لأغراض سياسوية وسلطوية محضة، حتى أن من الله عليها بسياسة الرحمة والوئام والمصالحة الوطنية والتي أنقذت البلاد من أوحال الفتنة إلى بر الأمان.
* هنالك حالة غضب عبر عنها الأئمة تجاه الوزارة الوصية، كيف ستتعاملون مع المطالب التي يرفعونها؟
- الجزائر هو البلد الوحيد الذي يُعتبر فيه إمام المسجد على اختلاف رتبهم من القيم أو المؤذن أو أستاذ التعليم القرآني أو إمام مدرس أو إمام أستاذ أو مرشدة دينية، كل هؤلاء خضعوا للتكوين في المعاهد الدينية التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، وبعدها تم توظيفهم رسميا ويخضعون لقوانين الوظيف العمومي، وبالتالي فقطاع الشؤون الدينية هو قطاع حكومي يخضع للأسلاك الخاصة.
إن الجزائر هي البلد الوحيد الذي يملك فيه سلك الأئمة نقابة تمثلهم رسمياً وتدافع عن حقوقهم ومطالبهم المهنية والاجتماعية، والجدل القائم حالياً بين الوصاية وتنسيقية النقابة نجهل من يقف وراء هذا الحراك الذي يصعد إعلاميا وعبر الوسائط الاجتماعية في لهجة الخطاب والتي لا تليق بمنزلة أئمة المساجد الذين هم فرسان المنابر وحراس المحاريب. والوزارة أبوابها مفتوحة للحوار المهني الجاد وملتزمة بما تملك من صلاحيات بتحسين أوضاع السادة الأئمة اجتماعياً ومهنياً.
* دفعنا أكثر من 114 إماماً وعالماً قتلوا وذبحوا على يد الإرهابيين
* إرهابيون ذبحوا تلاميذ مدرسة قرآنية لرفضهم استغلال الدين لأغراض سياسية
* المسيحيون يمارسون طقوسهم بحماية من الدولة الجزائرية
الجزائر - جمال كريمي
كشف مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، والباحث في الإسلاميات، يوسف مشرية، أن "جماعات الإسلام السياسي والشحن الطائفي في الجزائر تحاول الاستحواذ على المساجد"، مضيفاً أن "بلاده دفعت أكثر من 114 إماماً وعالماً قتلوا وذبحوا على يد إرهابيين متطرفين"، مشيراً إلى أن "المسيحيين يمارسون طقوسهم بحماية من الدولة الجزائرية".
وأشار مشرية في حوار خاص لـ "الوطن" إلى أن "تطويب الرهبان المسيحيين في بلاده يعد رسالة للعالم أننا بلد التسامح"، مضيفاً أن "الجزائر والحمد الله هو بلد التعايش بين جميع الديانات الإسلام والمسيحية واليهودية منذ زمن بعيد، بل إن الجزائر فتحت أبوابها للمسلمين واليهود الذين اضطهدوا من محاكم التفتيش التابعة للكنيسة الكاثوليكية بعد سقوط غرناطة في الأندلس".
وإلى نص الحوار:
* شهدت الجزائر حدثاً غير مسبوق في العالم الإسلامي، تمثل في تطويب رهبان وقساوسة بكنيسة وهران غرب البلاد، ما الرسالة التي أرادت الحكومة تمريرها؟
- يسرني أن أكون ضيفاً خفيفاً على جريدة "الوطن" من مملكة البحرين الشقيقة والتي تجمعنا مع شعب البحرين أواصر الأخوة والصداقة والمصير المشترك في القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
نعم شهدت الجزائر نهاية الأسبوع الأول من شهر ديسمبر حدثاً دولياً كبيراً والمتمثل في عملية تطويب الرهبان المسيحيين من بابا الفاتيكان للرهبان والآباء البيض التسعة عشر 19 الذين قضوا حتفهم أيام العشرية السوداء التي مرت بالجزائر من طرف الجماعات الإرهابية المسلح.
والتطويب هي شهادة الكنيسة الكاثوليكية بالفاتيكان للأشخاص المسيحيين الذين قدموا تضحيات وأعمال خارقة للعادة في سبيل خدمة الإنسانية، ويعتبر التطويب الذي جرت فعالياته بكنيسة السيدة العذراء بولاية وهران بالغرب الجزائري الرهبان المسيحيين هو الأول من نوعه في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية إذ هو أول تطويب يجري خارج الفاتيكان وفي بلد عربي مسلم.
وتم هذا القداس المسيحي بموافقة ومتابعة رئيس الجمهورية السيد عبدالعزيز بوتفليقة الذي حرص شخصياً على متابعة مراسيم التطويب حتى يجرى في الجزائر بموافقة بابا الفاتيكان شخصياً، وتعتبر رسالة قوية جداً بأن ملف رهبان الدير لمنطقة تبحرين بولاية المدية الذين تمت تصفيتهم في تسعينات القرن الماضي من طرف الجماعة الإسلامية المسلحة "GIA"، قد طوي للأبد وليس لأحد بعد اليوم أن يصطاد في المياه غير الصافية ويشكك في الرواية الرسمية للجزائر.
ثم هي رسالة ثانية قوية تعبر على تعزيز ثقافة التعايش والحوار مع الآخر في سلام، وأن الجزائر بلد يحترم جميع الديانات والمعتقدات والحريات الشخصية كيف لا وسنة 2018 هي سنة التعايش معاً بسلام من طرف الأمم المتحدة وباقتراح جزائري.
* ممارسة الشعائر الدينية، مضبوط بمرسوم صدر عام 2006، هنالك بعض التقارير التي تنتقد الحريات الدينية لغير المسلمين، ماهي الوضعية الحقيقية لغير المسلمين في الجزائر؟
- إن المادة الثانية من الدستور الجزائري تنص على أن الإسلام هو دين الدولة وكذلك الإصلاحات الدستورية الأخيرة والتي جاء بها رئيس الجمهورية تنص على احترام الحريات الشخصية والدينية للأفراد وكذلك حرية المعتقد وحرية الممارسة الشعائر التعبدية لغير المسلمين وجاء قانون تنظيم الشعائر الدينية لغير المسلمين في أمر رقم 03|06 سنة 2006 يوضح عملية تنظيم هذه الشعائر.
والجزائر والحمد الله هو بلد التعايش بين جميع الديانات الإسلام والمسيحية واليهودية منذ زمن بعيد، بل إن الجزائر فتحت أبوابها للمسلمين واليهود الذين اضطهدوا من محاكم التفتيش التابعة للكنيسة الكاثوليكية بعد سقوط غرناطة في الأندلس.
واليوم والحمد الله الكثير من الجالية الأجنبية المسيحية تمارس نشاطها وطقوسها بصفة قانونية في دور العبادة الخاصة بهم.بل وبحماية من الدولة الجزائرية، إلا أن الكثير من التقارير السلبية التي تصدر عن منظمات حقوقية دولية وإقليمية حول وضع حقوق الإنسان والحريات الدينية لغير المسلمين وبعض الجماعات الأخرى هي ضد الجزائر وتسيء لصورتها.
وفي الحقيقة إن الحكومة الجزائرية ملزمة بتطبيق قوانين الجمهورية التي لا تسمح بالفوضى والعبث، فالكثير من الأماكن والشقق التي أطلق عليها أصحابها بالكنائس، إنما هي في الحقيقة أماكن غير قانونية وأصحابها يمارسون نشاطات وطقوس مشبوهة تخالف قوانين الجمهورية، وبالتالي هذه التقارير في جملتها عارية من صحة الواقع المعاش.
* المسجد فضاء لجميع المواطنين على اختلاف توجهاتهم، هل ظهر لكم وجود محاولة لدى البعض، للسيطرة على بيوت الله، خاصة من جماعة الإسلام السياسي، وكيف تتعاملون مع هذا الملف؟
- المسجد هو بيت الله تعالى ورواده هم ضيوف الرحمن وأن الأصل في بناء المسجد هو لعبادة الله تعالى من ذكره وإقامة الصلاة مصداقا لقول الباري جل وعلا في محكم التنزيل: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ"، فهذه هي رسالة المساجد الروحية والإنسانية، فلا ينبغي تحريفها عن قبلتها التي وضعت لها كما قال تعالى: "الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدا".
إذن هذه رسالة المسجد في الجزائر والذي تتعدى خارطة الفضاءات الدينية في الجزائر أكثر من أربعين ألفا ما بين مسجد ومدرسة قرآنية كلها تحت توجيه ومرافقة وتأطير وصاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، والتي لا تسمح إلا بخطاب المرجعية الدينية الروحية الوطنية للجزائريين.
وقد حاولت وتحاول مرات متكررة الكثير من دوائر إسلام الشحن الطائفي والسياسي الدخيل أن تشوش على النسق العام أو تستحوذ على بعض المنابر لكي تستغل المنبر والمحراب والدروس العلمية وكذا المدارس القرآنية للدعاية الحزبية أو المذهبية أو الطائفية، وكل هذا يعتبر خطا أحمر لا يمكن بأي حال اختراقه ولا التعدي عليه، لأن المؤمن لا يلدغ من الجمر مرتين بتجربة العشرية السوداء والمسألة الوطنية والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين بسبب التطرف الديني واستغلال الإسلام لأغراض سياسية وحزبية للوصول إلى الحكم والقضاء على قيم الجمهورية الجزائرية المنبثقة من مبادئ ثورة نوفمبر الخالدة.
* شهدت الجزائر موجهة عنف وإرهاب، ساهم الأئمة في محاربته، ما هي الفاتورة التي دفعوها في هذه المعركة؟
- إن ما مرت به الجزائر أيام العشرية السوداء والتي أطلقنا عليها المأساة الوطنية هي تجربة مريرة حصد فيها الإرهاب الهمجي الأعمى أرواح الجزائريين ولم يفرق يومها بين عالم إمام في مسجده أو طبيب في عيادته أو أستاذ في مدرسته أو صحافي يمارس مهنته، فالجماعات الإسلامية الإرهابية في الجزائر على اختلاف إيديولوجيتها الفكرية التكفيرية اجتمعت كلها على تكفير الحاكم والمحكوم وسارت على سياسة.. "إذا لم تكن معي فأنت ضدي.....؟؟؟".
ولقد دفعت الجزائر أكثر من 114 إماماً وعالماً في الدين قتلوا وذبحوا من طرف الجماعات الإسلامية الإرهابية، وأذكر يومها أن الجماعة الإسلامية المسلحة في سنة 1997 قامت بذبح طلاب المدرسة القرآنية بولاية الشلف بالغرب الجزائري لا لشيء إلا أنهم رفضوا أن ينقادوا خلف دعاة الفتنة والتكفير واستغلال الدين لأغراض سياسوية وسلطوية محضة، حتى أن من الله عليها بسياسة الرحمة والوئام والمصالحة الوطنية والتي أنقذت البلاد من أوحال الفتنة إلى بر الأمان.
* هنالك حالة غضب عبر عنها الأئمة تجاه الوزارة الوصية، كيف ستتعاملون مع المطالب التي يرفعونها؟
- الجزائر هو البلد الوحيد الذي يُعتبر فيه إمام المسجد على اختلاف رتبهم من القيم أو المؤذن أو أستاذ التعليم القرآني أو إمام مدرس أو إمام أستاذ أو مرشدة دينية، كل هؤلاء خضعوا للتكوين في المعاهد الدينية التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، وبعدها تم توظيفهم رسميا ويخضعون لقوانين الوظيف العمومي، وبالتالي فقطاع الشؤون الدينية هو قطاع حكومي يخضع للأسلاك الخاصة.
إن الجزائر هي البلد الوحيد الذي يملك فيه سلك الأئمة نقابة تمثلهم رسمياً وتدافع عن حقوقهم ومطالبهم المهنية والاجتماعية، والجدل القائم حالياً بين الوصاية وتنسيقية النقابة نجهل من يقف وراء هذا الحراك الذي يصعد إعلاميا وعبر الوسائط الاجتماعية في لهجة الخطاب والتي لا تليق بمنزلة أئمة المساجد الذين هم فرسان المنابر وحراس المحاريب. والوزارة أبوابها مفتوحة للحوار المهني الجاد وملتزمة بما تملك من صلاحيات بتحسين أوضاع السادة الأئمة اجتماعياً ومهنياً.