القاهرة – عصام بدوي

رصد المؤشر العالمي للفتوى "GFI"، التابع لدار الإفتاء المصرية، سيلا من الفتاوي التكفيرية التي تحرم الاحتفال بأعياد الميلاد "الكريسماس"، مؤكدًا أن "فتاوى الإخوان والمتشددين احتلت المرتبة الأولى في التحريم".

وقد رصد المؤشر العالمي للفتوى عينة من تلك الفتاوى قوامها "3000" فتوى على مستوى العالم، تمثل القطاعات الرسمية وغير الرسمية بجانب التنظيمات الإرهابية، موضحًا أن "الفتاوى الخاصة بالكريسماس مثلت "2%" من جملة الفتاوى المنشورة عالميا"، في حين أنها تمثل "70%" من جملة الفتاوى الصادرة بحق المسيحيين على مستوى العالم.

وبتحليل فتاوى العينة المرصودة، تبين أن فتاوى المؤسسات الدينية الرسمية جاءت بنسبة "35%" من جملة هذه الفتاوى، في حين مثلت الفتاوى غير الرسمية نسبة "65%"، مما يبين انشغال تلك التيارات بقضايا من شأنها إحداث الخلل في نسيج أي مجتمع.

وأكد المؤشر أن ارتفاع نسبة فتاوى الكريسماس غير الرسمية، أدى لكثرة اضطرابها وتعدد تفريعاتها لخدمة أهداف ليست بالأساس دينية، حيث أوضح أن "80%" من فتاوى التيارات والتنظيمات غير الرسمية تحرِّم الاحتفال بالكريسماس، واحتلت فتاوى الإخوان والمتشددين أكثر من "40%" من إجماليها، في المقابل أجازت فتاوى المؤسسات الدينية الرسمية الاحتفال بالكريسماس وتهنئة المسيحيين بنسبة "95%".

وأشار مؤشر الفتوى العالمي إلى مجموعة من الفتاوى المتطرفة مثل فتوى "حسين مطاوع" المتشدد، حيث قال، "إذا كنا نقول ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي وننكر على من يحتفل به لمخالفة ذلك سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته والتابعين من بعده، فكيف بمن يشارك النصارى احتفالهم بميلاد ابن الرب؟!".

وفتوى المتشدد المصري "سامح عبد الحميد"، "يجوز تهنئة المسيحيين بمناسباتهم الدنيوية وليس الدينية، والكريسماس من جملة شعائرهم الدينية، والمشاركة فيه حرام ومنكر عظيم، ويحرُم الاشتراك فيه بأي شكل، فلا يجوز تقديم الهدايا، وتبادل التهاني".

كما أفتت "جماعة الدعوة في مدينة صبراتة الليبية"، فقالت، "أن يرتكب المسلم جميع الكبائر مجتمعةً أهون عند الله من أن يُهنِّئ النصراني بعيده".

أما الإخواني "وجدي غنيم"، فقال، "إن المسيحيين كفار لا يجوز تهنئتهم بمناسباتهم الدينية".

ورصد "مؤشر الفتوى العالمي" – الذي تصدره وحدة الدراسات الإستراتيجية بدار الإفتاء – فتاوى التهنئة بالكريسماس الصادرة في الدول الأجنبية، مبينًا أن "لها طبيعة خاصة تناسب تلك المجتمعات"، لافتًا إلى أن "الفتاوى الأجنبية تدور حول موضوعين، الأول، حكم التهنئة، والثاني، حكم الاحتفال به".

وأكد المؤشر، أن "الأحكام الشرعية الخاصة بتهنئة المسيحيين بأعيادهم في الدول الأجنبية دارت حول حكمين"، الأول، "جائز بنسبة 70%"، والثاني، "حرام بنسبة 30%".

وفي قراءة استشراقية لمدى تأثير الفتاوى المتشددة وغير المنضبطة على الجاليات المسلمة في الغرب، نبَّه المؤشر إلى أن "مثل تلك الفتاوى التي تُحرِّم الاحتفال بالكريسماس تستعدي الآخرين على المسلمين، وتكرِّس وتنمي ظاهرة "الإسلاموفوبيا"".

وحول حكم الاحتفال بأعياد الكريسماس في الغرب، بيَّن المؤشر العالمي للفتوى أن "90% من الفتاوى تُحرِّم الاحتفال بأعياد المسيحيين بعكس أحكام التهنئة"، فيما أجازت "10%" منها الاحتفال والاحتفاء بمظاهر هذا المناسبات".

ومن أمثلة ذلك إصدار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث فتوى، تؤكد "مشروعية تهنئة المسيحيين بأعيادهم بشكل عام، فهم يبادرون بتهنئة المسلم بأعياده الإسلامية، وقد أمرنا الله تعالى أن نجازي الحسنة بالحسنة".

وفي ماليزيا، قال د. ذو الكفل بن محمد البكري، مفتي الولايات الفيدرالية الماليزية، "إنه لا حرج في تهنئة المسيحيين بقولك، "عيد ميلاد سعيد".

أما في إسكتلندا، فقال الباحث الإسلامي "بايجام مصطفى"، "إن المسلمين يجب أن يشعروا بأنهم قادرون على إرسال بطاقات تهنئة وتزيين منازلهم بالزينة والبالونات وارتداء ملابس سانتا كلوز".

وفي إندونيسيا الأمر مختلف، حيث تسير الأوضاع وفقًا لفتوى مجلس علماء إندونيسيا التي صدرت عام 1981، والتي تحرم الاحتفال بأعياد الميلاد والكريسماس.

وقالت وحدة الدراسات الإستراتيجية بدار الإفتاء، إن نسبة الـــ "90%" من الفتاوى التي تحرِّم الاحتفال بالكريسماس في الغرب تعود إلى عدة أسباب، منها:

* الاعتماد على فتاوى قديمة لــ"ابن تيمية" وإعادة نشرها في كل مناسبة، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا رقيب ولا حسيب.

* هروب أعداد من "الإخوان" والمتشددين لبعض الدول الغربية، ونشر أيديولوجياتهم المتطرفة التي تدعو إلى العنف ونبذ الغير.

* نزوح أعداد من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من دول مثل ليبيا وسوريا والعراق إلى دول أجنبية، حاملين معهم أفكارًا ومعتقدات خاطئة تغذي التطرف والإرهاب.

وكشف المؤشر العالمي للفتوى تراجع فتاوى "داعش" المتعلقة بالاحتفال بـ"الكريسماس" هذا العام مقارنةً بالسنوات السابقة، نظرًا للتركيز على البناء الداخلي له بعد خسائره المتتالية في أكثر من جبهة".

وعن تنظيم "القاعدة"، كشف مؤشر الفتوى العالمي، أن "فتاوى الاحتفال بـ"الكريسماس" جاءت بنسبة "4%" من جملة فتاويه، وهذا التراجع الملحوظ في الفتاوى راجع إلى اتجاه التنظيم للبعد عن "التكفير" للظهور كتنظيم معتدل بخلاف تنظيم "داعش"".

أما فتاوى "حزب التحرير" "الذي تأسس عام 1953 في القدس على يد القاضي "تقي الدين النبهاني"" بشأن الاحتفال بالكريسماس فقد جاءت بنسبة "4%" أيضًا، وأسست لتحقيق الهدف الأسمى للحزب وهو "إقامة الخلافة الإسلامية".

ولفت المؤشر إلى "عدم صدور فتاوى جديدة لأمير الحزب "عطاء بن خليل أبو الرشتة" حول الاحتفال بالكريسماس، في حين أثبت الحزب فتاواه القديمة بشأن تحريم كل ما يتعلق بهذه المناسبة والتي جاء منها، "الكريسماس وشخصية "بابا نويل"، يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالعقيدة النصرانية الباطلة ما أدَّى إلى الاتِّفاق على حرمة تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم".

فيما برزت فتوى لـ"أبو نزار الشامي" أحد أعضاء الحزب خلال خطبة الجمعة ليوم 15 ديسمبر 2018 بعنوان، "أعياد الكفار ليست أعيادنا ... كن معتزًّا بدينك ولا تشاركهم شِركهم!" تضمنت تحريم الاحتفال بالكريسماس.