فتحت الأجهزة الأمنية الليبية تحقيقاً مع مجموعة من الفتيات، بعد ضبطهنّ داخل إحدى مقاهي مدينة بنغازي شرق ليبيا، بتهمة "الإخلال بالآداب العامة ومخالفة القانون والعرف والخروج عن الدين"، كما اعتقلت المسؤولين عن المقهى، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في ليبيا، وفتح النقاش حول موضوع الحريات الفردية.

وبدأت القصة في موقع "تويتر"، عندما قامت مجموعة من الفتيات في بنغازي بتحديد لقاء يجمعهن في أحد المقاهي المعروفة والواقع في واجهة أحد أشهر شوارع المدينة تحت هاشتاغ " تجمّع بنات تويتر"، من أجل التعارف فيما بينهن، لكن قوة مكافحة جرائم الآداب بوزارة الداخلية بالحكومة المؤقتة قامت بمداهمة المقهى واعتقال من بداخله وحجز معدات المقهى وغلقه، في إطار ما اعتبرته ممارسة مهامها في "دكّ أوكار الفساد والمجون والرذيلة"

وبرّرت وزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة، في بيان لها، مداهمتها للمقهى، بوجود "حفلة ماجنة مختلطة بين الذكور والإناث يلعب خلالها عدد من الأشخاص القمار ويرقصون بمناسبة رأس السنة الميلادية"، مضيفة أنها "صادرت كافة المعدات والنقود والورق المستخدم في لعب القمار مع ضبط صاحب المقهى والأشخاص المتواجين فيه"، معتبرة أنّ هذه الأعمال "مخلة بالآداب العامة ويجرمها القانون والعرف ويحرمها الشرع".

وأثارت هذه الحادثة غضب الليبيين، الذين استنكروا تدخل الأجهزة الأمنية في الحريات الفردية للمواطنين وممارسة الرقابة على الأماكن العامّة، بعد أن تبين أن المقهى كان محجوزا للنساء فقط ولم تكن فيه حفلة مختلطة، منددين باستغلال السلطة لانتهاك تجمّع نسائي واختراق خصوصياتهن الشخصية.

ووصفت الحقوقية، فاطمة الزهراء النفاتي، ما حدث في المقهى من هجوم وتشهير وتشويه وتخويف لبنات بنغازي، بـ "الشيء المخجل"، موضحة أن المقاهي والمطاعم العائلية هي المتنفس الوحيد للعائلات والنساء للخروج من حالة الاكتئاب التي سببتها أوضاع البلد لليبيين والتسلية والترفيه، متسائلة: "هل يعدّ ذلك جريمة يعاقب عليها القانون وخروجاً عن العادات والأخلاق؟".

وأشارت النفاتي إلى أن الأجهزة الأمنية بدأت تشديد الرقابة على المقاهي والمطاعم والأماكن العامة من أجل منع أي احتفالات خاصة برأس السنة الميلادية، وفرض المزيد من القيود على الحريات العامة، ولاسيما المتصلة بالنساء اللاتي تضيق فرصهن في التواصل الاجتماعي.

ومن جانبها، عبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن "انزعاجها الشديد بشأن اقتحام مقهى التقت فيه سيدات في بنغازي، شرق ليبيا، واحتجاز العاملين فيه".

وطالبت البعثة في تغريدة على "توتير"، السبت، "بالإفراج عن المحتجزين فورا، وحماية حق النساء بالتجمع في الأماكن العامة، بما فيها المقاهي"، مؤكدة أن "هذه الأفعال مؤشر خطير على تراجع الحريات الفردية".

لكن رئيس اللجنة الليبية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، اعتبر أن هذه الواقعة "مؤشر على تنامي الفكر المتشدد لدى بعض الأجهزة الأمنية"، موضحا أنّ "عناصر الداخلية الذين قاموا بعملية المداهمة هم من أصحاب التوجه السلفي والفكر المتطرّف"، داعيا إلى ضرورة التحقيق معهم لارتكابهم جريمة يعاقب عليها القانون الليبي، بعد انتهاكهم لمكان خاص دون دليل، إضافة إلى قذف وإساءة وتشويه سمعة الفتيات.