بيروت - بديع قرحاني

تتجه الأمور في لبنان إلى مزيد من التعقيد خاصة مع إصرار حركة "أمل" الشيعية بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، على عدم مشاركة ليبيا في القمة الاقتصادية العربية التي تستضيفها بيروت خلال الأيام المقبلة، فيما كشفت مصادر لبنانية عن أن " ليبيا تتجه إلى الاعتذار عن المشاركة في القمة". ويعترض بري على دعوة ليبيا إلى القمة معتبرا أن "السلطات الليبية غير متعاونة بقضية رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السابق مؤسس "أمل" موسى الصدر، الذي اختفى قبل عقود في ليبيا".

وفي وقت لاحق، انتقد بيان "ألوية الصدر"، التابع لحركة "أمل"، إصرار الرئيس اللبناني ميشال عون على دعوة ليبيا لحضور القمة.

وقال البيان إن "رئيس الجمهورية يدعو لقمة عربية في لبنان هذا شأنه أما نحن فلنا شأن آخر".

وتابع البيان موجها حديثه للمسؤولين الليبيين أن " الغدر ليس من شيمنا كما فعلتم بإمامنا لذا نحن بانتظاركم".

ووجه إنذارا شديدا اللهجة بالقول "قول وتحذير أول وأخير موجه لمن يمثل ليبيا بالحضور إلى بلاد الإمام الصدر وأرضه وشعبه".

وفي خطوة استفزازية جديدة، عمد عناصر من حركة "أمل" اللبنانية، التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري، إلى نزع العلم الليبي من موقع انعقاد القمة العربية الاقتصادية والتنموية في بيروت.

وانتشر فيديو، على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر عناصر موالين لحركة أمل وهم ينزعون العلم الليبي ويستبدلونه بعلم الحركة، وذلك بالتزامن مع اعتراض نبيه بري على مشاركة ليبيا في القمة.

ويعترض بري على دعوة ليبيا إلى القمة معتبرا أن السلطات الليبية غير متعاونة بقضية رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى السابق مؤسس "أمل" موسى الصدر، الذي اختفى قبل عقود في ليبيا.

ويقول مسؤولون في الحركة إن ليبيا لا تتعاون بقضية اختفاء الصدر ورفيقيه، إبان حكم العقيد معمر القذافي عام 1978 حين كانوا في زيارة رسمية إلى البلاد.

وهدد بري بتنفيذ "سادس شباط سياسي وغير سياسي في حال تطلب الأمر"، في إشارة إلى العمليات المسلحة التي قادته حركة أمل برئاسته في فبراير عام 1984 في بيروت ضد الرئيس السابق أمين الجميل، خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

ويصر مسؤولو ومناصرو حركة أمل على موقفهم شأن سحب دعوة ليبيا، متوعدين بتحركات شعبية في الشارع، أبرزها قطع طريق مطار بيروت الدولي، الأمر الذي سبب توترا مع الرئاسة اللبنانية باعتبارها الجهة المنظمة للقمة.

وقد يكون المشهد الذي شهدته العاصمة بيروت مؤشراً إلى خطورة ما قد يحدث في الأيام المقبلة، حيث القمة الاقتصادية التي ستنعقد في بيروت، والخلاف الكبير الحاصل في لبنان حول دعوة ليبيا إلى القمة أو عدم دعوتها. وفي هذا الإطار، قام عدد من مناصري حركة "أمل" التي يتزعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري في منطقة البيال، بنزع علم ليبيا واستبداله بعلم حركة أمل، كرسالة شديدة اللهجة لرفض "أمل" رفضاً مطلقاً دعوة ليبيا إلى القمة الاقتصادية على خلفية خطف الإمام موسى الصدر ورفيقيه.

وقد أفادت مصادر لقناة "إن بي إن" التابعة لحركة أمل أن "الأمور متجهة إلى التصعيد من جانب جمهور "حركة أمل" ولأنصار الإمام موسى الصدر، بالنسبة إلى الموقف من دعوة ليبيا إلى المشاركة في القمة العربية الاقتصادية"، وأشارت إلى أن "الشارع سيكون مسرحاً لتحركات في الشارع، في حال الإصرار على منح الوفد الليبي تأشيرات دخول إلى لبنان، لمنع الوفد الليبي من المشاركة".

وسبق أن غرّد النائب في كتلة "التنمية والتحرير" علي خريس على صفحته عبر "تويتر" قائلاً، "ما حدا يجربنا في قضية الإمام موسى الصدر هذه القضية لا مزح فيها فهي قضية بحجم الوطن وليست قضية صغيرة، ومن يحاول التقليل من أهميتها هو واهم"، وأضاف "وحتى لو وجهت الدعوة للوفد الليبي يمكن أن يصل هذا الوفد إلى مطار بيروت لكنه من المستحيل أن يدخل الأراضي اللبنانية".

من جهته، أشار وزير مكافحة الفساد في حكومة تصريف الأعمال نقولا تويني في حديث إلى برنامج "لبنان في أسبوع"، عبر "إذاعة لبنان"، إلى أن "لبنان ليس هو من يقود سياسة القمة العربية الاقتصادية بل الجامعة العربية هي المسؤولة عن هذه القمة"، معتبرا أن "لبنان هو أول من احتج على تنحية سوريا عن هذه القمة، وان لبنان الرسمي يريد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وان تمارس دورها كبقية الدول العربية".

وعن موضوع دعوة ليبيا، أكد أن "الموضوع وطني وليس طائفيا، وان الرئيس ميشال عون وكل الدولة مهتمون بمعرفة مصير الإمام الصدر ورفيقيه من قبل الحكومة الليبية الحالية التي وعدت لبنان بجلاء الحقيقة في أسرع وقت ممكن"، مشيرا إلى "أن عملية الدعوة لا تعود إلى لبنان بل إلى الجامعة العربية"، مشددا على أنه "في ظل التحديات التي يعيشها لبنان لاسيما الخطر الإسرائيلي علينا أن نعود إلى الوحدة، وانه لا توجد تناقضات حادة في موضوع سوريا أو ليبيا"، داعيا إلى "الكف عن المناكفات السياسية وأن نظهر في مظهر الوحدة وأن لا نختلف في مواضيع أشبعناها بحثا، وان نتقارب مع سوريا لأن هناك تكاملا جغرافيا معها من أجل النمو الاقتصادي في لبنان، وهذا موقف الرئيس عون"، ورأى أن "لبنان يدافع عن قضية فلسطين والحق العربي في كل مكان"، وسأل: "كيف لا ندافع عن حق سوريا؟"، مشددا على أن هذه "من البديهيات التي لا رجوع عنها".

أما وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال النائب بيار بو عاصي، فقد اعتبر أن "انسداد الأفق الحكومي غير مرتبط بحضور سوريا أو ليبيا القمة الاقتصادية العربية في بيروت بل يتعلق بعدم احترام الدستور"، معربا عن أسفه "لأن هناك انطباعا سائدا بأن لا حكومة الآن"، مضيفا أن "انسداد الأفق في لبنان من تشكيل حكومة وبناء دولة وبنى تحتية والخروج من الدين العام يؤدي إلى توتر نريد تجنبه".

ورأى في حديث إلى "صوت لبنان" - الضبية، أن "خلفيات التوتر على مستوى القمة الاقتصادية هي عدم القدرة على تشكيل حكومة"، مضيفا "نعتبر قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه قضية وطنية بامتياز ولكن شخصيا لا أربطها بالتوتر القائم في البلد، وتم طرح تأجيل القمة الاقتصادية بسبب غياب الحكومة فمن غير المرحب به أن تحصل قمة على هذا المستوى في ظل حكومة تصريف أعمال".

أما عن دور "حزب الله" في تعطيل الحكومة، فأوضح أن "الحزب لاعب محوري في لبنان بسبب سلاحه، وتأثيره على القاعدة الشعبية الكبرى التي يرتكز عليها"، معتبرا "أن معركة الثلث الضامن ورئاسة الجمهورية والحسابات الخارجية من العوامل الرئيسية لتعطيل تشكيل الحكومة".

وأضاف أن ""حزب الله" يرى أن حجمه العملاني والعسكري لا يعكس حجمه السياسي في لبنان، وفي ظل التركيبة اللبنانية في حكومة من 30 وزيرا عليه تقاسم الوزراء الستة الشيعة مع حركة أمل، ولهذا يسعى لتكبير حصته من الطوائف الأخرى. ففي ظل غياب توازن القوى، لا شراكة، حتى من ظن نفسه شريكا اكتشف انه كان غطاء وليس شريكا". وأشار إلى أن "لا شركاء لـ "حزب الله" كما كان الحال مع النظام السوري في السابق، لأنه يعتبر نفسه الأقوى وهو لا يحتاج إلى شريك، بل إلى غطاء من طائفة أخرى تخرجه من عزلته داخل منطقة واحدة".