بيروت - بديع قرحاني

انشغلت الأوساط السياسية اللبنانية بتصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، عن "أن عدداً من المسؤولين الفرنسيين طالبوا الرئيس الإسرائيلي ​رؤوفين ريفلين خلال زيارته إلى ​فرنسا​، بعدم قيام إسرائيل بأي عمل عسكري ضد ​لبنان​ قبل ​تشكيل الحكومة"، مشيراً إلى "أن فرنسا أوقفت الإمدادات العسكرية للجيش اللبناني وألغى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارته إلى لبنان الشهر المقبل بسبب الرفض الكامل للاعمال العسكرية لـ "​حزب الله​" المدعوم من ​إيران​".

ويتقاطع كلام لودريان مع معلومات تشير الى ان الرئيس الفرنسي يتّجه الى إرجاء زيارته المقررة الى لبنان منتصف الشهر المقبل للمرّة الثانية على التوالي بسبب تأخير تشكيل الحكومة الذي يُهدد بدوره بتبديد مساعدات "سيدر" الذي جهد ماكرون لتأمينها لرفد لبنان بجرعات دعم مالية تخرجه من الازمات التي يتخبّط بها.

وما يُثير الريبة ان الخارجية الفرنسية لم تصدر حتى الان اي بيان ينفي او يؤكد صحة ما ادلى به لودريان، او توضيح ما يقصده اما بالاشارة الى "تحوير" او ان تصريحه خرج عن سياقه.

الا ان مصادر الخارجية الفرنسية اكتفت عبر وكالة "المركزية" بالتذكير بما ادلى به لودريان امام الصحافيين المعتمدين في الاليزيه بمناسبة حلول العام الجديد، حيث تناول الملف اللبناني بلهجة قاسية تنطلق من حرص فرنسي على إخراج لبنان من ازماته التي يتخبّط بها وعلى رأسها مسألة تشكيل الحكومة، اذ اكد ما مفاده "اننا ومنذ اسابيع ننتظر تشكيل حكومة لبنان، لكن لم يحصل ذلك، وكل الالتزامات المالية التي تعهّدنا بها خلال مؤتمرات الدعم الدولية، لاسيما "سيدر" مهددة نتيجة التأخير بتشكيل الحكومة".

وفي السياق، افادت مصادر دبلوماسية عربية مُقيمة في فرنسا "المركزية" بان "تصريح لودريان "اللافت" بتوقيته ومضمونه يحمل في طيّاته "تخوّفاً" فرنسياً من عمل عسكري "جدّي" تُعدّ له اسرائيل لضرب لبنان"، وتشير الى "ان فرنسا مقتنعة بوجود عملية عسكرية كبرى تُحضّر في الكواليس الاسرائيلية لضرب لبنان من دون تحديد ساعة الصفر، لذلك هي تبذل اقصى جهودها لتجنيب لبنان هذه الكأس في وقت لا يزال تشكيل الحكومة اللبنانية يتعرقل والقوى السياسية تتصارع على تحديد حصتها الوزارية".

وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن "فرنسا تنطلق في اتصالاتها من نقطة تجنيب لبنان الضربة الاسرائيلية، من دقّة الوضع الداخلي الذي تصفه بـ"السوريالي"، وضرورة اعطائه المزيد من الوقت لانجاز الاستحقاق الحكومي، لان اي ضربة عسكرية في ظل الفراغ الحكومي ستزيد الامور تعقيداً وتُكلّف البلد خسائر كبيرة".

وتشدد المصادر على "ضرورة تأليف الحكومة سريعاً من اجل فكّ اسر المساعدات الدولية، خصوصاً "سيدر"، لان كلما تأخّر التشكيل، تضاعفت المخاطر من تحويل المساعدات إلى بلد آخر لا يُعاني أزمات سياسية".