تونس - منال المبروك

بدأت الجزائر الجمعة في تزويد بلدة ساقية سيدي يوسف الحدودية شمال غرب البلاد، بالغاز الطبيعي، اعترافاً بدور هذه المدينة في ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي.

وتزامن أول خط إمداد لمدينة سيدي يوسف بالغاز الطبيعي الجزائري مع إحياء الذكرى الـ 61 لأحداث ساقية سيدي يوسف التي اختلطت فيها الدماء التونسية بالجزائرية جراء عدوان فرنسي على هذه المدينة التي احتضن أهاليها ثواراً جزائريين.

وفي 8 فبراير 1958، تعرضت ساقية سيدي يوسف لغارات وقصف فرنسي مكثف ردًا على الدعم التونسي للثورة الجزائرية. ونجمت عن الغارات الفرنسية مجزرة دموية سقط خلالها عشرات القتلى من التونسيين والجزائريين، حيث تزامن الهجوم مع إقامة السوق الأسبوعي للمدينة.

وتحيي أهالي ساقية سيدي يوسف سنوياً بحضور مسؤولين من البلدين الذكرى السنوية لسقوط الشهداء، فيما تزين الساحات العامة بأعلام تونس والجزائر.

وجرى الجمعة في مدينة ساقية سيدي يوسف من محافطة الكاف في الشمال التونسي تدشين أنبوب الغاز الناقل للغاز الجزائري إلى تونس بحضور مسؤولين من البلدين.

وأشرف على أولى عمليات التزويد وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة التونسي سليم الفرياني ووزير الطاقة الجزائري مصطفى القيطوني، إضافة إلى عبدالمؤمن ولد قدور، الرئيس المدير العام لمجمع "سوناطراك" النفطي.

وقال المعتمد الأول بمحافظة الكاف أيمن بوهلال، لـ"الوطن"، ان "ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف تكشف عمق العلاقة التي تربط الشعبين التونسي والجزائري"، مشيرا إلى "مشروع إمداد الغاز الطبيعي للبلدة اختلطت فيها دماء شهداء البلدين يكرّس مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين تونس وجارتها الغربية الجزائر".

وأضاف أن "أنبوب الغاز الطبيعي سيمكن كل سكان منطقة ساقية سيدي يوسف من ربط مساكنهم بالغاز الطبيعي والاستغناء عن قوارير غاز الطهي المسال".

وكشف محافظ سوق أهراس، فريد محمدي، والتي سينطلق منها الغاز الجزائري، أن "تجسيد هذا المشروع يمثل عربون محبة وصداقة وأخوة بين الشعبين الشقيقين ويعكس تضامنهما وتلاحمهما في جميع الظروف".

وتقع ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية التونسية على الطريق المؤدّي من مدينة سوق أهراس بالجزائر إلى مدينة الكاف بتونس وهي قريبة جداً من مدينة لحدادة الجزائرية التابعة إدارياً لولاية سوق أهراس، وبذلك شكلت منطقة استراتيجية لوحدات جيش التحرير الوطني المتواجد على الحدود الشرقية في استخدامها كقاعدة خلفية للعلاج واستقبال المصابين والجرحى والمقاتلين ما جعل فرنسا تلجأ إلى أسلوب العقاب الجماعي وذلك بضرب القرية الحدودية الصغيرة.

ويوم السبت 8 فبراير 1958 هو يوم سوق أسبوعية بقرية ساقية سيدي يوسف ولم يكن المستعمر الفرنسي يجهل ذلك عندما اختار هذا اليوم بالذات للقيام بالغارة على القرية .

وقد صادف ذلك اليوم حضور عدد هام من اللاجئين الجزائريين الذين جاؤوا لتسلم بعض المساعدات من الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي.

وقد كانت مفاجأة كل هؤلاء المدنيين كبيرة عندما داهمت القرية حوالي الساعة الحادية عشرة أسراب من الطائرات القاذفة والمطاردة.

واستهدف القصف دار المندوبية "المعتمدية"، والمدرسة الابتدائية وغيرها من المباني الحكومية ومئات المنازل فيما كانت المطاردات تلاحق المدنيين.

وتواصل القصف باستمرار نحو ساعة من الزمن مما حول القرية إلى خراب وقد بلغ عدد القتلى 68 منهم 12 طفلاً أغلبهم من تلامذة المدرسة الابتدائية و9 نساء وعون من الجمارك فيما بلغ عدد الجرحى 87 جريحاً.

وتمثل الجزائر الخزان الاستراتيجي للطاقة الذي تلجؤ إليه تونس في فترات الذورة صيفا لطلب الكهرباء وشتاء لطلب الغاز .

وكانت تونس قد استعانت بإمدادات من الغاز الجزائري لمجابهة الطلب المتزايد على غاز الطهي بعد موجة البرد التي اجتاحت البلاد أخيراً.

ففي 27 يناير المنصرم، رست في ميناء تونس باخرة محملة بـ4 آلاف طن من الغاز السائل المُعدّ للاستهلاك المنزلي من أجل توزيعها على مراكز التعبئة الثلاثة في محافظات رادس وقابس وبنزرت.

وفي يوليو الماضي قالت شركة الكهرباء التونسية "حكومية"، إنها ستواجه الطلب الإضافي على الكهرباء في تونس المقدر 300 ميغاواط، بالكهرباء الجزائرية. ويتم توريد الطاقة ضمن عقود تجارية تبرم بين الشركات المعنية ولا يكشف عنها عادة.