تونس - منال المبروك

صنّف الاتحاد الأوروبي تونس مجددا ضمن قائمة البلدان المتهمة بغسيل الأموال رغم مجهودات كبيرة بذلتها السلطات الرسمية للخروج من هذا التصنيف.

وأعلنت المفوضية الأوروبية عن قائمة للبلدان التي تشكل تهديدا لدول الفضاء الأوروبي بسبب تعاونها مع جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

ولم يفِ الاتحاد الأوروبي بوعود سابقة لمساعدة تونس على الخروج من هذا التصنيف، فيما اعتبر خبراء اقتصاد أن "إبقاء تونس ضمن القائمة السوداء يعد شكلا من أشكال الضغط على الحكومة لتعجيل التوقيع على اتفاق تبادل تجاري حر شامل مع أوروبا تطالب بتوقيعه منذ سنوات لضمان نفاذ سلعها للسوق التونسية دون أي توضيحات جبائية".

واعتبر الخبير المالي وجدي بالرجب أن "فرضية "العقاب" الأوروبي لتونس ورادة بسبب تباطؤ تونس في توقيع اتفاق التبادل التجاري الحر والشامل، ورفع قطاعي الزراعة والخدمات لهذا الاتفاق"، على حد وصفه.

وقال بالرجب لـ"الوطن" إن "التصنيف لا يتعلق فقط بالضغوط الأوروبية بل كذلك بوجود مخاطر فعلية لغسيل الأموال في تونس عبر الجمعيات والأحزاب وأنشطة اقتصادية غير مشروعة"، وفق تأكيده.

و أدرج وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في 5 ديسمبر 2017 تونس على قائمة سوداء تتعلّق بالملاذات الضريبية الآمنة على مستوى العالم، تضمنت 17 دولة، قبل مراجعة التصنيف في 23 يناير 2018، ليتم إدراج تونس ضمن القائمة الرمادية، بعد تعهّد حكومي حينها بإجراء العديد من الإصلاحات وتجويد التشريعات والآليات الخاصة بمراقبة التدفقات المالية والحد من التحويلات المشبوهة.

وفي فبراير 2018، اعتبر الاتحاد الأوروبي أن "تونس دولة تتضمّن مخاطر عالية متعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما صنّفت مجموعة العمل المالي تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب".

وبذلت الحكومة التونسية على مدار العام الماضي بدعم من البرلمان مجهودات كبيرة لتجنب التصنيف الثاني في قائمة البلدان المدرجة على اللائحة السوداء لمجموعة العمل المالي "Gafi".

وأجرى البرلمان جملة تعديلات على قانون مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، درءاً لأي أعذار أوروبية جديدة قد تؤدي إلى إبقاء تونس ضمن هذه القائمة السوداء للدول المتهمة بغسيل الأموال.

بدورها، أعلنت اللجنة التونسية للتحاليل المالية بالبنك المركزي، مؤخرا عن تجميد 30 حساباً بنكياً في 2018 لوجود شبهات فساد مالي، وإحالة ملفاتها على النيابة العمومية. وأفاد الكاتب العام للجنة التحاليل المالية، لطفي حشيشة، بأن "اللجنة تلقت حوالي 600 تصريح في شبهات فساد مالي أو تدفق مالي مشبوه من الخارج".

ويتزامن التصنيف الجديد مع جدل واسع في تونس حول تمويلات مشبوهة لجمعيات وشخصيات سياسية قريبة من حركة "النهضة"، قال المركزي التونسي أنه "سيفتح بشأنها تحقيقا".

ومؤخرا، دعا "المركزي" كافة المصارف المحلية لاطلاعها على حسابات مالية لقيادات في حركة "النهضة" الإسلامية بعد شكوك حول تلقي هذه القيادات لأموال مشبوهة أو تمويلات متأتية من كسب غير شرعي.

ويواجه اقتصاد تونس مخاطر جسيمة بسبب جرائم غسيل الأموال وارتفاع معدلات الفساد في أجهزة حساسة، خاصة في القطاعات المهمة، مثل الجمارك. وانتهى تقييم قام به البنك المركزي في 2017 إلى أن مستوى مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في تونس مرتفع نسبياً.

وإلى جانب التأثير السلبي للانضمام للقائمة على سمعة المدرجين بها، يعرقل التصنيف السلبي لتونس مناخ الاستثمار فيما يبدي الاتحاد الأوروبي انزعاجا من التعقيدات المالية الكبيرة في تعامله مع تونس حيث يفرض هذا التصنيف على بنوك الاتحاد الأوروبي إجراء فحوص إضافية على المدفوعات المتعلقة بكيانات من الدول والمناطق المدرجة في القائمة السوداء.