صنعاء - سرمد عبدالسلام

يوم بعد آخر تتقلص مساحات التفاؤل عند اليمنيين مع ذهاب مآلات الجهود الجارية لتنفيذ اتفاق ستوكهولم نحو طريق مسدود، في الوقت الذي يرى مراقبون للمشهد اليمني بأن كل جهود السلام الجارية موعودة بالفشل رغم المساعي الحثيثة والتنازلات الكبيرة التي تقدمها الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات والتي تصطدم بتعنت الحوثيين الذين اعتادوا سياسات التملص من الاتفاقات واستحقاقات السلام.

ووضعت ميليشيا الحوثي الانقلابية عقدة جديدة أمام اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين الذي يجرى التباحث حوله بشكل مكثف منذ أسابيع، وذلك بإحالة 10صحافيين مختطفين لديها منذ 4 سنوات إلى محكمة متخصصة بالإرهاب في العاصمة اليمنية صنعاء.

وتوقع مراقبون وناشطون سياسيون أن إقدام الحوثيين على تلك الخطوة في هذا التوقيت بالذات ماهو إلا محاولة للضغط على الحكومة اليمنية والالتفاف على الاتفاقات المعلنة بشأن ملف تبادل الأسرى والمعتقلين والتي تنص على الإفراج عن جميع الأسرى الحوثيين مقابل إطلاق جميع المعتقلين والمختطفين لديها، وغالبيتهم من المدنيين بما فيهم نشطاء سياسيين وإعلاميين جرى اختطافهم من المنازل.

وقال الناشط السياسي محمد الجرادي لـ "الوطن" إن "ميليشيا لا تزال تراهن على المواقف المتراخية للأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، حيال خروقاتها المتكررة، والعجز عن اتخاذ قرارات وإجراءات حازمة لوقف هذا العبث".

ولفت إلى أن "محاولة الحوثيين إفشال جهود السلام او على الأقل، تعطيلها و إبقاء جميع الملفات معلقة، يؤكد بأنهم ماضون في مخططهم الانقلابي وحروبهم الكارثية، وربما يكون تحويل الصحفيين العشرة إلى محكمة متخصصة بالإرهاب بهدف إبعادهم عن صفقة التبادل والاحتفاظ بهم كورقة في أيديهم لانتزاع تنازلات جديدة من الحكومة الشرعية".

في حين حذر نبيل الأسيدي المسؤول بنقابة الصحفيين اليمنيين في تصريح لـ "الوطن" من "خطورة استخدام الإعلاميين المختطفين كورقة ضغط أومحاكمتهم بقضايا كيدية تتعلق بالإرهاب، محملاً في الوقت ذاته المليشيات المسؤولية الكاملة عن سلامتهم أو المساس بهم".

وكان رئيس وفد الحكومة حسن هيج قد دعا المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لاتخاذ موقف واضح حيال هذا الإجراء الحوثي الخطير، الهادف إلى الالتفاف على ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم ونسف كل المباحثات التي جرت في العاصمة الأردنية عمان تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر الدولية.

ويخوض ممثلو الحكومة الشرعية برئاسة حسن هيج منذ أسابيع مباحثات مكثفة مع ممثلين عن ميليشيا الحوثي الانقلابية في العاصمة الأردنية عمان لإتمام صفقة التبادل وفق ما نصت عليه اتفاقية السويد التي تضمنت الإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين من الجانبين بما في ذلك الجثث، غير أن تلك المباحثات التي تديرها الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر الدولي لم تنجح في إحراز أي تقدم يذكر نتيجة تعنت الحوثيين ووضعهم العديد من العقبات.

ووفقاً لتقديرات المراقبين، فإن التحدي الأبرز أمام تنفيذ اتفاقية ستوكهولم يتمثل في التزام الحوثيين المدعومين من إيران ببنود الاتفاق الذي من المفترض أن يساعد في تخفيف الأزمة الإنسانية المأساوية في اليمن ويمهد الطريق للوصول إلى السلام.

وتعج سجون ميليشيا الحوثي بآلاف المعتقلين والمختطفين بمن فيهم سياسيين وصحفيين وناشطين حقوقيين، يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب الوحشي الذي تسبب في وفاة 157 منهم بحسب إحصاءات وتقارير منظمات الرصد في اليمن.

في سياق متصل، عاودت ميليشيات الحوثي استهداف مطاحن البحر الأحمر في مدينة الحديدة، بعد ساعات من قصفها مجمعاً تجارياً وصناعياً، ضمن خروقاتها المتصاعدة لوقف إطلاق النار في الحديدة غرب البلاد.

وقالت مصادر يمنية إن قذيفة هاون، أطلقها الحوثيون، سقطت بجوار صوامع الغلال الواقعة في الأحياء الشرقية للمدينة، والمليئة بكميات كبيرة من القمح، وهي سلال تابعة لبرنامج الغذاء العالمي لتلبية احتياجات أكثر من ثلاثة ملايين جائع.

ويأتي استهداف الحوثيين لمطاحن البحر الأحمر مجددا، بعد ساعات من معاودتها قصف مجمع إخوان ثابت التجاري والصناعي في شارع صنعاء متسببة في احتراق أحد المخازن وإتلاف محتوياته.

وسبق أن استهدفت المتمردون مطاحن البحر الأحمر، حيث أصابت قذائف هاون صومعتين، مما تسبب في احتراقهما وإتلاف ما بداخلهما.

وكانت الأطراف الجنوبية والشرقية لمدينة الحديدة شهدت تبادلا للقصف بين قوات المقاومة المشتركة والحوثيين. كما امتد خرق قرار وقف إطلاق النار إلى الدريهمي والتحيتا في ريف الحديدة.

في سياق متصل، تواصلت المعارك بين قبائل حجور وميليشيات الحوثي في مديرية كُشر بمحافظة حجة غرب اليمن.

وقالت مصادر ميدانية إن معارك عنيفة دارت لساعات عدة، وتركزت في الجهة الشمالية لكشر، إثر هجوم كبير للمتمردين على مواقع القبائل في القرى المقابلة لبني شهر.

وأسفرت المواجهات عن سقوط قتلى وجرحى، بينما دفع الحوثيون بتعزيزات كبيرة إلى الجهة الغربية من تجاه مديرية مستبأ.

وفي الوقت الذي شهدت الجبهة الجنوبية باتجاه مديرية أفلح الشام هدوءاً حذراً، شهدت الجبهة الشرقية في بلدة العبيسة اشتباكات متقطعة، تخللها قصف مدفعي للمتمردين.

وشنت مقاتلات التحالف العربي سلسلة غارات لإسناد القبائل التي تتصدى لهجوم الحوثي وحصاره الخانق على مناطقها من كل الاتجاهات.

واستهدفت الغارات تجمعات وعربات للحوثيين في قلعة حصن موسى في عاهم غرب كشر، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المتمردين، وتدمير عدد من المركبات.

كما قصف الطيران مواقع وعربات قتالية للحوثيين في المندلة شرق العبيسة، وكذلك تجمعات في وادي غامس جنوب مديري كشر.