بغداد - وسام سعد

أثار إعلان وزارة التجارة العراقية عزمها منح نصف كيلو غرام من مادة العدس لكل مواطن وخمسة كيلو غرامات من مادة الطحين الأصفر لكل عائلة ضمن مواد البطاقة التموينية، خلال شهر رمضان المبارك المقبل غضباً واستياء شعبياً في البلاد في ظل موازنة وصفتها اللجنة المالية في البرلمان بانها هي ثاني أكبر موازنة في تاريخ العراق وهي ليست تقشفية كما ادعى البعض.

وأكدت عضو اللجنة المالية ماجدة التميمي أن "موازنة العام الحالي هي ثاني أكبر موازنة في تاريخ العراق وهي ليست تقشفية كما يدعون".

وذكرت التميمي في بيان صحافي تلقت "الوطن"، نسخة منه إن "موازنة العام الحالي 2019 ليست تقشفية كما يدعي بعضهم بل هي ثاني أكبر موازنة في تاريخ العراق إذ تزيد على 133 تريليون دينار، على الرغم من أنني لست راضية عنها من حيث الحجم".

وأضافت التميمي أن "المشكلة في الموازنة هو في سوء توزيع تخصيصاتها لذلك يراها بعضهم تقشفية حين يلاحظ أن تخصيصات جانب ما قليلة أو دون مستوى الطموح، ولكننا لا يمكننا اللجوء إلى الموازنة التكميلية فليس لدينا ما نضيفه".

و حذرت التميمي من أن "وجود الفساد يهدد الموازنة، وخاصة إلى الآن لم تتم محاسبة الفاسدين وبالتالي جل الأموال ستذهب لجيوب الفاسدين".

وتابعت التميمي "نحن أمام مشكلة شائكة وصعبة بخصوص الفساد المالي فإذا لم تتم محاسبة الفاسدين فسوف ينضم إليهم حتى ما تبقى من النزيهين ففي السنوات الأولى بعد سقوط النظام السابق كان عدد الفاسدين قليلاً لكن بسبب عدم المحاسبة انضم النزيه إلى فريق الفاسد بالتالي رقعة الفساد زادت وانحسرت رقعة النزيهين".

وأوضحت التميمي "أصبح النزيه مصدر إزعاج للفاسدين هم يكرهونه ويعتبرونه معرقلا للأمور ومعقدا وعكرة في حين يظهر الفاسد على أنه إنسان جيد وتراه دائما مبتسما وأموره الحياتية والوظيفية على خير ما يرام".

من جانبها، أكدت لجنة الخدمات والإعمار النيابية أن "عام 2019 لن يشهد تقديم أي مشاريع جديدة في عموم المحافظات"، مشيرة إلى أن "بغداد تتصدر المرتبة الأولى بين المحافظات بتلكؤ المشاريع"، لافتة إلى أن "العاصمة لديها 1000 مشروع غير منجز حتى الآن".

وقال عضو اللجنة جاسم البخاتي في تصريح صحافي إن "الخدمات في موازنة 2019 لن تُلبي المستوى الطموح للمحافظات العراقية"، مبيناً أن "أغلب المحافظات لديها مئات المشاريع المتلكئة وبغداد تتصدر المرتبة الأولى بتلكؤ المشاريع ولديها ألف مشروع غير منجز متوزعة على طيلة السنوات الماضية".

وأضاف أن "هناك تراكمات بالمشاريع في المحافظات وعدم إنجازها بسبب قلة التخصيصات المالية التي بدأت بعد عام 2014 وسقوط بعض المحافظات بيد "داعش" الإرهابي".

وبين أن "الحكومة الاتحادية بصدد صرف المستحقات المالية للمشاريع التي تنجز في المحافظات والتي تبلغ نسب إنجازها 80%"، موضحاً أن "المستحقات المالية ستصرف عن طريق السندات الموجودة في خزينة الدولة".

وأكدت مقررة مجلس النواب، خديجة علي التركماني أن "موازنة العراق الحالية هي موازنة موظف لا أكثر"، داعية إلى "القضاء على الفساد الذي أنهك مؤسسات الدولة".

وقالت التركماني في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه "يجب التوجه نحو الاستثمار الذي سيعمل على حل مشكلة البطالة من خلال توفير فرص لتشغيل الأيادي العاملة كما أنه يحل مشكلات العراق من ناحية الإنتاج المحلي".

وأضافت أن "التوجه نحو الاستثمار يجب أن يسبقه حرب على الفساد الذي أنهك الدولة ومؤسساتها من أجل أن يتحول العراق إلى دولة مستمرة توازي باقي دول العالم".

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي د. حسين علي في تصريحات لـ"الوطن"، أن "موازنة 2019 أقرت بمبلغ 133 تريليون دينار وهي ثاني أكبر موازنة في تاريخ العراق بعد موازنة 2013 وثاني أكبر موازنة بين الدول العربية وثاني أكبر موازنة بين دول "أوبك"".

وأضاف علي أن "الموازنة أقرت بنفقات عامة قدرها 133 تريليون دينار وبإيرادات عامة قدرها 105 تريليون دينار، أي بعجز قدره 27 تريليون دينار عراقي"، مبيناً أنه "عجز كبير يمثل 18% من الحجم العام لموازنة العراق"، مشيراً إلى أن "العجز يحصل عندما تنظم الموازنة بنفقات تفوق إمكانات أو إيراداته، فالأخيرة هي 105 تريليون دينار".

وتابع أنه "عادة في الموازنات العراقية ثلاثة مصادر لتمويل العجز المصدر الأول الفائض إذا ما تحقق في الموازنات السابقة وفي هذه الموازنة 7 تريليونات و700 مليار دينار تم تدويرها، والمصدر الآخر الاقتراض الداخلي أو الخارجي والمصدر الثالث التمويل بالعجز وهو متوقف في العراق"، لافتاً إلى أن "الاقتراض الداخلي يصل بحدود تريليون و 309 مليار دينار ويتبقى 18 تريليون و500 مليار دينار يمول عن طريق الاقتراض الخارجي".

وأوضح أن "الاقتراض لتغطية الإنفاق التشغيلي وهذا يمثل قيد كبير على إمكانات التطور المستقبلي للاقتصاد العراقي ويحد حتى من سيادة البلد ويدخله في دوامة كبيرة لان في هذه الموازنة علينا أن ندفع بحدود 11 تريليونات أقساط خدمة الدين".

من جهته، قال الخبير الاقتصادي فهد محمد في تصريحات لـ"الوطن"، إن "احتساب الموازنة على أساس سعر برميل النفط بـ56 دولاراً يعد سعر متوازن ومقبول وفق القراءات الأولية لأسعار النفط لعام 2019 لكن البرلمانيين العراقيين قرروا منع الاقتراض الخارجي البالغ 18 تريليون و500 مليار دينار" متسائلاً "من الذي يعوض هذا الفرق، فكان من المفترض إلغاءه وأن يتم اللجوء إلى ضغط النفقات، ومن دون فعل ذلك فان الموازنة العراقية بنيت ضمنا بسعر مخطط 71 دولاراً لبرميل النفط".

وأضاف محمد أن "مسألة إلغاء الاقتراض الخارجي يعد عملاً غير المسؤول ويدل على عدم كفاءة البرلمان الاقتصادية في إقرار الموازنة، وما هي إلا موازنة سياسية يغلب عليها الطابع السياسي والدعائي والإعلامي، فهي مبنية على أسس خاطئة، فلا توجد دولة في العالم بنيت موازنتها على سعر 71 دولاراً لبرميل النفط"، متوقعاً أن "موازنة 2019 ستشهد تعطيل الكثير من البرامج الاستثمارية بسبب عدم توفر الموارد المالية".