عمان – غدير محمود

يٌعول الأردنيون الآمال على نتائج مؤتمر لندن والذي انطلق بمشاركة أكثر من 60 دولة ومؤسسات دولية كبرى وقادة لمؤسسات مالية دولية ومن القطاع الخاص على مستوى العالم، لاسيما ما يتعلق بالدعم الخليجي اللامتناهي من دول السعودية، والإمارات، والكويت، حيث شهدت أيام ما قبل المؤتمر زيارات سريعة لرئيس الوزراء الأردني د. عمر الرزاز والتي أعلنت خلالها الدول الخليجية الثلاث، عن دعمها الكامل للأردن وعدم التخلي عنها.

أزمات اقتصادية عصفت بالأردن وتشريعات ما زالت غير مناسبة لمتطلبات أداء اقتصادي أكثر استقراراً ونمواً، ويعلق الأردنيون الآمال على مؤتمر لندن للخروج من أزمتهم الاقتصادية.

أستاذ العلوم السياسة في الجامعة الأردنية د. بدر ماضي قال لـ"الوطن"، "يعتبر مؤتمر "لندن" حدثاً اقتصادياً وسياسياً كبيراً لصناع القرار والسياسات العامة في الأردن، حيث تم تنفيذه بالتشارك بين الحكومتين الأردنية والبريطانية ولقي استجابة عدد من الدول العربية والأوروبية".

ووفق ماضي، فإن "الأردن عانى خلال السنوات السابقة من معاناة كبيرة بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وعدد من الإشكالات في الهيكلية المالية بسبب ارتفاع حجم الديون الداخلية والخارجية مما انعكس بشكل سلبي على ميزان المدفوعات، وكذلك على المجتمع، حيث ساهمت السياسات الأردنية بالتضييق على المواطن وبات هو الهدف الأساس بالتبعات السلبية".

ولفت ماضي إلى أن "الأردن يعول على هذا المؤتمر ويريد أن يطرح مشاكله ويستغل علاقاته مع الأصدقاء والأشقاء، لأن الأردن يحتاج للمساعدة والدعم ما يمثله موقعه الاستراتيجي، ودوره في المنطقة العربية والدولية، وساهم كشريك لكل دول العالم في الحفاظ على استقرار وتوازن النظام الدولي، ويعتبر الأردن رأس الحربة في محاربة الإرهاب".

ورأى ماضي أن "مؤتمر "لندن" ينعكس على الأردن بوجود استثمارات عربية وأوروبية إذ إن دعم الخزينة مالياً لا يكفي، وإيجاد مشاريع طويلة ومتوسطة المدى والتي يمكن أن تنعكس بشكل إيجابي على هيكلة الاقتصاد الأردني وميزان المدفوعات والميزانية والعجوزات، ننظر وفاء الأصدقاء والأشقاء".

وبين أنه "على الأردن تحمل المسؤولية من حيث الاستعداد الجيد للدعم والتحضير قانونياً وتشريعياً لنتائج المؤتمر ومحاولة إعادة النظر في قانون الضريبة، وطمأنة المستثمرين، وتثبيت التشريعات الخاصة بالمستثمرين واستقرارها".

وذكر أنه "يتوجب على الحكومة أن تبني على جهود عاهل الأردن جلالة الملك عبدالله الثاني بما يخص هذا الجهد الدبلوماسي الكبير الذي بذل في المرحلة الأخيرة للوصول إلى مؤتمر لندن".

من جهته، قال مدير مركز الثريا للدراسات أستاذ علم الاجتماع د. محمد الجريبيع، إن "الأردنيون لا يعلقون الآمال على المؤتمر وخلق فرص عمل كما تم تسويقه من قبل الدولة الأردنية لأن المساعدات ستكون على شكل استثمارات ولن تكون آنية وتحتاج إلى سنوات لظهور نتائجها، كما سيعكس جاهزية الحكومة وقدرتها على إقناع الجهات الممولة بأهمية المشاريع المقدمة وليس إعادة تقديم مشاريع سابقة لم يتم تمويلها".

وبحسب د. الجريبيع، فإن "ربط المؤتمر بطلب مساعدات لاستقبال اللاجئين لن يكون مجدياً، فإن الدول المانحة لن يكون لديها الحماس إذ إنه هناك توقعات بعودة اللاجئين وقضيتهم بطريقها للحل، أما إذا ساهمت الجهات المانحة بتقوية الاقتصاد الأردني سنلمس نتائج إيجابية".

وقال الجريبيع لـ"الوطن"، "لن تقدم الدول دعم مالي مباشر للأردن إنما ستكون على شكل استثمارات وهذه تحتاج لوقت حتى يشعر المواطن بنتائجها". ورأى أن "الحل الأمثل أن تباشر الحكومة الأردنية بالمبادرة وإيجاد حلول سريعة وجذرية وإعادة النظر بسياساتها وبقانون الضريبة الذي خلق مشاكل في الاقتصاد".

وقارن الجريبيع بين مؤتمر "لندن" ومؤتمر دعم اليمن الذي عٌقد بجنيف حيث ستنعكس المساعدات إيجاباً على الأزمة اليمينة داعياً إلى اتباع ذات المنهجية.

وكان العاهل الأردني جلالة الملك عبدالله الثاني ألقى كلمة الأردن في المؤتمر، وشكر الحضور، وبريطانيا على استضافتها للمؤتمر مشيراً إلى أن "العلاقات الأردنية البريطانية وثيقة". وقال جلالته إن "المؤتمر رسالة واضحة بأن العالم يدرك أهمية أردن قوي ومزدهر".

وتابع جلالته، "يجتمع هنا اليوم ممثلون عن أكثر من 60 دولة ومؤسسات دولية كبرى وقادة لمؤسسات مالية دولية ومن القطاع الخاص على مستوى العالم. إن مشاركتكم تعتبر رسالة دعم واضحة، مفادها أن العالم يدرك أهمية أردن قوي ومزدهر".

وأضاف، "أوجه شكراً وتقديراً خاصاً لإخواني وأخواتي الأردنيين والأردنيات؛ فبفضل ثباتهم وعزيمتهم تمكن الأردن من الوقوف بقوة وشموخ في وجه العواصف. وهذه المنعة والعزيمة هي مصدر الفرص الواعدة والماثلة أمامنا. ويسعدني أن أرى شباب وشابات الأردن الواعدين ممثلين في هذا المؤتمر".

وأكد جلالته أنه "على الرغم من كل التحديات، بقي الأردن منيعاً، قوياً، ورمزاً للقيم التي يحتاجها عالمنا، وهي، الاحترام المتبادل، والاعتدال، والعزم والإصرار، والكرامة الإنسانية للجميع".

وقال الملك، "لكننا لن نتمكن من الوصول إلى المستقبل الواعد، والذي نعلم أنه ممكن، في ظل نمو اقتصادي بطيء. فهو لن يوفر فرص العمل ولن يؤمن المعيشة الكريمة التي ينشدها ويستحقها الأردنيون، خاصة بعد بذلهم تضحيات كبيرة".

وأضاف أن "دعم الشعب سيزيد من عزيمة الأردن ليستمر في دوره الدولي الإيجابي والبنّاء في العمل المستمر من أجل السلام، والوئام بين الأديان، والتنمية في المنطقة والعالم".

وأشار الملك إلى أنه "لهذا قام الأردن بمراجعة عميقة وشاملة لأجندته الاقتصادية ليعيد التركيز بشكل استراتيجي على الميزات التنافسية التي يتمتع بها، وفي مقدمتها القدرات الكبيرة لشبابنا الطموح".

وبين أن "الأردن شرع بالفعل بتنفيذ المزيد من الإصلاحات لإرساء بيئة محفزة للأعمال، ويعمل بشكل مستمر مع المجتمع الدولي لتوفير المرونة المالية اللازمة للنمو الاقتصادي؛ والحصول على التمويل الميسر أمر ضروري لتحقيق ذلك".

وأكد جلالته أن "الأردن لن ينتظر الظروف الحالية حتى تنفرج من تلقاء نفسها، فاليوم، ستتعرفون على مشاريع جاهزة للاستثمار توفرها آلية مؤسسية لإعداد المشاريع، وهي جهد أردني بالشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية لتحديد المشاريع ذات الجدوى، بالإضافة إلى الهيكلة القانونية والمالية المطلوبة".

وقال جلالته "عندما تقوم جهات دولية مثلكم بدعم شعب يقوم بفعل الصواب، وعندما تعملون على تنمية الفرص، وعندما تسعون لتحقيق آمال الجيل الجديد بمساعدتكم الشباب في بناء مستقبل مشرق، فإنكم تقومون بتوفير الظروف لبناء اقتصاد عالمي مستقر وأخلاقي، وهو ما يعتمد عليه مستقبل الجميع".

يذكر أن الأردن حصل في مؤتمر لندن الأول عام 2016 على منحة مالية قدرها 2.1 مليار دولار، وتمكن من رفع سقف الاقتراض إلى 5.7 مليارات دولار بسعر فائدة ضئیل، ولمدة سداد 25 سنة بضمانة الحكومة البریطانیة وعلى ثلاثة أعوام، وملیار دولار لتمويل بناء مدارس لمواجهة مشكلة اللاجئین السوریین، ومنحة مالية بمقدار ثلاثمائة ملیون دولار لدعم الموازنة العامة".