الجزائر - جمال كريمي

خرج مئات الآلاف من الجزائريين، عقب صلاة الجمعة، في جميع محافظات البلاد، رفضا لترشيح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، في الانتخابات التي يُفترض أن تجري منتصف أبريل المقبل. وسارت الحشود البشرية غير المسبوقة التي نزلت للشوارع في أجواء سلمية، مع انتشار كثيف لمصالح الأمن.

وقال شهود إن الشرطة الجزائرية أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المحتجين في العاصمة الذين يتظاهرون ضد اعتزام بوتفليقة الترشح لولاية خامسة في انتخابات تجرى في أبريل ليمد حكمه الذي بدأ قبل عشرين عاما.

وقال سكان إن أعداد الحشود تتزايد بسرعة مع انضمام عشرات الآلاف لمسيرات عبر وسط الجزائر العاصمة خلال ساعة واحدة من بدء الاحتجاج، وفقا لوكالة "رويترز".

وكان من الصعب حصر عدد الجزائريين الذين توافدوا في الجمعة الثانية من الحراك الشعبي الرافض لترشح بوتفليقة، حيث كان تظهر بداية المسيرة ولا يعرف آخرها، واللافت في مسيرة الجمعة، خروج عائلات بأكملها، فقد عاينت "الوطن" في شوارع العاصمة، نساء وأطفال وعجائز، إضافة إلى مرضى كانوا ينتقلون بالكراسي المتحركة.

وردد جحافل الغاضبين في المسيرات الرافضة للوضع الحالي، هتافات "جمهورية وليست مملكة"، وأخرى مناهضة للرئيس بوتفليقة وشقيقه السعيد الراجل النافذ في سرايا الحكم "يا بوتفليقة يا السعيد الجزائري ما هوش "ليس" عبيد"، إضافة إلى هتافات ضد اختلاس المال العام.

وأكدت معطيات لـ"الوطن"، أن "وزارة الاتصال قد أبلغت القنوات الخاصة، بعدم النقل المباشر للمسيرات، وهددتهم بسحب التراخيص لهم"، لكن غالبية القنوات تكفلت بنقل الأحداث سواء من العاصمة أو من المحافظات الأخرى عبر شبكة مراسليها، كما لم تعطل الحكومة خدمة الإنترنت كما حصل في الجمعة السابقة.

ولتفادي أية انزلاقات ممكنة، حرصت المسيرات على الهتاف "سلمية.. سلمية"، و"الشعب والجيش خاوة خاوة "إخوة إخوة""، في تأكيد منهم أن مطالبهم سلمية وتطالب بالإصلاح ورفض حكم الرئيس بوتفليقة، مع الرد على تصريحات رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي حذر في خطاب ألقاه الخميس من تكرار السيناريو السوري، وقالوا "يا اويحيى.. الجزائر ليست سوريا".

وعمدت قيادة الشرطة على نشر الآلاف من عناصرها خاصة وحدات مكافحة الشغب لمواجهة المسيرات وأفراد الشرطة القضائية، وحدثت مواجهات خفيفة، لكن سرعان ما تدخل العقلاء لفض الاشتباكات، وفي سلوك لم يسبق له مثيل، قام عدد كبير من الشباب بتأمين أفراد الشرطة الذي وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع المحتجين.

وفي أماكن أخرى تجنبت المسيرة السدود البشرية للشرطة والمتاريس التي وضعوها، للحيلولة دون وصول الآلاف إلى قصر الحكومة ورئاسة الجمهورية، التي تولى تأمينها وحدات خاصة من الشرطة، إضافة إلى الحرس الجمهوري.

ويأتي "التعامل اللين" لمصالح الأمن مع المسيرات الحاشدة، تماشيا والبرقية التي بعثت بها وزارة الداخلية قبل 24 ساعة، وتوصي فيها تبني مقارنة مرنة وتدريجية في التعامل معها، وتسيير الحشود إلى غاية نهايتها مع تجنب المواجهة، واستعمال القوة لا يكون إلا في الحالات القصوى".

يذكر كذلك أن شخصيات مرموقة قد شوهدت وسط الطوفان البشري، ومن ذلك أيقونة الثورة الجزائرية المجاهد جميلة بوحريد التي خلدها الراحل يوسف شاهين في فيلمه "جميلة".

وكانت أنباء تحدثت مساء الخميس عن قرار المجاهدة المشاركة في المسيرة.

وجميلة بوحريد هي رمز من رموز ثورة التحرير الجزائرية عرفت بنضالها ضد المستعمر الفرنسي ودعمها لحركات التحرر بعد استقلال الجزائر.

وخرج الآلاف في العاصمة الجزائر وعدة محافظات للتظاهر ضد الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة، مطالبين بإصلاحات سياسية واسعة.

وكانت الشرطة قد حاولت في البداية صد المتظاهرين ومنعهم من دخول قلب العاصمة وأطلقت الغازات المسيلة للدموع، قبل أن تفتح لهم الطرقات للتظاهر في ظروف سلمية عادية.

والاحتجاج هو الأحدث بين العديد من الاحتجاجات في الأيام الأخيرة ضد ترشح بوتفليقة في انتخابات 18 أبريل.